أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال














المزيد.....

الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 17:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن الحرب النفسية يوما غريبة عن أدوات الاحتلال الصهيوني في تعامله مع شعبنا الفلسطيني، بل إنها لطالما شكلت جزء مركزيا من استراتيجيته القمعية، خاصة داخل السجون.
واليوم، تعود مشاهد هذه الحرب بوجه أكثر بشاعة مع قيام مصلحة السجون الصهيونية بتعليق صورة للدمار الهمجي الذي ألحقته آلتهم الحربية الجبانة بقطاع غزة على جدران السجون، كتب عليها عبارة "غزة الجديدة" ويظهر الأسرى وهم مكبلي الأيدي ويجلسون على الأرض أمام تلك الصورة، في مشهد يعيدنا إلى صفحات سوداء في تاريخ إدارة السجون.

هذه الخطوة التي وصفها البعض بـ"غير المسبوقة" ليست في الحقيقة سوى امتداد لسياسات قديمة لطالما استخدمها الاحتلال لتدمير الروح المعنوية للأسرى، وتجريدهم من الأمل والثبات.
وتعليق الصور التي توثق مشاهد الخراب في غزة أمام الأسرى، وخاصة أولئك الذين شاركوا في عمليات المقاومة في السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ ليس إلا وسيلة من وسائل الإذلال النفسي المقصودة.
فحين يرى الأسير الدمار الذي لحق بأهله وأرضه ومدينته، يجتمع عليه قيد السجن وقيد العجز ، والهدف من هذا الفعل الإجرامي، أن يشعر الأسير أن المقاومة لا تأتي على أهلها إلا بالدمار والقتل.

وهذه الأساليب القذرة ليست بالجديدة كما ذكرنا، فمنذ بدايات الاحتلال وإدارة السجون تستخدم الصور والعبارات وغيرها من الأدوات للتأثير على نفسية الأسير.

فخلال انتفاضة ١٩٨٧ وانتفاضة ٢٠٠٠، كانت إدارة السجون تعرض على الأسرى مشاهد يظهر خلالها قمع التظاهرات بأشد الطرق والأساليب أو هدم منازل ذويهم.

كما وكانت تُستخدم هذه المشاهد خلال التحقيق معهم كوسائل ضغط نفسي تُضاف إلى التعذيب الجسدي.
وقد تم توثيق عدد من الشهادات عن غرف تحقيق وُضعت فيها صور لمنازل عائلات الأسرى مدمّرة أو تحت التهديد، في محاولة لتفتيت صلابتهم وكسر إرادتهم.

وعودا إلى الصورة آنفة الذكر، لا يسعنا إلا أن نقول أن هذا الفعل المشين يأتي من قبل إدارة السجون في وقت يعيش فيه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، واحدة من أقسى مراحلهم التاريخية، حيث يتعرض القطاع لأبشع أنواع التدمير والقتل الجماعي والحصار والتجويع والنزوح المتكرر، في ظل صمت دولي وعربي مخز.

وتستغل دولة الاحتلال بكل وقاحة وصلافة هذا الواقع لتضرب الفلسطيني من الداخل، بدءا من أضعف حلقاته، أي الأسرى في سجونها والذين يتجاوز عددهم العشرة آلاف، من بينهم مئات الأطفال والنساء والمرضى.

وتعليق مثل هذه الصور لهو انعكاس لفكر استعماري يعتبر الفلسطيني عدوا حتى وهو خلف القضبان، ويستحق المزيد من القمع حتى في أقسى ظروفه.
إنها رسالة متعمدة ترسلها دولة الشتات للأسير، كأنها تقول له من خلالها...

"نحن نستولي على أرضك، وندمر شعبك، ونسجنك، وأنت هنا عاجز لا تملك من أمرك شيئا."

لكن ما تغفله هذه السياسة، أن الأسرى الفلسطينيين هم في طليعة المقاومة، وأن الوعي الذي يحملونه لا يتفتت أمام صور الدمار والقتل، بل يتحول في كثير من الأحيان إلى وقود للثبات والصمود.
ومن المعروف على مر تاريخ الأسرى بأنهم حولوا السجون إلى مدارس نضال، وعلموا الأجيال كيف يحفظون الهوية حتى من خلف القضبان.

إن ما تفعله دولة الاحتلال المزعومةاليوم هو استكمال لمشروعها الاستعماري الذي لم ينجح طوال أكثر من سبعة عقود في كسر إرادة الفلسطيني. وهذه الصور، مهما كانت مؤلمة، ستبقى شاهدة على الجريمة، وستتحول من أداة قمع إلى دليل إدانة في ذاكرة التاريخ.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة


المزيد.....




- الكشف عن المسؤول الأمريكي الذي سيقود المحادثات التقنية مع إي ...
- موسكو: الهجوم الأمريكي على ميناء رأس عيسى في اليمن غير مبرر ...
- -أكسيوس- يكشف تطورات وتفاصيل المفاوضات النووية بين إيران وال ...
- زيلينسكي: كييف غير قادرة على تنفيذ بعض المقترحات الأمريكية ل ...
- خبير أمريكي: زيلينسكي سيهرب من أوكرانيا في حال أعلنت كييف اس ...
- منصب جديد لتركي آل الشيخ في السعودية
- 30 قتيلاً على الأقل في ضربات إسرائيلية على قطاع غزة، والجيش ...
- بريطانيا تفتح باباً على سوريا... من هي الوجوه والكيانات المس ...
- ترامب غاضبًا من الغارات الروسيّة على كييف: فلاديمير توقّف عن ...
- بعد ضغوط -سومار- – حكومة إسبانيا تلغي عقد تسلح مع شركة إسرائ ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال