سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4895 - 2015 / 8 / 13 - 11:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (46) .
غاية أى كاتب أن تصل افكاره لجمهور القراء ليحاول أن يجتهد فى تقديم أفكار متماسكه تحترم عقل القارئ مستخدماً فى ذلك منطقه وحجته وثقافته وبلاغته فى إطار نهج معتاد يكون الكاتب مرسلا ً للأفكار والقراء فى وضعية الإستقبال . جال فى خاطرى فكرة أداء جديد فى الكتابة سبق أن قدمته فى مقالات سابقة ولاقت نجاحاً بأن يصل القارئ لأفكارى بدون أن أمليها وألح عليها وذلك من خلال طرح الفكرة فى سؤال لأترك لماكينة التأمل والفكر أن تعمل ويصل كل عقل إلى مرساه , وأتصور هذا الأداء الأفضل فى تصدير الأفكار والأكثر تأقيراً , فعندما يخوض العقل معارك يشحذ فيها تفكيره وتنطلق تأملاته ودهشته وقلقه وشكوكه فهذا أفضل حالا من تقديم الأفكار معلبة دليفرى لنتحرر عما إعتدناه من نهج نمطى فى التعاطى حيث نكون فى موضع الإستقبال والتلقى والتأثر وهذا نتاج تاريخ طويل من ثقافة التلقين ليكون موقفنا القبول بما يُلقى لنا اذا كان فى إطار الثوابت ورفضه إذا كان يعارضه , لذا فلنجعل الفكرة تثير فينا السؤال والدهشة والتأمل والبحث عن جواب .
- لماذا نقبل أننا جئنا من عدم ولا نقبل أن مصيرنا للعدم . فإذا كان المؤمنون يعتقدون أن الخلق جاء من عدم , فبنفس المنطق لماذا لا يتقبلون أن مصيرنا الرجوع للعدم ثانية ؟!.
-لماذا يجهد المؤمنين أنفسهم فى التحايل لاثبات وجود إله بينما لا يبحث أحد فى إثبات وجود انسان ودودة وحمار ؟.
- لماذا نبحث عن مُسبب حجر ولا نسأل عن مُسبب كمبيوتر , لماذا نعتنى بسببية البسيط ونهمل سببية المعقد , لماذا نسأل عن مُسبب الإنسان ولا نسأل عن مُسبب الله .. ولصياغة الفكرة بشكل مباشر فهم يقولون لا يمكن لكون وحياة بهذا التعقيد أن يكون بدون عقل مُفكر صنعه , لأسأل : هذا العقل الذي صنعه لابد أن يكون مُعقد وأعظم أكثر من الحياة والكون , فلماذا تنسب للأقل تعقيداً ضرورة وجود صانع وتلغي عن الأكثر تعقيداً وجود صانع له ؟! .
- البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ألا يدل هذا أن الكون من لطيف خبير . هل هذه المقولة منطقية وماعلاقة البعرة و بعيرها بوجود لطيف خبير .؟!
السببية تعنى إدراك الإنسان العلاقة بين السَبب والمُسبب وهذا الإدراك جاء نتاج رصد وتجارب وتراكم خبرات , فنحن نقول البعرة من البعير لأننا رأينا البعرة تسقط من البعير مئات المرات ولكن هل رأينا خلق أكوان على يد آلهة ليكون كوننا من لطيف خبير , وليكن سؤالنا أيضاً من أدراك أن هذا السَبب من ذاك المُسبب .
- الإنسان إخترع الطائرة والدبابة والكمبيوتر فكل مصنوع هو من عاقل . فهل هذه المقولة منطقية ؟ فلنسقط عليها منطق السببية فى أهمية إدراك أن هذا السبب من ذاك المُسبب حصراً , فلابد ان يكون لدينا تراكم خبرات عديدة بأن كل مُعقد هو من صانع عاقل , كما علينا تذكر منطق أن مصدر النار ليس من عود كبريت حصراً .
- أليس إعتماد السببية لإثبات وجود الله وإعتباره عله أولى غير معلولة ستحتم ظهور الجبرية فأفعال الإنسان نتيجة سبب وهذا السبب تسبب من علة أخرى حتى نصل إلى علة أولى غير معلولة فى نهاية السلسلة هى الله .
- من يطلق الرصاص الإنسان أم الإله ؟ .." الله يعلم الغيب " مقولة يقولها المؤمنون بلا تدقيق , فإذا كان الله يعلم الغيب فهذا يعنى أنه مُدرك المستقبل وأحداثه ولا تقف الأمور على المعرفة بل التحكم فى الأحداث وإلا فشلت المعرفة فى التحقق , بمعنى أن يزمع إنسان على قتل إنسان آخر ولو بسُم فى يوم حدده لذلك , فحسب وعينا أن هذا الإنسان هو الفاعل الحقيقى للقتل ولكن حسب فكرة عالم الغيب لابد أن يكون الله هو الفاعل ويكون الإنسان أداة الفعل فقط , فإذا قلنا أن هذا الإنسان أقدم على القتل بحريته وترتيبه فهذا يعنى أن الإنسان تحكم وأدار فعل مستقبلى غيبى بتفرد لينزع عن الله أنه عالم الغيب فهو لا يعلم أن هذا الإنسان شاركه وحدد الغيب , ليقول قائل أنه يعلم هذا الفعل منذ الأزل وأننا ننفذ معرفة الله , لنسأل هل لنا أن نخيب معرفة الله ؟! بالطبع لا . لذا نسأل لما كل هذا العبث والجلبه طالما السيناريوهات معلومة .
نأتى إلى إشكالية أن الله يعلم الغيب فهل يستطيع الإنسان أن يخالف هذا الغيب , فالله يعلم أن هذا الإنسان سيغير من قراره فى القتل فلو غَير فهذا يعنى أن الله يرتهن معرفة غيبه بقرار الإنسان , فلو تصورنا الله يعلم أن فلان سيُقتل بالسُم فهل القاتل لابد ان يقتله بالسم أو من مسدس , فوفق معرفة الغيب فهو مُجبر أن يقتله بالسم , فقتله بمسدس سيخالف معرفة الله للغيب وطالما هى معرفة إلهية مطلقة أى تعلم كل الدقائق كنوع السم أو نوع المسدس وماركته فهذا يعنى أن الله يدفع الانسان الى شراء نوع السم أو يؤثر عليه ليضغط على زناد المسدس , فألا يعنى هذا حتمية الجيرية.. سؤالان آخران : هل يستطيع الله أن يغير ماكتبه في اللوح المحفوظ على نفسه أم أن كتابته تلزمه أن يفعلها , وإذا كان الله يعلم ماذا سيفعل مستقبلاً فألا يعنى هذا يعني أنه غير مطلق الإرادة ؟.
- ماجدوى وجود الله فى حياة الإنسان على الأرض فهو فئة مُفترضة لا تضيف شيئا لحياتنا وليس بذا حضور وفاعلية فى وجودنا وتسيير أمورنا , فالشمس تشرق على المؤمنين والملحدين والجميع ينال نفس الحظوظ من الشقاء والسعادة , المرض والصحة , اللذة والألم , الراحة والعذاب , الغنى والفقر كلها تصيب المؤمن والملحد على السواء , فلا ميزة تفاضلية للمؤمن على الملحد فى ذلك , فما جدوى وجود الله فى حياتنا .. لا حظ اننى أسأل عن الجدوى فى الحياة الأرضية أى بدون تلك العلاقة المتوهمة بين الإنسان والإله فى عالم أخروى , فهل فكرة وجود الإله فكرة عبثية بلا معنى ولاجدوى ,هل يمكن القول أن الإنسان خلق فكرة الآلهة كضريبة يدفعها لجدوى وغاية ومعنى وقيمة متوهمة لتجعل لوجوده معنى , وإذا كان الأمر هكذا بلا جدوى , فما الجدوى من وجود إله أو عدم وجوده فهو يكون موجوداً بجدوى وجوده وغير موجود فى إنتفاء جدواه حتى ولو كان موجوداً .
- لماذا ينزعج الله من الأشرار والذين لا يؤمنون به ليعد لهم عذاب أبدى كما يمنح الأبرار والمؤمنين به النعيم الأبدى ,فهل الله محتاج لإيماننا وأعمالنا الخيرة , ويضار من الكفر والأشرار , ولكن الله غنى عظيم كامل ألخ من الصفات ذات الإجلال فلا يحتاج إلى وجود الإنسان أو التأثر بفعله كونه أزلى أبدى كما أن إحتياجه وتأثره يعنى أنه تحت الحاجة والرغبة وهذا لا يليق بإله كلى الكمال والعظمة .
اسمحوا لى بتقديم فكرة ومشهد راودنى فى طفولتى حيث كنت مُغرم بمجلات سوبرمان لأتصور أن أعمالنا الصالحة تذهب للرب على شكل شعاع يمده بالطاقة لمواجهة الشيطان والعكس صحيح فأعمالنا الشريرة تذهب فى صالح الشيطان ضد الله .. فهل هذا صحيح ؟!.
- إذا كان الله خالق الكون والوجود , فما علاقة هذا بفكرة الإختبار والإبتلاء والعدل والرحمة والجنه والجحيم ألخ , فما المانع أنه خالق الوجود ولا يعتنى بقصة إختبار ورصد وجنه وجحيم وترتيب أقدار وأرزاق كخالق عظيم نزيه غنى لا يعنيه الهاموش القاطن على سطح حبة رمل فى صحراءه الكونية الشاسعة .
لماذا لا نتعاطى مع منطق أن الله خلق الكون والحياة كفنان ينتج أعمالا تروق له ولا ينتظر من أعماله أن تمجده وتعظمه وتصفق لفنه .. أى أن الله خلق ورسم ونحت بدون حاجة أن يسجد له ويعبده أحد , كما لا يعنيه أن يهتم ويرصد ويدون أعمالنا ليضع هذا فى جحيم وذاك فى الجنه .. ألا ينسجم هذا مع كماله وعظمته وغناه وعدم حاجته .
سيقفز من يقول : هل تريد أن لا يقتص من الظالم وألا يثاب المظلومين والأبرار .. هل من هذه الإجابة يمكن أن نفسر لماذا خلقنا فكرة الإله ليقتص من الطغاة ويثاب الأبرار لترتاح نفوس متألمة متعبة تبحث عن إيجاد معنى لوجود غير معتنى .. هل خلقنا فكرة الإله بحثاً عن عادل ومُعتنى ومُقدر الأرزاق يقتص من الظالمين وموفر لمنتجع 10 نجوم نتجاوز به عدمية الموت ؟.
- إن كان الانسان يُبتلى لأنه عاقل والعقل أساس التكليف والامتحان , فألا يعتبر تعذيب ومعاناة الحيوانات لا يُرجى منها تكليف أو اختبار كونها ليست عاقلة عمل عبثى غير حكيم وينقض فكرة العدل والرحمة والحكمة في الإله ؟.
- هل تستطيع ان تُعرف الأبيض من غير الاسود ؟.. هل من الممكن ان تدرك اللذة بدون إدراك الالم .. هل يمكن أن تُدرك الجنه بدون الجحيم ؟.
- ما جدوى وجود الإنسان وماذا يميزه عن أى كائن حى آخر على الأرض فهو دورة حياة تنتهى وتذوب فى الطبيعة كأى كائن فلا يفرق عن دودة ولكن البعض يقولون أن الانسان ذو وعى , ولكن ماذا فعل الوعى فى الجدوى , فمهما كان وعيه عملاق فإنه ينتهى بالموت كالدودة , ليُسرع البعض بتقديم الجدوى والغاية والقيمة فى عالم مابعد الموت ليدخلنا فى تخيلات وأوهام بينما نسأل عن جدواه وغايته على الأرض فهو يسعى كالدودة للحصول على الطعام ثم الموت , هل حشر فكرة الحياة فى عالم الآخر تعطينا معنى لماذا أبدع الانسان فكرة الآلهة والعالم الفنتازى لإيجاد معنى لوجوده على الأرض فلا يكون كدودة تُدعس تحت النعال .
- هل أجسادنا ملك خالص لنا ؟! . عندما نموت تتعفن أجسادنا وتتحلل ليكون مصيرها فى جوف دودة وحشرة , والتى تموت بدورها لتتحلل فى الأرض ليكون مصيرها النهائى فى بناء نبات أو فى جوف حيوان أو طائر ليكون مصير الجميع جوف إنسان آخر أو حيوان لتتكرر هذه العمليات التحويلية ملايين المرات على مدار الحياة أى أن جزيئاتنا وذراتنا تجد سبيلها فى ملايين الكيانات الأخرى لنسأل هل يستطيع أحد القول أن جزيئات أجسادنا وعظامنا ولحمنا ملك خالص لنا ؟ وعليه نسأل عن مدى هشاشة وسذاجة فكرة البعث والتجميع فأى جزئ من أجسادنا شاركت وتشارك فى كيانات وجودية اخرى ؟ ألا يعنى أن فنتازيا البعث والخلود أضغاث أحلام وأوهام إنسان رفض الموت ؟ .
- يرى الإنسان القمر و النجوم والشمس وعسل النحل والأنهار وغيرها كموجودات وجدت لأجله ومنفعته بل يستخدم تعبير سُخرت له . فمن نشأ أولا الإنسان أم الموجودات ومن تكيف وتوائم وتطفل على ماهو موجود الإنسان أم الموجودات ؟ّ! .
- بماذا تفسر أن النحل ينتج عسله من 150 مليون سنه , وأن الأمطار تهطل على الارض قبل الإنسان , كذلك الزلازل والبراكين والأعاصير ضربت الارض قبل وجود الإنسان العاصى , وملايين الظواهر الطبيعية والحيوية كان لها فعل وحراك قبل أن يوجد الإنسان على وجه الأرض ؟! .
- سألت فى مقال سابق سؤالاً جدير أن نتأمله : لماذا يوجد لكوكب المشترى 64 قمر يدور حوله بينما كوكبنا لديه قمر واحد , لماذا لم تكن حياتنا على المشترى بإعتباره أكبر الكواكب لننعم بالسعة والرحابة؟!.
- نحن نتكون من تخصيب بويضة أنثوية بواسطة حيوان منوى واحد وسط ملايين من الحيوانات المنوية كحالة من العشوائية المفرطة , فإذا تبدل الحيوان المخصب بحيوان منوى أخر من هذه الملايين , فإننا أمام صور أخرى من أنفسنا غيرالصورة الحالية . عندما نضع عملية التخصيب فى وضعية زمانية مكانية ستعطينا ملايين الحالات المختلفة بمعنى أن وجودى من عملية التخصيب سيأتى بنتائج مختلفة حسب الجغرافيا والمكان الذى إحتضن التخصيب , فمثلا فى الهند غير مصر غير رواندا غير كولومبيا . كذلك لو حدث التخصيب فى زمن الأغريق غير حدوثه فى عصر حجرى أو عصر بابلى أو عصر حديث ففى كل حالة سنحمل موروث جينى ثقافى إجتماعى قيمى شديد الإختلاف والتباين حسب حظ عملية التخصيب وزمانها ومكانها من الجغرافيا .. سنحمل موروثات ومعتقدات ورؤى وأمزجة شديدة التباين حسب عشوائية عملية التخصيب .. لى مقولة قد تفيد فى هذا المقام " الإيمان هو نتاج عملية تخصيب بويضة ما بحيوان منوى ما تم فى زمان ما وفى مكان ما . فهل بعد هذا نجد من يسأل عن حرية وإختبار وأن كل شئ مُقدر ومَحسوب ؟.
- إذا كان الله كلى الحقيقة فكيف يمكن أن يقول عاقل أن هذا كتاب الله , فهذا يعنى أن أفكار الإله يمكن أن تختزلها وتستوعبها الكلمات , فالإنسان الذي يدعي هذا الإدعاء لابد أن يكون واهماً أو كاذباً ، فلا يمكن للكلمات أن تخبر عن الحقيقة كاملة ، لذا فالكلمات ليست الرسالة التي تليق بإله كامل كلى الحقيقة بل هي كتابات بشرية من بشر للبشر .
- سؤال فى ماهية الدين : لماذا ينزعج الله من الزنا ويعد للزناة عذابا أليماً بالرغم أن الزنا نفس ممارسة العلاقة الزوجية من شهوة وأداء وميكانيزم وفعل وكيمياء كما أن هذا الفعل لا ينال من ذات الله وألوهيته وعبوديته فى شئ ؟ّ!.
- أليس الله على كل شئ قدير وحر ذو مشيئة , وله ما فى السموات والأرض . فماذا لو أقدم الله على إلغاء يوم القيامة والجنه والجحيم فهل يستطيع احد أن يقول أنه لا يقدر وغير حر ومُتقيد بما وعده وخططه , فالإله حر يا جماعة وعلى كل شئ قدير .. ألا يعنى هذا أننا سنلبس خازوق كبير .
أتصور أن هذه الأسئلة ستفتح الطريق للمزيد من التأمل والنظر للحياة ولأفكارنا المعهودة بصورة مغايرة عما ألفناه لننطلق لرحاب أوسع نحو فهم الإنسان وأعماقه .
وإلى أسئلة اخرى تقبلوا مودتى .
- لو بطلنا نفكر نموت .. طب ليه ما نفكرش .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟