أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد مهدي - كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -2-















المزيد.....


كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -2-


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3244 - 2011 / 1 / 12 - 10:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-

أن تكون لاهوتياً ذو هيكل عقلي ينطلق من ثوابت دينية ، صور ميثولوجية اولية ، فهذه مســألــة ..
أمــا ان تكون ملحــداً لا تؤمنُ بدينٍ بالمطلــق .. فهــذه مســالــة ٌ اخرى تختلفُ كلياً عن الاولــى ...!
اختلافهـا لا يكونُ بانك في الاولى تؤمن بوجود إلــهٍ واحدٍ او آلهــة ، وفي الثانيـة فقط هي إنك لا تؤمن بوجود إلــهٍ خالــق للوجود ، كمــا اعتقـد هــذا السيـد كامل النجــار ..
حالــة " الإلحـاد " شيء آخـر ، شيء مختلـف ، لا يكفي فقط ان تقول عن نفسك إنك ملحدٌ فتصيـرَ ملحداً ببساطةٍ بينَ عشيةٍ وإشــراق ليأتي من يخبرنـا ببراءة أن السيد النجار أقــر بنفسه بإلحاده.. !
ليست المسالـة الإلحادية بهذه البساطة ، ما الإلحادُ زقاً و قينـة ً أيها الأكارم ..
اختلافهـا عن حالـة الإيمان يكون مؤسساً في " بنيوية الإدراك Cognition Structure" ، التكوينات الاساس في الوعي العلمي والذائقة الثقافية العامة للإنسان الملحد ، خصوصاً لدى من يتربى في بيئـة اجتماعية دينية ..
ليـس من السهولــة ان يتحول للإلحاد من كان متدينـاً ، ولو اصبح لا يؤمن بدين فهذا لا يعني إنه " ملحد ".
فليس الإلحــادُ بمجازفــةٍ خطيـرة يمكن ان يقدم عليها اياً كان بمجرد ان يقول مع نفسه :
سئمت عالم العقيدة والمعتقدات ، يجب أن اصبح ملحداً .. !
الإلحــاد ، وبمثل حالــة السيد كامل النجار ، التحول من دين تؤلفــه مفاهيم ميتافيزيقية يحكمها المفهوم الميتافيزيقي المركزي " الله " إلى اللادين المطلق المحكوم بالمفهوم " الاقل ميتافيزيقية " الذي يحلــو للسيد النجار والاخوة الاصوليين من مسيحيين وإسلامويين على حدٍ سواء أن يسموه " العقــل " ... فهذا الإلحاد يستبدل دور " العقل " من وسيط بين قطبي العقيدة والوعي في افكار الإنسان إلى " قطب " مركزي يحكم هذه الافكــار ، من رابط بين المفهوم الاعلى " الله " والمفهوم الادنى " الإنسان " .. إلى صميم مركزي تدور حوله كل المفاهيم التي تحمل في جوهرها دلالات التكوين الثقافي للملحــد ..
العقل هو إلــه الملحــد ، وقلنــا عنه بانه اقل ميتافيزيقية لانه هو الآخر " مجهول " متحكم في الوعي ، وبينـا في افتتاحية هذه السلسلــة في المقال السابق إنــه لدى السيد كامل النجــار عقل ارسطـي يقيم قواعد التفكير وفق الاسود والابيض ... فمحمدٌ اسود .. والمسيح ابيض ..
المسلمون سود .. الغربيون بيض ..، العقل الارسطي ، عقل انفعالــي " ايديولوجي " بدئي ..
فلا نستغرب ان العقل الارسطي هذا يبني مسلماته دوماً على " مُثل Idols " عليــا .. واخرى " سفلى " كحالة الاستشهاد التي يدأب السيد النجار على عرضها في كتاباته دائماً ..
فيما العقل المعاصــر ، الإحصائي ، لا يقيم الاعتبار لمثل عليا واخرى سفلى .. قيم خير وقيم شر ..
العقل الإحصائي مثلاً يرى أن الإنسان الفرد يمكن ان يكون سلوكه على الاغلب سلوكاً جيداً وإن احتوى بعض السلبيات ، العقل الارسطي يحكم على مثل هذا الإنسان بالمطلق إنه طيب اصيل .. فيما الذي يميل سلوكه نحو الانانية والعزلة اكثر من التعاون والإيثار ، الإنفلات عن العرف السائد أو " القانون " لديه اكثر من الإلتزام وفق معايرة عقلية معاصرة إحصائية ، فهذا الفرد وفق منهج العقل الارسطي ، السكولائي – الكلامي ، هــو ببساطة : شريــر ...

ايمكن ملاحظة الفرق بين انفراج التفاصيل بالنسبة للعقل الإحصائي و " صلادة " الإصطلاح بالنسبـة للعقل السكولائي .. ؟
هل العقل السكولائي يليق بملحـد ، بل ، هل يمكن للعقل السكولائي " الصلد " أن يعزز الإلحاد في نفس أي إنسان ..؟
ايمكن ان يكون " الملحـد " الذي ثار عقلــه الذي كان يعبد " الإلــه " ، العقل الذي كان وسيطاً بين المسلمات الميثولوجية " الدفينة " التي يوفرها اللاهوت الديني وبين الوعي الفردي الحسي ، أيمكن لهذا الثائر ( العقل العلمي ) الذي يطيح بعرش " الله " في داخلي كملحد أن يعود للإستقراء والفهم بما يخدم " الرب " المزروع في ذاتـي في صورة غير إسلامية اخرى تتفق مع اللاهوت المسيحاني ..؟
أم أن العملية ستاخذ اتجاهاً آخر ، يتمثل في ان العقل سيتحول إلى خدمـة " الإنسان " بما هو كيانٌ ذو حاجات مادية ومعنوية بالمقام الاول دون ان تولي اهمية كبرى لخدمة قضايا معنوية لاهوتية بعيدة كل البعد عن الإلحــاد ..؟
لعل هذه من اهـم القضايا التي يحتاج السيد كامل النجار وكل علماني لاديني ان يتعلم فيهـا درساً ولو بسيطاً عبر هذه السلسلة .. هذه التي ستعلمهــم كيف يكونوا " ملحدين حقيقيين " ..!


-2-

ذهنيــة الإلحاد ، التي تصاحب كل متفلسفٍ حصيفٍ في حياته ، وحين تُنَصِّب العقل العلمي الإحصائي ميزاناً بديلاً عن " الارسطي " البدائي القديم ، وكذلك حين تنصب " التاصيل " الذاتي في الطبيعة ، كتكوين معرفي جوهري للعقل ، نقول ، حين تنصبه إلهــاً جديداً يزيح الإلـــه القــديم كمثل اعلى إنما تعني شيئاً جديداً مؤكداً :
إنكشاف التفاصيل في البداهات الصلدة التي تختفي داخل قيم الخيـر والشــر ، وجود الإلــه من عدمــه ..
الشــر يتحول إلى قيمة رقمية ، ليس لها مقدار اعلى Maximum ولهــا مقدار ادنى Minimum فقـط ، القيمة المقدارية الاهم هي " متوسط المقدار " التي يرفضها منطق ارسطو بالمطلق ، فيما العقل العلمي المعاصـر يقوم بمنهجية تعميم هذا المتوسط بالنسبة للخير والشـر البشري ..
هذا هــو منهـج " التفكيــك " بابسط مسارات القراءة والإيضاح التي يمكن ان اقدمهـا لقارئ ، حيث التعاطي مع المفاهيم يمضي نحو تحليلهـا وتبسيطهــا كي يستطيع الباحث والقارئ عموماً إعادة تركيبها مجدداً بما يتفق وبناء رموز الدلالة التي يستخدمها عقلـه في الإشارة لعوالم الاشياء حسب قالب تنشئته الثقافي ..
وعندمــا نحاول تجميع اجزاء هذه المباني المفهومية من جديد ، الدين ، اللادين ، الإيمان ، الإلحاد ...
وفق عقل علمي معاصـر ، تستحيل الحقائق التاريخية التي يتحدث عنها السيد النجار إلى " الإنكشاف " بتفاصيل عادة ما يستبعدها عقل النجار الارسطي ، هذا الإنكشاف لا يسعى لتبرير صورة الانبياء او القادة عبر التاريخ قدر ما يعيد إلى هذه الشخصيات " الواقعية " ، اي إعادة تقييم الخيـر والشــر وفق معيارية متوسطة قابلة ان تميل نحو الخطا او الصح .. لكن .. هذه العمليـــة تسقط القياس الارسطي القابل للتمثيل بان : صلاح الدين الايوبي كان قائداً شريراً دموياً ...مثلاً .. لتحل محلهــا ان منحى صلاح الدين كان كقائد عسكري حاسماً قاصماً قياساً بالسائد الذي كان في عصره سواء ضمن إطاره الحضاري الإسلامي أو الصليبي المسيحي في المعسكر المقابل ..!
عقل السيد النجار الأرسطي ، شأنه شأن أي عقلٍ تاريخي نقلي تأويلي يعتمد مبدأ الفصل الميتافيزيقي الذي تحدثنا عنها في الجزء الرابع من " الجنس والتنوير " ، يقوم بتجريد أي شخصية تاريخية من الواقعية ..
وفي حالـة السيد النجار يحدث الاستثناء في حالة وصفه يسوع ، إذ يحتفظ بواقعية أن يكون مصلحاً اجتماعياً ، لكن هذه الواقعية يسلبهـا من أي شخصية إسلامية تمثل الجانب الأسود المظلم من ذهنيته السكولائية ..!
كذلك بالنسبـة للشريعة التي جاء بهـا القرآن ، العقل الارسطي السكولائي يحكم عليهـا بسهولة أنها مسروقة أو سطا عليها محمد من ديانات اليهود كما يذكر النجار ، لكن العقل العلمي الاحصائي يدرك بوضوح حقيقة المنحول والمتحول عبر مفاصل تاريخية عابرة لآلاف السنين ، حيث تصبح " الصورة الرمزية " للاسطورة ملك تاريخي صرف .. مثل قصة آدم وحواء وخلق الإنسان من طين ، والطوفان وقصة سرجون والصندوق الذي القي فيه كاصل لقصة موسى ، وغيبة زيوسيدرا " نوح السومري " في دلمون التي تحولت إلى حياة ابدية نحلت في غيبة مهدي الشيعة وجزيرته الخضراء المماثلة لدلمون ..
المطابقات والتماثلات لا يحصرها العقل الإحصائي ، لكن العقل الارسطي وحده من يولي القيمة لموضوع ان يكون محمداً اقتبسهــا عن اليهود أو النصارى ..!
علاقة محمد باليهود غير مهمة بالنسبــة لملحـدٍ " يحتقـر " الاديان ، صاحب افكارٍ اطاح العقل بالله الذي يمسك سلطتهــا ليحكمهـا هـو بنفسـه ، مسافة بعده عن كل دين واحده ، محمد يسرق من اليهود واليهود يسرقون الشرائع والافكار من مصر وبابل و " الزردشتية " كما تثبت الإنثروبولوجيا.. هذه غير مهمــة لملحــد ، وابسط أخلاق الموضوعية توجب عليـه أن لا يحتج بمثل هذه القضايا بالقطع ..
لكن ، وكما سنرى في الفقرة التاليــة ، موقف محمد من اليهود ، وإثبات سلامة توراة اليهود ، العهد القديم ، عكس ما ادعاه محمد ، لا يخدم سوى " الإلــه يســوع " الميثولوجي العميق لعقل لاهوتي ابعد ما يكون عن الإلحــاد ، النظرة التفكيكية الفاحصـة لما سنقرأه الآن للسيد النجار سيخبرنــا بالكثيــر عن خبايـا عقلــه اللاهوتــي هذا ..


-3-

حملة النجار في كل ما يكتب تدور حول إثبات سرقة محمد لتراث اليهود واقصاءه للمسيحيين ، كما يقول في مقاله ( القرآن وبنو إسرائيل 1) :
(( ومن المؤكد أنه لا يُخفى على القاريء المطلع أن محمداً قد "استلف" محتوى معظم آيات القرآن من العهد القديم ومن الفُرق المسيحية التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية وأرض الشام، مثل "المريمية" و "الأبيونية" )) انتهى كلام النجار

لا يخفى على باحث ايضاً ان مثل هذه الثقافة ، هذه الكلمات في حقيقتها ، إنما تعبر عن ميثولوجيا تنطلق من قواعد قائمة على ركيزة العهدين القديم والجديد ، التوراة والإنجيل ، لأن الأخيرة استلفت كل مبانيها من حضارات بابل ومصـر وفارس مع بعض التنقيحات الموائمة للفكــر الإسرائيلي ، و بالتالي :
ميثولوجيا الامم التاريخُية ملك للجمع الإنساني ، هكذا يفكــر " الملحــد " وفق العقل الاحصائي متوسط القيمة ، لكن أن يسلط الضوء على عملية السطو التاريخي " المسلح " في الحيز الزمني الفاصل بين اليهودية والإسلام فقط ، إنما يكشف في حقيقته عن عقل ايديولوجي انفعالي يخدم رمزية لاهوتية لينطلق من صورها النمطية عن محمد والإسلام وفق العقل السكولائي الارسطي وليس على مرتكزات المعرفة العصرية والعلوم الصرفة التي " توحد " منهج القياس التاريخي لتليق بمن يدعي الإلحاد مثله ..
حتى وإن حاول الاستشهاد بالطب والعلوم في بعض المواضع ، فإنما يستعملها لتخطيىء القرآن ومحمد فقط وليس الفكر الديني عامة كما يفعل كل الملحدين !

فالعقل هو إلهه لو كان ملحداً بحق ، لماذا يعاود في كتاباته الدفاع عن إلـــه التوراة ... ؟؟

يمكن استشفاف هذا بسهولة عبر قراءة جميع مقالاته التي تتبنى الدفاع المبطن عن " التوحيد " في اليهودية والنصرانية و في كتابه " الدولة الإسلامية بين النظرية والتطبيق " ..
ففي فصله الاول ( التوحيد بالله ) يفصل السيد النجار في حديث مطول يخلص إلى استنتاج ان " محمد " كان يدعي تحريف التوراة والإنجيل ، لكنهما لم يحرفا !
ترى ما شأن " عقل " الملحد في هذا ؟ هل من واجب الملحدين ترجيح دينٍ على دينٍ آخر ولو استبعد الجميع وطمرها في خانة الاساطير في النهاية ؟
الاجوبة ستنجلي بوضوح عبر التحليل في مواضع اخرى من الكتاب ..

في صفحة رقم -3- من كتابه اعلاه يقول السيد النجار :
(( ولكن ليس في التوراة الموجودة بين ظهرانينا الآن ما يدل على أنها محرفة، وليست لدينا نسخة أصلية قديمة لنقارن بها التوراة الحالية لنعرف إن كانت محرفة أم لا. كل ما لدينا هو ما يقول علماء المسلمين والمفسرون من أن التوراة قد حُرفت. ولو كانت التوراة قد حُرفت ، فهل يجوز لله أن يقول للرسول محمد: " وكيف يُحَكّموك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ؟ "[9] فهذا دليل على أن التوراة لم تكن قد حُرفت حتى ظهور الرسول محمد بن عبد الله. فلو كانت التوراة قد حُرفت لقال الله لرسوله: " كيف يحكموك وعندهم التوراة قبل أن تُحرف "، أو " إنهم يحكموك لأن توراتهم محرفة" أو كلمات بهذا المعنى )) انتهى كلام النجار ...

وبالإمكان العودة لدراسة هذا الفصل من قبل القراء ليستنتجوا أن السيد النجار يستبطن ، وبصورة غير واعية ، الدفاع عن جذر المسيحية الراسخ " التوراة " والمسمى بالعهد القديم بل وكما في النص السابق يحاول استقراء الظرف التاريخي المرحلي لظهور القرآن ليستنتج من القرآن نفسه ان التوراة لم تحرف !!
مــا شأن العقل الإلحادي المعرفــي الصارم بصراع " الديكة " بين اللاهوتين المسيحي والإسلامــي ...؟؟
هذا في حقيقته " إنجراف لا واعي " لعقل يدعي الإلحاد وليس بملحدٍ حقيقي ، و يمكن أن نجده أيضاً في النص الآتي من نفس الفصل :

(( وكذلك نجد مرة أخرى أن الله قد أرسل عيسى مصدقاً لما بين يديه من التوراة: " وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدىً" [12]. فليس هناك أي ذكر بأن التوراة قد أصابها تحريف، ولكن القرآن يقول في سورة النساء: " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غيرَ مُسمعٍ وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو انهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم "[13]. وهذه الآية لا تدل على أي تحريف في التوراة لأن القرآن يقول " من الذين هادوا "، يعني أن بعض اليهود يحرفون الكلام عن مواضعه، وليس كل اليهود. وتحريفهم للكلام عن مواضعه هو قولهم: " سمعنا وعصينا " بدل أن يقولوا: " سمعنا وأطعنا "، وقولهم " راعنا"، من المراعاة ولكنهم كانوا يقصدون " راعناً " من الرعونة، وكأنهم يصفون الرسول بالرعونة. وهذا هو المقصود ب " يحرفون الكلم عن مواضعه ". وحتى لو افترضنا أن المقصود ب " يحرفون الكلم عن مواضعه " هو تحريف التوراة، فإنه تحريف في معنى الكلمات، وليس تحريفاً في النص )) انتهى كلام النجار .

لاحظ أن السيد النجار يلف ويدور " من حيث لا يشعر " حول فكرة :
سلامـة التوراة من التحريف ... !
هنـا أيضاً يحاول توضيح أن " بعضا " من اليهود كانوا يحاولون التحريف حسبما يقوله قرآن محمد ، لكن ، السيد النجار يذهب إلى ما هو ابعد من هذا في قوله مستنتجاً بعد تفصيلات :
(( ولو فرضنا، كذلك، أن جزءا من اليهود قد حرّفوا نص التوراة، فهذا يعني أن بقية اليهود لم يحرفوها، وبالتالي لا بد من وجود نُسخ من التوراة غير محرفة ، ومن اليسير على اليهود المتدينين ، والذين يحفظون التوراة، التعرف على المحرف منها وتصحيحها، ففي اليهود كما في المسلمين أناس قضوا كل أعمارهم في حفظ وتدريس كتاب الله )) انتهى كلام النجار .
من هذا الذي يتحدث , كامل النجار " الاخونجي " المتحول للإلحاد أم المتحول للمسيحية ..؟
هذا الكلام برايي الشخصي لا يصدر حتى ممن كان ذو خلفية اسلاموية متصهينة حديثاً ، هذا الكلام لنصراني لم يستطع الخروج عن إطاره الذهني المسيحاني التاريخي المرتكز اساساً في قصص الأنبياء والعقيدة كأطر ودلالات رمزية ميثولوجية على التوراة ، فاليهود المعاصرين لديهم التلمود .. ولا حاجة لهم لعهد النجار القديم ابدا !
يستمر النجار في دفاعاته المستمرة التي تظهر محاولات منطقية ( أرسطية - قروسطية ) لإسقاط فكرة الدعوة التي جاء بها إسلام محمد في نظرته لباقي الديانات التوحيدية في جزيرة العرب ، لكن ، من يقرأ النص بإمعان يستشف النفس المدافع عن هذه الديانات وليس المستشهد بها فقط :

(( والتثليث عند المسيحيين لا يعني أن هناك ثلاثة آلهة في السماء، وإنما يعني هناك إله واحد ذو ثلاثة أقانيم. والأقانيم كلمة سريانية الأصل، مفردها أقنوم وهي تعني الشخص أو الكائن المستقل بذاته. ويعني هذا أن الله له ثلاثة شخصيات مستقلة، لكنه واحد. ويقول البيضاوي في شرح الآية: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحنك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق " [24] "إن صح أنهم يقولون : الله ثلاثة أقانيم الآب والابن وروح القدس ويريدون بالأب الذات، وبالابن العلم وبروح القدس الحياة، فذلك لا يدل علي تعدد الذات الإلهية، لأن العلم والحياة في الله هما ذات الله بعينها ")) انتهى كلام النجار .

العلم والحياة في الله هما ذات الله بعينها ، التثليث لا يعني التعدد قدر ما يعني " تماهي " ثلاثة صور لذات الله ..
لمن نقرأ نحن يا ترى .. لملحد ( علمي ) لا يقر بوجود الاديان ، ام موحدٍ ( ارسطي ) حاقد على دين محمد ؟
سيدعي البعض انها استشهادات من النجار لآخرين ، لكن يمكن العودة لقراءة كل كتابه ، ويمكن عند ذلك التساؤل :
هل فيه استشهادات معرفية اكاديمية لعلماء اجتماع محدثين ، أو رؤى علمية معاصرة عامة يمكن اسقاطها على " الظاهرة الإسلامية " التاريخية تلك ؟
لا يوجد في منهجه الاستدلالي ، في كل كتاباته إلا تلميحات بسيطة لا تشكل حتى نسبة مئوية تذكر من مجمل ما يكتب إلى ما يشير اعتبار الديانات " ظاهرة Phenomena" وهي سجية من يدعي الإلحاد عادة ً أو من يدرس الدين من زاوية علمية صـرفـة لائقـة بملحدٍ " مثله " ..!


-4-

ربما يثير مثل هذا الكلام غضب بعض الإخوة الذين اعترضوا أن يقف أحد ٌ منــا نداً لأحد ، واستغرب حقيقة ً أن من اعتبره مريدوه " قمـة سامقــة " كيف يخشون عليـه من أي منهج ٍ نقدي مهمـا كان ..؟
غياب الثقافـة المعرفيـة عن مثل هؤلاء الإخوة الذين يشاركوننا الكتابة والتعليق في الحوار المتمدن هو ما يجعلهم نمطيين يكررون نفس الكلام دائماً ..
السيـد كامل النجار هـو المسئول الوحيد عن " رد " ما يكتب عنـه ، بل إن السيد كامل النجار هـو أكثر المستفيدين من الذي يكتب في تحليل أفكاره ما يُعرّفـهُ حقيقة نفسـه ككاتب و لأي فضاء فلسفي ينتمي ..!
أمــا المحاولات اليائسـة التي تحاول التقليل من شأن أي دراسة منهجيـة " هادئة " و دقيقة وحرفيـة لأفكار أي من أعضاء النــادي الأصولي المتخفي باللادينية والعلمانيـة فهـي محاولات مكتوبٌ عليهـا البؤس في نفس الوقت الذي ستشكل فيـه تشويشاً يعرقل أفكار أي من نتعرض لمنهجه بالدراسة والتحليل في أن يرد ويجيب على تساؤلاتنا الكثيرة وإشكالاتنا المتعددة التي طرحناهــا في هذه السلسلة والتي سبقتهـا ، ستأخذه العـزة بنفسـه وما يشعـر به من حجمٍ بينهم ، وبذلك هم يحرموه من " حقه " في أن يعيد تجميع أفكاره أو يعود للنظـر والتبصـر في أعماق مرامي فلسفتها التكوينية الأســاس ..
سلسلتنـا ستحافظ على هدوءهـا و " تفكيكهـا " لأفكار وهيكل عقل السيد النجار برويةٍ وأناة ..
لماذا الهيكـل العقلـي ؟
هذا السؤآل هــو اليافطة العريضة لوجه الاعتراض على " تفكيك " منهج السيد النجار ، لماذا نبحث في أدوات العقل لدى السيد النجــار ..؟
لان الرجل غامض ، ومتخفي ، يدعي الإلحاد فيما هـو يناكف العداء لدين تحت عذر العلمنة ، يطلق التعميمات و التنبؤآت كأنه نبي ٌ ملحد كما وصفـه غسان المفلــح ..
ثم من قال أننـا انتهينــا من " تفكيك " أفكار السيد النجار ، وهل نحن أصلاً بدأنا في ذلك ؟؟!!
الشروع في رسم الهيكل العام لأفكاره في المقالين الأول والثاني من هذه السلسلة مجرد تهيئـة للقارئ لاستيعاب وفهم عمق " التفكيك " الذي سنمارسـه على أفكار السيد النجار في المقالات القادمة التي سنناقش فيها ونحلل بعمق مباني ومفاهيم السيد النجار " المسيحانية " المنتمية إلى المخيال الاجتماعي للعصور المسيحية الوسطى ..
ومـاذا في ذلك ؟
ماذا لــو كانت الذهنية مسيحانيـة هي التي تنقد الإسلام ... يسألنـا إخوتنا المسيحيين وغيرهم من مريدي و أعضاء هذا النادي ، فنقول :
من الأفضل لو ذهبتم للحديث في هذا الكلام على صفحات المواقع الإسلامية ، أو المواقع المسيحية ، ولو أردتم الاستمرار بنفس النهج في الحوار المتمدن مستخدمين ذهنية العصور الوسطى ، على الأقل احترموا الموقع وكتابه وقراءه وقولوا بصراحـة إن هذا الجدال مسيحاني إسلاموي بالمطلق ودعوا العلمانيـة للعلمانيين ، اتركوا التخفي وراء الأسماء العربية والإسلامية وإدعاء الماضي الإسلامي نصرة للمسيحية ..
كيف يمكن لمن يهتف صادحاً باسم الحقيقة أن يكتب بيننـا " ملثماً " متخفياً دون اسمٍ صريح وصورة شخصية صحيحـة ؟
كيف يمكن أن ينادي بالحقيقة من يبدأ كتابته بكذبــة ..... أي رصيد ٍ من المصداقيـة والرصانة المعرفية يمتلك ما دام يعيش في أوهام ميثولوجيا القرون الوسطى ؟
القادم من السلسلة سنكتشف فيه الأعماق الميثولوجية تلك ..

مـع عظيم احترامــي لرسالـــة السيد المسيــح النبيلــة ..

***********



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -1-
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -4-
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -3-
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -2-
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -1-
- الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ
- أتنويرٌ هذا أم تبشير يا سيدة وفاء سلطان ؟
- تعالوا نتعلم التنوير
- الماركسية وأسطورة عدوانية الإسلام
- تنويريون تحت الطلب
- الاصولية الغربية المتسترة بالتنوير , كوابيسٌ وأوهام
- الديالكتيك و- التنوير - الانتهازي
- الاتجار بالعلمانية : تعليقات وردود
- الاتجار بالعلمانية : كامل النجار انموذجاً
- هوليود .. وعالم ما بعد الموت
- الصين و حضارة - التسويق - الجديدة
- الكِتابة والمسؤولية : مراجعات في ثقافة الإنترنت ( 1 )
- العِلموية والإسلام (5)
- العِلموية والإسلام (4)
- العِلموية والإسلام (3)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد مهدي - كامل النجار : ملحدٌ تحت مجهر التفكيك -2-