أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد العالي كركوب - إشكالية الجبر و التخيير من منظور الفكر الديني














المزيد.....

إشكالية الجبر و التخيير من منظور الفكر الديني


عبد العالي كركوب

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 23:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إشكالية الجبر و التخيير
من منظور الفكر الديني
عبد العالي كركوب
"الحياة كلعبة الشطرنج، و نحن هم البيادق، و هناك قوى خفية هي التي تحركنا".
هكذا تمثلت الحياة في ذهني، و إن كنت أدعي العقلانية و التحرر حتى على مستوى السلوكات و الأفعال، فإن مجموعة من القضايا حيرتني و جعلتني أشك في حريتي، هل نحن فعلا أحرار في تصرفاتنا...؟
حاول العديد من المفكرين و الفلاسفة الإجابة على هذا الإشكال، لكن قراءتي لهم لم تعفيني من إعادة طرح السؤال من جديد، و محاولة البحث عن مقاربة منطقية و عقلية حتى و إن لم أقبل بها. فجميع سلوكاتنا و أفعالنا خاضعة لإكراهات لا نحس أو نشعر بها، و لا ندركها، و تلك الإكراهات هي ما سميته بالقوى الخفية، و تنقسم إلى صنفين: قوى خارجية تتمثل في إرادة الله، و قوى داخلية تتمثل في الجانب السيكولوجي للإنسان؛ لكن الصنف الثاني بدوره يعود إلى الصنف الأول، لأن المخزون السيكولوجي يمتلِئ بالتجارب التي نعيشها و التي هي من عند الله. إذن فكل فعل أو سلوك نقوم به فنحن غير مسؤولين عنه، لأنه يتماشى مع المعرفة الإلهية، فهذه الأخيرة لا يمكن أن نقول عنها لاحقة، و الكل لا يعارض هذه الفكرة، فالله يعلم ما في القلوب و ما في الصدور، يعلم بالشيء قبل حدوثه، لنفترض أنني أفكر بفعل ما كتدخين سيجارة مثلا، إذن فالله يعلم بما سأفعل مسبقا، و بالتالي سأصبح مكرها على ذلك الفعل، أما إذا كنت مخيرا فسألغي ما كنت أنوي فعله، و بالتالي ستصبح معرفة الله خاطئة، و هذا الاحتمال غير وارد، لأنه يعلم أيضا أنني سأغير رأيي... هكذا تكون سلوكاتنا و أفعالنا التي نظن أننا مخيرين فيها جبرا و إكراها.
لنعد إلى مسألة خلق الكون، فالله خلقه في مدة محددة، و خلق أيضا الجنة و النار "قبل خلق آدم" ثم جاءت مرحلة خلق هذا الأخير، فبدأت المسرحية التراجيدية بأمر إبليس و الملائكة بالسجود، فسجدت الملائكة، لكن إبليس رفض، و الكل يعلم التأويل الذي قدمه الفقهاء لهذه المسألة حيث تم ربطها بالتكبر... لكن هناك تفسير آخر يبدو منطقيا قدمه المفكر صادق جلال العظم في كتابه "نقد الفكر الديني" و هو كالتالي: رفض إبليس السجود لآدم لأنه كان أمام أمرين: الأول، هو القدرة أو الإرادة الإلهية، التي تقول أن السجود لله فقط، و إذا كان لغيره يعتبر شركا. و الثاني، هو الأمر الإلهي الذي يدعو إلى السجود لآدم "أي لغير الله"، لذلك فضل إبليس رفض الأمر الإلهي كي يحافظ على وحدانية الله و عدم الشرك به... فكان جزاؤه غضب الله و سخطه عليه... فأمر الله أدم بالدخول إلى الجنة، فجاء المشهد الثاني من هذه المسرحية، و هو طرد آدم و زوجه من الجنة، نتيجة إغواء إبليس لهما و الأكل من الشجرة المحرمة. السؤال الذي يطرح هنا هو: لماذا يوجد إبليس في الجنة، إذا كان عاقا لله؟ !!! الجواب واضح، لأن الله يعلم علم اليقين أن وجود إبليس في الجنة هو السبيل الوحيد لجعل آدم يعصى الله و ينزل إلى الأرض... سؤال آخر هنا: إذا كان الله أعطى فرصة لإبليس و جعله يبقى في الجنة، فلماذا لم يعط لآدم هذه الفرصة ليبقى في الجنة؟ بحيث يحذره مثلا من أمر آخر، و إذا لم يطع ذلك الأمر، آنذاك ينزله إلى الأرض...
إن هذه القصة تبين لنا أننا دوما مسيرين، و أن خلق الله لجهنم إضافة إلى الجنة، معناه أن هناك من سيؤمن و هناك من سيكفر، إذن فهذه الأشياء يعلمها الله قبل حدوثها... و لا يسعني في الأخير إلا طرح سؤال سيعيش معي دوما إلى ذلك اليوم، و هو: ما المغزى من هذه الحياة إذا كان مصيرنا محدد مسبقا؟ و ما ذنب اللذين كتب عليهم الكفر؟
عبد العالي كركوب
أستاذ الفلسفة



#عبد_العالي_كركوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الحرية في الفكر الفلسفي
- الفكر السوفسطائي و العدالة كممارسة سياسية، تراسيماخوس و كالي ...
- البعد الفلسفي لحقوق الإنسان
- المغرب بين المرتكزات الدينية و أسس العلمانية
- -هذا ليس مقتطفا من جمهورية أفلاطون و لا مدينة الفارابي الفاض ...
- دعوة إلى التسامح
- محمد عابد الجابري و مشروع نقد العقل العربي ، الجزء الأول: مك ...
- الوضع العربي الراهن و نقد مفهوم الثورة
- المشهد السياسي المعاصر: زمن بنكيران


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص القوات الإسرائيلية قرب سلفيت (فيديو)
- قصة فرنسا مع الأقليات والطائفية السياسية في سوريا
- شهيدة برصاص الاحتلال بزعم تنفيذها عملية طعن قرب سلفيت
- الإفتاء الليبية: ضريبة شراء الدولار وخفض قيمة الدينار الليبي ...
- دار الإفتاء الليبية: ضريبة شراء الدولار وخفض قيمة الدينار ال ...
- أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: دعوة الجهاد المسلح صدرت عن ...
- المرشد الأعلى الإيراني: إسرائيل سجلت رقما قياسيا في الإجرام ...
- إسرائيل تقرر إبعاد مدير الحرم الإبراهيمي وتغلق أبوابا بالمسج ...
- مصر.. الإفتاء ترد على فتوى -وجوب الجهاد المسلح ضد إسرائيل-: ...
- حرب غزة تثير خلافا دينيا.. الإفتاء المصرية تحذر من مغامرات غ ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد العالي كركوب - إشكالية الجبر و التخيير من منظور الفكر الديني