حول تصريحات ترامب عديمة الضمير بشأن تهجير سكان غزة


عصام شكري
الحوار المتمدن - العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 06:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

تصريحات ترامب حول تهجير سكان غزة بعد استقباله ناتانياهو تصريحات عديمة الانسانية وسافلة. ان هذه العجرفة المقرفة سببها "غزوة احد" البربرية التي نحرت فيها حماس النساء والاطفال والشيوخ والمدنيين في كيبوتسات اسرائيل باعتباره شكلا من اشكال "النضال" التحرري ضد قوى الاحتلال. تلك البربرية الداعشية قد اطاحت بكل منجز انساني لقضية فلسطين. لقد دمروا كل تقدم تافه احرزوه لعقود من الزمن. والاخطر هو انها فتحت ابواب جهنم الة القتل الاسرائيلية على سكان غزة حيث تم قتل اكثر من 50 الف انسان بدموية قل نظيرها في التأريخ المعاصر.

لقد خلق هذا التدمير والقتل فجوة سياسية هائلة لن تتمكن اليوم لا حماس ولا منظمة التحرير الفلسطينية من ملئها. والتصريحات الجوفاء لكل قادتهم لن تتمكن من ملئها. واليوم تبرز السعودية كممثل لجماهير فلسطين وتتحدث باسمهم كالمصرفي الذي يقرر ماذا سيفعل لمنطقة حلت بها الكارثة وماذا على اهلها ان يقبلوا به. ان الحل السعودي المصري الاردني هو جزء من الطرح اليميني الحالي لادارة ترامب وليس بالضد منه. ولكن هذا الحل اللا انساني ليس بيد اي من هذه القوى البديلة للجمهورية الاسلامية الايرانية ولا بيد الادارة الامريكية الجديدة بل بيد جماهير غزة والضفة وحدهما.

ان القوى السياسية الممثلة لجماهير فلسطين اليوم تقف بالضد من مصالح جماهير فلسطين - كليهما. فمنظمة التحرير الفلسطينية اليوم ليست منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينات - منظمة تحرير وطني. لقد اصبحت منظمة فاسدة حتى النخاع موالية للخط السعودي القطري التركي الامريكي بحجة الواقعية السياسية، وان صلاحيتها، كصلاحية علب الطعام المسموم، انتهت من زمان. اما حركة حماس والجهاد وبقية "الفصائل" فقد كشفت عن وجهها الوحشي البربري كليا، والاهم انها فقدت كل تأثير سواء سياسي او عسكري. اليوم اصبحت جماهير غزة وهي تجر احبائها من تحت الانقاض في حالة تناقض كلي وعداوة مع هذه الحركة البربرية ومع كامل حركة الاسلام السياسي التي كانت جزء من قمعهم وقتلهم وتدمير حياتهم ودفن اطفالهم احياء تماما كما فعل اليمين الاسرائيلي المتطرف وسلاح الطيران.

الحل اليوم ليس بيد اي قوى خارجية سواء عربية او غير عربية. الحل اليوم يكمن في نفس جماهير فلسطين بعد هذه المجزرة الدموية التي واجهوها خلال السنتين المنصرمتين. جماهير فلسطين هي التي يجب ان تبرز حلها من خلال قيادة جديدة كليا. بديل اخر لا اسلامي ولا قومي. لا حماس والجهاد وبقية القئ الاسلامي ولا المنظمات القومية التي اصبحت كمحلات الصرافة تعمل بسعر صرف الدولار ولمن يدفع اكثر. هذا البديل الثالث هو بديل القوى العلمانية المتنورة والاشتراكية والعمالية الشبابية الذي بامكانه تشكيل سلطة جديدة في غزة والضفة قادرة على النضال من اجل حل الدولتين والتي يؤيدها العديد من دول العالم حتى في الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل واوربا. ان الحل هو في بروز ارادة الشعب الفلسطيني الحرة البعيدة عن القوى الرجعية الحالية على طرفيهما القومي والاسلامي. ان الحل ممكن وعلى جماهير فلسطين انتخاب قياداتها الثورية الجديدة لابراز هذا البديل لاخراس ترامب وبقية المتزلفين له في المنطقة.

وانا استنكر بشدة تصريحات ترامب عديمة الضمير والانسانية حول تهجير الفلسطينيين من غزة فاني انادي شابات وشباب فلسطين الى ان يسارعوا بتشكيل قياداتهم العلمانية الاشتراكية المساواتية والنسوية والعمالية الحديثة بعيدا عن نفوذ القوى القومية والاسلامية، ليبرزوا قوى جديدة لجماهير فلسطين، مؤهلة لحمل هذه القضية الانسانية على عاتقها ومفاوضة حل الدولتين مع القوى الانسانية باسرائيل. لا يجب تسليم مقود جماهير فلسطين بعد عشرات السنين من التهجير والاقتلاع والمعاناة والقتل بالطائرات وتدمير بيوتهم بالبلدوزرات الى قيادات عربية فاسدة واجرامية او بيد ترامب واتباعه العرب.

بروز قيادة علمانية اشتراكية عمالية شابة في فلسطين هي وحدها التي تدافع عن كرامة وانسانية جماهير فلسطين من هذه البربرية سواء على يد الجمهورية الاسلامية الايرانية التي قلمت اظافرها في الشرق الاوسط واختبأت كالفأر، او على يد محور الاسلام السني "المعتدل" بقيادة محمد بن سلمان واردوكان وبقية شيوخ النفط وبخلفهم ترامب.
-----------------------------
عصام شكـــري
مسؤول منظمة العلمانية والحقوق المدنية في العراق
5 شباط 2025