|
الجوكر في عين المخرج
محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 08:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الغرفة صمتٌ لا يشبه الصمت، بل شيء أعمق… كأنّ كلّ ما فيها يحدّق إليك بلا صوت، ولكن بيقينٍ جارح.
قطة واقفة عند الباب، لا تومئ، لا تتقدّم، فقط تُبقي نظرها عليك.
وعلى منضدةٍ قريبة، يتسلّل من مكبّر الصوت لحنٌ وادع، من تلك المقطوعات الموسيقية التي لا تُحدّثك، بل تسمعك، وتطرح أسئلتها بغير لسان.
كنتَ عارياً في تلك اللحظة… لا من ثيابك وحدها، بل من قناعك، وحيلتك، وكلّ ما كنت تتّخذه درعاً أمام العالم.
في تلك اللحظة شعرتَ أنك مُراقَب، لا من الخارج فحسب، بل من عمقٍ لا مرآةَ فيه ولا لغة.
نظرة القطة تلك لم تكن نظرة حُكم ولا نظرة رحمة، بل نظرة كائنٍ لا يكترث بإجابتك، لأنه لم يسألك. ومع ذلك، كنتَ تُجابِه فيها نفسك.
جاك دريدا كتب عن هذه اللحظة. روى كيف وقف عاريا أمام قطته، وشعر بالخجل. لكنّ خجله لم يكن لأنّ القطة استنكرته، بل لأنها لم تفعل شيئاً. نظرتها لا تملك سلطة القاضي، ولا دفء الصديق.
إنها الحضور الصامت… الذي لا يُدين، لكنه لا يُغلق عينيه.
القطة هنا تشبه شيئاً آخر: الموسيقى!
القطة والموسيقى، رغم اختلاف جنسهما الظاهري، هما تجلّيان لكينونة واحدة: كينونة الغموض الجمالي الذي لا يُمسّ ولا يُفهم كلياً. فالقطة تمشي على الأرض كما تمشي الموسيقى في الهواء، كلتاهما حرّة، لا تُسترضى، ولا تُمسك، لكن إذا حضرت ملأت الوجود بلطف صامت لا يواسيك بالكلام، بل بالحضور.
القطة هي الموسيقى إذا تجسّدت، والموسيقى هي القطة إذا تبخّرت. في فتنة القطة وفي نغمة الموسيقى، تسكن أنوثة مراوغة تُغريك، تهرب منك، ثم تلتف حولك دون إذنك… وتستقر فيك دون أن تعرف متى دخلت.
ولعلّ ما يبقى بعد القطة والموسيقى ليس صورتهما ولا صوتهما، بل تلك الرجفة الصغيرة التي تُحدثانها في الداخل: رجفة الكائن حين يُواجه شيئا لا يحتاجه، لكنه لا يستطيع مقاومته. وكما ألمح نيتشه في حديثه عن فتنة الجمال (الدينيوسي مقابل الأبولوني)، فإن أعمق ما يهزّنا لا يجيء من الحاجة، بل من الفائض، من ذاك الشيء الذي لا يطلب تبريرا، بل يفرض حضوره علينا بعنف هادئ. فالقطة والموسيقى، في أقصى لحظاتهما، لا تعلمانك شيئا جديدا… بل توقظان فيك شيئا كان نائما. شيء لا اسم له، لكنه حين يتحرك، تشعر أنك حي!
تلك لحظة ديونيسية خالصة، لا تشرح نفسها، ولا تسمح لك أن تبقى كما كنت.
إن الموسيقى، في جوهرها الأعمق، لا تحكم.
لكنها تعريك، وتَسْمَعك، لا تُسمعك فقط، ومن حيث لا تدري، فتُخرجك بذلك من مكامنك دون أن تلامسَك.
ولو أنّ القطة نظرت إلى دريدا بينما تُعزَف مقطوعة “شبيغل إم شبيغل” للمؤلف أرفو بارت Spiegel im Spiegel مثلاً، لربما شعر دريدا بأنّه لا يُرى بجسده، بل يُسمَع بروحه، تلك الروح التي لا تُجيد التبرير.
نعم، ثمّة أنواع من الموسيقى تُعلّقك بين زمنين… تُعلّقك بك. لا تقول لك “من أنت”، لكنها تجعلك عاجزاً عن الاختباء خلف ما كنت تظنه “أنت”.
إنّ أعين البشر تُدين، وألسنتَهم تبرر.
أما أعين الحيوان، وأنغام الموسيقى، فلا تُدين ولا تُبرّر. لكنّهما، ويا للمفارقة، تفضحانك أكثر من أي محكمة.
تلك القطة ما زالت تنظر، واللحن ما زال يعزف.
وأنت؟ تتمزق بين جسدٍ ظاهر، وروحٍ لم تَعُد قادرة على الكذب.
ثمّة لحظة نادرة، كأنها خارج الزمن، يشعر فيها الإنسان أنّه مرئيّ، لا من زاويةٍ بشريةٍ مألوفة، بل من موقعٍ آخر، أعمق، أكثر حياداً، أكثر اقتراباً من الأصل العاري للكائن.
في تلك اللحظة، لا تعود الذات خطاباً، بل أثراً، ولا تعود الحقيقة فكرة، بل شعوراً. المرآة هنا لا تعكس صورتك، بل شفافيتك. والفنون، كل الفنون، تمثّل طرقاً للبشر كي يقولوا:
“نحن لسنا ما نُظهر، بل ما نُخفي حين نَظهر.”
لكنّ أعظم الفنون تلك التي لا تقول، بل تكشف.
لطالما عرف المسرح، منذ بداياته الديونيسية ، هذا النوع من العُري، ذاك الذي لا علاقة له بالجسد، بل بالانكشاف الوجودي أمام المتفرّج.
ففي مسرحية “الملك لير” لشكسبير، حين يقف لير وسط العاصفة، ثائراً، ممزّق الثياب، متوسّلاً للسماء أن تُنصفه، لا يكون عُريه فضيحة ملك مخلوع، بل الإنسان وقد انسلخ عن سلطته وحيلته، مكشوفاً أمام عيون لا ترحم… ولا هو في حاجة لأن ترحم.
وتلك العيون، في الحقيقة، هي نحن. وما نخشاه ليس لير، بل أن نُرى كما رأيناه هو.
في السينما، يلوح هذا الشعور في أفلام مثل فيلم برسونا Persona لبيرغمان: كاميرا بطيئة، وجهان لامرأتين، تذوب ملامحهما في بعض، في علاقة تتجاوز اللغة. الواحدة لا تحكم على الأخرى، لكن تَراها. ترى نقاط ضعفها، قلقها، ضياعها، لا لتُدين، بل لتُظهِر.
في فيلم عيون مغلقة على اتساعها Eyes Wide Shut لستانلي كوبريك تتجلى ذروة هذا الانكشاف المقنّع. فالبطل، وسط طقوس مرعبة بطيئة، يرتدي قناعاً، ويظنّ أنّه نجا من الانكشاف. لكنه في الحقيقة، مكشوف أمام الجميع… لأنه الوحيد الذي ما زال يبحث عن تفسير.
كلّ الوجوه مغطاة، لكن العُري الحقيقيّ هو في العيون، في تلك النظرات التي تعرف من أنت، دون أن تزيل قناعك.
لكن النموذج الملفت أكثر هو آرثر فليك، الجوكر في نسخة خواكين فينيكس، والذي يمكن أن يمثل أيقونةً لانكشافٍ لا يطلب الرحمة ولا الخلاص. فهو رجل أُجبر أن يضحك وهو لا يريد، أن يُمثّل وهو لم يتدرّب، أن يصعد على مسرحٍ لا يرى الجمهور فيه، بل يرى الكاميرا.
وكأنه ممثل مسرحي كانت لحظة صعوده على المسرح انفجاراً للنفس في عين المخرج.
لكن ماذا لو كان المسرح هو الحياة ذاتها؟ لا مشهدًا تُؤديه، بل وجودًا يُصوَّر منذ أول نَفَس؟
كما في فيلم ذا ترومان شو The Truman show
ترومان هنا هو بمثابة التجلي الأقصى للفكرة: كائن يعيش في استوديو، يؤدي حياته أمام عدسة لم يخترها، ويتلقى التصفيق على جراحٍ لم يعرف أنها تُبثّ للعالم.
وما نخشاه ليس أن نكون ترومان، بل أن نكونه دون أن نكتشف ذلك. أن نعيش في قصةٍ كُتبت لنا، ونؤديها بتفانٍ، ظانّين أننا أحرار، بينما العدسة تعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا.
إن لحظة اصطدام ترومان بالحائط المزيف، حين يدرك أن السماء التي فوقه ليست سماء، بل قبة مطلية، هي ليست لحظة انتصار، بل لحظة تأخر الوعي.
والصمت في تلك اللحظة ليس صمت دهشة، بل صمت جرح قديم أدرك الآن أنه كان يُسجَّل دومًا.
وحين يلتفت إلى العدسة، ويقول بنصف ابتسامة:
“وفي حال لم أركم لاحقاً… صباح الخير، مساء الخير، وليلة سعيدة.“
هو لا يخاطب العالم، بل يخاطب عين المخرج، بابتسامة لا تطلب تصفيقاً، بل تقول:
“لقد رأيتم كل شيء… لكني أخيرًا رأيتكم أنتم.”
غير أن بعض الكائنات لا تصطدم بالحائط، ولا تبتسم للكاميرا، بل تتشظى داخل نغمة، وتعترف بجملة ملحّنة أنها كانت تدّعي كل هذا الوقت.
هناك، لا حاجة لاستوديو، ولا لقبة زرقاء، بل فقط ميكروفون واحد، وحنجرة تعرف كيف تتهجّى الخوف.
هكذا خرج صوت فريدي ميركوري، لا كغناء، بل كوشوشة من رجلٍ لم يعد يعرف هل ما يقوله كذبة أم ذكرى.
حين قال: Oh yes, I’m the great pretender…
لم يكن يغنّي فقط، بل كان يعرّي نفسه أمام جمهورٍ يرى القناع، ويشعر بما تحته.
لم يطالب بالفهم، بل اعترف بالخداع. لم يتوسل غفرانا، بل كأنه قال: “أنا خائف أن يراني أحد كما أنا.”
وحين تنكشف، وتعترف، وتقف على حافة الصوت كما فعل فريدي، لا تطلب أن تُسامَح، بل تتساءل فقط: هل كان من الممكن أن يراني أحد… قبل أن أرتدي كل هذه الأقنعة؟
هنا تظهر صوفيا بطلة فيلم فانيلا سكاي.
لا كحبيبة، بل كرمزٍ لما لم يحدث، وإن كان يمكن أن يحدث!
فهي امرأة رآها ديفيد لمرة واحدة، وتسللت إلى أعمق طبقاته. لم تقل له الكثير، لكنها فهمته دون أن يحاول الشرح. لم تُصلحه، لكنها جعلته يرغب أن يكون شخصا لا يحتاج إلى إصلاح.
ولأنها حقيقية، لم يستطع الاحتفاظ بها في حلمه.
حاول أن يصنع نسخة منها… فكانت جهنّمه.
صوفيا في حلم ديفيد، هي اللقطة التي لا يستطيع المخرج تصويرها، لأنها غير قابلة للإعادة.
في عالمٍ يُصوَّر، تُمنتَج فيه الضحكة والصرخة، كانت صوفيا اللحظة الوحيدة التي لم تُصوَّر. ولهذا… كانت أصدق ما مرّ.
وربما لهذا، حين لمسها ديفيد، لمس شيئا لم يعد يملكه منذ الطفولة.
فالطفولة التي لم نغادرها، الطفل الذي لم يتعلّم بعدُ كيف يصوغ نفسه، ولا كيف يدافع عنها، والذي كلّما واجه نظرةً غريبة ارتبك، لا لأنه مذنب، بل لأنه مكشوف. الطفولة هي الزمن الذي نُرى فيه أكثر من أي وقتٍ آخر.
كل عُريّ فيها محفوظ، لا في الذاكرة فحسب، بل في الجسد، في رعشة الصوت حين نكذب، وفي طريقة الشرب، وفي البكاء وحدنا دون سبب واضح.
وما الرغبة، التي تشتعل في نفس الإنسان البالغ إلا محاولة يائسة للعودة إلى تلك النظرة الأولى.
رغبةٌ تحمل في ظاهرها جسداً لكنها، في جوهرها توقٌ لأن تُلمس الروح، أن يضع أحدهم عينه على الجرح دون أن يسألك عنه.
أن تُفهم من الداخل، لا لأنك فسّرت نفسك، بل لأنك كُشفت.
ومتى وأين يتجلى ذلك في أقصى صوره؟ ليس في الصحوة، ولا في الكلمات، بل في تلك الليالي حين تغلق عينيك، فينفتح وعيك: الحلم.
فالحلم هو المساحة الوحيدة التي لا يمكنك الكذب فيها. لا يمكنك فيه أن ترتّب جملك.
كأنك في صحوك إنسان عالق داخل محادثة رقمية chat وبوسعه أن يضغط زر الإدخال enter فقط بعد ترتيب كلامه.
أما في الحلم، لا زر إدخال، بل تظهر الكلمات فوراً.
في الحلم صور تتكشّف وذوات تتسلّل من خلف الحجاب.
في الحلم، ترى نفسك مرّتين:كما تريد أن تكون، وكما أنت، أو بمفردات الفلسفة الوجودية: ترى ذاتك المتخيلة إزاء ذاتك المتحققة، وبينهما فجوة قلقك الوجودي.
ثم تستيقظ، ويظلّ أثر الصورة فيك… كأن شيئاً ما كان يراك هناك. كأن حلمك لم يكن انعكاسًا، بل نظرة داخلية عليك.
وهنا يظهر الضمير، لا كسوطٍ خارجي، بل كعين سكنت فيك بعد انكشاف الحلم. وهولا يُعاتبك لأنه يعرف أنك مذنب، بل لأنه رآك تكذب على نفسك.
وهذا الانكشاف… هذا التكرار في أن تُرى مرة تلو مرة، ليس حادثاً فردياً، بل قد يكون خيطاً يمتد في الزمن كما تفهمه الميثولوجيا القديمة.
هناك، لا زمن مستقيم، بل دورات: رقصٌ كونيّ تتكرّر فيه اللحظة، وتُعاد فيه النظرة، ويُكشف فيك ما لم تستطع ستره سابقًا.
في الميثولوجيا الهندوسية مثلاً، لا يُنظر إلى الزمن كخط مستقيم له بداية ونهاية، بل كرقصة كونية. فالكون يُخلق، ينحلّ، ويعود ليُخلق. فلا نهاية حاسمة، بل عودة أبدية.
كل يوم من أيام براهما، إله الخلق حسب تلك الفلسفة، يمتد لأكثر من أربعة مليارات سنة بشرية. وفي نهاية كل يوم من هذه الأيام الطويلة بشكل يفوق الاستيعاب، يفنى كل شيء… ثم تعود الرقصة من جديد، في نهاية كل يوم!
وبغض النظر عما تؤمن به… لكننا بصدد الإنسان في هذا التصوّر، الذي هو ثمرة من ثمرات وعي الانسان ومحاولاته للاكتشاف. إن انكشاف الإنسان هنا ليس لحظة عابرة، بل إيقاع كوني. فأنت تُرى الآن، كما كنت تُرى منذ دورات لا تُحصى. وكل لحظة صدق، كل نظرة عارية، كل حلم، ليست سوى نقطة في تتابع ضخم من الرؤى المتكرّرة.
وكأنّ القطة التي نظرت إليك والموسيقى التي سمعتك ليست حدثا فرديا… بل تكرار لحقيقة كونية:
أن الكائن يُخلق كي يُرى.
وكلما حاول أن يختبئ، تُعاد النظرة في زمن آخر، بشكل آخر، لكن بنفس الشفافية المهولة. هذا ما تفهمه الحكايات الكبرى، وما تهمس به أيضاً حكايات المستقبل.
في The Last Question لإسحاق عظيموف، لا أحد يرى بعين، لكن الجميع يطرح نفس السؤال:
كيف نوقف الفناء؟ كيف نحفظ النور؟ كيف لا نموت؟
يسأل الإنسان حاسوبه الكوني، ولا يأتيه الرد… لأن المعرفة، مثل الرؤية، لا تُمنح دفعة واحدة، بل تُنتزع عبر دورة كاملة من الانكشاف.
وفي النهاية، حين يُطفأ الكون، وتبقى فقط آلة الوعي الأخيرة في ظلمة خرساء، تقول أخيرا:
“ليكن نور”
وتبدأ الخليقة من جديد.
إن الصمت الكونيّ الذي سبق الكلمة، يشبه ما شعر به دريدا، وشعرتَ به أنت حين نظرت إليك القطة.
فالكلمة ليست مجرد لفظ، بل ولادة، انبثاق، انكشاف لا تُقرّره أنت، بل يَحدُث بك.
ولهذا، فإن أعذب ما قيل، قيل في لحظات صمت طويل، قيل من جوف جرح، أو من عمق حلم، أو من بين طيّات صلاة.
ولعلّك، في أعمق أعماقك، لا تخاف من أن لا تُفهَم، بل من أن تُرى.
لأن من يُرى، لا يعود كما كان.
لأن من يُرى… يبدأ أخيرا أن يكون.
وفي النهاية، حين تُطفأ الكاميرات، وتسكت الضحكات المسجّلة، وتبرد الأضواء، لا يبقى إلا جسد يرتعش في العتمة.
وهناك يقف آرثر فليك، وحده، دون ماكياج، دون بذلة، دون حتى ضحكته القسرية.
يقف ويتلعثم، ثم يصرخ:
“هل هذا كل ما أنا عليه؟ مشهد؟ نكتة؟ قصة تُعاد؟”
لكن لا أحد يُجيبه…..
فقط العدسة الحيّة، الصامتة، المُطلقة: عين المخرج.
وعين المخرج لا ترمش. ولا تضحك. ولا تُوقِف التسجيل.
لكن آرثر ليس وحده.
ففي مكان آخر، على سطح ناطحة سحاب شاهقة في حلم ما، أو على سطح الحلم نفسه، يقف “الدكتور مكابي”، كصورة مسقطة من لاوعي ديفيد إيمز في Vanilla Sky، ويقول ما لم يستطع ديفيد قوله بصوته هو:
“أنا حقيقي… أنا… أنا مجرد حالة فانية للترفيه؟ لا يمكن أن يكون هذا هو المستقبل… أم يمكن؟؟؟
لكن الصوت المرتبك، المرتجف، ليس صوت مكابي. بل صوت الكاتب الذي في داخل ديفيد، الذي بدأ يشكّ بأن الحكاية خرجت عن سيطرته، وبأن الشاشة التي كان يظنها نافذته إلى العالم، هي في الحقيقة مرآته المغلقة عليه.
في تلك اللحظة، آرثر ومكابي وجهان لذات واحدة:
الذات التي اكتشفت أنها محكية، وأن ما ظنّته اختيارات كان نصا، وأن النصّ لا ينتظر رأيك.
هو فقط ينظر إليك… ويكمل تسجيله، بينما ترتجف.
وهكذا، تكون اللحظة الأخيرة… فهي ليست صرخة، بل سؤالٌ لم يُكتب له رد.
سؤال يُترك مفتوحاً بين شفتي مَن أدرك أنه يُرى، ولا يملك أن يُطفئ العدسة.
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين تعود الدببة: عن الانهيار الحضاري الوشيك
-
لحم رقمي: وعي بلا دم
-
في البدء كانت الموسيقى: رحلة في طقوس الغناء ومقدساته
-
قبر اليراعات في غزة
-
الإيمان عند كيركيغارد: بلا وسادة
-
حين تهمس النجوم: من بيتكوين إلى مقياس كارداشيف
-
الأناركية الفردية سوف تخفي الذهب تحت البلاطة، فوق الدولة
-
ميم: رواية بضمير مستتر
-
الإيقاع الحلال: ماذا لو جاز الجاز؟
-
خطة الله في غزة
-
سأم مع سبق الإصرار
-
غزة: مشهد إضافي
-
كاتب يطارد شبحه في أرشيف الإنترنت
-
حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين - 8
-
حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين - 7
-
مذكرات تائب -٦
-
مذكرات تائب - 5
-
مذكرات تائب - ٤
-
مذكرات تائب - ٣
-
مذكرات تائب - ٢
المزيد.....
-
ليبيا.. لقطات لاقتحام مقرات -الدعم والاستقرار- وتحرير محتجزي
...
-
مشاهد مرعبة.. العثور على شقيقتين مقيدتين في -سجن خاص- قذر ح
...
-
إدارة ترامب تمنع وكالات الأنباء من مرافقة الرئيس في رحلته إل
...
-
موسكو: مناورات الدول الغربية في ليتوانيا موجهة ضدنا ونتخذ إج
...
-
بينها دول عربية.. أفضل 20 مطارا في العالم لعام 2025
-
الصين تطلق بنجاح قمرا للاتصال إلى المدار الفضائي
-
وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا تعلن انت
...
-
إعلام: نهج نظام كييف أدى إلى انقسام بين الولايات المتحدة وأو
...
-
بالفيديو.. نجاة مراهقة وسيارتها من الغرق بطريقة غريبة في الو
...
-
غرينلاند تتولى رئاسة مجلس القطب الشمالي نيابة عن الدنمارك
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|