أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق بوشري - طرقات مسدودة














المزيد.....


طرقات مسدودة


توفيق بوشري
كاتب

(Taoufik Bouchari)


الحوار المتمدن-العدد: 6127 - 2019 / 1 / 27 - 17:44
المحور: الادب والفن
    


كأنه لا يكفيك كل هذا المطر لتشعر بشيء غريب بعد هذا القحط.. ولكن يبدو إنك بلا حنين لأي شيء. من الرهيب أن يموت قلبك هكذا وفي الوقت نفسه لا يعني لك ذلك شيئا. كل ما أخشاه أني أكاد لا أصدق الأمر، أو أخاف على نفسي من صمتك الذي ليس فيه حكمة، بل يخفي وراءه دون سابق إنذار حربا أو أسوأ.. حسنا.. سأجرب أن أنسى قليلا، سأحاول. لا أملك خيارات وإلا فاتني هذا المطر. إنه الوسيلة الوحيدة للتحقق من أن أحلامي البسيطة مازالت تفتش بداخلي عن مرافئ طفلة لكي تحلق وتلهو بفرح صغير.. هل سأنجح في مراوغتي، قبل أن أفلح في النظر إليك كندم لا غير.. أنت مثل مطر حمضي تماما، مثل جريمة لا يعاقب عليها القانون لمجرد إنها صادرة عن قوة هي نفسها تضع القوانين بوحي من جشعها القاتل.. لقد أصبحت مثلهم عدا إنك فقدت هويتك، بينما هم واعون تماما بأنهم يصنعون عالما على مقاس مناشيرهم الكهربائية الحادة التي تقطع كل وردة برية تأبى أن تؤثث فضاءاتهم وفق أهوائهم والعطور الغاشمة التي يعشقونها ليس لطيبها ولكن لأثمنتها القاسية.. أنا الآن بين المطر كأمنية وبين المطر كحدث من المفروض أن يمزج اللحظة الفيزيائية بلحظة روحي وهي تشق سماء قاصية من أجل وصل خرافي للغاية.. وبين حضورك الغائب الجاثم على ظنوني القاتمة.. هل أنت حقا الآن مجرد جثة عفنة تخال نفسها حقا وجودا لا يمكن أن يقتله سوى موت بيولوجي.. حتى لو صارحتك بما أراه، فلن أرتكب سوى مخاطرة بحياتي.. ثم ما أدراني أن ما أراه حقيقي؟ وهذا سؤال آخر يبرر بؤس اللغة وانتصار اللاهوية والنسبوية.. يا لحظنا المبلل.. أقصد البهلواني الذي لا يُضحك أحدا من المارة المبهمين المجهولين السائرين تحت مطر حزين بمظلات أتوماتيكية نحو حتفهم الملون بالتسارع والبلادة والاستهلاك.. هل يعجبك أن أقول لك ما تحب أن تسمعه؟ وهل تحب حقا بعد؟ أم ترغب بعنف مقَنع بارد.. هيت لك هذا الزمن اللازمني المفرغ من كينونته المملوء بالخواء ذي الحجم المخيف دون أدنى كتلة.. أشعر كما لو كنت جالسا في قسم شرطة دون أن يكون أحد قد ألقى علي القبض مع أني مكبل بأصفاد غليظة ويحرسني رجلان مدنيان لا يعرفهما رئيس المركز.. أسمع قهقهاتك ولكني لا أسمع معنى.. هل تصدق أن ما تبقى لي منك هو المطر؟ أشك أنه ملوث ولكن ليس لدي جهاز للكشف عن النسبة التي تتجاوز القدر المسموح به حسب المعايير الدولية.. بكل استسلام أمشي ساعات وحيدا أتخيلك على شاكلة إله فقد الذاكرة، أحاول ألا أتنبه لشيء.. أبتل بابتسامة بين المكر والسعادة.. أشك وأقبل شكي ثم ألتهمه مع قطرة مطر منعشة.. أصرخ ملء العالم: أيها المطر أنا أحبك.. مع ذلك أتوجس خيفة: هل سأظلني دائما كما أنا هكذا؟ أم أني سأصير مثلك؟ أو أصيرك؟ لا تخف.. قال المطر.. لديك ألبوم صور وشريحة ذكية.. لديك ذكريات مبتذلة في أوج جمالية لحظتها.. إنه مطر اصطناعي.. أنا أتلاشى بغروب باك ينتحب صوب أفق مرسوم بالفوتوشوب..



#توفيق_بوشري (هاشتاغ)       Taoufik_Bouchari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذر حيوي
- ناموس المزبلة
- حياة رجل آخر فراغ..
- سيدي سليمان تستفيق -بين المابين- لتعانق في واحة احتفالية -صح ...
- -هيهات- تلون فضاء الخزانة الجهوية بالقنيطرة بالحلم..


المزيد.....




- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...
- نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
- الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد ...
- حبس فنانة مصرية 3 سنوات
- راسل كرو.. لماذا انطفأ نجم صاحب الأوسكار وأصبح يعيش في الماض ...
- أحداث مليئة بالإثارة والتشويق في الحلقة 178 من مسلسل المؤسس ...
- الكاتبة الروائية (ماجدة جادو) ضيفة صالون الفنان -مصطفى فضل ا ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق بوشري - طرقات مسدودة