أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7866 - 2024 / 1 / 24 - 20:48
المحور:
الادب والفن
ظهرت المطربة الكبيرة نجاة اول أمس فى حفل في السعودية ، وكان ظهورها مفاجأة سارة لعشاقها ، وهم بعشرات الملايين علي طول الأرض العربية ..
اولا هم اطمئنوا عليها وعلي صحتها ، وثانيا أنها أرجعتهم إلي زمن كان للكلمة فيه معني ، وللحن الجميل أذن تسمع وتقدر ، وللصوت الرائع من يستمع إليه بإكبار وإجلال ..
ولست مع من يقول لماذا ظهرت نجاة ولديها الآن ٨٦ سنة ، أما كان من الاولي أن يحتفظ الناس لها بصورتها القديمة !!
وأصحاب هذا الرأي لا يعرفون أن عمر الإنسان مراحل ، وأن الشيخوخة - كما الطفولة - مراحل طبيعية في عمر الكائن الحي ، لا يصح أن يخجل منها إنسان ، فهي النهاية الطبيعية لأي بشر ، وهي الفصل الأخير قبل نزول الستار ..
وبالتالي فحبس أي انسان في بيته لا يخرج منه حفاظا على صورته القديمة شئ في منتهي القسوة ، وتعامل مع مرحلة عمرية يمر بها أغلب البشر وكأنها عورة يجب أن تداري عن العيون !!
وهو منطق غريب وغير انساني ..
وفي الغرب مثلا يظل الإنسان ، وخصوصا رجل أو سيدة العمل العام - سواء في الفن أو الرياضة أو السياسة أو الصحافة أو الأدب - يؤدي دوره علي مسرح الحياة تفاعلا وظهورا حتي تأتي ساعة القدر المحتوم ...
لقد كان هنري كيسنجر يظهر علي شاشات التلفزيون متحدثا ومناقشا وعمره فوق ١٠٠ عام .. وكسينجر - الذى توفي العام الماضي - هو آخر مثال في قائمة طويلة ..
وظل نجيب محفوظ يكتب ويظهر مع الناس - حتي عندما ضعف سمعه جدا - حتي وفاته بعمر ٩٤ سنة ، وظل محمد حسنين هيكل يظهر متحدثا ومناقشا بحيوية وعمره ٩٢ عاما ..
وظلت ام كلثوم تغني حتي قبل وفاتها بسنتين فقط ..
ولكن نحن الحضارة التي عرفت - من آلاف السنين - فن التحنيط ، ويبدو أننا لم تكتفي بممارسته بعد انتهاء الحياة ، ولكن نريد تحنيط الناس أثناء حياتهم ..
ظهور الفنان أو الكاتب أو المبدع ، والذى كان له دور مقدر في حياة وطنه وسيلة لتواصل أجيال المبدعين ، ومعني لاستمرار الحياة وتواصلها ...
والسيدة نجاة مع السيدة فيروز ، هما كل ما تبقي معنا على قيد الحياة من أصوات عظيمة ، ومن حقبة شهد فيها فن الغناء العربي ذروة تألقه ..
تحية للفنانة الكبيرة نجاة - صوت الحب وقيثارته - مع ظهورها المتجدد .. وانعم الله عليها بالصحة والسلامة والسعادة ...
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟