سوريا في مهب العواصف الامبريالية الصهيونية والرجعية


علي عباس خفيف
الحوار المتمدن - العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 18:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بيان مشترك
الذين دخلوا دمشق صباح يوم 8/12/2024 كالفاتحين، هم حلفاءُ أمريكا وبريطانيا والكيان الغاصب في فلسطين وحلفاءُ تركيا العثمانية التوسعية واحلامها الأردوغانية. العالمُ صار يعرف ذلك بلا أدنى شك، ويعرف أنّ هؤلاء التكفيريين بمعيّةِ الانتهازيين الخونةِ في الجيش السوري الحر طيلة 15 عاماً ماضية، تلقّوا من أولئك المتربصين بالمنطقة العربية والشرقِ الأوسط تحديداً، كاملَ الدعمِ، تسليحاً وتدريباً وأموالاً، خصوصاً أموالَ نفطِ الرجعية الخليجية الجاهلة، الذي اشتركت في دفعها قطر والسعودية علناً بكامل ثقلهما المالي.
قد يحلو للبعض من الذين يناصرون الفوضى في بلداننا ويدعمون كلَّ إساءة لنا وكلَّ عدوان يستهدفُنا، أنْ يطلقوا عليهم معانٍ تحرّرية فهم ليسوا محرّرين، بلْ عبيد الإمبريالية العالمية ومؤامراتِها. المؤامرات التي نسجوا خيوطِها في واشنطن ولندن وأنقرة وتل أبيب والرياض واالدوحة، طيلة هذه السنوات حينما رسمتها بدايةً الخارجية الأمريكية على يدِ هيلاري كلنتون منذ 2011. أما في الجهة المقابلة، فمن الواضح ان روسيا تخلت عن حليفها الأسد ولم تسند الجيش السوري أو تدافع عن سوريا كما فعلت في الحرب السورية في مرحلتها الأولى بل عقدت صفقة سلمت بموجبها سوريا، وفرضت على الأسد تسليم السلطة والمغادرة. ولا يزال الموقف الايراني يكتنفه الغموض بعد سحب ايران لدبلو ما سييها وخبرائها العسكريين.
إنَّ هذا يعطينا عبرة، ويبيِّن لنا ضرورةَ أنْ نضعَ بيضَنا كلَّه في سلّتنا، ويمنحنا رؤيةً واضحةً في سياسةِ الاعتماد على النفسِ؛ وتنمية القدرات والقوى الذاتية، التي هي المعيار في النصر النهائي وتحرير الأوطان، فلا يمكن لأية قوة امبريالية أن تكون أداةً لتحرير الشعوب والاوطان، وما يحصل اليوم في سوريا هو نتاج لتكثيف الصراع بين القوى الامبريالية وتوافقاتها وصفقاتها على حساب الشعوب والامم المضطهدة.
نعم، نحن لا ننتصرُ لسلطةِ العائلة الطائفيّةِ ولا لسلطة الحزبِ الفاشي، ولا ندافعُ عنهما. ونحن على ثقة ان الشعب السوري بعموم كادحيه في المدينة والريف وقواه الوطنية المخلصة ، سيواصل نضاله من اجل وحدة الاراضي السورية وطرد المحتلين بكافة الوانهم، ويتقدم إلى الأمام وينهض بسوريا الحبيبة، في السير صفاً واحداً ويتخطى المحنةَ التي فتحتْ أبوابها القوى الرجعية والطائفية والانتهازيون الطامعون بمراكز السلطة، بدعمِ ومساندة الإمبرياليين وحلفائِهم أعداء الشعب الذي قاسى القمع والتغييب ومصادرة صوته سنينَ طويلةً. وهو اليوم وسط الاضطراب السائدِ، في خشية أنْ يعيد التكفيريون تجربة إدلب ، في القتل المجاني على الهوية الطائفية والاتهامات المفتعلة، مع محاصرة الجماهير، ومصاردة صوتها وقمع الحريات، كالذي حصل في أثناء حكم الهيئة هناك.
ومن المفيدِ أنْ نذكرَ؛ أنَّ التكفيريين والقوى الأخرى التي تعلن عن نفسها بوصفِها قوى مدنيّةً، جميعاً، تحرِّكهم الإمبرياليةُ العالميةُ والصهيونيةُ وتوجَّه أفعالهم. وانطلاقاً منَ الطبيعةِ الانتهازية لهذه القوى وعدائِها للحريّات فإنَّ من المتوقعِ أنّهم لن يبلثوا أن يدخلوا في صراعٍ واقتتال دمويٍ انتهازيٍ على المصالح الشخصية، اقتتالٌ يستهين بدماءِ أبناءِ الشعب، ويضحّي باستقرارِ البلاد، ويشجع أطماع الأعداء.
والمريبُ جداً هو صمت هذه القوى التكفيرية وتواطؤهم إزاء العدوان الصهيوني على الأراضي السوريّة في اليوم الأول لانهيار الدولة السورية واحتلاله لعديد القرى السورية مع قيام هذا العدو الغاصب بالقصف الوحشي لمراكز البحوث والمطارات والمواقع العسكرية، ومصالح متفرقة لأبناء الشعب السوري، في العاصمة دمشق، مع تقدم قوّاته أكثر من 14 كيلومتر في العمق السوري، والعمل على تغيير الحدود، وإعلانه الرسمي الحرب على الشعب السوري دونما مبرر، وتمزيق اتفاقية 1974 واحتلال جبل الشيخ بإنزال جويٍ. إنَّ الصمتَ هذا يشيرُ إلى تسويات خيانيّة ومريبة.
لا بدَّ أنْ يدركَ اليسارُ الماركسي، خصوصاً الأحزاب الماركسية اللينينة في بلداننا، أنَّ الغزوَ والتوسعَ اللذين تتطابق فيهما سياسة أردوغان العثماني التوسعية وسياسة الكيان الصهيوني اللقيط، تجري في ظلِّ الدعم المطلق الذي تقدمه الإمبريالية العالمية. وما يحدث في سوريا اليوم إنَّما يعيدُ في حقيقته تجربةَ العدوانِ الدموي على العراق وليبيا، وكذلك على تونس ومصر بنحوٍ ما. يأتي كل ذلك اليوم من أجل فرض الهيمنة على الشعب السوري، ونهب ثرواته بالاستيلاء على مقدرات وطنه، فضلاً عن تحقيقِ مخططات العدوِ الصهيوني المعتدي بضمّ أراضٍ جديدة لكيانه اللقيط وفقاً للخرافة التلموديّة والكاباليّة. ولقد باشرَ هذا العدو الغاصب عدوانه الآن في ظلِّ الصمتِ العربي والدَّولي.
كذلك ندعو الشيوعيين والقوى الديمقراطيةَ في الوطنِ العربي وأحرارَ العالمِ أجمع إلى التصدّي للأعمال العدوانيّة للكيانِ الصهيوني الغاصبِ الذي تقدم جيشه واحتلَّ القرى والمناطقَ السكنيّة والبلداتَ في عمق الأراضي السورية، وإدانة العدوان والصمتِ الدولي بلا تردّد. وإدانة صمتِ التكفيريين وحلفائِهم أيضاً عن هذا العدوان. ومن الضروري أن ندعو أيضاً إلى الانتباه لما تخططه الدوائر الإمبريالية وما تريده من شر لبلدانِنا، والعمل على رصِّ الصفوف لمواجهة التغوّل الأمبريالي الصهيوني في فرض سياساته على الحكومات الضعيفة والخائنة الهشة في بلداننا، والتصدي لكلِّ خطوةٍ تراجعيةٍ تبديها الأنظمة الحاكمة أمام مخططات الأعداء.
لا للتدخل والعدوان الامبريالي الصهيوني والتركي في سوريا
لا لحكم الجماعات الاسلامية الارهابية الرجعية في سوريا
لا للحرب الأهلية في سوريا
من اجل حق الشعب السوري العظيم في الحرية والكرامة الوطنية والسيادة والديمقراطية والعدالة بعيداً عن كل وصاية اجنبية.
10/12/2024
الأحزاب الموقعة :
- الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي – تونس
- الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية
- الحزب الشيوعي الفلسطيني