تحية الى الحزب الشيوعي الإسرائيلي بمناسبة انعقاد مؤتمره الثامن والعشرين
بسام الصالحي
الحوار المتمدن
-
العدد: 7041 - 2021 / 10 / 8 - 22:17
المحور:
القضية الفلسطينية
الرفيق العزيز عادل عامر
الأمين العام للحزب
الرفيقات والرفاق الأعزاء أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي
الرفيقات والرفاق أعضاء المؤتمر
الحضور الكريم
اسمحوا لي أن أنقلَ إليكم تحيّات رفاقكم ورفيقاتكم في حزب الشعب الفلسطيني –حزبُ الشيوعيين الفلسطينيين الذي يشتركُ وإيّاكم في الدفاع عن ذات الأسس والمبادئ ضد الاحتلال الكولونيالي وضد العنصرية والأبارتهايد وضد الرأسمالية والفاشية، ومن أجل العدالة والمساواة والاشتراكية، والذي جمعته جذور مشتركة في رفض الاستعمار ومواجهة المشروع الكولونيالي الذي رعته ونفذّته الامبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، والصهيونية التي مارست الارهاب والتطهير العرقي، وبالتواطؤ مع الرجعية العربية التي وفّرت التغطية لكل ذلك.
إنّ عظمة حزبكم تجلّت في قدرته على التعامل مع الآثار الكارثية لنكبة عام 1948 بالتمسك بالأرض وبالحقوق وباستعادة ابراز الهوية الوطنية والقومية لشعبنا الفلسطيني وتعزيز أطره ومؤسساته الثقافية والفكرية والاجتماعية التي حفظت الهوية والثقافة واللغة والابداع ليس فقط لأبناء شعبنا في الداخل ولكن لكل شعبنا الفلسطيني والعربي وللانسانية، وجنبًا إلى جنب مع كل ذلك التمسك بالموقف الرافض للعنصرية والاحتلال والفاشية وللصهيونية، وباعتبار ذلك مكونًا أساسيًا للشراكة العربية اليهودية وللمساواة القومية والمدنية، الأمر الذي ميز بوضوح بين هذا المسار لحزبكم الشقيق وبين كل المسارات الأخرى على اختلاف مسمياتها ومنطلقاتها.
لا شكّ أنّ مؤتمركم كما هو مؤتمرنا القريب سيتصدّى للتحدّيات الجديدة التي تواجه القضية الفلسطينية والناجمة في واقع الحال عن المشروع الكولونيالي العنصري الذي تمثّله اسرائيل بكل تجلّياته ومظاهره السابقة والراهنة، والتي هي جزء من تحديات أوسع على المستوى الاقليمي والدولي نشترك فيها مع قوى التحرر والاشتراكية والسلام وحماية البيئة ورفض الحروب والتخلف والهيمنة والرأسمالية المتوحشة بأعلى أشكالها العسكرية والمالية والاقتصادية والاجتماعية المتغطرسة.
إنّ حزَبنا أيّها الرفاق الأعزاء لحظ بانتباه واعتزاز شديدين تنامي المظاهر الكفاحية الموحدة للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، ولحظ بانتباه شديدٍ عمق هذا الترابط الذي شهدته هبّة أيّار الأخيرة، حيث انتفض شعبنا الفلسطيني بأكمله مع القوى الحية الرافضة للاحتلال والعنصرية، ضد التطهير العرقي المتواصل في القدس، في الشيخ جراح وباب العامود وسلوان والعيسوية والبلدة القديمة، وضد العدوان والحصار المتواصل على قطاع غزة، وضد الاستيطان ومصادرة الأراضي والقتل اليومي والاعتقال وانتهاك حقوق الأسرى، وضد استمرار الاعتداءات على المسجد الاقصى والحرم الابراهيمي في الخليل، والذي يقوم به غلاة المستعمرين وجيشهم ومؤسستهم السياسية الحكومية بكل أركانها.
كما لحظ حزبنا أن ذلك أمر لا يمكن فصله عن العنصرية المتواصلة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والساحل، والذي كرسه قانون القومية بما لا يدع مجالاً للشك حول الطابع والمستقبل الذي يمثله هذا المشروع العنصري كما وصفته مؤخرًا تقارير أممية متعددة، وهو المشروع القائم على الانكار لحق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني وعلى رفض كل قرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص بما في ذلك رفض تنفيذ الاتفاقيات التي تضمنت اجحافًا كبيرًا بحقوق شعبنا، أو حتى الاستعداد لإجراء عملية سياسية جادة وحقيقية من أجل تحقيقها.
إنّ حزبنا أيّها الرفاق الأعزاء توصل إلى خلاصة مبكّرة حول ذلك، عززتها قرارات المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم قرار اللجنة التنفيذية والقيادة الفلسطينية في 19/5/2020 واجتماع الأمناء العامين الذي تلاه في 3/9/2020، وهي الخلاصة التي تدعو إلى وقف الدوران في ملهاة الحلقة المفرغة على شاكلة (مفاوضات، أزمة، مفاوضات) وإلى انهاء العمل بالاتفاقات التي دمرتها قوة الاحتلال، وإلى خلق مقاربة جديدة لمواجهة كل ذلك تقوم على أولوية برنامج التحرر الوطني واستحقاقاته، وفي مقدمتها الاعتماد على الطاقات الكفاحية الشاملة للشعب الفلسطنيي وعلى وحدته دون إهمال لخصوصية أوضاعه وساحات تواجده، وعلى أولوية تعزيز منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها قائدة نضاله لتحقيق ذلك بما يتطلب تفعيلها وتطويرها وتوسيعها، وإنهاء الانقسام المدمر القائم، وإعادة تأكيد وحدة أهداف شعبنا الفلسطيني في التحرّر وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس كتعبير عن حق تقرير المصير واستنادًا إلى القرار 181 وما تلاه من قرارات بما فيها القرار 19/67 لعام 2012، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم وفقًا للقرار 194، وضمان الحقوق القومية والمدنية المتساوية لأبناء شعبنا في الداخل.
ان التعديلات التي أدخلها حزبنا على برنامجه والمعروضة أمام مؤتمره العام القريب ربطت بوضوح بين هذه الأهداف الثلاثة، الدولة والعودة والمساواة القومية والمدنية، كأهداف موحدة لحل القضية الفلسطينية، حيث أضافت الهدف الثالث بالمساواة القومية والمدنية ليس من باب نفي الخصوصية أو تجاهلها ولكن من باب تأكيد ترابط متطلبات الحل النهائي للقضية الفلسطينية بما يخص مجموع الشعب الفلسطيني ووحدة أهدافه ونضالاته، وباعتبار كل ذلك تجسيدًا لحق تقرير المصيرالذي يشترك فيه شعبنا الفلسطيني بأسره، بغض النظر عن أماكن تواجده، وربّما تصحيحًا لانطباع خاطئ تولد بهذا الشأن خاصّة بعد اتفاق أوسلو ونشوء السلطة الفلسطينية.
وقد أكّد حزبنا ولا يزال على ضرورة توسيع وتوحيد المقاومة الشعبية وعلى ضرورة توسيع وتدعيم حركة المقاطعة ب.د.س.
هذه المقاومة التي تشهد مظاهر بطولية يومية في مختلف الساحات وتمثل نماذج استمرارية ومواصلة وتوسع في القدس وفي بيتا وفي بيت دجن وكفر قدوم وسلفيت وغيرها وحيث يسقط فيها الشهداء والجرحى بشكل يومي، واسمحوا لي في هذا السياق ان نتمنى واياكم الشفاء العاجل لرفيقنا عضو المكتب السياسي خالد منصور الذي استهدفه رصاص الاحتلال بشكل مباشر إلى جانب المتظاهرين في بيت دجن قبل أسبوع.
ولعل هذا الترابط بين عناصر تجسيد حق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني وعلى أساس وحدة شعبنا والمحافظة على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها، وانطلاقًا من تحليل الطبيعة الكولونيالية لدولة الاحتلال وطابعها العنصري هو ما يمكن شعبنا من مواجهة التحديات الجدية التي تواجهه بما في ذلك الاجهاض المنهجي لحل الدولتين، وتكريس الانقسام الفلسطيني، وتصفية قضية اللاجئين وتصفية منظمة التحرير الفلسطينية.
ان هذه المكونات لخطة ترامب –نتنياهو لا تزال قائمة، ونحن نحذر من المبالغة في اعتبار ان (صفقة القرن) قد انتهت، بل انها تنفذ بوسائل جديدة وبدون اعلان، فالمشروع الاقتصادي وما يسمى تحسين المعيشة والسلام الاقتصادي، وتكريس الفصل بين غزة والضفة والاشتراطات الامريكية على الاونروا وما يسمى (تقليص الصراع) هو السياسة التي لا تزال تنفذ، ولكل ذلك فإن خطر صفقة القرن لا يزال قائمًا.
ان حزبنا أيّها الرفاق والرفيقات وفي إطار ذلك قدم مقاربة مختلفة أيضًا لدور السلطة الفلسطينية وحدود هذا الدور، فالوهم أن السلطة بمقدورها نقل شعبنا من الاحتلال إلى الاستقلال، أو اعتبار السلطة أداة المواجهة مع الاحتلال، أو لعبها دور (الدولة) في غياب الاستقلال، أو تطويرها كسلطة بنموذج السطات العربية بأساليبها الأمنية وسياساتها الاقتصادية، انما هو وهم ضار، أدى إلى خلط في الأولويات وإلى زيادة الفجوات والتوترات الاجتماعية والاقتصادية، وإلى نشوء مصالح بيروقراطية واقتصادية وأمنية تتطلب التوقف والمراجعة.
ان السلطة الفلسطينية نشأت كسلطة انتقالية مؤقتة ووفق سقف زمني بانهاء الاحتلال، واستمرار واقع الحال لسلطة فلسطينية تحت الاحتلال ودون سقف زمني لإنهاء الاحتلال يفرض مقاربة مختلفة ومطلوبة لواقع السلطة الفلسطينية، وانطلاقًا من جوهر هذا الفهم ومن شعار حزبنا الصريح (ان الحقوق الاجتماعية والديموقراطية ضمانة للحقوق الوطنية) قرر حزبنا الانسحاب من حكومة الدكتور اشتية ولم يعد جزءًا منها، كما قرر إعادة طرح قضية السلطة ووظيفتها مجددًا على رأس جدول الأعمال الوطني.
الرفاق والرفيقات الأعزاء،
نتمنّى لأعمال مؤتمركم النجاح وكلنا ثقة أن رفع درجة التنسيق والعمل المشترك بين حزبينا سيكون أحد أهم متطلبات المرحلة القادمة، فإلى الأمام وعاشت وحدة نضالنا المشترك.