قتل الشرف ليس مجرد قضية جنائية، انه عارٌ على جبين كل المجتمع!
عصام شكري
الحوار المتمدن
-
العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 22:37
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
قتل خليل مسعود زوجته عبير رحّال بإطلاق النار عليها داخل محكمة شحيم الشرعية في قضاء الشوف بجبل لبنان اليوم الخميس، فتوفّت على الفور. وبعد ساعة من جريمة القتل، نشر القاتل فيديو على صفحته على فيسبوك، تحدث فيه عن دوافعه لارتكاب الجريمة والتي أعادها في جوانب عدة إلى المحافظة على "الشرف" ناعتا ضحيته بأوصاف "الخيانة".. ووجّه لها اتهامات عديدة لتبرير جريمته.
ان ما يحدث على صعيد سياسي واجتماعي من انهيار قدرة الإسلام السياسي الشيعي او السني او تحرر المنطقة من هيمنة هذه القوى الدينية والقومية العشائرية الإجرامية يضع المجتمع ومعاناته وانتهاك حقوق النساء فيه تحت المجهر.
ان تراجع قوى القرون الوسطى الاسلامية الطائفية يستدعي اعادة تسليط الضوء على اوضاع المرأة وحقوقها وأمانها وكرامتها ومساواتها في المجتمع. وانها لمسوولية القوى الاجتماعية الانسانية الحية وخاصة العلمانية لتصعيد النضال من اجل الدفاع عن المراة باعتبارها الأكثر تعرضا للتمييز والانتهاكات والخوف.
قتل عبير لا يحب ان يمر عبر تكرار عبارات التأسي والوداع السخيفة التي يبرع فيها ادعياء التمدن والإنسانية، في حين انهم في الواقع لا يحركون ساكنا. ان القول بان قتل عبير بداعي الشرف (والواقع انه لا شرف لزوجها المجرم) يستدعي الرد لا من قوى الدولة او الشرطة كقضية جنائية فقط، بل من قبل القوى الاجتماعية الحية التي تساند حقوق المرأة.
العديد من القوى التي تعتبر نفسها مساندة لحقوق المرأة تدعي (وما اكثر المدعين بالكلام)انها تقدمية ولكنها في الواقع بلا اي مشغلة اجتماعية. تمارس حياتها بشكل عادي غاسلة أياديها "الطاهرة" من كل نضال اجتماعي يدافع عن كرامة البشر. تكتفي بالظهور الدعائي - ترجمة هنا وهناك ومقالات تحليلة عميقة ولكن تافهة المحتوى، ولايكات كثيرة بلا اي معنى سوى محاولة نيل القبول. لا مشغلة اجتماعية. المجتمع غير حاضر. هي حاضرة. اما الصراخ فكالعادة - عالي النبرة. ولكن الجعجعة السياسية (التي لا طحين لها) ليست نضالا بل قد يتحول الى تهويش داخل مجتمع يزداد قدرة على معرفة وكشف المزيفين والانتهازيين.
اعتبر ان جرائم غسل العار او قتل الشرف ليست مجرد جرائم جنائية بل هي جرائم اجتماعية ضد اكثر من نصف المجتمع. انه ارعاب وارهاب للمرأة في كل مكان. ليس الامر جريمة قتل عمد يجمع فيها ادلة جنائية عادية وتمثل الجريمة ويطوى الأمر. انها جريمة جرثومتها داخل المجتمع الذي في كثير من الأحيان يشجع عليها بخسة وحقارة. وهذا يحدث ليس لان الناس شياطين او خسيسين بل بسبب الهيمنة الاجتماعية العميقة لقوى الذكورية المعادية للمرأة على مدى قرون طويلة؛ قوى دينية و عشائرية و قومية. كل الاحزاب السياسية المهيمنة الحالية تشجع على تحقير المرأة وتعميق دونية النساء في المجتمع وتستعمل الدين كملاذ لتبرير هذا الاجرام.
ان محاربة جرائم قتل الشرف ضد المرأة سواء في لبنان او العراق او سوريا او الاردن او فلسطين او مصر او المغرب او السودان او اي مكان آخر (قتل النساء في المجتمعات الغربية بداعي الشرف( هي مهمة الجيل الجديد - العلماني الشاب المتحرر من أغلال الحقارة الذكورية ومنابعها الأيديولوجية المتخلفة والهمجية كالإسلام والعرف العشائري والهيمنة التي منحوها للرجل منذ طفولته لتجعل اي احمق منه يرتكب العنف او القتل ضد المرأة لان مشاعره التافهة جرحت لانها احبت غيره او نقدت تصارفته المريضة. ان ذلك نتاج سنين طويلة وارث ثقيل لنظام تربوي وتعليمي وقضائي في منتهى الحقارة يستل من الدين وتعاليمه بدلا من الامثلة الحضارية الانسانية المعاصرة.
ارى ان التحرر السياسي الذي حدث في لبنان وسوريا (وغدا ايران والعراق وفلسطين وعموم المنطقة) من قوى الارهاب الاسلامي بشقيه السني والشيعي يجب ان يتحول الى فرصة لتشديد النضال الاجتماعي العلماني الواسع من اجل حقوق ومساواة وكرامة المرأة وليس مجرد حدث سياسي او انقلابات انتهازية في مواقف القوى السياسي (والكل الان يغسل ايديه من بشار الاسد وحسن نصر الله والسنوار ببراعة يحسدون عليها) اما لتسجيل نقاط على الخصوم، واما، وهو الارجح لتبرير وجود تياراتهم السياسية العقيمة.
لنستنكر جرائم غسل العار او قتل الشرف وكل الجرائم الشنيعة التي يرتكبها من لا شرف له بحق النساء - ومنها التعنيف والتحقير والهزء والسخرية والضرب والاهانة. ولنقطع دابر الايديولوجيات القرو-وسطية الدينية العشائرية التي ترسخ دونية المرأة من خلال الدعوة الى قطع دابر الدين عن حياة المجتمع وتلويث عقول الاطفال والشبيبة بتحقير المرأة ودونيتها! ولنرفع معا شعار:
نعم لفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم والقضاء - نعم لدولة المواطنة - نعم للمساواة الكاملة للمرأة بالرجل دون شروط او قيود!