أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/3)














المزيد.....

موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/3)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7700 - 2023 / 8 / 11 - 02:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تتناول الانتقادات الرئيسية لجيل، بالإضافة إلى تعلقها بمفهوم الخلق، معرفة الله بالأفراد والعناية الإلهية. تكشف دراسة شروحات ابن رشد أن هذه الانتقادات ليست مناسبة تماما لكونها تقول ابن رشد ما لم يقل أو تدرج ما استطاع قوله في سياق يغير محتواها بشكل كبير. وهكذا يعرف جيدا ابن رشد، الشارح، أن أرسطو يجهل فكرة الخلق و يعقلها من منظور الولادة. عندما يتحدث عن الخلق في شروحاته، يقوم بذلك باعتباره مسلما عارفا بالقرآن، والعرض العقلاني الذي يقدمه عنه ناتج عن نية انتقاد المفهوم الذي يشترك فيه علماء الكلام المسلمين، ومن ثم فهو يدافع عن فكرة خلق الله ذات الطبيعة التي تسمح للكائنات بأداء أفعال خاصة بها، لكنه يرفض فكرة الخلق المستمر والدائم للكائنات وأفعالها، التي يرى أنه لا يمكن الدفاع عنها عقلانيا وفلسفيا، ولا يجد لها أي مبرر في القرآن.
أما بالنسبة إلى معرفة الله بالتفاصيل، تقول شروحات ابن رشد إنها تختلف عما يمكن أن نحصل عليه. تدرك المعرفة البشرية الأشياء على أنها خاضعة للتغيير، بينما يدركها الله على أنها جوهر بالقوة.
النقاش الذي بدأه ابن رشد ضد مفاهيم المتكلمين موجود أيضا طي كتاب أساسي لابن رشد، وهو "فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، عنوان تمت ترجمته تحت اسم "Traité décisif" (الرسالة الحاسمة) بقلم ليون غوتييه، أوتحت اسم "Discours décisif" (الخطاب الحاسم) بقلم مارك جيفري.
في هذا الكتاب يريد ابن رشد أن يبرر، مثل سلفه الكندي، حاجة الإنسان المسلم إلى اللجوء إلى التفكير والتأمل الفكري. إن مسألة التوفيق بين العقل والإيمان، بين الفلسفة والدين الإسلامي، ثابتة بين المفكرين المسلمين، سواء كانوا فلاسفة أو متكلمين، وهي أكثر أهمية بالنسبة إلى لفلاسفة لأن الإسلام الرسمي غالبا ما يعارض أي تفكير فلسفي.
واجه ابن رشد هذه المشكلة بقوة، رغم الدعم الذي كان قادرا على الحصول عليه من بلاط الموحدين ورغم الشرعية التي يمكن أن تمنحها إياه الوظائف العامة والرسمية المختلفة التي مارسها.
لذلك فهو بصفته مسلما صالحا وفقيها يطرح مشكلة التوفيق بين الشريعة الإسلامية والحكمة، بمعنى الفلسفة. يبدأ بتقديم نفسه على أنه فقيه وقاضي العدل قبل إعطاء السبب المعلن، في غياب السبب الحقيقي، الذي دفعه إلى تأليف هذا العمل: "إن الغرض من هذا القول ان نفحص، على جهة النظر الشرعي، هل النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشرع؟.. ام محظور؟؟.. أم مأمور به، إما على جهة الندب، وإما على جهة الوجوب؟؟.."
هذا التقديم ذكي جدا ويسمح لنا بقياس مدى المقاومة التي لا بد أنه واجهها في الدوائر الرسمية. إذا حرص على تقديم نفسه كعالم وقاض فلإنه يهتم أيضا بطرح المشكلة من الناحية الشرعية من خلال اتباع التمييز الكلاسيكي في الشريعة الإسلامية الذي تبناه معظم العلماء عندما يحللون فئات الأفعال البشرية. وسيحرص طوال الكتاب على ألا ينسى وجهة نظر الشريعة الإسلامية.
إذا كان بينهما اختلاف أو لاتوافق، فذلك من قبيل الظاهر ويمكن تجاوز هذه الصعوبة بتطبيق مبادئ التأويل على النصوص التي تطرح مشكلا من هذا النوع.
تظهر بعض المشكلات التي أثارها ابن رشد في هذه الرسالة تشبثه بتفكير لا يتخلى عن العقل ولا عن محتويات الإيمان. تبرز مسألة معرفة الله بالتفاصيل مرة أخرى لصالح النضال ضد الغزالي، بسبب انتقاده للفلاسفة العرب المنتمين إلى لتيار الأرسطي.
ينسب هذا الأخير، كما يلاحظ ابن رشد، إليهم الرأي القائل بأن "الله لا يعلم الجزئيات الحادثة". إلا أنه يصحح على الفور بقوله إن رأيهم هو أن الله يعرفها بمعرفة ليست من نفس النوع الذي لدينا. لأن معرفتنا مشروطة بالشيء المعروف: تخلق إذا خلق، وتتغير إذا تغير؛ في حين أن معرفة الله بما هو موجود هي عكس ذلك: إنها حالة الشيء القابل للمعرفة، وهو الموجود. ومن ثم فإن من يماثل بين هذين الصنفين من المعرفة يحدد في جوهرهما وخصائصهما شيئين متعارضين؛ الشيء الذي يعصمه مز الخطأ. وإذا تم تطبيق كلمة المعرفة على المعرفة المخلوقة وعلى المعرفة الازلية، فذلك ناتج عن طريق تشابه الأسماء. وبالتالي، لا يوجد تعريف يحتضن في نفس الوقت هاتين المعرفتين كما تصور المتكلمون في زمن ابن رشد الذي وعد بتخصيص رسالة لهذه المسألة.
من هنا جاء هذا الكتيب، المعروف ب"ضميمة في مسألة العلم القديم"، والذي يطرح السؤال عما إذا كان ظهور الأشياء في العالم يُحدث تغييراً في معرفة الله بها. تؤكد الإجابة أنه لا يمكن أن يكون هناك تغيير لأن العلم الأزلي لا يمكن أن يقبل به. ولكن من ناحية أخرى، إذا لم يكن هناك تغيير، فلا فرق بين الموجود وغير الموجود. سيحل ابن رشد هذه المعضلة باللجوء، كما رأينا، إلى التمييز بين العلم الإلهي الذي يخلق موضوعه والعلم البشري الذي يتغير بتغير هذا الموضوع.
ها هنا موقف فكري يحترم بشدة متطلبات العقل والإيمان ولا يسعى لمعارضة هذين الجانبين ولكن للوصول إلى النقطة التي يمكن فيها التوفيق بينهما.
سيفعل الشيء نفسه بالنسبة لمسألة العناية الإلهية بالتمييز بين الفرد والنوع: "هل يهتم الله بكل الكائنات؟ إن القول بأن الله يهتم بكل فرد هو أمر صحيح إلى حد ما وغير صحيح بطريقة ما، لأنه لا يوجد فرد لديه شخصية خاصة به ما لم تكن هذه الشخصية موجودة بنمط من أانماط نوعها. بهذه الطريقة، يكون من الصحيح أن الله يهتم بكل الأفراد. لكن أن تكون مثل هذه الرعاية لفرد واحد بحيث لا يكون لأي شخص آخر نصيب منها، فهذا لا تسمح به ذات الله الخيرة. يتمثل التمييز الذي قام به ابن رشد في القول بأن العمل الخلاق والراعي لله لا تتم ممارسته في تفاصيل حياة الفرد بل من خلال النوع.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرنسا بين التدخل العسكري في النيجر ورفض مشاركتها في القمة 15 ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- النيجر: حول التدخل العسكري المتوقع من المجموعة الاقتصادية لد ...
- أمريكا تعسكر مضيق هرمز وخليج عمان بدعوى مضايقة واعتراض إيران ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- المحكمة الفدرالية تطلق سراح ترامب بكفالة إذا انتهك شروطها يت ...
- حسن حامي: الطفولة الدبلوماسية أكثر سخافة من الهواية السياسية ...
- الحزب الشيوعي السوداني يطلق نداء إلى مواطنيه بعدم خوض الحرب ...
- حسن حامي: الجزائر مهووسة بالاحتفاظ بأراض انتزعتها ظلما من جي ...
- فرنسا تستخدم غواصة Suffren في عمليات خاصة
- ترامب يقود الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري رغم مشاكله ال ...
- ترامب يمثل أمام المحكمة بتهمة محاولته قلب نتائج الانتخابات
- ساحل العاج: وفاة رئيس البلاد السابق هنري كونان بيديه
- لماذا اختار بيدرو ساشيز المغرب مكانا لقضاء العطلة؟
- مناضلو حزب الشمعة بتمارة ينظمون دوة حول مستجدات إعادة هيكلة ...
- الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول مستجدات إعادة هيكلة دو ...
- اللجنة الوطنية لقطاع التعليم بالاشتراكي الموحد توصي الحزب بع ...
- في حوار مع كلير كرينيون: أي دور للفلسفة في زمن الجائحة؟
- مبادئ الإيمان بالله كما حددها موسى بن ميمون
- لقاء وهبي مع السفير الأمريكي خطوة أملاها تلميع صورة المغرب ف ...


المزيد.....




- بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من ...
- -روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي ...
- منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا ...
- كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
- هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
- منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد ...
- وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن ...
- أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
- سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك ...
- حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/3)