|
ماذا يحضر من مخططات ومشاريع للنظام المغربي ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7906 - 2024 / 3 / 4 - 15:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما أقدمت عليه الجزائر بفتح مكتب للجمهورية الريفية بعاصمتها ، ينذر بأيام صعبة ، وتبقى المنطقة معرضة لحرب لن ينجو منها احد بسلام .. فمن يقف وراء التصعيد بالمنطقة ، واكاد اشم رائحة قصر الاليزيه ، Le palais de l’Elysée وتل ابيب ، والاتحاد الأوربي الذي عزل نظام الملك محمد الساس ، للإجهاز عليه ، لانهم لا يريدونه ، ويحضرون الاستمرارية مع ملك اخر اكثر محبا للثقافة الغربية واكثر حداث وديمقراطية . ما حصل بالجزائر لم يكن بالأمر العادي ، بل جاء وقته ، وشروطه متوافرة بكثرة ، من بينها الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة بالمغرب ، التي ستسمح بمثل هذه الخرجات الخطيرة ، خاصة وان المؤشرات الرائجة ، تنبئ بحصول نزول مفاجئ شروطه متوافر ، للمواطن المقهور الى الشارع ، وتحويل النزول الى هبّة شعبية قد تتطور الى الانتقال الى درجة ثورة ، عندما ستشتغل بهذا الحدث جماعات الإسلام السياسي ، والجماعات الماركسية ، طبعا مع تحفيز الانزال وتثويره بنوع الشعارات التي ستتردد ، والمادة الخام لهذا النزول ، وتحويل وجهته من المطالبة بالعيش الكريم ، الى المطالبة بالنظام وبرأس النظام .. ومن مؤشراته ان النظام المغربي بلغ من الضعف حده الأقصى ، وبالنسبة للنظام الجزائري العليم بهذا التقييم ، فان الظرف مواتي الآن ، ويجب استغلاله ، من جهة لإسقاط النظام ، ومن جهة لإضعاف المغرب الذي سيصبح قطرا صغيرا ، بخروج الجمهورية الريفية ، وتوظيف نضال الريفيين العنصريين ، في تسهيل خروج الجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها نظام محمد السادس شخصيا ، ومن ثم حسم الصراع الأيديولوجي والعقائدي بين النظامين المغربي والجزائري ، لصالح النظام الجزائري ، ( القوي ) بأسلحته بالمنطقة . لقد تأكد تحليلنا لطبيعة الصراع بين النظامين المتعارضين ، في ان الصراع الذي يدور بالمنطقة ، منذ سنة 1962 ، هو صراع ليس من اجل الحدود ، بل هو صراع من اجل الوجود ، أي نكون او لا نكون .. واستغلال الجزائر لكل هذه العناصر الخطيرة ، في مواجهة المغرب الأيديولوجي الامبراطوري ، دليل ساطع على نوعية الصراع الذي يبقى صراع وجود ، وطبعا من سيحسم صراع الوجود ، يكون قد حسم صراع الحدود .. ان ما اقدم عليه النظام الجزائري ، وبالملموس ، لأنه تحرك من الأرض ، يكون قد وجه ضربة لدعاة الجمهورية القبائلية ، وتكون تصريحات عمر هلال بالاعتراف الصريح بجمهورية القبايل ، ودراعها العسكري والسياسي " الماك " ، قد فقد بريقه ووزنه ، عندما ظلت شعارات مساندة الجمهورية القبائلية ، ومساندة " الماك " ، مجرد شعارات فارغة من أي مضمون تنظيمي ، ومضمون أيديولوجي وحضاري ، لان هنا يحصل التلاعب بالتاريخ للاستهلاك السياسي ، دون ان ينجح عمر هلال في تنزيل دعوة الاعتراف بجمهورية القبايل الجزائرية ، والاعتراف ب " الماك " على الأرض . فالتهديد بالشعارات ، ليس هو تنزيل الشعارات على الأرض . والنظام الجزائري الذي يخوض حرب الوجود ، يكون بفعلته هذه ، قد عرى عن صراع الحضارات ، وصراع الأيديولوجيات ، ويكون المدخل طبعا من بوابة الصحراء ، ومن بوابة الريف مناصرة للجمهورية الريفية كجمهورية انفصالية في خدمة المخططات الامبريالية . واني لا اكاد أصدق ، تورط يد قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، في هذا المخطط انتقاما للرئيس Emanuel Macron ، من محمد السادس الذي شعر بالإهانة من زرع البوليس السياسي المغربي ، لنظام Pegasus في هاتفه ، وفي هواتف مسؤولين فرنسيين . وهو نفسه البرنامج الذي تم زرعه في هاتف Pedro Sanchez ، وهواتف مسؤولين اسبان كبار .. من درجة وزير الدفاع ، ووزيرة الخارجية ... ففرنسا وبالضبط قصر الاليزيه ، Le palais de l’Elysée ، ومنذ غضبة الرئيس Emanuel Macron ، وقطع العلاقات الشخصية مع محمد السادس ، والتزامه لإسرائيل بعدم معاقبة الشخص او الجهة التي تقف وراء غرس نظام Pegasus ، وهو يتحرك رويدا رويدا ، بطريقة انتقامية من الملك محمد الساس ، وهذا الانتقام ظهر في محطات كثيرة ، وموضعه ، الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء الغربية في حضيرة الاتحاد الأوروبي ، او بالأمم المتحدة ، حيث فرنسا دولة تتمتع بحق الفيتو ، مما يسمح لها ومن داخل مجلس الامن ، بالتصرف الانتقامي من محمد السادس ، ومن نظامه الذي تراهن على تغييره . ومثل فرنسا العميقة التي تكون قد تصرفت بواع أيديولوجي ، وبوعي مصلحي ، تصطف تل ابيب الذي يهمها من نظام محمد السادس ربط علاقات معه ، دون ان تتعدى ذلك الى نوع النظام القائم . فمثل فرنسا العميقة ، التي تبحث عن تجاوز نظام محمد السادس ، وتجاوز محمد السادس شخصيا ، تذهب إسرائيل الى ابعد من ذلك ، حين تفرش لإمكانية اشعال حرب بالمنطقة ، بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، على طريقة الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات خسرها الجميع ، واصبح الجميع مرتهنا للشركات العابرة للقارات ، لإعادة البناء من جديد .. فإسرائيل تبحث عن اسقاط كل الجزائر وليس فقط نظامها ، وفرنسا العميقة تبحث عن اسقاط محمد السادس واسقاط نظامه . وفي كلا المشروعين ، فأسقاط الجزائر يريح الدولة العبرية ، وسقوط محمد السادس يريح الدولة الوصية فرنسا .. فهل ما قام به النظام الجزائري ، هو تصرف جزائري الذي يخوض حرب الوجود ، ام انّ يدي فرنسا تبقى ثابتة ، سواء حصل اتفاق مع الجزائر او لم يحصل قط . ام ان التقاء المواقف من النظام المغربي ، هي التي سمحت بالقول باليد الفرنسية ، فرنسا العميقة فيما حصل .. ان تعويل النظام الجزائري على موقف فرنسا العميقة ، لربح حرب الوجود ، لا اعتقد وجود عمل قاعدي بين الجزائر العاصمة وبين باريس ، لكن التقاء مصالح الدولتين من النظام المغربي ، سهل التكهن بمثل هكذا تنسيق ، وانْ لم يرق فعلا الى مستوى التنسيق ومستوى التنظيم . وهنا لابد من الاخذ بعين الاعتبار موقف تل ابيب ، من نزاع الصحراء الغربية ، وهو موقف غامض ، لان الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء الغربية ، لم يحصل رسميا ، فهو لم يكن ثمرة مجلس الوزراء الإسرائيلي ، لكنه اعتراف احادي الجانب ، ليس فيه ما يدل على اعتراف تل ابيب بمغربية الصحراء . فالموقف الإسرائيلي كان شبيها بموقف Trump من الاعتراف بمغربية الصحراء ، في المدة الزمنية القليلة من مغادرته البيت الأبيض . وقد جاء الرئيس John Biden ، عندما الغى اعتراف Trump الغير دستوري ، ويرجع الى الانطلاقة الأولى لحرب الصحراء في سنة 1975 ، مركزا على تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء ، طبعا لقد تم تعيين Staffan de Mistura الذي أصبحت مكانته تشبه مكانة Christopher Rous ، أي الفشل في انجاز المهمة التي انيطت به عند التعيين . ان اقدام النظام الجزائري الذي يخوض حرب الوجود ، على فتح مكتب باسم الجمهورية الريفية ، مع ترديد النشيد الوطني الريفي ، ورفع راية الجمهورية الريفية ، ليس بالعمل العادي ، بل نه عمل خطير سيساهم في ضرب عروبة المغرب ، وعروبة الجزائر ، لصالح المشروع الصهيوني الامبريالي ، الذي يشتغل من طلوع الفجر والى غياب الشمس ، للتسبب في حرب بين النظامين ، المغربي والجزائري ، لتدمير القطرين ، وارتهان المنطقة بالكامل ، بالمخططات الجهنمية لحفدة Shayks et Picot ، لتجزئة المجزئ ، تقسيم المقسم ، كما حصل في الشرق سورية ، العراق ، ليبيا ، السودان ، اليمين ... الخ .. فتغليف هذا المشروع الامبريالي والصهيوني ، بطابع الوطنية ، والانتصار الى العرق والاثنية ، سيصاب بالفشل ، مثل الفشل الذي أصاب تجارب ومحاولات سابقة .. " الظهير البربري " . ورغم الاختباء وراء تنظيم سياسي ، باسم " الحزب الوطني الريفي " ، فان مصير الحزب المتصهين ، و مصير المجلس الوطني الريفي ، سيكون هو مصير حركة 18 شتنبر الجمهورية لسعيد شباعتو ، التي ابانت عن خيانتها ، خلال اوج حراك الريف الذي رفعت فيه رايات الجمهورية الريفية بالألاف ، الى جانب راية العميل الصهيوني Jaque benêt ، الذي رسم راية ( الامازيغ والبرابرة ) ب La fourchette ، و " المدْرَة " التي يستعملها الفلاح التقليدي في تصفية الزرع من التبن .. ان فرنسا العميقة التي تحتضن جمهورية القبايل ، وتحتضن " الماك " ، فشلت في اختراق المجتمع الجزائري ، عندما ظل القبائليون مرتبطين بالمجتمع الجزائري وبالدولة الجزائرية ، مثل ان دعوات فرنسا العميقة ، لنصرة التجزئة بتدعيم الأقليات ، وتشجيع الاثنيات ، تكون قد فشلت ، عندما ظل مستجابا لمثل هذا الدعوات ، العنصريين من كلا الفريقين المغربي والجزائري .. فهل ستنجح هذه الحماقة التي حصلت بقلب الجزائر ، باسم الجمهورية الريفية ، في شق صف الشعب المغربي ، كما فشلت مخططات القابيل الجزائرية ، وفشل " الماك " في تحقيق ما عجز الاستعمار تحقيقه ، وهو وحدة الشعوب ووحدة الأرض ؟ في سنة 1986 ، كنت بباريس بمعهد الإدارة الترابية . ونظرا لحاجتي عن أشياء نسيتها ، قالت لي المسؤولة عن وجودي ، وهي اطار عالي في الوظيفة العمومية الفرنسية : لماذا لا تثورون على العرب المحتلين لبلادكم ؟ . وتبين انّ الدعوة لحرب أهلية مغربية / مغربية ، كانت منظمة على مستوى المعهد ، وليس نزوة طائشة لبعض الفرنسيين بالمعهد .. في فرنسا يكفي ثلاثة اشخاص لخلق اطار بربري ، فيبدأ بتحصيل الدعم ، وكل ما تحتاجه الجماعة ، فيكفي فقط الصراخ بالانفصال عن العرب ، واستقلال المناطق البربرية ، كالريف مثلا .. ان فرنسا تحتضن " جمهورية القبايل " و " الماك " . ومن قلب فرنسا يكون فتح مكتب لجمهورية الريف ، بالعاصمة الجزائرية ، والاعتراف الجزائري الفرنسي بالجمهورية الريفية ، عملا مخابراتي اشتغلت عليه الأجهزة ، سواء نسقت بينها ، او حصل التصرف صدفة ، ليبقى سلوكات واطروحات الفرنسيين ، ليس هي سلوكات واطروحات الجزائريين . وللإشارة فكندا سبق وان طالبت بالاعتراف بالجمهورية القبائلية الجزائرية ، ب " الماك " ، والاتحاد الأوروبي غدا اذا نجحت المبادرة الفرنسية في التأثير في المجتمع الجزائري ، فان الاتحاد سيعترف بالجمهورية القبايلية و" الماك " صراحة .. ونفس الشيء بالنسبة للجمهورية الريفية ، وبالنسبة لحركة 18 نونبر التي تلقى الدعم من الدولة الهولنية .. ان فتح التراب الجزائري ، لإعلان الاعتراف بالجمهورية الريفية الانفصالية ، هو عمل صبياني غير مسؤول .. وتبقى نهايته الفشل الذريع ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تدعم فرنسا واسبانيا حل الحكم الذاتي في نزاع الصحراء المغر
...
-
برنامج حركة 3 مارس / إحدى وخمسين سنة مرت على ثورة فشلت من يو
...
-
الثورة المغربية . يوم ثار الثوار المغارية
-
الملك محمد السادس الغائب
-
ثمانية وأربعين سنة مرت على انشاء الجمهورية العربية الصحراوية
...
-
هل تبخر والى الابد ، مشروع الدويْلة الفلسطينية المنزوعة السل
...
-
نزاع الصحراء الغربية بين الجمهورية الموريتانية والنظام المزا
...
-
نزاع الصحراء الغربية والقضاء الأوروبي
-
الخطاب الأيديولوجي السياسي
-
جمهورية دبلن ايرلندة تستقبل الجمهورية العربية الصحراوية
-
عندما خرج الشعب يتظاهر من اجل كرامته وحقوقه وبالدولة الديمقر
...
-
الكتلة التاريخية الجماهيرية ، قنطرة الوصول لبناء الدولة الدي
...
-
اشكال القهر والحكم في النظام السياسي العربي
-
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، السيد - ستيفان د
...
-
اعوجاج في نزاع الصحراء الغربية
-
الملك ودعوة إرحل
-
هل ستندلع حرب أمريكية إسرائيلية مع الجمهورية الإيرانية
-
بين محكمة العدل الدولية ، والمحكمة الجنائية الدولية
-
النظام المخزني السلطاني يتودد ويستعطف الدولة الموريتانية
-
في دولة الملك ، ودولة أصدقاء الملك ، ودولة اعز أصدقاء الملك
...
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|