|
مقدمة في ظهور الأَديان الشمولية
بارباروسا آكيم
الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 21:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقراءة مسيرة نشأة الأَديان الشمولية التوحيدية علينا قراءة الوسط الجغرافي الذي ظهرت فيه تلك الأَديان ، فلو أَخذنا أَول الأَديان التوحيدية الشمولية ( اليهودية ) سنجد إِنَّ اليهودية ظهرت بين كتلتين حضارتيين كبيرتين .. وادي الرافدين من الشرق ومصر من الغرب ، ومابين هذين الوسطين حضارات وشعوب أُخرى . وبطبيعة الحال كان لهذا الوسط دوره في عملية نشأة وتطوير الديانة اليهودية ، الحقيقة أَنني في هذه الدراسة المبسطة أُحاول ليس الخوض في تاريخ نشأة الأَديان الشمولية بل توضيح بعض الإلتباس الحاصل من بعض الكُتَّابْ - عن سوء فهم أَو عن قصد - في قراءة مسيرة تطور الأَديان التوحيدية الشمولية وعلى رأسها اليهودية .. يعني ستكون هذه المقالة بمثابة التعليم على بعض الأَخطاء الشائعة وتوضيحها
وسأقدم بعض الأَمثلة على تلك الأَخطاء أَو التصورات يتصور البعض سواء من المؤمنين بإحدى الأَديان الشمولية التوحيدية او حتى اللادينيين بأَنَّ اليهودية تعد أَول ديانة توحيدية ، فالمتدين بالدين الشمولي التوحيدي يعتبر هذا عنصر تميّز أَظهر فيه الله ديناً خاصاً يتمتع بعنصر التوحيد الذي ضيعته سنين من الوثنية . أَما اللاديني فيعتبر اليهودية منبع الشر الذي إِختلق أَول عنصر من عناصر التصادم ورفض التعددية من خلال كارثة التوحيد
ما نعلمه يقيناً أَنَّ أَول ديــانـة تـــوحيـديــــة في العالم ظـهــــرت في مصر القـديـمـة ، يقول واحد من أَكابر علماء المصريات " اريك هورنونج " في عبارة هامشية على مغلف كتابه : [ إِن رسالة اخناتون التي تدعو الى عبادة اله واحد .. انما هي عقيدة تختلف عن كل العقائد السابقة بل العقائد اللاحقة أيضا في مصر الفرعونية . فهي أقرب كثيرا الى فكرة التوحيد في الأديان السماوية ] ويقول كذلك : [ وليس من شك في أن هذا الأله الذي كانت الشمس هي صورة عبادته المرتبة ، والذي عبده المصريون بأسماء مختلفة ، كان هو الخالق للالهة الأخرى وهو كذلك الأله الوحيد من الالهة المستتر والغامض في جوهره ] . وتحت عنوان : (( سياسات والده )) في ص 36 يقول : [ وليس من شك في أن أمنحتب الثالث حاول أن يمنع هذا الأله الواحد من الفوز بالسلطة العليا بتأكيد أهمية تعدد الالهة في مصر ، خاصة بربطها بعيده الخاص بالتجديد ]
اخناتون وديانة النور " سلسلة مصريات 9 ( تاريخ _ فن _ حضارة ) تأليف : اريك هورنونج ، ترجمة وتقديم : د.محمود ماهر طه ، الفصل الثاني - خلفية الديانة وجذورها : اللاهوت الشمسي الجديد ( ص 35 _ 36 ) الهيئة المصرية العامة للكتاب 2010 القاهرة
أَما سيريل دريد فيكتب : [ كان اخناتون مثالا للطهر والأمانة والصدق في حياته الخاصة ، فلم يرضه اتجار كهنة امون بالسحر والرقى واستخدامهم نبوءات الههم للضغط على الأفكار بأسم الدين ونشر الفساد السياسي وقال في هذا " أن أقوال الكهنة لأشد اثما من كل ماسمعت " . واعلن في شجاعة أن هاتيك الالهة وجميع مافي الدين من احتفالات وطقوس وثنية . وأن ليس للعالم الا اله واحد هو اتون ]
أخناتون ..الألف كتاب الثاني ، تأليف : سيريل الدريد ، ص 6 ، ترجمة : احمد زهير امين ، مراجعة : د.محمود طه ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1992 القاهرة
مثل آخر ..يزعم البعض - متدينيين أَو لادينيين -أَنَّ اليهود هم المسؤوليين عن إِنتاج ظاهرة - الحُكُم الثيوقراطي - أَو الحُكُم المستند الى خلفية دينية ! ، ولكن الحقيقة أَيها الإخوة إِنَّ الحُكم الثيوقراطي موجود قبل اليهودية ..من تاريخ ظهور الممالك الحديثة فيما بين النهرين ومصر القديمة ! وكل حاكم حكم فيما بين النهرين او مصر ..حكم بإسم الآلهة والشعب ! يعني مثلاً يقول يان أَسمان : [ وكان فوجلن عالم سياسة لذا كان يهتم بالتكوينات السياسية التي تطورت تحت تأثير الإسطورة الكونية . وقد أطلق عليهم (( امبراطوريات كونية )) وكلها منظمة طبقاً لنظام ملكي ، وتدرجي وثيوقراطي مـســتـنـد على الــتــــفــــــويـــــض الإلـــــهـــي ، وكلها قد إِشــتـركـت قـداســة الحـكم مع أُســـس نظام الكون ، أَي جعلوا منه نظام ديني سياسي في آن واحـد أَطلق عليه فــوجـــلـيـــن ( نظام ديــنـي - سـياسـي ) . وتنظر الإسطورة الكونية للعالم من منظور مركزي . : في المركز يوجد إله خالق حافظ وحاكم للعالم ، يـتـجــــســـــــد في صـــورة الملك . ورغم هذا الإصرار على الوحدة ، فهي لاتتعلق بالوحدانية إِن العالم الذي خلق وحكم بواسطة إله واحد وممثله على الأَرض هو عالم مملوء بالآلهة . لذا وجد فوجلن نفسه مضطراً لإختلاق تعبير جديد الــ ( Summoeisme ) . أَي مجموع الآلهة . ومجموع الآلهة والملكية الدينية والإسطورة الكونية يكونان معاً ظواهر لنمط خاص , وهذا التفسير لرؤية بلاد النهرين والرؤية المصرية للعالم أَتاح الى فوجلن إِعادة بناء التاريخ الثقافي للإنسانية كتطور لعملية التمييز . والظاهرة الكونية تقابل التجربة المدمجة للنظام الذي يرفض - أَو لا يستطيع - التمييز بين الالهي والسياسي ، الخلاص والسيطرة ، الكون والمجتمع ]
مـاعت - مـصر الفرعونية وفكرة العدالة الإجتماعية ، تأليف: يان أَسمان ، ص 20 - 21 ، ترجمة : د. زكي طبوزادة و د.عليه شريف ، الطبعة الأولى القاهرة 1996 ، دار الفكر للدراسات والتوزيع كذلك يتصور البعض ( دينيين و لادينيين ) بأَنَّ اليهودية حوت اول تشريع شمولي إِلهي ..والمتدين يرى هذا علامة تميز لإله لم يرد ترك البشرية بلا هِداية تشريعية ، واللاديني يرى في هذه أُم الكبائر وبوابة القحبنة والنكبة التي لاتغفر للأَديان التوحيدية الشمولية ولكن في الحقيقة إِنَّ هذا التصور للطرفين باطل ، فأَول شريعة شمولية [ وكلمة شمولية تفيد شمول كافة مناحي الحياة ] تستلم بتفويض إِلهي كانت شريعة حمورابي 1790 قبل الميلاد يعني قبل الزمن المقترح لموسى بما يقارب 500 - 600 سنة.. حيث يظهر حمورابي وهو يتسلم الواح الشريعة من الإله مردوخ أَو الإله شمش ، وطبعاً لن أَخوض في تفاصيل شريعة حمورابي لأَنها أَشهر من نار على علم ومعروضة في متحف اللوفر في باريس إنهاء الدردشة
#بارباروسا_آكيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللحن الحزين في الكنيسة الشرقية
-
ورطة صاحب القرآن في قانون العقوبات الفرعوني
-
الزخرفة كناتج عرضي للقمع الإسلامي للفن
-
خرافة اللوح المحفوظ دونها السيوف
-
ورطة صاحب القرآن مع سيناء
-
الأَساليب التبريرية لدعاة الإعجاز
-
ورطة القرآن في الإقتباسات الغنوصية
-
قاعدة الأَغلبية تنقلب على المسلمين - وبالدينونة التي تدينون
...
-
شتائم إِلهية بنكهة عربية
-
اللوح المحفوظ في ضوء تاريخ العربية
-
قسطنطين الكبير
-
فكرة الحياة الأُخرى ابتدأت في سومر
-
ورطة القرآن في اللوح الوهمي المحفوظ
-
ورطة القرآن مع اسم هامان الفارسي
-
ورطة القرآن في دراهم يوسف المعدودات
-
حينما يستغرق اليساري في أَحلام اليقضة
-
حينما تعوي الذئاب بكاءاً على الحملان
-
المسلمون في زمن القحبنة الرقمية
-
إِسقاطات المسيحية على الشخصية الغربية
-
المسيحي : شعلة وضائة تنير درب الأَجيال وتتسامى على الصغائر
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|