أدهم مسعود القاق
الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 04:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النقد التاريخي وقراءة الحاضر
أدهم مسعود القاق، كاتب سوري مقيم بمصر، [email protected]
يدلّ تداخل الماضي والحاضر على ترابطهما، وفي القرآن الكريم ورد: {ومضى مَثَل الأولين}، تاركًا المجال للحاضر أن يصيغ أمثاله المعبّرة عن متطلباته، ولكن من دون وجود إمكانيّة للفصل بينهما، فالحاضر مفعمٌ بالأنماط المجتمعيّة والأنساق الثقافيّة المتسرّبة إليه من الماضي المتكوّن على شكل طبقات تراكمت فوق بعضها منذ فجر التاريخ حتّى اللحظة الراهنة، والاشتغال على فهم الترابط بين الماضي والحاضر وتحليل عناصر التداخل بينهما يوحي للبشر بدروب مستقبلهم، وقد قال سايمون ديورنغ: "إنّ رواية قصص عن الماضي قد تكشف كيف وصل المعاصر إلى ما هو عليه الآن" ، وبناء عليه فلا يمكن فهم التاريخ من موقع الثبات الاستاتيكي ، بل من حركته الدائمة والدءوبة عبر الزمن، فـ: "التاريخ تجربةٌ بشريّة تتطور بشكل متصل ومتماسك" ، وهو تجربة معرفيّة أيضًا، تتضمن قراءة نقديّة متواصلة، يشارك فيها باحثون مثقّفون مدركون للحظة التاريخية وللواقع المعيش وراصدون لتسلّل قيم الماضي في سياقه التاريخيّ لفهم أسباب التردّي والتماوت في أرجائه، كما يكشف المثقفون المحجوبات والمحرّمات بغية تغيير خرائط الفهم السائدة المستندة للعيوب النسقيّة الثقافيّة المتراكمة منذ مئات السنين والمتغلغلة في بنية المجتمع، بغية التأسيس لبناء أنساق ثقافيّة مختلفة عن السائد تخلق بدروها حالة وعيّ جديدة فـ: "النقد لا يكون تاريخيًّا حقًّا إلّا إذا انتهى بالتحريك، ببثّ الحياة في الشواهد المستنطقة" عبر فهم وتحليل وتأويل الواقع الذي يتمّ استقراؤه بآليات مختلفة ومناهج مستجدّة، حيث: "أصبح موضوع القراءة، بقدر ما يعامل (هذا الواقع) كنصّ، ويقرأ بصفته مثقلًا بالمعاني أو محمّلًا بالدلالات، بقدر ما يجعله محتاجًا إلى من يتدبّر معناه بالتفسير والتأويل" ، وهذا يستلزم الشروع بالدراسات التي تطمح إلى إرساء ركائز مقاومة ثقافية من منظور تحرّري، بعيدًا عن الرؤى الاستشراقيّة التي لم تر في الشرق، وبالتالي في الإسلام سوى ما تمثّلته عقول المسلمين وعيونهم في العصور الوسطى، حتى أصبح: "واقع الاستشراق معاديًّا للإنسانية، وهو مستمرّ بإلحاح، وإنّ نطاق تأثير مؤسساته النفّاذ والشامل، لايزال قائمًا حتّى وقتنا الحاضر" ، إذن، لابدّ من التخلّص من نقد مواقف المثقفين الكامنة في ذواتهم التي صيغت على أسس استشراقية مرتبطة بدعاوي الغرب عن تفوقهم، وعلى الشعور بالدونيّة تجاه ذاك الغرب أو جلد الذات تجاه ما يعتري مجتمعاتهم من تخلّف مترافقًا بعجزهم عن التغيير.
20 – 6 - 2017
#أدهم_مسعود_القاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
إضافة إلى المفضلة
للاتصال بالكاتب-ة
