هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5381 - 2016 / 12 / 24 - 16:27
المحور:
الادب والفن
هل تحلم بالثراء!!!
في كل عصر ينشط قطاع إقتصادي تجاري ,مالي, يجني منه رواده المليارات , فيتهافت أصحاب الطموح و راغبي الثراء السريع على الإستفادة من الفرص المتاحة ,, قبل سنوات راجت تجارة التعامل بالأسواق المالية وبعد خسارة السوق بالبورصة ,,بلعت الحيتان الكبيرة الأسماك الصغيرة بضربات موجعة مما جعل الحالمون الجدد ينصرفون لسوق العقارات لإنها تخلو من المخاطر ولكن بعد المرور على مافي العالم من إزمات ودمار ,قد يسقط عقارك تحت منفذي أيدي المجانين والإرهابين –إنظر لحلب كيف تحولت الى مدينة أشباح , ففي كل ساعة تسقط عمارة فأي الإستثمارات تجدي وأكثرها إستدامة وبعدا عن المخاطر ,
إنها حتماالطريق المفروشة بالكتابة
هل أنت حالمة !
متى كان الكتّاب والمؤلفين أغنياء !!
الم نسمع عن قصص لمؤلفي كتب ماتوا جوعا ولم يجد منهم وراءه ثمن دفنه في قبر محترم .
حسنا ,,هذا صحيح ,,, ولكن بعد قراءة هذا الإعلان ,, فعليك مراجعة أحلامك وتقرر بعدها ان كنت راغبا بالثراء من إمتهان الكتابة كوظيفة لك أو إستثمار بعيد الأجل وبدون أي مخاطر ,وهذا هو الأهم .
" مؤلفة «هاري بوتر» أكثر ثراء من ملكة بريطانيا"
في العدد ( 8917) من جريدة الشرق الأوسط (4 ) جاء هذا العنوان اللافت لكي يصدم القارىء و يثير الأعجاب بنفس الوقت . فأين كنا وأين أصبحنا
هذا الشيء الغير مألوف و طرأ على الحياة العامة , بتنا نسمع عن قضايا جديدة لم تكن مطروقة مثل أدباء في مصاف الأثرياء , هل سمعتم بهذا من قبل !!
عندما نتذكر ميتة الروائي العظيم " أنطون تشيخوف " وهو نفسه الذي حارب الإبتذال طيلة حياته, كيف عادت جثته بعربة مليئة بالقواقع البحرية ,عندها سنعرف الفرق بين الماضي والحاضر .
عشرات القصص لمؤلفين ماتوا جوعا أو تهميشا , أما سمعتم عن المذيع الذي اجرى لقاء مع الشاعر بورخيس وفي معرض سؤاله عن سر بقاءه بالعيش في مكان بسيط , رغم شهرته الواسعة بكل أنحاء العالم فضحك بورخيس وأعتبر أن ذلك الرجل هو أحمق رجل أنجبته بلاده .... فمتى كان الكتاب أثرياء !! هذا الكاتب الذي كان يعتبر أن كتاباته ليست تلك التي يقرؤها الناس بل تلك التي مسحها , والذي طلب بود ألاّ يحسدوه لتوليه رئاسة المكتبة الوطنية (5) بعد فقدان بصره قائلا:" أقول ذلك بشيء من الحنين لأن العمى منعني من المطالعة منذ1955 . حدث لي في ذلك العام أمران رئيسيان في حياتي: عيّنت مديرا للمكتبة الوطنية في بيونس آيرس وفي الوقت نفسه تقريبا صرت أعمى. ثمة 200 ألف كتاب في متناول يدي… دون أن أتمكن من قراءتها".
, فتخيل تعاستة كشخص يعشق القراءة ولديه مكتبة يوجد بها أكثر من 200 ألف كتاب ولا يستطيع قراءة كتاب منها , سنعرف حينها أن من بين الأشياء الذي يفتقدها الأديب - عندما تأتي متأخرة - بحيث يصبح حدوثها أوعدمه .سيان.
حتى مقولة ميغيل ثيربانتس الشهيرة " هناك طريقان يقودان إلى الثروة والمجد أحداهما طريق العلم والآخر طريق السلاح) لم يكن قد اقترب من أي منهما وهو في الثالثة والثلاثين وكان قبل ذلك أشد اجوعا وإملاقاً.
لذا عندما نسمع شيء مغاير فأننا حتما سنفرح , ولكن حتى تلك التي فاقت ثروتها ملكة بريطانيا , حيث قدرت ثروتها في سنة (2003) بأكثر من 280 مليون جنيه أسترليني , كانت لها لحظات مرارة وهي تنتظر موافقة دور النشر, فهذا النجاح لم يأتي مرة واحدة , فمؤلفة الساحر هاري بوتر التي عملت في أحدى المدارس استمدت روايتها الناجحة من عالم المدارس , ولو فكرت قليلا في الفكرة ,,,, إنها مجرد مدرسة ,وهناك صفوف دراسية ومواد علمية وجداول صفية و مباريات رياضية وهناك مكتبات وهناك كما هي الحياة مدرسين وطلاب في جانب الخير ومدرسين وطلاب أشرار و آخرين يعانون من أمراض الغرور والكبرياء .
وهكذا تم الأمر , وكل ما فعلته أن أضافت لذلك بعضا من السّحر, فجعلت المدرسة مدرسة لتعليم السحر
ياالهي ماأسهل هذه الفكرة !!
ولكن من كتبها ؟ ومن الذي جنى كل تلك الأرباح فيما بعد ؟.
حدث هذا في العصر الذهبي للرواية , في زمن الرواية ... القرن الحادي والعشرين بإمتياز
و في البدايات لم يكن ذلك سهلا لدى " جيه كي رولينغ " (6) التي حملت مسودة الجزء الأول من الفتى اليتيم هاري بحثا عن ناشر, ولمدة عام كامل من الرفض , وافقت أخيرا دار النشر رقم 13 , و مقابل 1500 جنيه إسترليني فقط. ولكن هذا ليس غريبا قبل موسم الطفرة الذي حدث ,
دعونا نعود إلى القرن الثامن عشر وتحديدا في روسيا وفي بيت مغطى قرميده بالثلج .
فتح الباب بعد أن أزاح بالرفش ركام الثلج الذي يغطى المدخل متمنيًا لو يكف الثلج عن التساقط , لكي ينهي تلك المهمة الصعبة على روحه , فبعد إفلاسه استجاب لعرض صاحب دار النشر , وها هو يتجهز لملاقاته لإجراء صفقة خاسرة حتما , ولكن ليس بيده حيلة .
... بعد أن لف عنقه بشال صوفي ثخين , وغطى نفسه بمعطف يشبه معطف غوغول الذي سرقه اللصوص كالعادة , خرج الروائي داستوفاسكي من منزله المغطى بالثلج الذي انهمر لعدة أشهر بدون توقف , حاملا أوراق تم توقيعها بحزن وتخوّل لصاحب النشر بيع حقوق انتاجه الأدبي لقاء ما يعادل ( 1500) دولار فقط (7) .
أرايتم ليس هناك أي فرق بين " قصة رولينغ و داستوفسكي
كلاهما تقاضا مبلغ 1500 دولار فقط , ولكن يفصلهم تاريخ طويل وقرن من الزمان لكي تصبح بعدها رولينغ مليونيرة في عصر الرواية الذهبي . وقد احتلّت رولينج المركز الثاني لأغنى النساء في العالم. بعد أوبرا المذيعة الأمريكية ذات الأصل الأفريقي , بثروة قدّرت بحوالي مليار ونصف المليار دولار!
( يقال إنها نقلت ثروتها في شاحنات مصفحة , و القمر الصناعي يصور ما يحدث ثانية بثانية ويتابع تحركات السيّارات!).
ورولينج أول كاتبة تجني مليار دولار جرّاء الكتابة فقط! وقد تم تصريح أن كل ثروة رولينج جرّاء الكتابة. إلا لو استثنينا المئة جنيه التي امتلكتهم بعد أن تم اطلاقها .
وما بين الحاضر والماضي نجد مسافات ضوئية , بين إيرادات الكتب الضخمة في عصرنا مقابل ما كان يأخذه كُتَاب العصور السابقة , ولكن هذا لم يمنع حتى في القرن الثامن عشر أن يكون هناك روايات وكتب حققت أعلى المبيعات (8) ولكن الفرق يكمن في طبيعة الإقبال على هذا الفن السردي وكيف صار رديفا لسلوك حياتي بعد أن كان محتكرا للطبقة البرجوازية المدللة التي كانت تقرأ في القرون السابقة فقط لقلة الأعمال والواجبات الموكلة إليها .
فما قصة هذه الأرقام الفلكية لروائيين صاروا أثرياء من مهنة الكتابة ّ!!
ليست القصة كيف حدثت , ولكن هل ستظل تحدث !!
أم أن الأمر كما فسره الناقد المغربي المعروف" محمد برادة " له علاقة بإعصار العولمة الربحية (9) .
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟