يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6023 - 2018 / 10 / 14 - 01:22
المحور:
الادب والفن
اتصل بي من بعيدٍ يشتكي من تردد حيرةٍ ، و ارتباكٍ من الهموم ، و شبه ضياعٍ من نفحات شجونٍ تهب عليه بين الفينة و الأخرى .
استذكرته أن :
الاشتباك مع هبات الحزن المشبعة بالكآبة المنهمرة علينا ، و محاولة طردها
، و رصد تحركاتها لدفنها قبل أن تسمم حياتنا ، خير وسيلةٍ للدفاع كي لا تتجاوز قدرات احتمالنا . فننهزم و نفقد السيطرة على الذات .
هذا إن تعذر علينا تجفيف منابعها .
لأن ردم المنبع أجدى و أنفع من مقاومة التبعات و نتائجها حسب مبدأ ( الوقاية خير من العلاج )
محاكمة تلك الهبات في جوٍ مرعبٍ ، و اتهامها بالغباء أفضل علاجٍ ، و توجيه السؤال المحرج إليها : لماذا اخترت الشخص الخطأ ؟
إطلاق الأحكام القاسية في قاعة محاكماتٍ عادلةٍ مدخلها من القلب إلى الروح ، و توجيه كلماتٍ لاذعةٍ من العقل كسوطٍ مؤلمٍ إلى نزعات الحزن تلك ، تشعرها بالوجع ، فتفقد الحماس ، مهما استجمعت قواها متنمرةً ، و تفننت لاختراع حجج البقاء ، و ستذبل رويداً رويداً إلى حد الزوال .
ثم تختفي كغيمة ضبابٍ ، تطردها أولى خيوط الشمس حينما تكون جادةً في إصدار أحكامها المنصفة ، و كسر الظلام لاختراقه ، و تدمير سواده .
هكذا العقل حينما يكون ثرياً و أكثر نضجاً ، لمواجهة جلاده الذي يستدرجه
آخذاً به إلى سردابٍ مظلمٍ ، يصر على سرقة مادته الفاعلة المنشطة ، و إطفاء شمعته المتقدة .
ذاك الجلاد هو الحزن القادم إلينا من أقبية هذا الزمن الذي يلفه الغموض .
فيمنحنا قروضاً من المواجع ، كبنكٍ مركزيٍّ للهموم ، على أن يكون سدادها
الركوع طويلاً ، حتى نفقد القدرة على النهوض ، أو ننسى الوقوف مرةً أخرى .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟