السكن في الديمومة

نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4150 - 2013 / 7 / 11 - 15:49
المحور: الادب والفن
    

1
يُهيّج قطعهم لصلاتهم بالماضي، شعورهم باليتم، ويتمثّلون
بأسلافهم في حلّهم وترحالهم. ويعتقدون أن المفيد لهم، حياة
تضرَّرت وعاد فيها الجنود الى قبورهم. المنخرطون مثلهم
في تلبيتهم لأنفجارات العمر الذي أصابته الصاعقة، يزوّدونهم
بتوابل أحضروها معهم الى منفاهم، ولا يبخلون عليهم في
الضروري الذي من شأنه إيقاد غضبهم وحنينهم. محنة فادحة
يثابرون في الهرب منها الى وثائقهم السيكولوجية، والحيّز
الغريب لا يتشابه مع إجبارهم لأنفسهم العيش في الكوابيس
والإساءة الى عوائلهم والى مستقبل أولادهم. معوقات طوعية
ينصاعون الى التافه فيها، ويدمّرون تقاليدهم بلمّهم لشمّلهم في
الحظائر التي لا ينتصرون فيها على حطام وتشظيات الماضي.






2





أجناس كثيرة تتجاوز المشترك في المواطنة، وتعبر الأرض في
كلّ يوم. تشهد التغيّر في أسعاف المرء لنفسه وهو يقتل في
الحرب، وتتقلّب بعيداً عن فضاء الاضطرابات، لكنّها تتحرّق الى
الفجوة الفارغة، ولا تكفّ عن اللجاجة في صبحها والمساء. روابط
غريبة تجمع البشرية في تنقّلاتها بأرض الله، والقلق في المغامرة
يسير بموازاة الحلم في الاقامة تحت ظلال آبار أكثر عدلاً من
الأسلاك المذلّة للزمن الغابر. في تفادي الانسان لسجنه أو موته في
أريج النجوم، عطش دينامي للسكن في الديمومة، وما على المسافر
الذي يحمل جرابه على ظهره، سوى الرضا بطوافه في الأرض من
دون وصية أو ثقل إرث.






3





يُجنّب الكثيرون في المنفى أيّامهم الضوء، ويفكّون ارتباطهم مع
الشمس المغنّية في الطرقات. تغذيتهم لقيمة ما تركوه في أرضهم
الأولى، تتم من خلال محافظتهم على ارتباطهم في الذين وصلوا
معهم، وفي الأغاني الشعبية التي حفظوها في شبابهم، وفي الأشياء
التي تُهرّب اليهم من زمن الماضي. حياة عنيفة تنطفىء فيها لذّة
الاحساس بجمال الغُصينات في الأصيل، والحرير اللمّاع للزمن
وهو يهفْهف فوق الأشجار المغردة. تلاحم دائمي مع الاتاوات
التي يدفعونها الى ماضي الأسياد الذين قتلوهم وشرّدوهم من
أرضهم المنهكة.





4





يتشابه الجلواز والقاضي في عطلهما عن الشرف، بطريقة مشتركة لقصع
القمل الذي يبيض في آباطهما. يضرطان في مبادىء السلطة ، فتجفّ الشجرة
المشبوهة للقانون وتهاجر الدويبات صوب فرجي زوجتيهما. خلايا كثيرة في
المجتمع تمتص عسل الأكاذيب وتجبرنا على الكدية في سوق العتائق، لكنّ
اصطفاءنا للذين يوزّعون النفقات الإلهية بعدالة، يهيّج احساسنا في إحراقنا
لخشب الدولة. غنائم مستولى عليها ولنا فيها نصيب، ولزيادة سخطنا من
أفعال النهّابين وهم يطيلون أمدّ أسقامنا وفقرنا، نتباطأ في هجومنا معهم
ضدّ القوات المعتدية ونكسّر أسلحتنا. التشديد على إضعاف جذور السلطة،
يعادلنا مع الذين يتكئون في الظهيرة على النسيم الحميم في الفردوس.





5





صخور كثيرة نجتازها في مسيرتنا الى الصلاة لآلهتنا، والتقلّبات
الفظيعة للمُناخ في النهار، لا تثنينا عن تدمير المواقع التي يتحصّن
فيها الملائكة السود. إسهامات متبجّحة للرواد الذين انتظرنا منهم
تخليصنا من الروث في مراصدهم وحوائجهم، نستشير الرياح في
أبادتها ونخنق شهود العيان، والانسان عرضة للقتل بمركز الاحتجاز.
لا يتناقض اللهو مع الإيمان، وفي إهراقنا الثمار للأفراد والأقليات التي
تعيش بأزقتها المغلقة، نعلّق الدفء والمشاعل على الشجرة الكريمة
للانسانية. احتكاك في الملح الأمومي للحياة.




6




نقسّم أرغفتنا في الأرض التي تتزوّج فيها العصافير، ونقاسمها
أعاقتنا للعمّال الذين يهدّمون الطريق الى الشاطىء، والحظ المضاد
نهيل عليه غبار النصر. بلوغ الكمال في البرّية ليس في صالحنا
وكلّ غفلة للشرطي، هجوم نتلقّاه بخسائر قليلة. المصالحة مع النظام
العام للفضائل الاجتماعية ونحن نتشظّى من رمي أسلحة الأسياد،
تشتّت شملنا وتحوّل قصدنا في التخلّص من الظلم الى الهاوية.




11 / 7 / 2013

#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات