نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 19:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
عندما ينتحب ُ هاتور
ثلاثةٌ و اربعون عاما ً على الكارثة، و لم يستطيع هاتور أن يمضي في حياته كما كان قبلها، صمته ُ المُنقطع بصوت ُ نحيب ٍ مخنوق يخرج ُ بين الأيام ِ لدقائق َ ثم يموت، كان الشئ َ الوحيد َ الذي يقول أنه ما زال ينطق، و أنه ما زال هناك، كان صوتها ما زال يعبُر بين حنايا ضلوعه و دفقات ِ قلبه و هي تحتضر ُ و تئن، و تتسرب ُ روحها من بين يديه، و هو يشهق ُ باكيا ً حتى خمد َ جسدُها تماما ً.
رائحة ُ دمها على ثيابه التي احتفظ َ بها ما تزال ُ تستنهض ُ الرُّعب َ المدفون في إحساسه ِ كلما استخرج َ رداءها و استشقهُ.
هو لا يعلم لم يستخرجُه، لم يستنشقُه، لم يعصرُه بين الذراعين ِ المضمومتين و بين الصدر ِ كأنه يريد أن يُدخلَه ُ إلى قلبه، ثم يموت َ بعدها، علها تعيش، علها تعود، عل دمه يكون مكان دمها، و عل قلبه يُصبح قلبها، و عل نور عينيها يُبعث ُ من جديد، مما تبقى من حطام كيانِه المفقود، حين خمدت فيها الحياة ُ بين يديه.
هاتور أحب ّ نوريني الجميلة َ حتى الموت، موتها بين يديه، بعد أن طعنتها ليليث لأنها غارت من طفولتها الشقية، و هي تصعد ُ في السنوات ِ بين عيني أبيها نحو اكتمال ِ الألوهة، هي نوريني المولودة ُ لهاتور َ النبيل، الذي من قسماتِه تشع ُّ الحياة ، و من بين يديه تنطلق ُ الأمنيات ُ الجميلة ُ لتستقر َ في قلوب البشر.
قالوا لهاتور أن اسمه ُ مؤنث، و هو إله ذكر، فكيف يستقيم ُ أن يأخذ َ الذكر مكان الأنثى ويلد، و تأتي نوريني، فقال لهم أن الحب لا جنس له ُ و لا سمات، فهو النوع ُ و هو السمة ُ و هو الحياة.
قالوا له أن الحب َّ تجديف ٌ على الآلهة ِ حين تتبدل ُ الأدوار، قال لهم أن الأدوار في الحب ِّ غير موجودة، و الحبُّ لا ثاني له، هو واحد مكتف ٍ بذاته، يُخصب نفسه، ليحبل َ بنفسه، ليلد نفسه.
قالوا أن ليليث لن تترك نوريني، فقال لهم أن الحب َّ لا يخاف، فنوريني تولد ُ في كل قلب ٍ أخصبه الحب.
هاتور ينتحب ُ و يئن ُ و يمسك ُ قميص َ نوريني و يلعن ُ ليليث و الآلهة َ و الزمان و المكان، و الأمل و الرجاء و السلام و الخلود، و يتذكر ُ نوريني، و يريدها أن تولد من جديد، لكن قلبه قد جف.
قتله موت ٌ أسود، أصدق ُ من الحياة، لأنه هدف ُ الحياة، و نهايتها المحتومة، المختومة بالدم و الألم، و الخوف.
هكذا قال هاتور، و هو ينتحب ُ على نوريني فطوبى لمن تولد ُ في قلبه نوريني من جديد، حتى يحيا هاتور، الذي هو الحب.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟