أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟















المزيد.....


هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اللا مركزية نظام إداري يقوم على توزيع السلطة بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية أو الإقليمية. تُخصص فيه بعض السلطات للحكومة المركزية، بينما تحتفظ الحكومات المحلية بسلطات أخرى، وفقاً لما ينص عليه الدستور.
يهدف النظام اللا مركزي إلى الحفاظ على التنوع الثقافي والإثني في المجتمع وتوفير التنسيق في القضايا التي تتطلب تدخلاً مركزياً، مع الحفاظ على بعض الاستقلالية للمناطق المختلفة.

نشوء اللا مركزية وتاريخها والدول التي تعتمدها
ظهر مفهوم اللا مركزية في العصور الحديثة، خاصة في القرن الـ 20، حيث بدأت دولٌ عديدة في تطبيقه لتوزيع السلطات بشكل يضمن تمكين الحكومات المحلية من إدارة شؤونها.
وعلى الرغم من أن اللا مركزية لا تعني تقسيم البلاد إلى كيانات مستقلة تماماً كما في الفيدرالية، إلا أنها تهدف إلى منح المناطق المختلفة مزيداً من الاستقلالية في اتخاذ القرارات التي تهمّها.
وهناك العديد من الدول التي تطبق هذا النظام اليوم، من أبرزها فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، واليابان. وبعض الدول العربية أيضاً، تطبق أشكالاً منه، مثل المغرب، والجزائر، وتونس، والعراق.

هل اللا مركزية مناسبة للحالة السورية؟
خلال حقبة (الأسدين)، اعتُمد نظام الإدارة المحلية، الذي ظل في الغالب شكلياً، حيث لم يُمنح للمناطق المحلية صلاحيات حقيقية في إدارة شؤونها. وعلى الرغم من وجود هيئات محلية (منتخبة) مثل المجالس البلدية والمحافظات، فإنها تفتقر إلى سلطة اتخاذ القرارات أو تخصيص الموارد، حيث تظل القرارات مركزية وتصدر من العاصمة دون مراعاة لاحتياجات المناطق، وهذا يحدّ من استقلالية المناطق ويؤدي إلى تآكل الثقة بينها وبين الحكومة المركزية. أضف إلى ذلك، أن هذا النظام غالباً ما يُسهم في تفشّي الفساد على مستوى الإدارات المحلية، حيث تُوزع الموارد وفقاً للولاء السياسي بدلاً من الحاجة الفعلية، ما يفاقم تدهور الخدمات العامة.
وبعد اندلاع الحراك الشعبي في سوريا عام 2011، شهدت البلاد بعض التجارب في هذا الصدد، حيث أُسست الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا. وإلى حدّ ما، كانت هناك تجربة مشابهة في محافظة إدلب، حيث شكّلت "حكومة الإنقاذ" بعد سيطرة فصائل عسكرية إسلامية عليها مثل "هيئة تحرير الشام". كما ظهرت تجربة أخرى في الجنوب، مثل محافظة السويداء.
وتُعدّ تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا من أبرز التجارب في البلاد، خاصة أن هذه المنطقة تضم مكونات قومية ودينية متعددة من (الكرد، والعرب، والسريان، والآشور، والتركمان، والشركس، والأرمن...). وقد حرصت الإدارة الذاتية في مشروعها على إشراك جميع المكونات في مؤسساتها العسكرية والمدنية دون تمييز.
وأعتقد شخصياً أن مفهوم "الرئاسة المشتركة" الذي تعتمده الإدارة الذاتية يُعدّ حالة فريدة من نوعها على مستوى العالم، خصوصاً من حيث مشاركة المرأة في قيادة جميع المؤسسات بنسبة 50%. وهذه سابقة نادرة في التاريخ ربما.
بالطبع، لا تخلو أي تجربة من السلبيات، خاصة إذا كانت حديثة العهد، ومن الضروري دراسة هذه التجربة وتقييمها للاستفادة من إنجازاتها.

العوامل التي قد تجعل اللا مركزية صعبة التطبيق في عموم سوريا:
- جهل عدد كبير من السوريين بمفهوم اللا مركزية: ويعود ذلك إلى التعتيم الإعلامي على الجوانب الإيجابية للتجربة، مع التركيز على مساوئها كما يراها البعض.
- المخاوف من الانفصال: يعرب البعض عن قلقهم من أن يؤدي تطبيق نظام اللامركزية إلى تقسيم البلاد، بحيث ستسعى مناطق معينة مثل كردستان سوريا نحو الاستقلال، مما يهدد وحدة الوطن. إلا أن هذه المخاوف لا أساس لها، حيث إن جميع الأحزاب الكردية تؤكد التزامها بوحدة سوريا وترفض الدعوات للانفصال، مُصرّة على أن اللامركزية لا تعني تقسيم البلاد بل هي وسيلة لتعزيز الحكم المحلي وحقوق جميع المكونات السورية ضمن إطار الدولة الواحدة.
- التدخلات الدولية: في ظل الوضع الدولي المعقد في سوريا، حيث تتداخل مصالح القوى الأجنبية مع تطلعات الشعب السوري. قد تدعم أو تعارض القوى الدولية المختلفة تطبيق اللا مركزية لأسباب سياسية أو استراتيجية.

كيف يمكن طمأنة السوريين في تبنّي اللا مركزية؟
طمأنة السوريين في قبول اللا مركزية واعتمادها تتطلب شفافية في طرح الفكرة، وضمانات سياسية وقانونية تضمن عدم تحوّل اللا مركزية إلى خطوة نحو الانقسام أو تهديد وحدة البلاد.
وبما أن اللا مركزية قد تثير بعض المخاوف في بداية الأمر، فيمكن أن يتم الانتقال إلى النظام اللا مركزي بشكل تدريجي، من خلال مراحل محددة تكون واضحة للجميع، بحيث يتأكد المواطنون من أن هذه العملية تسير بشكل آمن، ودون تغييرات مفاجئة قد تثير القلق.
ولمّا كان بعض السوريين يتوجّسون من مصطلح "اللا مركزية"، فيمكن استبداله بمصطلح اعتادوا عليه، كقولنا مثلاً: "نظام الإدارة المحلية الموسّعة".
وهناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها طمأنة السوريين:

- التوضيح بأن اللا مركزية ليست مرادفة للتقسيم، بل تعني توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، ما يتيح لكل منطقة حرية في إدارة شؤونها المحلية دون تهديد لوحدة الدولة.
- إدراج ضمانات أو قوانين في الدستور لضمان أن النظام اللا مركزي لا يؤدي إلى تهديد لوحدة البلاد، ومن الممكن أن يتم تحديد صلاحيات الحكومة المركزية بوضوح في القضايا الحساسة مثل السياسة الخارجية، والأمن القومي، وتوزيع الموارد الحيوية مثل المياه والنفط، بحيث تظل هذه الملفات تحت إشراف الدولة المركزية مع تمكين المناطق في القضايا المحلية.
- يجب أن يتضمن النظام اللا مركزي آلية واضحة لتوزيع الموارد الطبيعية والمالية بشكل عادل بين المناطق. وهذا سيضمن أن المناطق الأقل تطوراً أو التي تعاني من نقص في الموارد ستحصل على الدعم اللازم لتطوير بنيتها التحتية وزيادة فرص التنمية.
- الاستئناس بتجارب دول نجحت في تطبيق اللا مركزية كتجربة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك العراق، بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، أو حتى تلك التي اعتمدت الفيدرالية مثل سويسرا التي أسهمت في تعزيز الحكم المحلي، وسمحت بأن يكون للمواطنين دور أكبر في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم اليومية، وهذا بدوره يسهم في تعزيز الشعور بالانتماء والمشاركة الفعّالة في الحياة السياسية.
- يجب أن يتضمن النظام اللا مركزي آليات خاصة لحماية حقوق الأقليات في كل منطقة. وهذا يضمن أن المناطق التي تتمتع بتركيبة سكانية متنوعة (مثل الكرد، والمسيحيين، والدروز وغيرهم) سيكون لديهم تمثيل مناسب في الحكومة المحلية ولن يُهمّشوا في عملية صنع القرار.
بالإجمال، يعتمد نجاح اعتماد اللا مركزية في سوريا على الثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف في البلاد. وإذا قدّم النظام اللا مركزي بوصفه وسيلة لتحقيق الاستقرار والعدالة، مع ضمان حماية وحدة البلاد، فمن الممكن أن يكون هذا النموذج مصدراً لحل النزاعات وتحقيق تطلعات السوريين في مستقبل آمن ومزدهر.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذاهب مختلفة وقلوب واحدة
- العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية
- إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي
- مستقبل غامض لملايين السوريين تحت حكم هيئة تحرير الشام
- وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء
- أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي ...
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا
- هل يحق لحكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع ما قامت به حتى ...
- حين يصبح نشر الغسيل تهمة
- هل ستعيد حكومة تصريف الأعمال عجلة الزمن إلى الوراء؟
- مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية


المزيد.....




- فرقة -البيتلز- تفوز بجائزة غرامي بعد 5 عقود على تفككها
- الشرع في أنقرة: زيارة ثنائية ورهانات إقليمية
- مصدر: لقاء ترامب ونتنياهو سيكون -ملحميًا- بسبب غزة وإيران وا ...
- ما هدف تعميق نفوذ تركيا العسكري بسوريا؟
- هل يريد ترامب شراء أوكرانيا؟
- على خطى ترامب.. أكبر أحزاب ألمانيا يسعى لتشديد سياسية اللجوء ...
- مسؤول أميركي يتوقع استئناف ترامب -الضغط الأقصى- على إيران
- تقرير إسرائيلي: زيادة دراماتيكية بعمليات المقاومة خلال عامين ...
- ويتكوف ووالتز: نبحث مع الشركاء نقل سكان غزة ويمكننا التوصل ل ...
- -ماذا تقصد بآسف؟-.. عائلة فلسطينية تطالب بالعدالة بعد مقتل ط ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟