انسكلوبيديا المرح السياسي بالمغرب

محمد البكوري

الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اضحى الحقل السياسي المغربي الحالي يتسم بجملة من الاواليات الجديدة على مستوى تواصله السياسي ،الذي اتسم في الاونة الاخيرة على وجه الخصوص - على الاقل منذ تشكيل حكومة بنكيران - باغناء وافر لمعجمه بسياقات خطابية مستحدثة، من ابرز مميزاتها العفوية، الشعبوية، البساطة، الغرابة ،المجازية ،الاستعارة .. .وهي المميزات التي اضحت تفرض على المهتمين باللغة و السياسة و السيمياء البيرسية التداولية ايلاءها تمام العناية واحاطتها بكامل الاهتمام . كما انها نفس المميزات التي تؤشر على تحول واضح من "دولة معقول" الى "دولة مرح" ،ومن صناعة القرار السياسي الى صناعة الفرجة السياسية . انه لكل زمن رجالاته و منظريه و لكل سياسة رجالاتها و روداها . كما ان لكل منهما المعجم الخاص الذي يتوسلان به لبلوغ المرامي و تحقيق الغايات . وعلى ضوء ذلك يمكن القول بنشوء لقاموس جديد ، يمكن وصفه بقاموس المرح السياسي الغني بمصطلحاته ومفرادته ، الثري بدلالاته ومعانيه وهو ما سنعمل على ان ننهل من بعض معينه الذي لا ينضب وذلك في السياق السياسي المغربي : - 1ديالي كبير: معناه الحزب السياسي المتميز بالاشعاع القوي و النفوذ الكاسح و التاثير البالغ والصدى الواسع، الممسك بزمام السلطة و المبلور لدينامية الحكم . كما يشير الى "حزب الجماهير" بتعبير موريس دوفرجيه و الى حزب المناضلين بعبارة جان شارلو و الحزب الاحتجاجي وفق تصنيف فيليب برو والحزب المعتمد على كاريزما الزعيم او الحزب الذي يلتقط كل شئ . -2التبوريدة: احيانا تحيل على قوة المعارضة - التركيز على معارضة بمجلس المسشارين -و احيانا على قوة الحكومة .وعموما قيام كل واحد من الطرفين ببناء قوته من خلال امتلاك ادوات" الوظيفة المنبرية" كما يشير الى ذلك جورج لافو او عبر تبني اواليات النقد الراديكالي . 3-ها كرشي خاوية :الدلالة على الشفافية كمبدا من مبادئ الحكامة الجيدة وغياب اي شكل من اشكال الفساد و الخضوع لكل اشكال المحاسبة و الرقابة 4فهمتيني ولالا: اداة لاستقطاب متلقي الخطاب السياسي وجعله يركز ،يتتبع، يتاثر ،و يقتنع بفحواه و جدواه . -5الدولة العميقة: مجموع السلطات الهلامية الضبابية الموازية او المتحكمة في الصيرورة السياسية لمؤسسات الدولة الرسمية . 6-التماسيح والعفاريت : كائنات هلامية توحي بنفس دلالات كيانات الدولة العميقة، وهي كائنات تمتلك سلطة فوق السلط وتكون لنفسها منظومة دولة داخل دولة. كما قد تشير الى اللوبيات او جماعات الظغط التي تمتلك اليات السلطة و ادوات التحكم في القرار السياسي او القرار الاقتصادي . -7لي فيه الفزكيقفز : الاحساس بالفزع الذي يجعل السياسي يحس بانه المقصود باي اتهام من الاتهامات ،وحتى ولو كانت موجهة لغيره 8-جيوب المقاومة : بقايا الجماعات المدافعة عن مصالحها و المعارضة لاي شكل من اشكال الاصلاح. 9-عفا الله عما سلف :غياب المحاسبة و ترسيخ مبدا الافلات من العقاب وتبني الية المساهمة الابرائية . -10الطابور الخامس : العدو الذي يوهم الدولة انه معها وهو ليس كذلك او الطرف الذي يشكك في مبادراتها ويحرص ان يسير عكس تيار خطواتها . -11الضفادع الصماء :اعضاء الحكومة الذين يقومون بعملهم بكل تفاني و اخلاص وعزم على مواصلة خططهم الاصلاحية وعدم الاكتراث بالانتقادات الهدامة . ان هذه النمادج و غيرها تؤكد بالملموس على ان موسوعة المرح السياسي اخذت تجد لها موطا قدم في الساحة السياسية المغربية ،والتي عرفت منذ مدة نوعا من الفتور و الكساد وخلقت لدى المواطن سلوكات من قبيل اللامبالاة و العزوف . وذلك مرده بالاساس الى انتشار خطاب سياسي نخبوي فوقي والذي تحول مع القاموس الجديد الى خطاب فرجوي استعراضي ، مكن المواطن العادي من معرفة خبايا الشان السياسي، بلغة قريبة منه ،سهلة الفهم ، بعيدة عن الاساليب المنمقة و العبارات الجافة ،مما يجعلها اللغة الاقدر على اختراق ادراكه ،بالنظر الى كونها تشكل اساسا لغة معيشه اليومي .وان كانت هذه المسالة الاخيرة تحمل من البعد الايجابي الشيء الكثير، فانها من الزاوية المعاكسة قد لا تخلو من بعد سلبي عند بروز تيمولوجية داخل القاموس السياسي الناشئ تتسم بالابتذال والسخافة، لدرجة معها قد تخلق مشاعر من الاحباط و التذمر و النفور لدى المواطن .مما يجعلنا امام حقيقة مؤلمة ،يبرزها عالم الاجتماع الفرنسي غاستون باتول كما يلي:" بكلمة و احدة كل شيء في زماننا يعطي الانطباع بان الفعاليات السياسية مازالت في مرحلة الطفولة و هي عاجزة على الارتقاء الى مستوى تقدم النشاطات الانسانية الاخرى." اجمالا ان "السياسة التي كنا نخاف منها البارحة، ستصبح بلا شك هي نفسها التي نخاف عليها اليوم" .

#محمد_البكوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات