أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - حبيبة فى الجنة - قصة صغيرة














المزيد.....

حبيبة فى الجنة - قصة صغيرة


موريس رمسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4713 - 2015 / 2 / 7 - 23:33
المحور: الادب والفن
    


يعيش هنداوي فى أحدى القرى مع أهله و عشيرته .. على الرغم من شعوره الدائم بالتمرد على الأعراف و التقاليد المتوارثة لديهم ، إلا انه دائما ما يتنازل عن رأيه و أفكاره لصالح أهله و عشيرته لإرضاء شيوخهم الكبار .. فهو لم يستطع الاعتراض على زواجه من بنت عمه حبيبة التى لم يعد يراها منذ ان كانت صغيرة و تلعب مع البنات فى الحارة ، قد رائها عندما كبرت لمرة واحده فقط و خلسة ، فلم تعجبه لكنه خضع فى اخر المطاف لاختيار والديه و دون مناقشه
امتلكت حبيبة القليل من الجمال ، لكنها كانت تمتاز بهدوء الطباع فلا تتحدث كثيرا إلى زوجها و لا تطيل معه فى الكلام ان اضطرت لذلك ، فهى لا تستطيع التواصل و مجاراة الكلام معه طويلا ، مفضلة الهروب و الانزواء عن الاستمرار و الندية فى الكلام و الحديث معه ، مما يسبب استفزاز كبير و ألم شديد لدى هنداوي و اثارة لأعصابه بهدوئها و صمتها الممل
احبت حبيبة هنداوي بشدة ، كانت تلصص عليه خلسة بنظراتها الفاحصة من بعيد و دون ان يراها ، كما لو كانت تريد ان تبوح بشيء مكبوت فى قلبها ، لكنها لا تستطيع ذلك ، فتتخيل نفسها تتحدث معه اثناء النظر إليه من بعيد

كان هنداوي شديد الانزعاج من زوجته على الرغم من تأكده من حبها .. انزعاج نتج عن هدوئها الدائم و المستفز كما لو كانت تشتكى من خلال نظراتها الصائبة إليه و نتج ايضا عن تأنيب الضمير الذى راوده طوال الوقت معها .. لم يستطيع هنداوي تلبية رغباتها الجنسية لفشله المتكرر معها رغم محاولات العلاج المختلفة و تأكيد الأطباء له باستحالة الشفاء لعجزه التام مع انعدام المقدرة على الممارسة
أخفى هنداوي حالته المستعصية عن باقية العائلة عدا امرأته ، فذلك يعتبر بمثابة عار له و لأهله .. اعتقد جميع الأهل ان امرأته عاقر لا تنجب و يجب عليه الزواج لمرة الثانية ، عندما طال الوقت ، اخذت العروض تنهال عليه بالزواج تباعا من الأقارب و المعارف فى القرية
الكل يريد رؤية الولد حتى لو تزوج أكثر من مرة ، لكنه يعلم جيدا انه لن يستطع ان ينجب لهم الولد ، مما جعل حالته النفسية تزداد سوء و تتدهور يوم عن يوم ، فاخذ يفكر جديا فى الانتحار ليهرب من حالته النفسية ، على الرغم من التزامه الدينى الشديد ، فهو يريد التخلص من العبء النفسى و الخناق الدائر حول رقبته بسبب تساؤلات الأهل و العشيرة و التى لا تنقطع

تحدث هنداوي مع ابن عمه و نسيبة فى نفس الوقت عن رغبته فى القيام بعمل استشهادى قد يُحسب له فى سبيل الله و طمعا فى الأجر و الثواب ، كان هنداوي على علم مسبقا بانتمائه إلى احدى الجماعات السلفية الجهادية منذ فترة
لم يمضى الوقت الكثير حتى كان لـ هنداوي ما أراد ، قام بتفجير نفسه فى أحدى الحافلات المخصصة لنقل الطلاب .. مات البعض و اصيب العشرات ، فاصبح هنداوي فى نظر الناس إرهابى و فى نظر العشيرة مُحتسب عند الله شهيد
امتازت حبية بشدة ذكائها على الرغم من الهدوء و الانطواء الغالب عليها ، فقد فهمت بسرعة الغرض من وراء فعله هنداوي ، كون ما فعله يعتبر مجرد هروب من واقعه المرير الذى كان يحيياه بقسوة الألم ، فمن شدة حبها له قررت على الفور الذهاب إليه واللاحق بيه فى الجنة

اكتشف هنداوي فى الجنة باستمرار حالته المرضية القديمة و عدم قدرته على الممارسة الجنسية مع الحوريات الجميلات و مع الأولاد ، لذا يتركهم طوال الوقت يلفون و يدورن على القصور المجاورة ليعودوا مرهقين لراحة فى قصره
وجد هنداوي ذات مرة حبيبة تجلس امامه بعيدا فى أحدى أركان القصر ، تنظر إليه بنظراتها المعهودة الفاحصة و التى قد سأمها ، حكت له عن سبب قدومها إليه و كيف قامت بتفجير نفسها فى عملية فاشلة لخطأ منها ، فبعدما ارتدت الحزام الناسف حول وسطها و اثناء تعلمها كيفية التحكم فى التفجير ، انفجر الحزام الناسف ، ماتت حبيبة و تقطع جسدها إلى أشلاء و معها أخيها و ثلاثة رجال آخرين و احتسب الأهل و العشيرة الجميع شهداء عند الله

ثار و هاج هنداوي غضبا و اخذ يصيح فى القصر يسب و يلعن الله و رسوله ، فلم يتخيل وجود حبيبة ثانية امامه، ذهب الى الرسول طالبا حل منه و اخذ ينادي عليه قائلا:
- يا رسول الله!
- أيوه .. عاوز ايه؟
- مش عاوز حبيبة معايا فى القصر!
- زوجتك نصيبك فى الدنيا و الآخرة!
- انا مش عاوز اشوف حبيبة امامى تانى!
- طيب أهده شويه! .. سأهديها لواحد أخر!

اهدى الرسول حبيبة زوجته إلى احدى أصدقائه المقربين .. لم يمضى الوقت الكثير حتى تفاجئ الرسول برجوعها ثانية إليه و معها حورية جميلة كهدية له من نفس الصديق ، قَبل الرسول الهدية كما فهم المقصد و المغزى منها ، لكنه كرر نفس الفعلة اكثر من مرة مع أصدقاء آخرين و فى كل مرة يتم رجوعها إليه و معها حورية جميله ، لذا قرر الرسول اخيرا ارجاع حبيبة ثانية الى زوجها هنداوي ، فهى نصيبه فى الدنيا و الآخرة

تأكد هنداوي من صعوبة التخلص من زوجته ، لذا قرر التحدث مع الله ذاته شخصيا لعلى و عسى يجد عنده الحل ، فاخذ ينادي عليه بصوت جهور قائلا:
- يا الله .. يا الله
- انت مين؟
- أنا هنداوي
- عاوز ايه يا هنداوي ؟
- مش عاوز حبيبة معايا!
- حبيبة مين يا هنداوي؟
- حبيبة مراتى!
- ده نصيبك و لازم ترضى بيه يا هنداوي!
- اذاى كده! ... دنيا و أخره كمان! .. ده مينفعش!
- ده نصيبك يا هنداوي!
- بس انا فجرت نفسى عشان اتخلص منها هى!
- تقصد انت مافجرتش نفسك عشان ترضينى انا بس؟
- لا طبعا!
- انت غشاش و مخادع يا هنداوي! .. مكانك فى النار مش هنا!

طرد الله اكبر هنداوي من جنته إلى النار لغشه و خداعه له و كونه لا يستحق جنته ، فعلمت حبيبة بما حدث ، فهمت مغزى فعلته ، لذا قررت التحدث مع الله شخصيا لتطلعه عن السبب وراء تواجدها فى الجنة و غرضها فى ملازمة زوجها لحبها الشديد له و صعوبة البعد عنه و فراقه ، فبعدما حكت حبيبة إليه كل شيء ، أرسلها الله اكبر إلى النار مع هنداوي عقابا لها و له



#موريس_رمسيس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن المبسط (الطبعة الثانية)
- انا الفرعون
- الهروب إلى النار - قصة قصيرة
- الفوضى و الأضعاف و التفكيك مشروع إنسانى
- لعبة الجن و العفريت - قصة قصيرة
- مؤامرات الربيع العربى
- غزوة السجون و الأقسام
- فوضى الهوية و الحرب الأهلية
- نعتوا ناعوت
- الله أكبر الرجيم
- أنا الفاعل
- أمة
- أبو خارى
- داعش الإيمان
- عار عليك
- بَدَور عليه – (ترنيمة)
- ما المقصود ب فرج الله؟
- العبقرية اليهودية و القبة الحديدة
- الحب المحرم – قصة قصيرة
- الحاجة نفيسة – قصة قصيرة


المزيد.....




- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...
- شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع ...
- بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس ...
- “بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال ...
- فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت ...
- نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
- قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...
- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - حبيبة فى الجنة - قصة صغيرة