حيدر الهاشمي
الحوار المتمدن-العدد: 6120 - 2019 / 1 / 20 - 23:28
المحور:
الادب والفن
تحول ــ
أستيقظ في الصباح الباكر , عثر على حبلٍ قطني , يلتف حول رقبته , وينتهي عند أطراف قدميه , مربوطاً به على السرير بشكلٍ جيد .
صاح بصوتٍ عال : لن أستسلم مهما فعلتم , سأدافع عن فكرتي حتى الرمق الأخير
كلما قطعوا جذوره , امتدت له من جديد , نجح في فك قيوده , جمع قواه , مسك فرشاته و أخذ يرسم على جدران الغرفةِ أشجارٍ وغاباتِ كثيفة .
في الثامنة صباحاً , دخلت عليه أحدى الممرضات وحين شاهدته سقط الإناء من بين يديها و قالت : البارحة كان لديك ثقب واحد , واليوم أنت تشبه الناي , جسدك مليء بالثقوب , هرعت نحو أدارة المشفى .
أجتمع حوله الجميع , قال المدير : نحن نسمح لك بالتحول الجنسي , اذا رغبت في ذلك , سنهتم بك ونساعدك , لكن أن تتحول إلى شجرة , هذا أمر مرفوض , لأنك تنتهك الدستور والأعراف الإنسانية , راجع قرارك جيداً , فلا أريد أن أتخذ معك إجراء قاسياً , ما عليك هو أن تلتزم الصمت وتعود إنساناً .
صرخ في وجوههم , أتركوني وشأني , أريد أن أعيش مثلما أريد , لا أريد أن أشبهكم بشيء , أخرجوا حالاً وخذوا معكم تلك الحقن اللعينة
قال المسؤول الأمني : عثرت على زهرة قديمة في أحد جيوب معطفه الأسود , كان كلما يشتم عطرها , تخضر يديه وتحوم من حوله الفراشات .
وقبل أن يغادر المدير الغرفة , عاد خطوتين إلى الوراء , وقال لهم : حاولوا كتمان هذا الموضوع , لاتدعوا الخبر يتسرب إلى الصحافة , فلو علم الناس سيتحول الجميع إلى أشجار وحيوانات أليفة , هيا أخرجوا تلك المزهريات وحاولوا اسكاته , مسكوه جيداً , جردوه من ثيابه وعلبة الرسم , قصوا شعره , وهو يصرخ و يصرخ و يصرخ : لا أريد تلك العقاقير , كانت أخر حقنه في صدرة , هي التي أسكتته إلى الأبد , تخشبت يداه و أنكسر مثل قلم رصاص .
حيدر الهاشمي
#حيدر_الهاشمي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟