|
الفنُّ وفلسفة المتعة
محمود كرم
الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 13 - 06:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفنُّ في كلّ ألوانهِ وتنوّعاتهِ وأشكاله وأجناسه ومشهديّاتهِ ، خليط باهر ومزيجٌ بديع من المتعةِ والشّعور والإحساس والذكاء والإبداع والعاطفة والشّغف والحبّ والشهوة . ولذلك ، لَطالما كان الفنُّ يتصدَّر مسرح الحياةِ ، مُتوّجاً بالاستمراريّة ، ومفعماً بالتّدفقات ، وصفته الدائمة الحركة والإنسياب واللمعان ، وكلّ ذلك لأنّه يتأسَّس على المتعة ، ويبعثُ على المتعة ، ويجلبُ المتعة ، وفي وجودهِ متعة ..
وحينما تنظر إلى لوحةٍ ما ، على سبيل المثال ، لا تفكّر في بادىء الأمر إلاّ بالتمتّع بما تفضي إليه اللوحة . إنّها في الوهلة الأولى تشدُّكَ إلى تفاصيلها الممتعة ، وإلى متعتها ، التي تتحسَّسها عميقاً في عينك الباصرة والذائقة ، وفي روحكَ التّواقة للجمال ، وفي تذوّقك الخلاّق . إنّها تمنحكَ متعةً الانتشاء والاشتهاء البصريّ والروحيّ والحسَّيّ ، ومتعة البقاء على قيد التأمّل والالهام والتّذوّقِ ..
ألسنا نردِّد دائماً ، إنّنا قد أحببنا هذه الموسيقى ، أو تلك المعزوفة ، أو ذلك الشّعر ، أو تلك المسرحيّة ، أو ذلكَ النحت ، أو تلك اللوحة ، أو هذا العرض الفنّي ، أو هذه التحفة السرديّة ؟ أليس في كلّ هذا الحبّ ، متعة عاشقة ، ومتعةٌ قد لا نعرفُ كيف استطاعتْ أنْ تستحوذ علينا بالكامل ؟ وأليسَ في هذا الحبّ ، حبٌّ شغوف للمتعة ؟ فليسَ باستطاعة أيّ شيءٍ أنْ يأخذكَ إلى معارج الحبّ ، إلاّ إذا كانَ مترعاً بالمتعة واللذة والاشتهاء . إنّه الفنّ يقدر أنْ يضعكَ في أولّ الحبّ وفي منتصفه ، ويسير بكَ إلى ما لا ينتهي من الحبّ ، ويستطيع أيضاً أنْ يلهمكَ ، كيف يجب أنْ تحبَّه وتستمتع به ، وكيف لا تستطيع الاستغناء عنه . ألسنا نجد متعةً فائقة في التعالق الحميميّ مع ما نحبُّ من الفنون في كلّ وقت ، لأنّها تمنحنا لذة التواصل مع الحياة ، من خلال مقطوعةٍ موسيقيّة ، أو مقطع شعريّ ، أو رسمة معلّقة هنا أو هناك ، أو مشهدٍ بصريّ باهر ..
والمجتمعات التي تتمتّع بمناخٍ فنّيّ زاخر في شتّى صنوف الفنّ ، نجدها مجتمعات مفعمة بالذوق والتهذيب والرقيّ والحبّ والنشوة والإنسانيّة . إنّها مجتمعاتٌ تجد أنّ أصل الحياة هي المتعة ، ومن غير المتعة لا قيمة للحياة ، ومن دون المتعة لا يمكن أنْ تتقدَّم في الحياة ، لأنّها تصبح قاتمة ، وهادمة وجامدة للحسّ والشعور والتأمّل والذوق . وغير ذلك نجد أنّ هذه المجتمعات ، بعد أن تكتفي بالمتعة من خلال الفنون ، تصبح مدركة تماماً لاستقبال الحياة الفكريّة والمعرفيّة ، وشغوفةٌ بها في الوقتِ ذاته ، وتتّجه مباشرة بعد أنْ تشبّعت بالفنون ، إلى التحصَّن بالفكر والثقافة والمعرفة ، لأنها تدركُ جيّداً أنّ حرّيّتها تكمن أولاً في أنْ تجِدَ المتعة فيما تريد ، والمتعة هي الباب الذي تخرجُ منه على رحابة الفكر والمعرفة ، وبذلك استوعبتْ هذه المجتمعات عميقاً ، إنّها لا يمكن لها أن تتزوّد بِالتنوير الفكريّ والمعرفيّ ، وتتخلّق به ، وهي مقيّدة في حرّيّة المتعة ، ومقيّدة في التمتّع بالفنون . إنّها الفنون التي تجعل من هذه المجتمعات ، كياناتٌ دافقة بالحياة ، مستمتعة بِالمتعة ، متذوقة للجمال والألق والسحر والإبداع ، وشغوفة بالآفاق المشعّة بالفنون ، ولذلكَ نجدها مجتمعات تملكُ قابلية عظيمة في التنوّر الفنّي والفكريّ والمعرفيّ والأدبيّ والفلسفيّ ..
والفنُّ عموماً يتقنُ تماماً صناعة اللحظة ، اللحظة التي تشعر معها بأنّك في تفاصيلها مستمتعاً ومتذوّقاً ومستلهماً . وهيَ اللحظة التي تريدكَ أنْ تعيشَ زمنكَ الحاضر بِكلّ تجلّياته وانهماره وتدفّقاته ، وهنا تكمن متعة الفنّ ، المتعة التي تضعكَ شغوفاً في تفاصيل اللحظة ، وفي تخلّقاتها الملهمة . ألسنا نحاولُ دائماً أنْ نستدعي من خلال الفنّ ، تلك اللحظة التي تلهمنا شعوراً لذيذاً بِالحبّ والودّ والألفة والعاطفة ، وتمنحنا احساساً متدفقاً بِالحياة ، وتَهبنا سعادةً بما نشعر به ، وبما نحن عليه من المتعة والاستمتاع . ولذلك عادةً ما نجد أنفسنا مغرمينَ دائماً بِالفنّ عموماً ، لأنّه يحيل الحياةَ إلى لوحة وموسيقى وأنغام ومشاعر بصرية وأحاسيس سمعيّة ومشاهد مرئية وألوان زاهية ، وعواطفَ جيّاشة ، وإلى غير كلّ ذلك الكثير ، ممّا يبعثُ فينا الأمل والحبّ والألق والجمال والفتنة والتذوّق والرهافة واللذة والتأمّل . والفنُّ ربما وحده الذي يتمتّع بتلكَ القدرة الخلاّقة ، على تجاوز اللحظة ، والبقاء في الأبديّة ، لأنّه مسكونٌ بالعاطفة والأحاسيس والأحلام والمتعة ، ولهذا لا تزال مقطوعات الموسيقيين الكِبار ، واللوحات الفنيّة العظيمة ، والأعمال الكتابيّة الباهرة ، والميثيولوجيات الإنسانية ، باقيَة إلى هذه اللحظة ، ويتعلّق بها النّاس دائماً ، هنا وهناك ، ولا تزال تؤثر في عواطفهم وأحاسيسهم وأحلامهم ، ولا تزال تُفعمهم بالمتعة والنشوة والتوّهج والتّذوق والحبّ ..
وفي مقابل التنظيرات والنظريات والفلسفات والديانات ، التي لا تنفكُّ تدعونا إلى فهم الحياة ، ومعايشتها كما يجب . هناك دائماً الفنّ ، إنّه الفنّ الذي يجعلنا نفهم الحياة ، على طريقتهِ الخالية من منطق الفروضات والوصايات والأدلجة . فالفنّ الحقيقيّ لا يلزمكَ بفهمٍ محدَّدٍ للحياة ، ولا يضعكَ تحت لونٍ واحد من الفهم ، ولا يجبركَ على تفسيرٍ ثابت للحياة ، ولا يرهنكَ في معتقدٍ شموليّ . إنّه عالمٌ شاسعٌ من الآفاق والألوان والتنوّعات والمستويات ، يتخلّق فسيحاً في رحابةٍ من الحريّة الطليقة ، إنّه يأخذكَ إلى عالمه ، ولكنّه في الوقتِ ذاته ، يترككَ حرّاً طليقاً ، لا يضع أمامكَ أو خلفك حاجزاً أو سدَّاً . ولذلك مع الفن ، نستطيع أنْ نفهم الحياةَ على طريقتنا التي أحبّبناها من خلاله ، وعلى طريقتهِ المفعمة بالمتعة ، والزاخرة بِالحريّةِ والرحابةِ والشّساعة . ومع الفنّ أيضاً تصبح الحياة ممتعة ، وملهمة ، وشهيّة ، ومترعة بالتّفسيرات والتخلّقات والاشتهاءات والإبداعات . وكلّ أولئك الذين ، يردّدون دائماً ، بأنّ الحياة مع الفنّ تصبح ، ممكنة ، ومقبولة ، ونستطيع أن نتعايش معها ، والفنّ يجعل من الحياة ، أقلّ كآبةً وضجراً . أولئك ، أستطيع أنْ أصدَّقهم تماماً ، وأجد أنّهم ، صادقونَ كثيراً في كلامهم هذا ، لأنّهم وجدوا في الفنّ ملاذهم ومهربهم الجميل والخلاّق والممتع ، ووجدوا فيه فلسفتهم وطريقتهم الخاصَّة ، وأسلوبهم المحبّب والمميّز ..
والفنُّ وحده ، ربما ، يستطيع أنْ يضعكَ في أعماق نبضك سعيداً ومبدعاً ومتفنّناً وعاشقاً . إنّه يجعلكَ تتحسَّس بِرهافة جمال الإيقاع في نبضك ، من خلال تجلّياتهِ الفنيّة الساحرة الملهمة ، حيث متعة الحياة تكمنُ في احساس نبضك وإيقاعه الخلاّق ، ومن خلالهِ ، ومعه تصبح الحياة قائمة وناطقة ودافقة في أعماقك . إنّه يُحيل الأشياءَ من حولكَ إلى متعةٍ ، وإلى نبضٍ وإيقاعٍ وحركة ، ويُحيلها إلى أحاسيس ومشاعر وعواطف ، نابضة بالمتعة والنشوة والتّذوق ، وبارقة بِالتّبصّر والتأمّل . إنّه يستطيع بِكلّ اقتدار ، أنْ يُخبرنا بِشفافيّة ناصعة عن مدى أهمّيته وروعتهُ ، في أنْ يكونَ متعالقاً مع المتعة والألق والجمال والإبداع ، في أعماقنا ، وفي شعورنا ومشاعرنا ..
وأولئكَ الذين يصنعونَ الفنَّ ، بكلّ تجلّياته وألوانه ، ويقدّمونه للنّاس هنا وهناك ، إنّهم يمنحوننا القدرةَ على امتلاك الحلم والمتعة ، وليسَ أجمل من أنْ يحيا الإنسان حياته بِالمتعة ، ويحياها أيضاً مدفوعاً بالأحلام . فمع المتعة والأحلام تغدو الحياة ملهمة ودافعة ، ومترعة بالأشواق والتفنّنات والتجلّيات والإبداعات والإلهامات . فمَن يُقدّم لكَ الفنّ بكلّ صنوفه ، يكونُ قد قدَّم لكَ المتعة والحلم ، وبهما تصنعُ واقعكَ الذي يبعثكَ توَّاقاً للمتعة . المتعة التي تجعلكَ متذوّقاً للحظتكَ الطافحة بِجماليّات الإحاسيس والمشاعر والعاطفة ، ولا تخلو هذه المتعة من صخب الإبداع وجنون الحبّ ، لأنّها متعة النبض في إيقاعات الحركةِ والانسياب والتألق والتخلّق والشغف . وهو الفنّ الذي يجعلك عاشقاً للحلم ، الحلم الذي تستطيع معه وبه ، أنْ تكونَ قادراً على استئناف حياتكَ في كلّ مرةٍ ، بِكامل الشغف والحبّ والشّوق ، لِصناعة حلمٍ آخر ، أكثر توهَّجاً وسطوعاً من سابقه ، إنّه حلمكَ الذي يرافقكَ أبداً ، ومعه لن تتخلّى عن ما وجدتَّ نفسك فيه ، من إبداعٍ وجمال وحريّة ..
وأنْ نكونَ في حضرة الفنّ ، هو ما يعني بالتأكيد إنّنا في حضرة المتعة . وأحسبُ دائماً إنّنا في رفقتهِ ، ندرّبُ حواسنا على التذوّق والاحساس والفرح والحبّ أيضاً ، إنّه يعلّمنا ، هذا الفنّ ، كيف يجب أنْ نستمتع بما يجلبه لنا من فرحٍ وسرورٍ ومتعة ، ويعلّمنا أنْ نحبَّ أنفسنا بملء حواسنا ومشاعرنا ، وبما في أذهاننا من متعة التأمّل ودهشة التّدفق ونزعة التحرَّر . فالفنُّ طريق الحبّ ، ومعه يغدو الحبّ طريقاً حافلاً بِالتخلّقات والإبداعات والعطاءات والتجلّيات . إنّه يحرَّر الحبَّ من اختناقات الانغلاق والتحزّب والأدلجة والجمود ، ويسير به إلى حيث الإنسان في تخلّقاتهِ وإبداعاته الطليقة والرحبة والفسيحة والحرَّة ..
ولا غرابة في أنّ الإنسان قد تعوّد منذ القدم ، على أنْ يحيا دائماً في ما يجد فيه متعته وسعادته ولذته ، وإلاّ أصبحت الحياة في عينيه قاتمة ومدلهمّة ، ومسكونة بِالضّجر والملّل والكآبة . إنّه يريد أنْ يحيا مستمتعاً بما اختاره وأراده ، وبما وجد في اختيارهِ من متعةٍ ولذةٍ وتذوّقٍ ونشوةٍ واحساسٍ ملهمٍ وخلاّق . ولذلكَ كانَ أنْ اختار الفنّ واخترعه في أشكالٍ وأنواع مختلفة ومتعدّدة ، ووجد فيه طريقه نحو النجاةِ من التعاسة والكآبة والضيق والسأم ، إنّه أصبح مع الفنّ يشعر بالحياة تتدفقُ في نبضهِ من خلال احساسه بمتعتهِ في الشعور والحلم والتأمّل والتذوّق ، ويشعرُ بجمال الأشياء تنسابُ في عينيه الشغوفتين طبيعيّاً للمتعة البصريّة في تجلّيات اللون والشكل والحركة والضوء والبريق واللمعان واللقطة ، ويشعر بمتعة الحياة تهطلُ في أذنيه العاشقتين دوماً للأصوات والإيقاعات والأنغام والأوتار ، ولذلك ليسَ من المبالغة القول ، بأنّ الإنسان وجد في الفنّ حاجته أكثر من المعرفة ..
#محمود_كرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقل الحديث وتجلّيات الوعيّ
-
في حريّة المعنى ومعنى الحريّة
-
الجمال ... ثراءٌ في فلسفة الخَلق
-
تجربة الحقيقة ... تجلّياتٌ في ممارسة الخَلق
-
فلسفة الذات الخلاّقة
-
عن العقل البائِس
-
التجربة وحْيُكَ المقدّس
-
هذيانات أنيقة
-
المحرّمات الثقافية في العقليّة الجماعية
-
الإنسان كائنٌ هويّاتيّ
-
في أن تخرجَ من قيودك
-
في أن تكون الحياة رهنُ يديك
-
كلام في الخمسين
-
الإنسان يصنع مستقبله
-
الذات الحرة في بناءاتها ورؤاها المتمايزة ..
-
ذاكرة الإنسان المعرفية .. تجلياتٌ في الإبداع والتجديد
-
في فلسفة المشاعر الإنسانية
-
الشغف .. أكثر حالات الإنسان تألقاً وتفرداً
-
الإنسان التعبيري .. إنسان النزعة الخلاقة
-
حرية التفكير طريق التمرد المعرفي
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|