أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي














المزيد.....

تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7888 - 2024 / 2 / 15 - 22:52
المحور: الادب والفن
    


النص الرمزي يعطي للشاعر مساحة واسعة من البوح، وكذلك من تكثيف المعاني ورسم الصور الشعرية، بجزالة وحدّة لغوية تضاهي البيان المنوط بالقصيدة العمودية التي يكتبها كبار شعراء الشعر العمودي الكلاسيكي. إذن الرمزية تلعب دور هام في قصيدة النثر، بالإضافة إلى اللغة المكثفة، إذ هي الأخرى تُعدّ العمود الفقري لقصيدة النثر، وإذا فقدت هذان العنصران ستصبح في عداد الموتى، لا روح ولا حياة بها. لذلك يحرص الشاعر، كل الحرص، على ترميم ذاكرة اللغة وتنشيطها، الذاكرة الخاصة بهذا الفن الابداعي، كما يوغل بالخطاب الرمزي، ولا يتهاون أبدًا في ذلك، لكي يبقى نصه متماسكاً، يقف شامخا على ضفة الابداع.
الشاعر حميد الساعدي في نصه الموسوم "ستكون معي" أغرق نصه هذا برمزية عالية فضفاضة، وكثف – بما أراد من تكثيف – من الصور واللغة البيانية، حتى ظهرت لنا لغة شعرية باذخة، وفي ذات الوقت جعلت القارئ يتذوّق جمالها بلسان إحساسه قبل لسان ذوقه وعاطفته، ويعيش معها للحظات من الشغف لا يضاهيه إحساس آخر، يصاحبه تماهي بنشوة من ودٍ عذب يحرّك مشاعر جياشة وصادقة ومعبّرة.
إذ نقرأ قوله:-
" ستكون معي
كموسيقى الصباح
التي أفتقدها منذ زمن
لأن صباحاتي لا تجيد الإنصات
لنغمةٍ هائلة المعنى"
وكما نلاحظ، هنا، في هذه الجُمل من الصور الرمزية التي رسمها الشاعر في نصه البديع هذا، وبعناية فائقة، كقوله: // وكما وردةٍ أغرقها الحنين// صباحاتي لا تجيد الإنصات //وأنا أحاول اللحاق بحرفٍ يحضننا معاً// حين أشاكس آنية الزهر// خرافتي ما عادت مجدية//.
وللخوض في تفاصيل النص، ومحاولة تحليله وفك رموزه، نرى إنَ الشاعر يعيش حالة استثنائية نفسية، ينتابه فيها حنين جارف إلى ذلك الكيان الذي أخذ يشغل باله، ويؤرق مضجعه، وهو شعور دائما ما يحس به الإنسان: الوله، الوامق، ذا العاطفة الجياشة، والاحساس الشاهق، وهو، مع ذلك، له ثقة عالية تقرع ناقوس حنينه بين الفينة والأخرى، وواثق بأن ذلك، الذي أسميناه "كيان" أي الحبيب الغائب، بأنّه سيظل بجانب ظله الشاخص بقربه، يتحسسه بل ويتنفس عطره عن بُعد، رغم البِعاد وفارق الطريق، الذي ضرب اطنابه في دائرة محدودة من الغياب. وذلك ما يعترف به الشاعر نفسه حين يقول: " لأن خرافتي ما عادت مجدية/ في اختراق الغياب". والغياب عند الشاعر يعني قطيعة مفروضة أبعدت قلبين، تجمعهما ألفة وتبادل مشاعر مشتركة، حتى نبضهما ينبع من مصب واحد، ومن شعور واحد، كأنهما قلب واحد؛ وهو ما يحصل عادة للقلوب الصافية التي لا تكدرها مكدرة، ولا يشوبها نكوص يخلُّ بشروط التصاف التي بٌنيت عليها المحبة والاخلاص.
وأخيرًا.. نجد أنّ النص متماسك ومبني بناءً سليما، وفيه حرفية عالية، لا تحركها الرياح العاتية من الاسقاطات المبتذلة، ولغته جميلة وخالية من الاسفاف والزوائد، والكلمات المُلغزة الجافة، بل تسود النص جزالة في المعاني، وثمة انسيابية جعلت من البوح يتعاطى والشاعر، بحيث كانت الجُمل الخلابة.
*النص:-
ستكون معي
كما كتاب
على رصيفٍ
لباعةِ الكتبِ الشعبية
وكما وردةٍ
أغرقها الحنين
في دفتر مذكراتٍ قديمة
أو كلوحةٍ
تبعثرت ألوانها بتقادمِ الأيام
ستكون معي
كموسيقى الصباح
التي أفتقدها منذ زمن
لأن صباحاتي لا تجيد الإنصات
لنغمةٍ هائلة المعنى
ستكون معي
وسط ارتباكاتي الكثيرة
وأنا أحاول اللحاق
بحرفٍ يحضننا معاً
وسط هذا الخراب
ستكون معي
حين أشاكس
آنية الزهر المُتعطّش للماء
أو أكتب عن ذكرياتي مع الأموات
بلهفةِ من يشتاق عودتهم
ولا أفلحُ بترتيب صورهم في الذاكرة
ستكون معي
لأن خرافتي ما عادت مجدية
في اختراق الغياب
وهو ينسجُ خيوطه
ليلف الوجع
برغباتٍ قاحلة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرمزية الباذخة في نص (وحدهم يعبرون الجسر) للشاعر التونسي ال ...
- تجلي المعاني السامية في نصوص الأديب صابر المعارج
- التمنيّ (في مدينة السلام) نص باسمة العوام
- مصاحبة الذوق بهتك الانفعال في (ذاكرة بين ضفاف دجلة) للقاص كر ...
- حول تقرير كريم جبار الناصري
- الناقد والقاص علي عبد الرضا
- المعنى والرمز في نص(يوم في العاصمة) للشاعر علاء سعود الدليمي
- قصة (آنو) للكاتب علي عبد الرضا: أصل الشرور وفساد الآلهة
- (خيانات متجدّدة) يدفع فاتورتها الشاعر خضير الزبيدي قراءة تأو ...
- (الطريق) رائعة القاص محمد جبر حسن ضنك الواقع وضبابية المصير
- الإنسان المسحوق في (يوميات قميص) للقاص كامل الدلفي
- مكلبون داود السلمان والنجاة من الحرب بأعحوبة
- (غواية حلم) للشاعر عدنان جمعة تلاقح المنعى بالوضوح
- (فحيح) رمزية القاص عبد الرزاق السويراوي - قراءة تأويلية -
- الشاعر عبد الحسين العبيدي والتلاعب بمفردات الهمس
- علي الوائلي في نصه (صمت) يشخّص حالة الوعي والانقلاب الفكري
- رسائل إلى الله!.. الرسالة (1)
- الأسئلة الفلسفية في قصيدة (زمن قميء) للشاعر أحمد مانع الركاب ...
- القاص حميد عمران الشريفي أمام وجوه راقصة
- مدينة الشاعر خالد القطان تأكل عيون ابنائها!


المزيد.....




- مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة ...
- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي