شوية فضفضة

يوسف شوقى مجدى

الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 00:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

عندما كنت فى التاسعة من العمر كان هناك سؤالا يؤرقنى و أذكر أننى كنت اشعر بالرعبِ كلما فكرت فيه ..!!
شاء الله ان اولد فى عائلة مسيحية انجيلية "بروستانتية" من أب يعرف جيدا فى المسيحية و خصوصا المذهب الذى كان ينتمى اليه و هو المشيخية .. و ام كانت مثله و لكنها كانت خادمة فى الكنيسة .. و كان السؤال الذى عذبنى و الذى ذكرته فى اول كلامى ..((ماذا سيكون مصيرى لو اكتشفت بعد الموت ان المسيحية كانت خاطئة ؟؟!!)) .. توجهت الى امى يوم الاحد قبل ان نذهب الى الكنيسة و سألتها هذا السؤال ..
و على ما اذكر كنت قد قاربت ان ابكى لانى كنت مرعوبا من فكرة الذهاب الى النار و الخلود الابدى فيها !! .. بعد ما سألتها السؤال .. تعجبت امى و صرخت فى وجهى قائلة :" ايه اللى انت بتقوله ده؟!!"..و أفهمتنى انه يجب ان يكون ايمانى قوى و لا يجب ان اسأل هذه الاسئلة !!...
فقررت ان اصمت تماما و أتقبل كل ما قالته امى و لكننى لن اقول اننى سكت و حفظت شكى فى عقلى و كتمته بل ايضا حاولت ان أستعبد عقلى !! لكى اؤمن و لا اشك و قلت لنفسى المقولة الشهيرة التى تقلل من شأن العقل و هى ((يجب ان اؤمن لان عقلى صغير جدا و لا يستطيع أن يفهم هذه الاشياء)).. و مرت 6 سنين من عمرى حتى جاءت سنة 2013 شهر 5 بالتدقيق ..فى هذا الوقت كانت رغبة ملحة تسيطر علىّ و هى حب المعرفة و بدأت اقراء الكتب بنهم حتى وصلت فى القراءة الى "رينيه ديكارت" و تعلمت منه أهمية الشك فى المعتقدات التى تربينا عليها حتى نتأكد من صحتها و أن نفرغ سلة التفاح "اى عقلنا" لكى نستطيع ان نعرف التفاح الجيد من التفاح الفاسد ..و بعد دراسة علمية "قليلة " للكون أيقنت مدى الفوضى فى الكون و انه لا يوجد ما يسمى "بالتصميم الذكى" .. فذهبت الى اهلى و قلت لهم انه لا يوجد دليل "علمى" على وجود الله .. فبعد الصراخ فى وجهى و كلامهم الذى ينص على انه لم يكن من الافضل ان اقراء فى هذا السن الصغير و بعد كل ذلك حاولت ان اوضح لهم أهمية الدليل لكى نفهم اى شىء و نؤمن به و قلت لهم مثالا ظريفا و هو أنه يوجد ثلاثة أشخاص الاول يؤمن بان المسبب الاول هو اله روحى و الثانى يؤمن ان المسبب الاول هو تنين ازرق و الثالث لا يدرى شيئا !! الاول و الثانى يريدان ان يقنعا الثالث بمعتقدهم و لكن الاول و الثانى ليس معهم دليل واحد..!! فكيف سيقتنع الثالث ؟؟!!!!!!!!!!
اردت من سرد هذه القصة الطويلة التى حدثت فعلا فى حياتى ان اوضح اهمية الدليل فالدليل هو الصخرة التى يُبنى عليها اى معتقد فبدون حجة تصبح اى فكرة مُجرد هذيان عاطفى!! .. كما يقول كريستوفر هيتشنز : (( ان ما يتم فرضه بدون دليل يمكن رفضه بدون دليل)) .. و نجد الان التربية السائدة فى المجتمع بخصوص امر المعتقد و الدليل .. هى تعليم الاطفال ان الايمان بدون دليل من الفضائل و هو شىء جيد و حتى عندما يخرج طفل ليسأل - كما فعلت – ""يقولون له ان عقلنا صغير و لا يستطيع ان يفهم هذه الاشياء كيف لنا ان نضع البحر كله فى حفرة""
هذه هى الطريقة الشنيعة السائدة فى تعليم الاطفال و انا كنت من الذين تعلموا بهذا الشكل !!

#يوسف_شوقى_مجدى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات