أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد صالح عويّد - وليمة السيّاط :














المزيد.....

وليمة السيّاط :


محمد صالح عويّد

الحوار المتمدن-العدد: 5469 - 2017 / 3 / 23 - 01:36
المحور: الادب والفن
    


وليمةُ السياطِ
محمدصالح عويد·22 مارس، 2017
أكتبُ حين تُذريني الريّح
كحبّةِ رملٍ مصقولة ، ويسحلني من كُثيّبٍ كسولٍ ، لأعلق باشواكِ شُجيرةٍ تتدعبلُ بلا هُدى أ أتقلّبُ مع أشواكها دون مقاومةٍ حتى يطعننا صُدفةً كُثيبٌ طفلٌ فنلتصقُ بهِ ونصيرُ : الأشواك وأنا جزءً منهُ حتى الريّح الترددة ، المتأخرة ، تحضر لاحقاً .
الطريقُ يصعدُ بالمُقيّلين في ظلال الأودية ، فيما يهبطُ بنا مع الطامحين نحو ذُرى الأشواك .
عالمين من خروجٍ
أكتبُ قبل أن تتخثّر كلماتي فتميل للسوادِ مع الحبر المُدلّى ، فيتبدّى للعيانِ خارطةَ طريقٍ توصل لكنزِ الضياعِ ، ليس من السهل الوصولِ إليهِ دونَ رغبةٍ حقيقيّةٍ جارفة ، فليس من المُفترضِ أن تكون الرحلات تأخذُ الجميعِ نحو السعادةِ المُثلى ، والجزيرة الأشهى
نحنُ اليوم محكومون بدستور المقابرِ غير المُقترع عليهِ ، ونعيش تفاصيل طقوسَ الدفنِ ، ونتعطّن في شعائر الجنازات هلعاً قبل الوصول .
لا يُنصتُ إلينا سوى الحجارة ، وينهال الترابُ ولهاً كلما استمع لأنين اللهفةِ بوضع حدٍّ لمهزلة عبثيّةِ الوجود ، يساعدنا الترابُ على إطفاءِ جذوةِ الألمِ والتمرّدِ والتشظّي ، حينها تكون شظايانا المُبعثرة بلا ريبٍ تخضع للقوانين اليابسة التي تمّ تجفيفها كجلودِ ثيرانٍ هائجة قديمة تحت شمسِ الإحتواءِ ، والتلقينِ المُحكمِ لضرورات البقاء بجوار المعالفِ داخل إصطبلاتِ دافئةِ بأجيج الذلّ .
لن أستطيعَ أن أحشو في رأسِ أحدٍ ما كلمةً ما لم أقرع نوافذ الوجعِ والهمِّ بمطرِ الإهتمامِ ليسيل بقطراتِ الألم المخنوقِ على زجاجِ صدورنا القاحلة .
نغرقُ بلُجّةِ الموتِ كلّما انحنينا لنتطلّع نحو اقدامنا ، ونتوقف عن التفكير في تأمّلٍ أبدي حول أيامنا الآفلة ، ونحن دائماً مُطأطئون نحو أقدامنا الحافية البائسة !
كأنّ الحياة والموتَ صنوان ، كلّاً مِنّا يحمل في جسدهِ توأميهما ، صنوانِ وندّانِ يتنازعانِ البقاءِ والرحيل ، في همسٍ لا يكادُ يسمعهُ سوانا ، إنّهُ الوهمُ :
وهمُ الخلودِ ، ووهم العودةِ من جديد ، وهمُ استرجاعِ الفُرصِ الضائعةِ ، وهمُ جذبِ العمر المُتلاشي من أرواحنا وأجسادنا ، وهمُ الإمساكِ بكل التفاصيل الفالتةِ ، من تلابيبها وتطويعها بتشكيلٍ طينيٍ جديد لننال منها ما فقدناهُ بحرمانٍ أو بغباءٍ مُدقِعْ .
دوّامة الوهمِ حين تبتلعنا دون انتباهٍ وحذر ، دون المصالحة مع الذات والمحيطِ ، والواقعِ ، والجسدِ ، يُصبحُ الإستسلامُ لها مُكلِفاً ومدمِّراً ، يقذفنا لاحقاً خارج اسوارِ الحياةِ ككيس قمامةٍ ، ويُفقِدنا الإحساس بكرامة الوجود الإنساني ومعانيه الساميّة .
في كلِّ آنٍ تجتاحني فوضى مُباغتة ، لا نعلم من اين تهبُ كرياحٍ شماليّة ك تُجمِّدُ الذاكرة لتتحول لحبّةِ عدسٍ سمراء لا فرق بين الأمس والغدِ ، وتصادرُ الحياديّة الناضجة ، وتُثيرُ ضباب الوهمِ الخلّابِ اللذيذِ النديّ ، فيبدأ التيّه ....
يتكثّفُ الضياع أكثر حين يهبطُ ليل البصيرة ، نشعرُ كأننا في رؤيا نبي حالمٍ ، فتنتفخُ - الأنا - ويتعاظمُ العبثُ ، ونسرح في كوننا وقعنا في حضنِ ليالي الف ليلةٍ وليلة ، والفوانيس السج=حرية مبعثرةً حولنا وما علينا سوى أن نطلب من مردةِ الوهمِ ما نشاء بلا حدود .
لا فرقَ أبداً ، لأننا سوف ننسى في معمعة العبثِ الزائفِ أوان الوصول ، ونبقى نُحدِّقُ بعيونٍ زائغة في هبوبِ أنسامِ النشوةِ دون أن نشعر بها أن نمسكَ شيئاً محسوساً من تفاصيلها المنشودة .
حين تتهافتُ العتمةِ ، حين يزدادُ لهاث الليلِ في هزيعهُ الأخير ، ويُفعِمُ البردُ وتنقضُ على أعناقنا أنيابُ الوحشةِ ، يتكاثفُ ضباب الوهمِ فيهطلُ صباحاً المطرَ وتنقشعُ الرؤية ، وينحسرُ العبثُ فيما نحنُ تصفعنا سياطُ الواقعِ والحقيقة ، وتُسمِّرنا الدهشةُ والخيبة بمسامير السذاجةِ والندم .
نُصبِحُ عُراةً مام كل ما هو مرئي ، كشجرةِ صبّارٍ مُشرعةً بأشواكٍ عارمةِ الرغبةِ بالسملِ والخرزِ .
الكثيرين لا يعلموا ، ربما لا يعترفوا بأن الإنسان وحيداً هو كائنٌ نكِرة ، هشّ ، كذبابةِ عابرة ، وربما الكثير لم ينتبه ، أو يتعمّد الولوجَ في عتمةِ الكارثةِ بعينين مفتوحتين ليُثبتَ دقّةِ هذه النظرية - الرؤية بآخر المطاف
ولكن من يُخضِع روحهُ ، وضميرهُ لجلدِ سياطِ الحقيقةِ والواقع والتأمل الحيادي ، المُرّة والمؤلمة مُبكِّراً سوف يعي إنّ الإجتماع هو من يمنحنا معنى الوجود ورُقي الحضور الخلّاق .
إنَّ الإحساس بالوجودِ ، المصيرِ ، والفرصةِ ، والعمرِ الذي ينبثقُ من رحمِ الصرخةِ الأولى ، يسقطُ فوق اجسادنا الغضّة حينذاك ، كأنهُ قفص سماوي مُفعم بالدقّةِ والصنعةِ المُحكمةِ ولا يمكن للكثيرين إيجادَ مخرجٍ نهائي منهُ ، فالكارثةُ في الإستلابِ الذي نوهم أنفسنا بهِ حين نستسلم دون إرادةٍ أو نتيجة ضغوطٍ وضعفٍ غير مُكتمل الوعي ، بأننا قادرون على تحقيق ما يجب ، وإثباتِ مصداقيّةِ الوجودِ والقدرة على الفعل ، ولكن نكتشفُ بعد رحلة ضياعٍ بإتجاهٍ واحدٍ ، وفقدانِ كل شيء ، بأننا استسلمنا لوهمٍ بالغ العبثيّة .
فيما قِلّة تستطيع أن تنجو بأرواحها ، وتتحول لمراكب نجاةٍ ، وقِلّة يؤمنون بهم فيلتحقوا بقافلةِ الناجينَ حين يتشبّثون بقشّةِ التأمل والتدقيق والمراجعة ، للإنعتاقِ من الغرائزِ والإفلاتِ من سذاجة الإنقيادِ الأهطلِ .
تُصبِحُ الروحُ غيمةٌ ، والجسدُ فراشةٌ ، يتناولان بيُسرٍ روح الوجودِ والكثير من أسرارِ الله .
الكارثة حين نبدأُ بالتسرّبِ عبر إستحضارِ أحلامِ اليقظةِ عبر بريقٍ خاطفٍ ناتجٍ عن تصادمِ غيمتي الوهمِ ، والأنا النرجسيّةِ !
ربما هو بابُ زنزانة أبدية ، ولكن المفتاح في تجلّي وهطولِ غيثِ الخلاصِ الإنساني ...



#محمد_صالح_عويّد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص شعري - بعنوان - حدثيهم يا عشتار
- نصّ شعري بعنوان : مخاض الحلم المؤجّل
- تصويب لحُسنِ إستثمار الإعلام لصالح ثورات الحريّة :
- مراجعة لفهم بعض وقائع التغيير العربي وآلياته
- لا أنام


المزيد.....




- “بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال ...
- فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت ...
- نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
- قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...
- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...
- اللغة العربية في طريقها الى مدارس نيشوبينغ كلغة حديثة
- بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأر ...
- المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف: الصهيونية كانت خطأ منذ البداية ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد صالح عويّد - وليمة السيّاط :