|
الإشاعة ودورها في تهديم المجتمعات الإنسانية
يحيى حسين زامل
الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 10:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإشاعة هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع او تعمد المبالغة والتهويل أو التشويه في سرد خبر فيه جانب ضئيل من الحقيقة او إضافة معلومة كاذبة أو مشوهة لخبر معظمه صحيح او تفسير خبر صحيح والتعليق عليه بأسلوب مغاير للواقع والحقيقة وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العام المحلي او الإقليمي او العالمي او النوعي تحقيقاً لأهداف سياسية او اقتصادية او عسكرية على نطاق دولة واحدة او عدة دول او النطاق العالمي بأجمعه .(الرأي العام والحرب النفسية /ص103). وفي الغالب يكون وراء ترويج الشائعة أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أما مطلقوها فإما ان يكونوا من رجال الحكم او معارضي ذلك الحكم أو من له مصلحة في ذلك ، وما أسهل ان تنتشر الشائعة في كل أنحاء البلد الواحد في ريفه وحضره واحياناً يكون ضحيتها أغلبية السكان صغيرهم و كبيرهم ، المتعلم والأمي واحياناً أخرى يكون ضحيتها بعض فئات المجتمع مثل النساء والأولاد وغير المتعلمين كما تشير بعض الإحصاءات ، اما عن الأجواء التي تنجح فيها الشائعة فهي الأجواء غير المستقرة مثل الثورات والانقلابات والأزمات الاقتصادية والحروب والكوارث الطبيعية وهنالك بعض الظروف التي تعزز وتسرع انتشار الشائعات منها وجود حجر إعلامي وانعدام الثقة في السلطة او في جهة تقوم بدور يشبه دورها . ولعل من ابرز تلك الإشاعات الكاذبة مؤخراً تلك التي أطلقت عشية يوم الانتخابات والتي استيقظ فيها الناس على أصوات المكبرات عبر السيارات والجوامع والتي تحذر من تسمم المياه في البيوت . تفاجأ الناس بين مصدق ومكذب وبين من راح يبحث عند اقرب مكان لشراء ما تبقى من قناني المياه المعدنية والتي علتها الأتربة والغبار لبوارها فجاءت تلك الساعة التي استيقظ فيها مارد الإشاعة الكاذبة من قمقمه ليصطاد من سمحت له نفسه واستغفلته تلك الدعاية التي حاكتها وصاغتها ايدي الشر . ومن يقرأ تاريخ الإشاعات في بلادنا فأنه يرى شواهد كثيرة متناثرة هنا وهناك على صفحاته الغارقة بالحروب والدمار والتي استخدمها النظام الصدامي لتحقيق مآربه بميكيافيلية دنيئة وحقيرة. وما قضية (الحنطة المسمومة) وقضية(ابو طبر) والتي تمت فيها تصفية الكثير من الشخصيات السياسية العراقية غير بعيدة عن مسار الإشاعة وترويجها. وما كارثة (جسر الأئمة) التي راح ضحيتها نيف وألف من الأبرياء الا نتيجة لهذه الحرب الدعائية التي أطلقها الإرهابيون بوجود حزام ناسف بين الزائرين مما دعاهم للتزاحم والتدافع ثم الموت خنقاً او غرقاً . وتسري في بلادنا الإشاعات كالنار في الهشيم للظروف القلقة التي يعيشها على مدى عقود متواصلة من الخوف والقتل والحرمان والفقر نتيجة السياسات الخاطئة والظالمة عبر كل تلك الحكومات ولا تكلف الدوائر الدعائية نفسها شيئاً سوى انتقالها بين الناس وربما زادوا عليها كل حسب خياله وأهوائه. نقل عن احدهم وكان يعمل في اجهزة النظام السابق عن سرعة انتشار الاشاعة والدعاية المظللة فيقول : أردنا ان نعرف سرعة انتشار الشائعة فقمنا بعملية تدريبية على ذلك وقمنا بتوزيع عناصرنا في مختلف محافظات العراق ثم اطلقنا الإشاعة في مرآب (العلاوي والنهضة) فبمجرد وصول تلك السيارات المنطلقة من هذين المرآبين الى تلك المحافظات وصلت تلك الشائعة ، هذا الحال في زمن (صدام ) حيث بطء وسائل النقل وتعثر وسائل الاتصال فكيف بنا الان وقد غزانا (الموبايل) وقد صار في يد الصغير قبل الكبير فكم تحتاج احدى الشائعات للوصول الى كافة الناس؟. ويذكر (غوبلز) وزير الدعاية في عهد هتلر دعم النازية بقوله:( ينبغي ان نبحث عن الاقليات الموتورة وعن الزعماء الطموحين الفاسدين وذوي العصبيات الحادة والميول الإجرامية فنتبناهم ونحتضن أهدافهم ونهول مظالمهم ونهيج أحاسيسهم بمزيد من الدعاية والشائعة) ( مدخل في الرأي العام والإعلام والدعاية ص/48). ويبدو ان هنالك الكثيرين من تلاميذ هتلر الذين يسيرون على خطاه خطوة خطوة ولازالوا تلاميذ اوفياء لمدرسته ونهجه ولازالوا يطلقون بين الفينة والاخرى اكاذيبهم وينفثون شرورهم في المجتمعات وقد قطعوا شوطاً كبيراً في اجرامهم ولكن يبقى الرد الاعلامي الناجح والسريع هو الرادع الكبير لهذه المواجهة الخفية التي تديرها المؤسسات الاستخبارية ويبقى وعي المواطن ترساً لمثل هذه الحروب النفسية وان يتاكد من اي خبر يسمعه قبل ترويجه ونقله للأخرين وان لايكون اداة طيعة بيد هذا وذاك يتخذه غرضاً من حيث يعرف او لا يعرف.
#يحيى_حسين_زامل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|