أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - طلال الربيعي - العصبية-سياسية واصلاح اليسار















المزيد.....

العصبية-سياسية واصلاح اليسار


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4612 - 2014 / 10 / 23 - 21:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ان العصبية-سياسية هي ترجمة حرفية لمصطلح Neuropolitics المشتق من النظرية العصبية-سياسية, Neuropolitical . الكثير من هذه النظرية يستند على الفرضية التالية: في مجالات الحوارات السياسية وتبادل الافكار واثتاء العمل السياسي يتم فقد الكثير، او يتخلص منه، أو يرفض ببساطة, نظرا لاثارته عواطف محددة في عقول الأفراد. وبسبب ذلك يحتم على المنظمات السياسية إعادة بناء نظام أخلاقي جديد و خلق نماذج تنظيمية جديدة تعالج حالات التوليف والاحتكاك الاجتماعي والعاطفي.

تلخص Rita Carter في أحدث كتاب مرجعي حول الدماغ المعطيات العلمية العصبية الأخيرة بقولها ان وجود القناعات beliefs او انعدامها و التشكيك فيها disbeliefs يعتمد على تحفيز أجزاء الدماغ المسؤولة عن العواطف وليس تلك المسؤولة عن المنطق. فالاعتقاد ينشط منطقة ventromedial prefrontal cortex في الدماغ الذي يؤدي الى تحفيز مشاعر ايجابية كالمكافأة والمتعة, في حين ان عدم الاعتقاد يحفز جزء الدماغ السمى Insula، الذي بدوره يولد مشاعر الاشمئزاز.

نتوقف لحظة هنا لنتأمل هذه المعطيات. فالمعطيات الدماغية تشير الى ان المعتقدات و الشكوك بجميع أشكالها (السياسية والدينية، والفطرة السليمة، الخ) هي نتيجة لمحفزات عاطفية، وليست بالضرورة لاسباب عقلانية. اي ان منطقنا الداخلي هو ما يضفي صفة العقلانية على هذه العواطف. تهدف النظرية العصبية-سياسية الى تفهم العمليات العصبية المنتجة للعواطف التي تضفي العقلانية على افكارنا وتصرفاتنا في المجال السياسي.

فالكثير منا قد جرب الحالة التي يكون فيها احدنا قد بدأ التطرق الى موضوع سياسي واسع الابعاد، ولكن يتم توقيفه بسبب ان شخصا آخرا قد اساء فهمه. وما يليه هو تقييم سياسي سلبي للمتحدث و دحض بيانه، ويحدث هذا بغض النظر عما اذا كان التقييم او التفسير السلبي يتفق مع ما يعنيه او ينويه المتحدث (وهذا يحدث خصوصا عند تفاعل اشخاص يحملون افكارا سياسية متناقضة او مختلفة). وما يحدث عادة في سيناريوهات التوليف هو قضاء دقائق، ساعات، أيام، أو أحيانا سنوات للتحدث الى هذا الشخص عن مظاهر او اسباب "الاشمئزاز" أو "الخوف" من رأي المتحدث. أن جذور كثيرا من الحوارات السياسية الساخنة مرتبطة بتحفيز اجزاء الدماغ المسؤولة عن العاطفة.

حسب Damasio فان الاستجابات العاطفية تخضع بشكل كبير إلى التحفيز المسبب الذي يتأثر بالثقافة التي ننشأ فيها أو نتيجة للتعليم الفردي. لذلك لدينا إمكانية التحكم، جزئيا على الاقل، في تعبيراتنا العاطفية. الآثار المترتبة على هذه المعطيات مهمة جدا. في الواقع، الثقافة الاجتماعية او الفردية تؤثر بشكل مباشر في تحديد ما نفسره بأنه "مثير للاشمئزاز" أو "مقبول او ممتع". المجتمع، تقريبا بحكم التعريف، يلعب الدور الأكبر في تشكيل معتقدات الأفراد . ونحن نعلم الآن ان هذه المعتقدات تولف عاطفيا، مما يؤدى الى انتاج سلسلة من المعلومات العاطفية التي يقوم الدماغ بتفسيرها منطقيا على ضوء التغيير الحاصل في الدماغ بسبب رد الفعل العاطفي تجاه الحافز الخارجي. اما الأفكار المجردة المتناقضة فتتضمن تناقضات عاطفية التي تتحكم ثقافة المجتمع, الى حد كبير, في نشأتها و ديمومتها.

وفقا للنظرية العصبية-سياسية فان التثقيف السياسي خصوصا (ويتضمن ذلك ايضا التعليم الديني الخاص بتثقيف الناس حول الأخلاق والمسائل السياسية) عملية غير مستقرة ومتقلبة, لأنها تتعامل مع صيرورة مستمرة من إعادة التثقيف السياسي, وهذا يدخل فوضى معينة إلى المشهد بسبب معتقدات فردية للشخص تسبق تفاعله مع المنظمة السياسية. ان عملية اعادة خلق النفس (سياسيا) قد تنطوي على الاستفادة من "الشعور الذاتي بالذنب" باعتباره قوة دافعة للتغيير العاطفي والعقلي والمادي. سطحيا يبدو الشعور بالذنب وكأنه نضوج نفسي وتخطي للمعتقدات الطفولية، ويعني ايضا تخلص الشخص من قشرته "الرخوة" وابدالها باخرى اكثر قوة او صلادة. ومع ذلك، فالاستنتاجات السياسية (التي في نهاية المطاف تؤدي الى الإجراءات) في العديد من المنظمات تتمسك بنظم المعتقدات التي سبقت اكتشاف الهياكل العصبية للتوليف، مما يؤدي الى قسوة في التعامل مع الأفراد الذين لا يشاطرون التنظيم في نظرته للامور.

وهذا ينطبق على المنظمات السياسية اليمينية واليسارية في الطيف السياسي، وان كان التركيز والاهتمام ينصب اكثر على اليسار الراديكالي. هذه القسوة او الفظاظة أمر صعب--;-- خاصة بالنسبة لأعضاء المنظمات اليسارية الراديكالية التي تستخدم نظريات متقدمة ومتميزة التي يصعب للجمهور بشكل عام الاطلاع عليها بسبب قمع الطبقات الحاكمة الهادف الى ادامة سطوتها في الحكم. احد الامثلة هو حظر الكتب المعنية بمعاداة التمييز العنصري وبالتفكيك الماركسي للرأسمالية في ولاية أريزونا الامريكية, مما يؤدي الى شعور أعضاء المنظمات اليسارية بالعزلة، ليس بسبب عدم ارتباط نظرياتهم وأفكارهم مع الواقع، ولكن لأن افكارهم غير مألوفة الى حد كبير مقارنة مع افكار الناس المظلومين الذين يتم تنشأتهم بحيث يكونوا "عميانا" في رؤية وادراك قدراتهم الذاتية. هذا لا يعني رمي المفاهيم الاجتماعية عرض الحائط، فالعكس هو الصحيح . أن هذه النقطة تشير إلى امكانية اصلاح اليسار بشكل افضل اذا اخذ في نظر الاعتبار أطروحات الحقائق العصبية من أجل خلق ممارسة أكثر أنسنة ويمكن هضمها بسهولة أكبر من قبل الناس غير الراديكاليين unradicalized من الفئات والطبقات المظلومة.

نتيجة لغياب الممارسة العصبية-سياسية تتصف سلوكيات الراديكاليين بالأشمئزاز نحو المظلومين- وهم الناس الذي ينبغوا أن يصبحوا في نهاية المطاف رفاقهم الاكثراهمية في مسار الثورة. اي ان الراديكاليين لا يرفضوا فقط الوعي البرجوازي الزائف للطبقة الحاكمة، ولكنهم ايضا يرفضون الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة التي وقعت ضحية للتمويهات والخدع المجتمعية. ونتيجة لذلك، فان العديد من اليساريين يحصنون أنفسهم في مواقعهم السياسية الخاصة بهم, ويكتبون لجمهور اصلا راديكالي و يعملون تنظيميا فقط مع أولئك الذين يشاركونهم المعتقدات بدلا من التفرع والوصول إلى دوائر أخرى، أو يعبرون عن الاشمئزاز والرفض للقطاعات الاخرى بدلا من وضع خطط تهدف لوحدتهم الراديكالية. اي انهم بعملهم هذا يزرعون بذور الطائفية.

أنه من المهم الاقرار ان رفض الكثير من الناس, مثلا, للماركسية ومعاداة الرأسمالية ومعاداة الحرب، والاشتراكية، والشيوعية هي نتيجة لمعتقدات رجعية لم يتم تفكيكها. ومن المهم بمكان التركيز على تفكيك جميع الآراء الرجعية, لأن هذه الآراء تساعد في قمع البرجوازية للبروليتاريا وفئات الشعب الاخرى. انه ليس خطأ المنظمة الراديكالية عندما يرفض الاخرون قبول هذه المسؤولية المجتمعية.

مصادر ذات صلة
1- http://www.amazon.de/Human-Brain-Book-Rita-Carter/dp/0756654416
2- https://neuropolitics.wordpress.com/tag/neuroscience/
3- http://www.doyletics.com/arj/dervw.htm



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المال هو الدماغ الحقيقي لكل شيء، فكيف يمكن لمالكه أن يكون أ ...
- استخدام الفلسفة كعلاج نفسي
- لماذا لا تبرئ السلطة العراقية العراقيين من نقض (!) عهدهم للح ...
- نحن الآن بحاجة الى ماركسية سيزيفية
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 3/3
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 2
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 1
- آخر رئيس وزراء لالمانيا الديموقراطية حول البيريسترويكا وانهي ...
- العلوم العصبية والنضال الاجتماعي من اجل العدالة
- كارثة استخدام المحتل لليورانيوم المنضب في العراق
- اعادة اختراع الديموقراطية
- حرب أهلية طائفية هي إرث الغرب المرير في العراق
- الاضطراب النفسي -ما بعد الصدمة- وتأثيره (السياسي) المدمر على ...
- رأس المال في القرن الحادي والعشرين (2)
- رأس المال في القرن الحادي والعشرين (1)
- الولايات المتحدة دولة عصابات واستبداد 2
- الولايات المتحدة دولة عصابات واستبداد 1
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي - 4
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي - 3
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي- 2


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - طلال الربيعي - العصبية-سياسية واصلاح اليسار