|
أزمه المياه في إقليم كوردستان / العراق (الأسباب والحلول) / الجزء الاول
خالد محمود خدر
الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 08:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة: تعرّف الأزمة المائية على انها خلل في التوازن بين الموارد المائية المتجددة والمتاحة والطلب المتزايد على المياه الذي يتمثل بظهور عجز في الميزان المائي يتزايد باستمرار، وبمرور الزمن يؤدي إلى أزمة كبرى ينتج عنها إعاقة التنمية المائية خاصه في البلدان التي تفتقر إلى كميات كافية من المياه لسد حاجاتها البشرية والزراعية ، كما تؤدي إلى تغييرات خطيرة في البيئة.
بداية يمكن اعتبار الحديث عن أزمة المياة في إقليم كردستان يمثل نموذجا عن الحديث عن أزمة المياه في عموم العراق ، وتعتبر السدود الكبيرة المنشأة في الإقليم بمثابة الخزين الاستراتيجي للمياه في العراق. مع أن الأزمة في الإقليم أقل بكثير من مثيلتها في عموم العراق.
يواجه اقليم كردستان والعراق بأسره ومنذ أكثر من عقدين أسوأ فترات الجفاف (كما حصل في السنوات:1999، ،2000 ، ،2001 2009، 2011 ،2021 ، 2022) بالاضافه الى ما يؤشر بوضوح في السنه الحاليه 2025 قلة الكميات المطرية الساقطة.
بدأت معاناة إقليم كوردستان من ازمه المياه منذ سنوات وان كان وقعها أقل بالمقارنة مع بقية مناطق العراق بحكم وجود عيون و منابع لقسم من الروافد الصغيرة فيه. و لكن وقع ذلك سيكون كبيرا ، بمجرد أن تنتهي تركيا من بناء السدود المخطط لها ضمن مشروع الجاب وغيره ، بالإضافة إلى خطط إيران المماثلة على نهر الزاب الأسفل ونهر سروان وغيرهم من الروافد.
إن ازمه المياه سوف لا تقتصر على كمياتها فقط ، بل على درجة خطوره نوعية المياه المتاحة للاستخدام والتي سوف تطلق من السدود المقامه في تركيا وايران ، بسبب ما ستحويه من ملوثات وتلوثات ( pollutions and contaminations ) ناتجه عن انخفاض كميه وسرعة تدفق المياه في نهر دجلة وروافده ، إذا اتبعت تركيا وايران سياسة الصرف (Drainage) للمياه المخزنة في سدودها او المطلقه من مشاريعها الاروائيه، حيث ستزداد نسبة الملوحة في المياه المطلقه من السدود المقامه بعد أن تصل الى العراق اضعاف ما هو مسموح دوليا للاستخدامات المختلفه.
في السنة الحاليه 2025 قد يكون اقليم كردستان وعموم العراق قريباً من خط الفقر المائي حيث ستنخفض الحصة السنوية للفرد إلى 776 م 3 فقط وفق دراسات سابقة ، وذلك بعد أن كانت الحصة السنوية للفرد أكثر من 18000 م 3 في الخمسينيات من القرن الماضي. وهذا الأمر يمكن ملاحظته بعمق إذا استمر انحسار الامطار على الإقليم.
أسباب أزمة المياه (The Reasons of Water Crisis): ساهمت عدة عوامل في ظهور أزمة المياه الحالية ، التي كان لها تأثير كبير على الموارد المائية في إقليم كردستان وعموم العراق.
هذه العوامل هي: 1- الإجراءات المنفذه والخطط التنفيذية المزمعة لإقامه مشاريع الموارد المائية في دول الجوار (تركيا وإيران).
تتسبب السياسة المائية لدول الجوار في العقود الماضية لإقليم كوردستان والعراق بأسره معاناة كبيرة من نقص في الموارد المائية بسبب التخزين والاستخدام المكثف لموارد المياه المشتركه إلى جانب الجفاف.
وتبرز نتائج السياسة المائية للدول المجاورة في الحالات التالية: أ- انخفاض منسوب المياه في أنهار العراق بسبب السدود ومشاريع موارد المياه الأخرى التي أقيمت على طولها من قبل هذه الدول. ب- تعرض تدفق المياه إلى إقليم كردستان إلى توقف من قبل إيران ، حيث جف كل من نهري ألوند وقوراتو منذ قرابة أربعة أعوام ، وتعرض نهر سيروان إلى الانقطاع في السنه 2022 ،كما تعرض نهر الزاب الى تراجع مستوياته بدرجه كبيرة سنه 2024 حدا تسبب بمحدوديه ما توفر من مياه لأغراض الري ، مع بدمار بيئه عدة مناطق يمر فيها ، مثل منطقه قلعه دزة.
2- تغير المناخ والاحتباس الحراري تسبب التغير المناخي والعوامل الاخرى في قلة سقوط الأمطار خلال السنوات الماضية في الإقليم ومنها المنطقة المحيطة بمدينة أربيل التي وصلت كميات الأمطار الساقطه إلى اقل عن 50٪ من المعدل السنوي للأمطار الساقطة. في يوم 8 شباط 2022 صرح محافظ اربيل ان المحافظه ستعاني من جفاف في الصيف القادم اذا لم تتخذ الاجراءات اللازمه. اما في هذا الموسم المطري2024/ 2025 فكميات الامطار الساقطة ولغاية كتابة هذه السطور في الثاني عشر من كانون الثاني قليلة جدا في اقليم كردستان ، وان ما سقط من امطار في الاقليم على قلته اقل بكثير من ما سقط في مناطق وسط وجنوب العراق ، التي تصنف اصلا كمناطق جافة إلى شبه جافه ، مما يعطي مؤشرا واضحا للتغير المناخي والاحتباس الحراري في الاقليم ومعه مناطق كبيرة ممتدة من شمال سوريا وجنوب تركيا حتى شمال ايران.
3 - سوء إدارة الموارد المائيه بسبب سياسات المياه العراقية منذ تسعه عقود: أ- في الوقت الذي كانت فيه القدرات والإمكانيات متوفره وكانت الحاجة ملحه لبناء سدود بأحجام خزن مختلفة خلال هذه الفترة لتقليل تأثير ازمه المياه ، هناك نقص في المرافق الكافية حتى الآن لتخزين المياه في مناطق كثيرة مناسبة. واكثر المشاريع التي نفذت في الستينات وقبلها كان يغلب عليها التغلب على مشاكل الفيضان مثل سدة سامراء وقناة التحويل إلى بحيرة الثرثا. كما أن أغلبية المشاريع المائية التي وضعها مجلس الاعمار أواسط الخمسينات في العهد الملكي لم تأخذ أكثرها طريقها إلى التنفيذ لحد الآن ، و حتى سد الموصل الذي اكتمل انشاىه سنه 1986 قد تم انشائه في موقع أعلى من الموقع الاصلي المقترح في الخمسينات في اسكي موصل لاعتبارات غير هندسية ، في وقت اكدت فيه الشركات المصممه والمنفذه أن الموقع الجديد الحالي يحوي طبقات جبسية قابلة للذوبان في الماء ، ولا تصلح أن ينشأ عليها السد وأنه بنائه فيها سيكلف كثيرا لوجوب حقن هذه الاساسات باستمرار بالكونكريت السريع التصلب طوال عمر السد الذي لا يزال موضوع الحديث عن خطورته وإمكانية صموده مستقبلا. كما لم يتم الاخذ بالاعتبار قيام دول الجوار مستقبلا باستغلال فرص وظروف تغير المناخ لتحويل وخزن عوائد المياه الأنهار المشتركه في أراضيها عبر اقامه مئات السدود ، في وقت كانت اراضي العراق الصالحة للزراعة بحاجة ماسة لإقامة مشاريع الخزن هذه لضمان استغلالها باحسن وجه ، ليفاجئ العراق هذه الأيام بأن تلك الأراضي الصالحة للزراعة قد قلصت إلى الحدود الدنيا مع أزمة المياة وتحكم دول الجوار بهذه المياه.
ب - لم تنقطع تحذيرات وزارتي الموارد المائية في اقليم كوردستان وبغداد في السنوات الماضية من فجوة المياه بين العراق ومصادر دول النهر والتي ستؤدي الى كارثة انسانية واقتصادية خطيرة. ولكن التحذيرات لا تكفي والمسأله كبيرة وتحتاج الى مزيد من القرارات والمفاوضات الجاده وإدخال الأمم المتحة في الموضوع والاستفاده من خبراتها في حل مسائل مماثله. ج- توجد مفاوضات ثنائية بحجم الازمه بين العراق والدول المشتركه في احواض الانهار من أجل وضع اتفاقية مائية عادلة يمكنها حل النزاعات المائية بين هذه الدول.
د- إهدار الثروة المائية نتيجة طرق الري القديمة والتبخر: يستهلك العراق أكثر من 63٪ من موارده المائية في الزراعة دون تلبية احتياجاته المحلية من المحاصيل ، وغالباً ما يعتمد على الواردات من الخارج ، مما يعني أن هناك هدر مائي لا يقابله غزارة في الإنتاجية نتيجة استخدام طرق الري القديمة.
ه- بسبب تأثيرات المناخ ، وتناقص المياه ، انخفض الإنتاج الزراعي بنحو 40٪ منذ عام 2014. ويقدر البنك الدولي أن ثلثي مزارعي العراق كانوا قادرين على الوصول إلى مصادر الري قبل ذلك العام ، ولكن بعد ذلك ، انخفضت هذه النسبة إلى 20٪ فقط ، مما تسبب أيضًا في خسارة 75٪ من الماشية. مع ملاحظه ان الزراعة تشكل حوالي 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي وتساهم بحوالي 20٪ من سوق العمل. و- يخسر العراق سنويا نتيجة التبخر لارتفاع درجات الحرارة نحو 14.7% من مخزوناته المائية، وهو معدل مرتفع جدا قياسا إلى معدلات الاستهلاك الأخرى. بحيرة الثرثار في محافظة الأنبار غربي العراق (وهي الخزان المائي الطبيعي الأعظم في العراق) تهدر تبخرا أكثر من 50% من مياهها المخزونة.
ز- بسبب تأثيرات المناخ ، وتناقص المياه ، انخفض الإنتاج الزراعي بنحو 40٪ منذ عام 2014. ويقدر البنك الدولي أن ثلثي مزارعي العراق كانوا قادرين على الوصول إلى مصادر الري قبل ذلك العام ، ولكن بعد ذلك ، انخفضت هذه النسبة إلى 20٪ فقط ، مما تسبب أيضًا في خسارة 75٪ من الماشية. مع ملاحظه ان الزراعة تشكل حوالي 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي وتساهم بحوالي 20٪ من سوق العمل.
ح- يخسر العراق سنويا نتيجة التبخر لارتفاع درجات الحرارة نحو 14.7% من مخزوناته المائية، وهو معدل مرتفع جدا قياسا إلى معدلات الاستهلاك الأخرى. وكمثال نجد أن بحيرة الثرثار في محافظة الأنبار غربي العراق (وهي الخزان المائي الطبيعي الأعظم في العراق) تهدر تبخرا أكثر من 50% من مياهها المخزونة.
ط- بسبب التبخر يهدر في منطقة الأهوارجنوب العراق (كنموذج) وهي أكبر مسطحات مائية طبيعية في الشرق الأوسط نحو 75 متر مكعب بالثانية يوميا. اي ضياع 4.5 مليارات متر مكعب من المياه جرّاء التبخر وارتفاع الحرارة في صيف 2017 فقط وفق الاداره المحليه في الناصريه. ى- بسبب تأثيرات المناخ ، وتناقص المياه ، انخفض الإنتاج الزراعي بنحو 40٪ منذ عام 2014. ويقدر البنك الدولي أن ثلثي مزارعي العراق كانوا قادرين على الوصول إلى مصادر الري قبل ذلك العام ، ولكن بعد ذلك ، انخفضت هذه النسبة إلى 20٪ فقط ، مما تسبب أيضًا في خسارة 75٪ من الماشية.
ك- بسبب التبخر يهدر في منطقة الأهوارجنوب العراق (كنموذج) وهي أكبر مسطحات مائية طبيعية في الشرق الأوسط نحو 75 متر مكعب بالثانية يوميا. اي ضياع 4.5 مليارات متر مكعب من المياه جرّاء التبخر وارتفاع الحرارة في صيف 2017 فقط وفق الاداره المحليه في الناصريه. ك- بسبب تأثيرات المناخ ، وتناقص المياه ، انخفض الإنتاج الزراعي بنحو 40٪ منذ عام 2014. ويقدر البنك الدولي أن ثلثي مزارعي العراق كانوا قادرين على الوصول إلى مصادر الري قبل ذلك العام ، ولكن بعد ذلك ، انخفضت هذه النسبة إلى 20٪ فقط ، مما تسبب أيضًا في خسارة 75٪ من الماشية.
4- يساهم النمو السكاني في إحداث ازمه المياه من خلال تأثيره في زياده إمدادات المياه: تضاعف عدد سكان العراق اربع مرات بين عامي 1977 و2025 ليبلغ عدد السكان 45 مليون نسمة تقريبا في هذه السنه وفق التعداد السسكاني في تشرين الاول 225 مما زاد الطلب وزاد الضغط على الموارد المائية المتاحة، ونفس الشيء يمكن أن يقال عن تأثير الزيادة السكانية لإقليم كردستان.
ب. د. خالد محمود خدر استاذ جامعي
#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يبقى العالم المنشود هو العالم الذي تجمعه القيم والفضائل الإن
...
-
فقدان الارادة بين الانتظار واتخاذ القرار يفقد الإنسان الكثير
...
-
هكذا ينبغي ان تكون وتبنى النفوس ليرتقي الجميع بأنفسهم ومجتمع
...
-
كن منشدا للسلام لتببني جسوراً من الفهم المتبادل لردم الخلافا
...
-
محبتك للناس تبدأ بمحبتك لنفسك ليسهل انتدابها للأعمال الجليلة
-
عش كل يوم من ايام حياتك كيوم جديد وسيكون هكذا
-
قراءة لدروس الحياة في محطاتها
-
الأخلاق في الميزان بين المنصب و العلم والمال
-
وقفة تأمل مع الساعات الأخيرة التي تسبق حلول رأس السنة الميلا
...
المزيد.....
-
-قريبون جدًا لكننا بعيدون-.. جيك سوليفان يعلق لـCNN على مدى
...
-
الصين: انطلاق موسم الصيد الشتوي في بحيرة بوستن.. مزاد واعد و
...
-
زيلينسكي مستعد لمقايضة أسرى كوريا الشمالية واستخبارات بيونغي
...
-
ما وراء استراتيجية أردوغان المزدوجة تجاه الأكراد؟
-
كايا توضح شروط أوروبا لرفع العقوبات عن سوريا
-
نائبان لبنانيان يعلنان انسحابهما من الترشح إلى رئاسة الحكومة
...
-
-رفض عرضنا بغرور-.. زيلينسكي يصعد لهجته ضد رئيس وزراء سلوفاك
...
-
كندا ترسل 60 رجل إطفاء للمساعدة في إخماد حرائق كاليفورنيا
-
روسيا تحتل المرتبة الثالثة بين القوى البحرية الرائدة حول الع
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة تم إطلاقها من اليمن
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|