أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - زكي رستم وعبقرية الأداء قراءة في الصوت والحركة















المزيد.....

زكي رستم وعبقرية الأداء قراءة في الصوت والحركة


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7496 - 2023 / 1 / 19 - 18:18
المحور: الادب والفن
    


إن عبقرية الفنان – الممثل – المسرحي- تكمن في مجموعة من التقنيات التي يتكىء عليها في أداء عمله الدرامي، هذه التقنيات تمثل جوهر العمل، وخصوصًا إذا كانت نابعة من دخل الممثل دون تكلف أو اصطناع بحيث يفقدها هذان الآخران تأثيرها في المتلقي.
وتقوم بنية المسرح والأداء التمثيلي على التأثير والتأثر في المتلقين، فكلما كان المبدع متقمصًا للدور أو يؤديه بحرفية كانت دواعي القبول والانصهار في العمل الدرامي من قبل المتلقي أكثر وأشد.
هذه التقنيات متعددة ومتنوعة، وخصوصًا في الآونة الأخيرة دخلت عليه أنواعًا متعددة كالألوان والديكورات ، والعبارات والحركات ، والوقفات والسكتات، وطريقة الحوار والجمل، إلى غير ذلك من التقنيات المستحدثة .
وأهم هذه التقنيات هو الصوت والحركة اللذان ينتج عنهم الأداء المتميز فإن " جسد الممثل يمكنه أن يفتح آفاقاً غير محدودة للتعبير فوق خشبة المسرح، وأن الدلالات التي يبثها التعبير الحركي في العرض المسرحى لا تتبلور إلا عن طريق تفاعل الحركة الجسدية مع العناصر الفنية الأخرى البصرية والسمعية؛ بهدف إثارة انفعالات الجمهور، وكذلك أثبتت النتائج قدرة بعض هواة المسرح المصرى على امتلاك إمكانات التعبير الحركى بإجادة، ووعى، واستخدام الصور المختلفة والمتنوعة لفنون التعبير الحركى فوق خشبة المسرح؛ للتعبير عن متناقضات الإنسان، ومعاناته، فى قالب مسرحى حداثى يتسم بالتجريب"
هذان العاملان الأساسيان كانا أساس تجربة المبدع زكي رستم، فقد كان يتمتع بقدرة فائقة على الأداء الصوتي والحركى مما نتج عنه تؤمة غير مسبوقة في الأداء التمثيلي، فقد كان يستخدم طبقات صوتية متعددة تتناسب والموقف الذي يجسده، حتى قيل إن زكي رستم يعيش في الشخصية التي يجسدها، وفي الحقيقة إن زكي رستم كان يبتلع الشخصية وتنطلق هي من خلاله وفق رؤيته الذهنية التي رسمها لها، فتخرج في أدوار الصلف والشدة والقسوة- كما وصفه النقاد الغربيون أنه يصلح لهذه الأدوار عندما شاهدوا عرضًا مرحيًا له- كما أنها حقيقة أو لا يمكن التفرقة بينها وبين الحقيقة .
إن عوامل البيئة والتنشئة الخاصة التي تمتع بها زكي رستم كانت سببًا محوريًا في تكوين شخصيته، والأدوار التي قام بها في أعماله الفنية، فقد صبغت هذه الأدوار بصبغات أرستقراطية، ك( نهر الحب- صراع في الوادي – هذه جناه أبي- لن أبكي أبدًا).
فهذه أعمال راعى فيها المبدع زكي رستم معايير متعددة من الأداء" كمعرفة نظام تكوين الجملة الدرامية الفصيحة ؛ ووظيفة الكلمات فيها وضبط أواخرها ؛ كشفا عن تناسب جرسها اللفظي مع البعد النفسي للشخصية وتحولاته ما بين حالة شعورية وحالة شعورية مغايرة ؛ ربما في الموقف الدرامي الواحد ؛ حتى يستقيم أداؤها على لسان الممثل ؛ بعد فهم معانيها الظاهرة ودلالاتها المتعددة ؛ المسكوت عنها ؛ تقريبا لفهم المتلقي لخطاب الشخصية ...؛ فضلا عن ضرورة إلمام الكاتب ... بصيغ الكلام ومنظومة بنائه الكبرى وما يدخل في نسيجها من منظومات درامية وجمالية صغرى؛ بحيث تشكل الأبنية مجتمعة وحدة معمار درامي متشح بالجمالية ؛ مع مراعاته لما يطرأ على معمار نصه من زيادة أو نقصان ؛ أو تغيير يضطر إليه في أثناء عملية الكتابة ؛ تبعا لما يتطلبه الموقف الدرامي ؛ تحقيقا لدرامية الأثر وجمالياته . "
إن الحوار الدائر في هذه الأعمال بين المبدع زكي رستم وفاتن حمامة كما في " نهر الحب" أو بين زكي رستم والفلاحين والسيدة اسمه في ( لن أبكي ابدًا) مفعم بالحيوية والعبقرية في تقمص الشخصية واختيار العبارات والكلمات التي نتج عنها معجم من القسوة والصلف المتعمد مصحوبًا بالنظرات الحدية، وطبقات الصوت القوية " لأن للغة الحوار الدرامي مستويات صوتية متعددة تبعا لبنية حروفها المختلفة فيما بين حروف انفجارية وحروف لسانية وحروف بين أسنانية وحروف شفهية وحروف مطبقة وأخرى مخففة ؛ ومن ناحية ثانية تناغم مستويات لغة التعبير الصوتي في أداء الممثل فيما بين لغة الحوار الديالوج أو المونولوج أو التريالوج أو الحديث الجماعي ( الجوقة أو الكورس) كما أن هناك اختلافا واضحا بين لغة الشعر ولغة النثر ؛ كما أن هناك اختلاف بين نسق البنية الشعرية في الشعر الكلاسيكي المقفى الموزون والشعر الحديث الخالي من القافية ومن البناء الشعري التقليدي المعروف بوحدة القصيدة ووحدة القافية ووحدة الوزن وبنائه في الحوار.... فلغة الحوار لغة تعبير عن فعل ورد فعل درامي ؛ ولغة السرد لغة تصوير. وفي هذا يقول د. أبو الحسن سلام " ولئن كانت اللغة في المسرح هي لغة الفعل – غالبا – وهي لغة تصوير حالات الفعل في النذر القليل من حوار الشخصيات أو تعليق الجوقة في إظهار سرد يظلل لغة الفعل تمهيدا أو تعليقا نقديا – وكأن لغة القصة لغة تظليل ( تصوير فعل ماض) ولغة التذييل ( لغة تعليق على صورة فعل مضى ) أما لغة التفعيل ؛ فهي لغة التعبير عن ( الالتحام بين الشخصيات بعضها بعضا حول جوهر ما تريده هذه ؛ وتتعارض فيه مع تلك؛ وتتوسل للوصول إليه وتحقيقه بكل ما تملكه من تعبيرات ووسائل وخصائص دقيقة لا تخص سواها "
فجاء الصوت في هذه الحوارات " هواء يتموج بتصادم جسمين، وصوت الإنسان يحدث بتموج الهواء الخارج من الجوف في عملية الزفير. ويشكل الصوت عاملا مهما في إظهار التباين بين الناس كما أنه يحدد نمط الشخصية وصفاتها النفسية والملامح والسمات والطبائع التي تتمتع بها وعمرها في كثير من الأحيان. فللصوت شخصية وروح .
كذلك في الأداء التمثیلي يعد الصوت " هو أهم وسیلة تربط بین الممثل والمتفرج ،لأن العمل الفني عمومآ هو علاقة بین المتفرج والمؤدي لذلك فإن تصمیم الصوت للشخصیات الممثلة ... یكون عن طریق تحلیل الشخصیة وفق الابعاد الثلاثة ،ولأن تصمیم الصوت للشخصیة یساعد المتفرج على فهم الموضوع العام والشخصیة وابعادها النفسیة والجسدیة والاجتماعیة خاصة إن صوت الممثل وجسدة هما من اهم ادواته فى مهنته هذه.
و زكي رستم كان دائمًا يستخدم طبقة " فالباس" من الصوت ، وهو تحدثه أغلظ الأوتار الصوتية ويدعوه الموسيقيون العرب القرار أي العمق ويؤدي من خلاله الممثل شخصيات العظماء والواعظين والشخصيات الخيالية.
في حين كانت تنوع فاتن حمامة بين الألتو، - وهو أرق أصوات الرجال، وأضخم أصوات النساء، ويمكن أن يسمى أيضا (الباس أو الباريتون النسائي)،ومنطقته الحنجرة ويصلح لأدوار الثورة والغضب، وصاحبته تصلح لأدوار العظيمات والواعظات والكبيرات في السن وأدوار الوقار والحشمة-، و السوبرانو، أرق أصوات النساء وأعلاها، وهو سريع حاد، ومنطقته الرأس، وهو صالح لتأدية الغناء، ويعادل التينور لدى الرجال في قدرته على إبراز الشخصيات المختلفة أثناء أداء أدوار الشباب.. كما في نهر الحب، وكما في لن أبكي ابدًا وصراع في الوادي . .
ومن ذلك يمكننا القول " إن للحركة والإيماءة دور ًا كبير في التعبير عن انفعالات وخلجات النفس في مجال [التمثيل]، لذا نجد معظم مخرجي المسرح الحديث خاصة المسرح التجريبي قد أولوا أهمية كبيرة لجسد الممثل، فعندما أراد " مايرهولد " أن يبحث عـن ممثل المستقبل ابتكر منهجه الجديـد المعروف بـ البيوميكانيك، وبدأ يبلور منهجه وفي جسد الممثل، وهو لا يزال يؤثر حتى اليوم في المسرح العالمي، حيث يعتمد على فيزياء الجسد في نظريته حول الجسد وإمكانيته الإبداعية إن تجسد الممثل يشكل لقطة الانطلاق الديناميكية الباقي عناصر العرض، مما يمنح الجسد الأولوية في البث الدلالي وممكنات الصياغة الجمالية والتحول الدلالي فضلا عما يبثه من ارسالات معبرة تستهدف إيصال مكبوتاته السيكولوجية ومعاناته الإنسانية، لذلك جاءت لغة الإيماءة والحركة والإشارة من أجل التعبير عن حالات نفسية من مشاعر وأحاسيس كالفرح والحزن، فمن خلال الإشارة يمكن تمرير الرسالة لتكون بذلك الإشارة والإيماءة دلالة على الحالة النفسية والاجتماعية للفرد، وبذلك تعتبر تعبيرا فنيا يلجاً إليه الفنان المؤدي الذي أصبح يعتمد بدرجة كبيرة على لغة الجسد
هذه بعض النقاط تم رصد حول المبدع زكي رستم ،وما يتمتع به من كريزيما في الأداء الصوتي والحركي، والسيطرة على الموقف .



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة العلامات
- الانزياح التقني ( حوسبة اللغة )
- انفتاح النص الشعري وثراء التأويل
- ابداعات ابن رشيق القيرواني ( الزحاف ميزة الشاعر المتمكن)
- الكوزموبوليتانية ثيمة ممتدة في تكوين الشخصية السكندرية
- البعد العربي في الشخصية السكندرية
- النقد الإيكولوجي
- آداب الكاتب كما يراها السيد حافظ
- الأنثربولوجيا الأدبية
- البعد الكوزموبوليتاني في شخصية الإسكندرية
- مناهج نقد عربية خالصة ومعاصرة
- الموجات الفكرية والأدبية في الإسكندرية تاريخيًا
- الصورة بناء سيميائي متعدد
- السيد حافظ خمسون عامًا من العطاءات الثقافية والفكرية دراسة ف ...
- سميائية الإيقاع الموسيقى في القصيدة العربية .
- سلطة المكان وأثرها في تكوين شخصية الإسكندرية الفكرية
- في رحيل محمد عناني (النص المترجم والنص الموازي)
- الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد
- المنجز المعرفي للكاتب الكبير السيد حافظ (مجمل أعمل الكاتب ال ...
- عتبات نصية معاصرة (الشعر السكندري في النصف الثاني من القرن ا ...


المزيد.....




- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - زكي رستم وعبقرية الأداء قراءة في الصوت والحركة