سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الــمراقِبُ ، ذو المسافةِ ، مثلي ، قد يحظى بنعمةِ تأمُّلٍ يفتقدُها آخرون قريبون من خطّ النار ، آخرون ربما
كانوا أقدرَ على التحليل والتأويل وتبيان الرأي .
لكني لا أستكثرُ على نفسي ما أنا فيه .
هل انتهت الديباجةُ ؟
إذاً ، العَوْدُ أحمدُ !
*
يبدو لي ، من موقع المتأمِّـلِ ، أن منطقتنا يرادُ بها أن تعودَ القهقرى ، إلى عهودٍ لم تعُدْ ضمن الانتباه ، أي إلى
عهودٍ لا يتذكرها ، أو يذكرها أحدٌ ، لفرْطِ ما نأتْ ، وخبَتْ حتى في الرفوف ...
الإعادة بالقوّة ، العسكرية تحديداً ، إلى ما قبل نهاية الحرب العالمية الثانية ، وبالضبط إلى نهايات الحرب العالمية
الأولى ( 1914 – 1918 ) .
السنوات والعقود التي تلت الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945 ) كانت في منطقتنا العربية ( الشرق الأوسط
والشمال الإفريقي ) زماناً للتحرر ، والثورة ، ونيل الاستقلال الوطني على تفاوتٍ ما .
لقد ألغتْ هبّـةُ الأمل العارمة ، الخارطة السياسية التي رُسِمتْ بعد الإطاحة بالامبراطورية العثمـانية ، وتقطيعِ
أوصالها ، أشلاءَ في أشداقِ الدول الاستعمارية :
احتلّ البريطانيون فلسطين والأردن والعراق ، وأحكـموا سيطرتهم على مصر والسودان وليبيا .
احتلّ الفرنسيون سوريا ( ومن ضمنها لبنان آنذاك ) ، وأحكموا سيطرتهم على الجزائر وتونس والمغرب الأقصى .
بعد الحرب العالمية الثانية بدأ التغيير الكبير ، مع هـبّـة الأمل العارمة :
هكذا استقلّت سوريا ، ولبنان ، واندلعت الثورة الفلسطينية ، وانتفض الشعب العراقي ملغياً معاهدة بورتسموث ،
وشرع الضباط الأحرار في مصر يقدمون أسئلتهم .
إعلان الجمهورية في العراق .
الثورة الجزائرية .
عودة محمد الخامس ظافراً .
*
ماذا يحدث الآن ؟
فلسطين يجري احتلالها كاملةً .
العراق تمَّ احتلاله .
لبنان ، سيعود ، مثل ما كان يوماً ما ، محميّة ً فرنسيةً ( سيشكل الفرنسيون عماد القوة الدولية المقترحة ) .
سوريا في دائرة الخطر .
الشمال الإفريقيّ ، بكامله ، أُعيدَ إلى دائرة النفوذ الضيّقة .
الجزيرة والخليج في دائرة نفوذٍ أشدّ ضيقاً .
أمّا مصر والسودان ، فإنهما ، مثل ما كانتا ، قبل يوليو ، في المنزلة بين المنزلتين .
*
هذه الصورة الكالحة هي أمامي ...
آمُل ُ في أنني غير دقيقٍ !
يا فسحة الأمــل ...
لندن 3.8.2006
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟