منير الكلداني
الحوار المتمدن-العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 00:52
المحور:
الادب والفن
يعيش عالمنا الادبي اليوم في حالة من اللاوعي فيما يطرحه من نتاجات تكاد تغرق عالم الشبكة العنكبوتية ، وقد تكون هذه الظاهرة ليست طارئة بعدما اخذت تمتد جذورها عميقا في ارض الادب ، ولعل الامر يبدو كانه طبيعيا في ظل الظروف التي تواجهها الامة العربية من ضياع على مستوى الهوية وعلى مستوى الحضارة وهو ما القى بعتمته على ما نراه ..
فلقد اصبحت الساحة الادبية مجرد ساحة (( لكل من هب ودب )) لكي يكون اديبا مفلقا وعلما لا يشق له غبار ، بل الامر قد تجاوز هذا الشيء لنرى كثيرا من الكتابات توصف بانها افضل من (( عمود الشعر )) او من (( التفعيلة )) لما فيها من تحرر عن القيود (( بزعمهم )) ولعل تفسير (( القواعد )) ب (( القيود )) امر لا يقترب من الصحة بحال ، للمعرفة ان كل ما كان ذا قاعدة عمومية افضل بكثير من شيء لا تحكمه قاعدة وبالتالي فان ما يسمى قيودا ما هي الا قوانين ادبية تنظم وتمنهج العمل الادبي ، واذكر في مرة انني قرات رواية لكاتب من دولة (( تشيلي )) للاسف لا يحضرني اسمه ... هذه الرواية قبل ان تقراها عليك ان تراجع مخططا لطريقة القراءة فهو سيقول لك اقرا من صفحة 10 ثم صفحة 15 ثم صفحة 3 وهكذا وبدون هذا المخطط فانك لن تستطيع ان تقراها بشكل صحيح ، وهذا ما يسميه البعض خروجا عن القواعد ، وهذا الخروج (( العبقري )) ما هو الا كتابة رواية ثم بعثرتها ثم اعمل لها مخططا ، واين هذا من (( العبقرية )) بل هي اشبه بالفوضى التي يريد صاحبها ان يقننها تحت مسمى (( التجديد )) وما هي من التجديد لان التجديد هو ان يكون المنجز الادبي داخل ضمن ضوابط وقواعد تحكمه بل ان النظريات الادبية بمختلف مدارسها ما هي الا دراسة منظمة لمعرفة القواعد التي تنظم العمل الادبي ولا تجعله مشتتا لا يفهم المتلقي منه اي شيء وحتى الناقد سيكون كذلك فيما يريد ان يقوله او يفسره او يحلله ، ما دام الخروج عن القواعد هو امر حداثوي وعلى الجميع ان يحترموا الحداثة ، وفكرة ان الامر يكاد يكون من المسلمات امر فيه وجهة نظر لان المسلمات الادبية ليست مطلقة اولا وثانيا هناك مسلمات لا تتصل باللغة فيكون فرضها عليها امرا خارجا عن ابسط الاصول المفهومية .
اذن من هذا نفهم بوضوح ان هناك فرق بين (( القيد )) و (( القاعدة )) فالقاعدة هي تنظيم وليست تقييد ، والقيد قد يصح بنفس القاعدة كما يعبرون (( ان لكل قاعدة شواذ )) فالشواذ هي قيود لتلك القاعدة سواءا كانت قيودا منعية ام قيودا اطلاقية لان القيد فرع شرط على القاعدة سواءا بالاطلاق او بالمنع كما نقول مثلا ان عروض بحر الطويل دائما تاتي (( مقبوضة )) الا في (( التصريع )) فهي قاعدة عروضية قيدها (( التصريع )) وكذلك ينطبق هذا على ما نشاهده من تعريفات للانواع الادبية فهي قواعد مضمنة بقيود ، واما ان نقول ان القواعد هي (( قيود )) لانها تمنع الابداع فهذا شيء لا يتفق معه الفكر السليم بحال ولا تقبله الا فلسفات (( الشك والشك المطلق )) .
#منير_الكلداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟