سيلوس العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 13:36
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
"التنور" في اللغة العربية :
ان عبارة [وفارَ "التنّور"] القرآنية قد أدخلت الشرّاح والمفسرين المسلمين في حيص بيص، ويظهر ذلك في معاجم اللغة العربية التي تردّد ماقالوا وما قيل بشأن تفسير "وفارَ التنور" من دون أن يستقروا ويثبتوا على معنى، ربما لأن المعنى من شأن إله القرآن الذي هو وحده الفقيه في اللغة العربية، ولذلك يردّدون عبارة "والله أعلم"، وكأنّ الله هو اللغوي الأول والأوحد لطلاسم وألغاز العربية. وأدناه بعض منها:
[في التَّنْزِيلِ : "حتّى إذا جاءَ أَمْرُنَا وفارَ التَّنُّورُ"،
قال عليٌّ كَرَّم اللهُ وجهَه: هو (وَجْهُ الأرضِ)، ومثلُه وَرَدَ عن
ابن عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه (وكلُّ مَفْجَرِ ماءٍ تنَوُّرٌ).
وقال قَتَادَةُ: التَّنُّورُ( أَعْلَى الأرضِ وأشرفُهَا)، وكان ذلك علامةً له،
التَّنُّورُ: (مَحْفَلُ ماءِ الوادِي)، وتَنَانِيرُ الوادِي: مَحافِلُه،
وقال أبو إسحاق: أعْلَمَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى أَن وَقتَ هلاكِهِم فَوْرُ التَّنُّورِ.
رُوِيَ عن ابن عَبّاسٍ، قال: التَّنَّورُ:( جَبَلٌ) بالجَزِيرة قُرْبَ المَصِيصَةِ، وهي عَيْنُ الوَرْدَةِ. واللهُ أعلمُ بما أرادَ، وهذا الجَبَلُ يَجْرِي نَهرُ جَيْحَانَ تحتَه.
ورُوِيَ عن عليٍّ رضيَ الله عنه أيضاً أنه قال: أي (وطَلَعَ الفَجْرُ). يذهب إلى أنَّ التَّنُّورَ( الصُّبْحُ).
وقال الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ: قيل: هو في الآيةِ (عَيْنُ ماءٍ معروفةٌ)].
في كل الأحوال، إن كلمة "تنور" ترد مرة واحدة في القرآن ـ سورة هود 40 في وصف الفيضان في زمن نوح، في تصويرية تشبيهية غير موفقة يبدو عليها الاقتباس من رواية شفهية مشوّهة ومحرّفة لقصة الطوفان الواردة في التنخ العبري، بالاضافة الى أن الراوية القرآني الذي يدّعي أكثر من مرّة بأن القرآن رواية عربية خالصة، يستخدم هو نفسه كلمة غير عربية في أصلها "تنور"، والقرآن مليء بكلمات غير عربية، وسيضطرّ لغويو ونحويو العربية ـ البعض منهم ـ الاعتراف بأن "التنور" كلمة غير عربية مضاربين على إدعاء عربية القرآن النقية:
ابن دريد في جمهرة اللغة يذكر عدم عربية الكلمة (التنور) لكنه لا يذكر أصلها ويكتفي بالقول بأنها غير عربية:
قال أبو حاتم: التَّنُّور ليس بعربي صحيح، ولم تعرف له العرب اسماً غير التَّنُّور، فلذلك جاء في التنزيل: "وفارَ التَّنور" لأنهم خوطبوا بما عرفوا.
وواضح أن ما عرفوا لم يكن في أصله عربيّا.
ومرتضى الزبيدي في تاج العروس يقول معترفًا بأن التنور كلمة غير عربية وكالعادة يصفها بالأعجمية من دون تحديد أصلها:
يقال: هو (التنور) في جميع اللُّغَاتِ كذلك، وقال اللَّيْثُ: التَّنُّورُ عَمَّتْ بكلِّ لسانٍ.
وقال أبو منصور: وهذا يَدُلُّ على أنّ الاسمَ في الأَصل أعْجَمِيٌّ، فعَرَّبَتْهَا العربُ، فصار عربيّاً على بناءِ فَعُّولٍ، والدَّلِيلُ على ذلك أنّ أصلَ بنائِه تنر،
قال: ولا نعرفُه ـ التنور ـ في كلام العربِ، لأنه مُهْمَلٌ، وهو نَظِيرُ ما دَخَلَ في كلامِ العربِ من كلامِ العَجَمِ، مثلُ الدِّيباجِ، والدِّينارِ، والسُّنْدُسِ، والإسْتَبْرَقِ، وما أشبَهها، ولمّا تكلَّمتْ بها العربُ صارت عربيَّةً.
وقيل: هو المَخْبَزُ، وافَقَتْ فيه لغةُ العَجَمِ لُغَةَ العربِ، وجَزَمَ في المِصْباح نَقْلاً عن أَبي حاتِمٍ أنّه ليس بعربيٍّ صحيح.
قال شيخُنَا: وأمّا ما ذَكَرُوه من كَوْنِ التَّنُّورِ من نارٍ أو نُورٍ، وأن التاءَ زائدةٌ فهو باطِلٌ، وقد أوضَح بيانَ غَلَطِه ابنُ عُصْفُورٍ في كتابه المُمْتِع وغيره، وجَزَم بغَلَطِه الجماهير.
أما في اللغة العبرية :
فمنذ الألف الأول قبل الميلاد فأن كلمة "تنور" معروفة ومتداولة في وثائق مخطوطات كتب التنخ العبرية التي وصلتنا، وهذه بعض الأمثلة لها من هذه الكتب:
هوشع 7 : 4
ת-;-ַ-;-נ-;-ּ-;-ו-;-ּ-;-ר-;-
They are all adulterers, as an (oven) heated by the baker, who ceaseth to stir from the kneading of the dough until it be leavened.
"كلهم فاسقون "كتنّور" محمى من الخباز. يبطل الايقاد من وقتما يعجن العجين الى أن يختمر".
تكوين 15 : 17 فرن، تنور
And it came to pass, that, when the sun went down, and there was thick darkness, behold a smoking (furnace), and a flaming torch that passed between these pieces.
"وكانت الشمس غابت وكانت عتمة، وها "تنور" دخان ومصباح نار الذي عبر بين تلك القطع من الذبائح".
اشعيا 31 : 9
And his rock shall pass away by reason of terror, and his princes shall be dismayed at the ensign, saith the LORD, whose fire is in Zion, and His (furnace) in Jerusalem.
"وصخره من الخوف يزول ومن الراية يرتعب رؤساؤه يقول الرب الذي له نار في صهيون وله "تنور" في اورشليم".
مزمور 21: 9
Thou shalt make them as a fiery (furnace) in the time of thine anger-;-
the LORD shall swallow them up in His wrath, and the fire shall devour them.
"تجعلهم مثل "تنور" نار في زمان حضورك. الرب بسخطه يبتلعهم وتأكلهم النار".
مراثي 5 : 10
Our skin is hot like an (oven) because of the burning heat of famine.
"جلودنا اسودّت "كتنور" من جرى نيران الجوع".
ملاخي 3 : 19
For, behold, the day cometh, it burneth as a (furnace)-;- and all the proud, and all that work wickedness, shall be stubble-;- and the day that cometh shall set them ablaze, saith the LORD of hosts, that it shall leave them neither root nor branch.
"سيأتي يوم يحترق فيه كل المتجبرين وفاعلي الشر كالقش في "التنور" المتقد، في ذلك اليوم يحترقون ، حتى لا يبقى لهم أصل ولا فرع" .
خروج 8: 3
And the river shall swarm with frogs, which shall go up and come into thy house, and into thy bed-chamber, and upon thy bed, and into the house of thy servants, and upon thy people, and into thine (ovens), and into thy kneading-troughs.
"فيفيض النهر ضفادع فتصعد وتدخل في بيتك وفي خدر مضجعك وعلى سريرك وفي بيت عبيدك وفي شعبك وفي "تنانيرك".
لخَبزِ الخبز والكعك
لاويين 2: 4
And when thou bringest a meal-offering baked in the (oven), it shall be unleavened cakes of fine flour mingled with oil,´-or-unleavened wafers spread with oil.
"وإذ تقرّب قربان تقدمة مخبوزاً في "تنور" فليكن أقراص فطير مبلولة بالزيت ورقاق فطير ممسوحة بالزيت"
لاويين 7: 9
And every meal-offering that is baked in the (oven), and all that is dressed in the stewing-pan, and on the griddle, shall be the priest s that offereth it.
"وكل تقدمة التي تُخبز في "التنور" وكل ما صُنع في الطاجن (المقلاة) وعلى الصاج تكون للكاهن الذي يقربها".
وكذلك الخبز الذي تخبزه النساء
لاويين 26: 26
When I break your staff of bread, ten women shall bake your bread in one (oven), and they shall deliver your bread again by weight-;- and ye shall eat, and not be satisfied.
"وأقطع عنكم كفايتكم من الخبز، وهو قوام حياتكم، فتخبز عشر نساء الخبز في "تنور" واحد، ويوزعنه بالتقتير، وتأكلون ولا تشبعون".
وبرج التنانير
نحميا 3 : 11
Malchijah the son of Harim, and Hasshub the son of Pahath-moab, repaired another portion, and the (tower of the furnaces).
برج الأفران (ت نّ و ر ي م ) الذي بالقرب أو على جدران اورشليم.
نحميا 12: 38
And the other company of them that gave thanks went to meet them, and I after them, with the half of the people, upon the wall, above (the tower of the furnaces), even unto the broad wall.
"وسارت فرقة التسبيح الأخرى قبالتهم، وأنا وراءها، ونصف الشعب على السور من عند" برج التنانير" الى السور العريض".
في الكلدانية تَ نّ و را tannura.
وفي السريانية تَ ن و رُ tanuro.
واستعارته العربية من السريانية أو العبرية ليصبح تَ نّ و ر tannur.
وفي الفارسية أصبح : تندور tandur و تنور tannur .
ويبقى أن نقول أن الكلمة العبرية (ت نّ و ر) مشتقة من ( اَ تّ و ن ) و (ن و ر) = فرن النار furnace of fire ، وجمعها (تَ نّ و ر ي م ). وتقابلها الكلمة اليونانية ( ك ل ي ف ا ن و س κ-;-λ-;-ι-;-β-;-α-;-ν-;-ο-;-ς-;- ).
#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟