أيها الصامتون إنتظروا دوركم
عدنان الصباح
الحوار المتمدن
-
العدد: 8162 - 2024 / 11 / 15 - 15:47
المحور:
القضية الفلسطينية
بعيدا عن غزة ولبنان الجنوبين " جنوب لبنان والضاحية الجنوبية " ومن معهما فعلا قبل القول فان الجميع مدانون وفي أحسن الأحوال متهمون فليس يكفي على الاطلاق الوقوف على منصات الإدانة والنداء دون ان تتحرك يدا واحدة لترفع الظلم الواقع على الشعبين الفلسطيني واللبناني ودون ان تجرؤ جهة واحدة على تسمية الاشياء بأسمائها.
العالم وفي المقدمة منه العرب والمسلمين يصرون على التعاطي مع الولايات المتحدة على انها وسيط ويغمض عينيه ويصم اذنيه عن كل ما تقوم به الولايات المتحدة من دعم واسناد ومشاركة ومنح التغطية والتبرير لكل ما يقوم به قاتلها المأجور على ارض فلسطين ولبنان.
صحيح ان مقتلة البشر ومطحنة الحجر والشجر قاسية وبشعة بما لا يمكن احتماله حتى ان البعض يعتقدون ان النصر بات مستحيلا بسبب فارق القوة بين اطراف الحرب بين اكبر قوة عسكرية في المنطقة مقابل قوى جميعها تعيش ظروفا قاسية فاليمن وسوريا والعراق لم تتوقف الحرب عليهم وفي بلادهم منذ سنوات وسنوات ويجري الاعتداء عليهم بأشكال واشكال العالم جيدا الحال الذي الت اليه لبنان ولا يخفى حال غزة التي تتعرض لأبشع صنوف القهر منذ عقود وعقود وأسوأها في العقدين الأخيرين ومع ذلك لا زالت هذه القوى تصمد وتصمد اما ايران فهي تتعرض لأبشع صنوف الحصار والعقوبات والضغط الامبريالي ليس بسبب النووي بل بسبب موقفها من القضية الفلسطينية والمشاريع الامريكية الصهيونية في المنطقة.
ليس غريبا ابدا ان تصمد قى هذا حالها بل ان صمودها هو النتيجة الطبيعية للحال الذي تعيشه وهناك من يتباكى على الحال دون ان يدرك ان الحال الذي تعيشه هذه البلدان اثناء الحرب ليس أسوأ ابدا مما كانت تعبشه قبل السابع من أكتوبر 2023 ومن لا يعرف معنى وقيمة الحرية والكرامة فقط من يمكنه القول ان سلامة الجسد اهم من حرية الروح.
الشعب الفيتنامي قدم مليون مقاتل ومليونا مدني على مذبح الحرية ولولا ذلك لكانت أجساد الذين قتلوا في معركة الحرية لا زالت تمارس حياة الأموات لا اكثر ولا اقل وكذا الامر فيما يخص الجزائر وفي جنوب افريقيا لم يكن العالم ليلتفت الى قضية شعبها لولا مذبحة شاريفيل عام 1960 ومع ذلك ظل شعب جنوب افريقيا يقاتل حتى نال حريته ولو انه لم يفعل ذلك لظلت الأجساد حية ومحشورة في جيتوهات ويعاقبون بالحياة بسبب لونهم فالعيش في الذلل هو عقاب بالحياة ولا يمت لحياة الكرامة بوصلة.
الفرنسيون قدموا على مذبح الحرية لبلادهم وشعبهم حوالي 100000 رجل وامرأة وربع مليون جريح وكسبوا حريتهم ولو انهم إستخدموا الحاسبات الالية الجافة في الربح والخسارة المادية لكانت فرنسا الان جيتو لشعبها ومتنزه لأعدائهم ولان الحسابات لا تأتي على هذا النحو فان عدد الذين قتلوا من الهنود وهم يدافعون عن التاج البريطاني و87000 جندي هندي وجرح 35000 واسر منهم 67000 وخسر ثلاثة ملايين شخص حياتهم بسبب الجوع اثناء الاستعمار البريطاني للهند.
ان حرب المقتلة المطحنة هي حرب بين متناقضين من جهة فان أمريكا وعصابتها وقاتلها الماجور يقاتلون في سبيل التمكن من السطو على المنطقة وخيراتها والتخلص من ناسها وهو ما يخضع لحسابات الربح والخسارة فما دام الهدف السطو والسرقة فان الهدف يقاس بالقيمة المالية وبالتالي الخسائر كذلك واذا ما اصبح الثمن اكبر من الهدف يتنازل الساعون للهدف عن هدفهم بينما تقاتل الشعوب في سبيل حريتها وهو هدف لا قيمة مادية ولا مالية لها ولذا فهو لا يمكن ان يخضع لنظام الربح والخسارة ومن هنا يأتي التأكيد دائما ان المقاتلين في سبيل الحرية ينتصرون دائما وابدا مهما طال الزمن ومهما كانت التضحيات.
اما المتفرجون فانهم يمنحون القتلة قدرتهم على الإحساس ان بإمكانهم ان يفعلوا ما يشاءون بما في ذلك بالصامتين المتفرجين أنفسهم.
أيها الصامتون عن المقتلة المطحنة في فلسطين ولبنان ليس عليكم الا ان تنتظروا دورم ان واصلتم دور المتفرج لا اكثر ولا اقل.