أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب الخالدي - اِنفلات














المزيد.....


اِنفلات


نجيب الخالدي

الحوار المتمدن-العدد: 7631 - 2023 / 6 / 3 - 19:11
المحور: الادب والفن
    


يتهافت على الاستجابة، يتلهف على تلبية الطلب وأصبعه يعانق عنان السماء في إلحاح عنيد، لا يكتفي بتمديد أصبعه، بل يدعمه بالوقوف منتصبا تحت اندفاع الرغبة في الظفر برحلة. المسافة قصيرة، لكنها تعني الكثير له، فهي ليست مجرد خطوات خارج الحدود، لكن الوقوف بجانب السبورة فرصة مواتية للتخلص ولو مؤقتا من زمن القيد.
يغدو الفضاء أمامه رحبا، أو قل مترامي الأطراف مثل سماء زرقاء يوم عطلة، هكذا يستشعر اللحظة، غنيمة ثمينة تساوي سعادة هائجة كموج، لا تضاهيها سعادة غير تلك التي يحلق في رحابها نبضه خارج الأسوار.

- أستاذ، أستاذ... أوزّع الأوراق؟؟

سؤال يحمل على شفتيه الرجاء، وقد ينزاح إلى توسّل أو إلحاح مؤثر من أجل الفوز بهذه العملية، عملية يتوق من خلالها إلى الحركة، وإذا كان الفضاء مغلقا، فهو مفتوح مقارنة بالحيز الذي من المفروض أن يلتصق به لفترة يحس بها دهرا لولا اقتناص مثل هذه اللحظة، تكسرُ ضيق الحجز وتحقق حلم التخلص من قبضته. يعي جيدا أنها مثمرة، لكن تحقيقها متعب مثل تسلق جبل نحو القمة.

- أستاذ، أستاذ، مبيّض...

تنبلج من شفتيه ابتسامة معلنة ولادة حظ جميل. تنقله خطى تتفنن في التباطؤ صوب زميل يتخيّره بإحكام؛ هناك. يتمصّص زمنا لذيذا ظفر به ويطمح إلى الاحتفاظ به طويلا، لذلك يسلك الطريق الطويل، فيتحسس اللحظة باللحظة، ويترشّف الحركة بالحركة، وفي مساره ينثر الكلام، يعقد الصفقات، يبوح بأسرار، يبرر مواقف، يسطر برامج، يمرّر أشياء يصعب تبيّنها... كل هذا في لمح البرق وبمهارة فيها الكثير من السحر الخارق، لا يتقنه إلا وهو في دبيب حركة أو على بساط حلم زهيّ الألوان.

- أستاذ، أرجوك يا أستاذ...

يفتح الباب، "واثق الخطوة يمشي ملكا"، يستنشق الهواء أريجا، يعانق صدر الساحة، شجيرات الساحة، وكل الأشياء في الساحة صغيرة أو كبيرة. بخفة تخدع البصر يداعب بقدميه كومة ورق منكمش، يقذفها بعيدا، يقفز عاليا في ابتهاج المنتصر، يعبر الممرات القصيرة والطويلة، من جنبات النوافذ يبثّ تحايا ويستقبل أحرّ منها... ولما تنتهي حدود جولته، يتقفى خطو الإياب، ويغتنم المسافة في النط من جديد وهو يلقي بحركات مجنونة في كل اتجاه...
سفر قصير في الزمن، لكنه ممتد في النفس، شهي في التناول.

أنا أشوّش "إذن أنا موجود"

إنها فلسفته، موقف من الوجود، رد فعل على حتمية الالتزام بالمكان والرغبة الملتهبة في التحرر من رِبقته الضيقة، لهذا يسافر على صهوة حكي لا ينتهي مع زميل بجواره يقاسمه نفس الإحساس والرغبة، لكن تتوقف وشوشات الحكي توجّسا من عصا التهديد والعقاب، ليعود تدفقها من جديد غامرا عابرا فجاجا وفجوات في تجلّ وتخفّ.

ما معنى أن يكون فارغا من التشويش، من فوضى صغيرة مألوفة معتادة.. يعني أنه سيفقد حتما انتماءه الذي يمنحه الحياة صادحة، فالمكان خارج الحركة موت محقق، مقبرة باردة بصمت الموتى. هو لا يريد أن يموت، لهذا يناضل من أجل الحياة، حياة بمفهوم زمني يشحنه بحب البقاء والقدرة على الاستمرارية ومواصلة الحضور في عوالم انجذب فيها لإغراء لا يقاوم، إغراء ثمار متدليات من باسقات الشجر...

هذه المرة يبرح مكانه في احتفالية معلنة، في خضم الضجيج والصراخ وتعالي اللغط يذوب، يركب فرحة غامرة مثل فرحة عيد تنسيه زمنا، وتحيي آخر جديدا بَشّر به رنين عذب شهيّ تمادى ترقّبه.



#نجيب_الخالدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنيئا لك عودتك... إلى بيتك الثاني
- المرهونة قصة قصيرة


المزيد.....




- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
- الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر ...
- حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب الخالدي - اِنفلات