فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 15:01
المحور:
الادب والفن
الهرمنوطيقا- كما يلاحظ ريدجر بوينر*1- تحاول تجاوز حالة الاغتراب وعدم الثقة، باستيعاب ما ينتمي إلى المرء أو بتجاوز المسافة التي تفصل بين المفسر وما يراد تفسيره.
والحالة المعتادة لعدم الألفة هي المسافة الزمانية: فالأشخاص يصبحون على غير ألفة بالنسبة لبعضهم بعضًا بمرور الزمن، والأعمال الفنية تتراجع مع ازدياد المسافة التاريخية،
والنصوص الت كتبت في عهود سالفة يكون لها تأثير اغترابي وتصبح في حاجة إلى وساطة بيننا وبينها.
والهرمنوطيقا إذ تحاول تجاوز المسافة الزمانية، فإنها تستند إلى مفهوم " التاريخ الفعال" أو " التاريخ المتواصل التأثير" ( ذلك المفهوم الذي يغفله دائمًا الوعي التاريخي الاغترابي).
فالمرء لا يمكن أن يفصل ذاته عن التاريخ أو ينظر إليه من الخارج أو يتعالى عليه؛ لأنه يكون دائمًا جزءًا منه ويكون التاريخ دائمًا هو تاريخه الخاص به.
ومما سبق يتضح لنا أن مفهوم المسافة الزمانية أو التاريخية هو القاسم المشترك الذي يدخل في نسيج وعينا الاغترابي إزاء كل من الفن والتاريخ.
وحيث إن الهرمنوطيقا تسعى إلى تجاوز الاغتراب الإنساني في عمومه؛ فإن الفن والتاريخ كموضوعين لوعينا يدخلان إذن في نطاق المهمة الهرمنوطيقية ويتطلبان الفهم والتفسير.
ومع ذلك فقد يبدو لنا أحيانًا- فيما يلاحظ جادامر نفسه*2- أن خبرة الفن بوجه خاص تقع خارج نطاق مهمة الهرمنوطيقا التي تسعى إلى عبور المسافة الشخصية أو التاريخية التي تفصل بين العقول؛
لأن العمل الفني- من ين الأشياء جميعًا التي نلقاها في الطبيعة أو التاريخ – يخاطبنا في مباشرة تامة، فهو أكثر موضوعات التاريخ والتراث ألفة وحميمية بالنسبة لنا .
________________
*1 :H-G. Gadamer,"Aesthetics and Hermeneutics 1964", in David
*2 : Philosophical Hermeneutics (University of California Press, 1976) P. 5. ,E. Ling
#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)
Fatima_Alfalahi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟