أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!














المزيد.....


أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 17:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عدد كبير من الأمريكيين, ومعهم بعض العراقيين, يؤكدون على أن سبب العجز الأمريكي عن تحقيق التقدم في العراق هو تخلف العراقيين وعجزهم عن استقبال قيم الحضارة الغربية والتفاعل معها. بذلك صار علينا أن نفهم إن خطأ أمريكا الرئيس أنها كانت أغفلت السؤال عن مدى استعداد العراقيين لاحتضان هذه النقلة الحضارية, فأقدمت على احتلال بلد لا تعرف عن أهله شيئا, ثم اكتشفت أن أهله لا يشابهون الكوريين بأخلاق ولا اليابانيين بعقل ولا الألمان بعلم, وزاد على الحشف سوء كيلة تدهور الوضع الأمني وتوافد مجاميع كبيرة من الإرهابيين الذين تسللوا عبر الحدود بعد أن حرصت أمريكا على إبقائها وكالة بدون بواب.
ويقولون, أنه على الجانب الآخر من العالم, حيث ألمانيا وأخواتها بالرضاعة من الصدر الأمريكي الشهي, كوريا الجنوبية واليابان, فإن التقارب الحضاري والمشتركات الثقافية كانت كلها في خدمة موضوعة الشراكة الإستراتيجية. أما العراقيون فهم أحفاد نجباء لثقافة صحراوية بائسة لم يكن مقدرا لها أن تحتضن وتتفاعل مع قيم الحضارة الأمريكية بنفس الطريقة الذي تمت عليها الحال مع الألمان والكوريين.
ومع ذلك, يظن هؤلاء, إن العجز عن تحقيق نهضة مماثلة لتلك التي تحققت في كوريا الجنوبية وأخواتها بالرضاعة, ليس معناه أن التجربة العراقية كانت فاشلة تماما, فلقد أمكن تحجيم القاعدة, ويعود الفضل لهذا الإنجاز في إبعاد أخطار الإرهابيين عن تهديد أمن الولايات المتحدة. كما تم تحقيق أحد الأهداف الكبرى للحملة العسكرية ألا وهو إسقاط النظام الصدامي واجتثاث البعثيين. أما ما تم إنجازه على صعيد البناء الديمقراطي فسيكون كافيا للتأكيد على النوايا الأمريكية الحسنة التي كان من المقدر لها أن تكون ذات نتائج باهرة لو أن العراقيين كانوا تفاعلوا معها بالإيجابية المطلوبة.
على الجانب العراقي, من مصلحة جميع الذين تعاونوا مع الاحتلال أن يؤكدوا على نجاح التجربة الأمريكية في العراق,. وحتى إذا ما اعترف لك أحد منهم بهول الانكسارات المتعددة فإنه لن يتردد عن تذكيرك بان ذلك هو بعض من الثمن الذي يجب أن تدفعه الشعوب في سبيل الحرية والديمقراطية.
لكن سيكون من الصعوبة حقا أن يغطي ذلك على الوجه الحقيقي للمأساة, وهناك الكثير مما يمكن قوله للتأكيد على أن التجربة الأمريكية لم تكن سليمة النية مطلقا وإن إدعاءاتها التنويرية ما هي إلا محض إدعاءات كاذبة, وحتى على صعيد الديمقراطية, وهي آخر قلاع الدفاع عن التجربة الأمريكية المرة فإنها جاءت بالصيغ التي تكرس التخلف والتمزق الوطني والاجتماعي الأمر الذي يطيح بكل إمكانات النهضة ويمنع فعليا إعادة تأسيس الدولة العراقية من جديد, وبهذا تكون أمريكا هي من وضع العصا في دولاب التقدم.
إن السؤال لماذا فشلت أمريكا هنا ونجحت هناك يطرح نفسه بشكل خاطئ, لأن أمريكا كانت نجحت في الحالتين, والأسباب واضحة, وهي تتعلق بصلب المهام التي تصدت أمريكا لتحقيقها على اختلاف المكان. ففي الحالتين الألمانية والكورية, كان التحدي الحقيقي الذي جابهه الغرب بقيادة أمريكا, وبعد النصر الذي تحقق في الحرب العالمية الثانية, هو إيقاف المد الشيوعي, لذلك اقتضت الحال حينها رفد الدولتين بكل المساعدات التي تمكنهما من بناء تجربة علمية وصناعية بإمكانها أن تكون سدا منيعا بوجه الزحف الشيوعي أولا, ثم العبور إلى الصفحة الأخرى من المواجهة, حيث شكلت هاتين الجبهتين أهم مواقع الارتكاز في الحرب الباردة بين المعسكرين. وحينما تهاوى المعسكر السوفيتي بعد ذلك فإن واحدا من أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك هو النجاح الاقتصادي والعلمي الباهر الذي حققته تلكما التجربتين مقابل عجز الشق الآخر من البلدين, كوريا وألمانيا عن تحقيق أي إنجاز ذا قيمة حقيقية.
إن ما قدمته أمريكا لهذه البلدان لم يكن نشأ عن علاقة ود أو قربى وإنما هو كان قد تأسس على أرضية المجابهة مع الشيوعية, لذلك فهو جاء كلازمة من مستلزمات النصر في حرب دار القتال فيها بالآلة المدنية بدلا من الآلة العسكرية وبالأفكار بدلا من النار.
في العراق كان العدو قد اختلفت والتحديات قد تباينت لذلك اختلفت المهام وتباينت الأسلحة. إن أمريكا كانت جابهت الإرهاب, أرادت أن تنازله على الأرض العراقية, لذلك استدعت هذه المهمة نصب سرادق الحرب لا سرادق السلام. فتحت الحدود أولا على مصراعيها لكي يأتي الإرهابيون زرافات وأفواج. أوقفت العمل بكل نشاط ما عدا ذلك الذي يصب في تلك المعركة المعرفة القوى والواضحة. ثم عملت على شق الصف الاجتماعي بسكين الطائفية لكي يتحارب الطرفان عنها بالنيابة.
كما إن أمريكا شاءت من مهمتها في العراق أن تحيل همها العراقي على التقاعد فلا يكون العراق عامل تهديد لحلفائها في المنطقة وفي المقدمة منهم إسرائيل ودول النفط العربي.
كل ذلك كان اقتضى تعميق التخلف لا تحقيق التقدم وتفجير الفوضى الخلاقة بالاتجاه الذي يمكن أمريكا على توجيه عملية الخلق بالاتجاه الذي تريد, وبدلا من أن تبني أمريكا مصنعا جديد فإنها عملت على بيع المصانع الموجودة في سوق الخردة بعد أن هيأت البلد لعملية نهب جماعية منظمة استمرت لشهور تمكن فيها اللصوص على تفكيك كل شيء ونقله إلى أسواق الدول المجاورة, وحتى تاريخنا قاموا بتفكيكه ونقلوه أوراقا وحجارة إلى حيث مقراته الجديدة.
وبينما هي عملت على تحقيق النهضة العلمية والصناعية وتوفير مستلزماتها في ألمانيا وكوريا واليابان فإنها حرصت على أن شفط الكفاءات العراقية من الداخل لكي يبقى فقيرا جاهلا ومتخلفا.
وغير ذلك هناك الكثير مما يقال, لكنني أكتفي بذلك على سبيل الأمثلة, ولكي أقول إن أمريكا لم تفشل في العراق, وإنما هي حققت نجاحا حقيقيا باهرا كذلك الذي تحقق في ألمانيا وكوريا واليابان, لكن مشكلة نجاحها في العراق إنه كان عكس الاتجاه.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز
- الحادي عشر من أيلول.. ليس الأمريكان وحدهم الضحايا
- العراق بين حل الأزمة وأزمة الحل
- الحرب العراقية الإيرانية.. هل كانت أمريكية
- كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا
- العراق.. النجاح في الفشل
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!
- من الذي بدأ القتال بعد الثامن والخمسين.. الشيوعيون أم البعثي ...
- سقوط النظام الملكي وعيوب نظرية الْ.. ( لَوْ ) لقراءة التاريخ ...
- عيوب في قراءة التاريخ....العيب الثاني
- 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!