أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - النظام البرلماني والتوجه الليبرالي والطبقات الضعيفة: التجربة الفاشلة في تونس














المزيد.....

النظام البرلماني والتوجه الليبرالي والطبقات الضعيفة: التجربة الفاشلة في تونس


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ الاستقلال والدولة تساند الطبقات الضعيفة من خلال دعم المواد الاستهلاكية الأساسية وطبقت سياسة تعليمية مجانية تتيح للمواطنين عديمي الدخل القار ومتوسطي الحال من الدخول للمدارس والمعاهد والكليات بحيث تمكن الكثير منهم من ولوج عالم العمل والوظيفة بفضل إرادتهم وعزيمتهم وتوجهات الدولة الثابتة. وقد كانت الدولة هي باعثة المشاريع الكبيرة والممولة لها والمشغل الأكثر حضورا في المشهد الاقتصادي وذلك إلى حدود الثمانينات من القرن الماضي.
وفجأة هبت نسائم التوجه الليبرالي مع انكفاء مرحلة التعاضد والاشتراكية البيروقراطية ودخول مرحلة جديدة من الاقتصاد المفتوح تحت ضغط المؤسسات العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي والتي أغرقت الدول التي تبحث عن انطلاقة اقتصادية سريعة في الديون والتي كانت أكبر مصيدة وقعت فيها هذه الدول المتلهفة للمال والرفاهية.
فعوض استعمال الموارد المتاحة والتطور من الداخل راهنت النخب الحاكمة والتي كانت أغلبها دارسة بالغرب ومتشبعة بأفكاره كما يمكن أن تكون خادمة لمصالحه مع ضمان العيش الرغيد لهؤلاء والدليل أنهم يخرجون من السلطة ثم يعودون ولو طال بهم العمر عتيا ونجدهم في كل مرحلة حاضرون وفاعلون بقدرة قادر.
وهكذا أصبحت الدولة محل مزاد علني بحيث تسطر لها الدوائر الأجنبية السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتملي على النخب الحاكمة المطيعة أمام اشتداد أزمة الديون والفوائض الكبيرة والحاجة الماسة للتداين التوجهات التي لا مناص من اتباعها كوصفة الطبيب المحنك في غرفة العمليات.
وعوض تحقيق تنمية متحكم فيها وتتماشى مع أوضاع البلاد ومواردها واستحقاقات شعبها تم تفكيك الاقتصاد الوطني وربطه باقتصاديات الدول الغنية فأصبحنا تابعين واستغنت القلة القليلة بحكم قرابتها من الحاكم والدوائر الأجنبية وتم تفقير الطبقة الوسطى بحكم الرفع التدريجي للدعم واضمحلال القطاع الانتاجي وتدني مردودية الفلاحة فعم الخراب البلاد في الأعوام الأخيرة.
كما أن التوجهات الليبرالية المتوحشة والتي تقودها أحزاب ذات أجندات خارجية أو مصلحية ضيقة من خلال تفتيت أوصال الدولة الحامية للمواطن الضعيف وتأسيس حرية اقتصادية بلا ضوابط بحيث يأكل القوي الضعيف ثم يأتي ليبكي على جثته المتعفنة أو يتساءل من أين يأتي العنف والارهاب والاحتجاج.
فالحرية الاقتصادية المنفلتة في بلاد تغيب عنها الشفافية والحوكمة وسلطة مركزية فاعلة وفي ظل الفساد المالي المستشري سوف تؤدي إلى المزيد من إضعاف الطبقة الوسطى واضمحلالها لتتدحرج نحو قاع الفقر والخصاصة بسرعة فائقة.
والمشهد الاقتصادي يتجه نحو اشتداد أزمة البطالة والفقر في الأعوام القادمة لأن العالم يمر حاليا بالركود ونقص في السيولة كما أن استحقاقات الديون الخارجية سيحل أجلها في قادم الأيام. والغريب أن النخب الحاكمة تتوسع في الانفاق الغير منتج بدون رقيب أو حسيب.
كما أن النظام الذي اختارته النخب التأسيسية والذي يميل إلى النظام البرلماني بحيث رئيس الوزراء المفوض من حزب الأغلبية البرلمانية هو الحاكم بأمره في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة ويمكن في ظل المرحلة الهشة التي تمر بها البلاد أن يكون ضحية التجاذبات الحزبية والتكتلات فيكون عمله مضطربا وغير فاعل. كما يمكن تغيير التحالفات واسقاط الحكومات بوتيرة سريعة لا تمكن الفاعلين الاقتصاديين من التأقلم والعمل في راحة بال.
فالهشاشة السياسية المقترنة بالنظام البرلماني رغم ما لها من مزايا من الناحية الديمقراطية وتوزيع السلطات تولد الاضطرابات والأزمات السياسية وتعطل بذلك الفعل الاقتصادي وتحد من نجاعته في غياب المؤسسات المستقرة من ناحية المراقبة والتعديل.
وحسب نظرة أولية للقائمات الانتخابية فمجلس الشعب سيكون بنسبة كبيرة جدا من أصحاب الأعمال الحرة ورجال الأعمال وكبار الموظفين وغياب كلي للفقراء والبطالين والمهمشين وهم يمثلون الحزب الغالب في هذه البلاد لكنهم غير قادرين مع الأسف الشديد لتكوين حزب يدافع عن مصالحهم وبهذا يفوتون على أنفسهم فرصة ثمينة. والغريب أن منهم من مازال يراهن على أحزاب تشبعهم في فترة الانتخابات الوعود الرنانة وعند وصولهم للسلطة يغلقون الأبواب في وجوههم.
وهذا المجلس لا يمكن أن يكون بجانب البسطاء والجهات المحرومة والفقراء بما أن غالبية النواب هم أصحاب مشاريع مالية وهمهم الربح الوفير وتوفر عمالة رخيصة بثمن التراب وغياب كلي للمراقبة وتوسع قطاع التهريب ورفع كلي للدعم وفتح الأسواق على مصراعيها حتى تصل الأسعار لعنان السماء.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشل حراك 17 ديسمبر 2010 في تونس؟
- إلى كل من يدعي في السياسة فلسفة
- كيف يتحول المال إلى فساد؟
- المرض بالسلطة
- بلادي أحبك
- الديمقراطية والوعي الشعبي
- سوسيولوجيا السلطة في دول الهشاشة
- التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية
- لماذا قيس سعيد يتغلب على جميع خصومه السياسيين؟
- إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة
- مسار 25 جويلية والفرز بين عالمين في تونس
- السلطة والسلطة الموازية
- فخ الديون الخارجية : حالة تونس
- الصحافة والتحول الديمقراطي
- حدود شرعية الحكم
- المبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد (مقترح)
- الاقتصاد الجهوي لتحقيق العدالة الاجتماعية
- بؤس السياسة في واقع مهزوم
- لماذا يخافون من ديمقراطية الإستفتاء؟
- الحيل الشيطانية في الإدارة التونسية


المزيد.....




- أوكرانيا تتعمق أكثر في الأراضي الروسية.. وهذه الإجراءات التي ...
- -الغموض المتعمد-.. مصدر في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة من ال ...
- هل تمتد سيول السعودية إلى مصر؟
- الصحة في غزة تصدر تحديثا لبيانات ضحايا الحرب
- اليابان في حالة قلق بعد أول تنبيه -للزلزال العملاق-.. ما تدا ...
- في السودان، أمطار تهطل في غير موسمها تفاقم معاناة السكان
- -تاس-: القوات الأوكرانية تنسحب من بعض مواقعها على محور بوكرو ...
- علاء الدينوف: قوات كييف خططت للاستيلاء على محطة كورسك النووي ...
- -حادث كبير-.. تسرب كيميائي في بريطانيا
- الخارجية الروسية: أوكرانيا بهجومها على كورسك أوقفت الحديث عن ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - النظام البرلماني والتوجه الليبرالي والطبقات الضعيفة: التجربة الفاشلة في تونس