|
أسباب التنزيل-إرادات إلهية أم مواءمات بشرية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 16:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أسباب التنزيل-إرادات إلهية أم مواءمات بشرية -جزء أول - الأديان بشرية الهوى والهوية (8)
تدوين النص الدينى فى المعتقدات والأديان جاء فى الغالب بعد الحدث بعشرات السنين مما يمنح علامات من الريبة والشك فى مصداقية الحدث وما تم تدوينه من آيات وقصص ومعجزات فالمُدون يُدون حدثاً متواتراً مر عليه زمن لم يكن بالضرورة حاضراً فيه , فإذا كنا سنتلمس حسن وصدق النوايا فلن نعفى الرؤية الإنسانية الذاتية والهوى من التأثير على السرد والتدوين وهذا ما دعى إلى إنكار أناجيل فى المسيحية وحرق عثمان لنسخ من المصاحف وتباين النصوص الدينية فى كافة المعتقدات , ومن هنا يمكن أن نتلمس أثر الفعل البشرى فى تشكيل المقدس .
قضيتنا لاتتناول هذا الشأن ولكن تعنى بقضية ميلاد وظهور النص أمام جموع المُريدين فإذا كان النص تم تسطيره فى وقت لاحق على الحدث فى معظم الأديان والمعتقدات كسرد تاريخى يتقبل الصدق أو الشك , ففى الإسلام الوضع مختلف فالنص هو نتاج اللحظة مواكباً للحدث ذاته .. أى نتاج الحدث مُسجلا موقفاً تجاهه متفاعلاً معه باحثاً عن حل للخروج من إشكالياته . إمكانية التشكيك فى ورود النص غير حاضرة بقوة إذا أهملنا تأثير نقله من ألسنة عدة ولكن تبقى المفارقة الكبرى أن النص الإسلامى يتحرك لخدمة الحدث والتعاطى والتفاعل معه مما يعطى صورة جلية عن بشرية النص ففيه يعطى النبى إنطباعه وموقفه من الحدث لمعالجته أو الخروج من أزمته بإدعاء أن هكذا هى إرادة السماء وشرع الله . بالرغم أن النص الإلهى يُفترض فيه عدم إرتباطه بالحدث فهو ناموس ودستور تم تدوينه منذ الأزل لإبلاغه لكافة البشر ليكون صالحاً لتعاطيهم فى كل زمان ومكان لذا من المُفترض أن النص يسبق الحدث وليس نتاجاً عنه أو بمعنى آخر مُنزه عن تاثير فلان أو علان فى المشهد الحياتى للنبى لإستجلاب النص ومعالجة الموقف , ليبقى لنا تخيل مشهد فنتازى طريف وعجيب لذاك الملاك ذو الأجنحة الذى يقطع مليارات السنين الضوئية فى رحلات مكوكية تستغرق يوماً أو أيام وفى بعض الأحيان دقائق ليأتى بالرد على مقولة فلان أو علان .!!
ما طرحناه من إشكالية لا يعتبر نظرية وإستنتاج خاص بنا بل هو فقه إسلامى يُدعى أسباب التنزيل وهو عند الفقهاء والإئمة والباحثين الشرط التاريخى الذى نزلت الآيات القرآنية لتتعاطى مع الحدث الذى يواجه النبى فلا تجد سورة من سور القرآن فيما عدا سور الأنبياء تخلو من حدث فرض نفسه على نبى الإسلام ليتصرف مع مفرداته ويُخرج نصاً يعالجه.! بالتجول بين النصوص القرآنية سنحظى على زخم هائل من الآيات التى جاءت نتيجة سبب معين فرضه الزمان والمكان فكما قلنا أن معظم السورالقرآنية جاءت من معالجة النبى لحدث ما مر به , ويمكن تلمس هذا الأمر من خلال هذا البحث الذى يأمل فى إلقاء الضوء على كل النصوص القرآنية التى جاءت مواكبة لحدث معين ,ولدسامة المحتوى فسنورده على عدة أجزاء لنثبت بدون أى مجهود يُرهق الباحث والمدقق أن الأديان بشرية الفكر والرؤية والنص بل هى نتاج الحدث كفعل بشرى سياسى إجتماعى!
يمكن تقسيم أسباب النزول إلى قسمين أحدهما يتناول أمور شخصية ليست ذات معنى للمؤمن كدستور لحياته بل هى تسجيل مواقف تعنى أشخاصها فى الأساس مثل النصوص التى عالجت حياة النبى العاطفية والتى سنوردها فى جزء لاحق أو آيات مثل " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب " فبغض النظر عن عدم ملائمة السب واللعن لإله عظيم يَسب إنسان بهذه العصبية والحدة والفجاجة فينتقص وينال يالضرورة من ألوهيته وهيبته , ولكن يمكن أن نقول هو غضب النبى وموقفه من أبولهب والذى صدره للمُريدين بأنه لعنة الله .. لو تجاوزنا هذا فماذا يعنى سب ابو لهب بالنسبة للمؤمنين وماذا يفيدهم كدستور فى حياتهم لتبقى القضية فى إطارها الحقيقى هو تسخير النص بشكل عفوى للنيل من ابو لهب , ولنختم ملاحظاتنا عن حال عدم ظهور أبو لهب فى مشهد الجزيرة العربية فى ذلك الزمان وعداوته للمشروع المحمدى فهل كنا سنحظى على تلك الآية ؟!!!.. وماذا يكون الحال مع ماهو مدون فى اللوح المحفوظ .!!
القسم الثانى من أسباب التنزيل هو الذى يتناول المعاملات والعلاقات والعقائد لتجدها مرهونة بظهور فلان فى المشهد وإثارته لسؤال أو جلبة لنقول ثانية ماذا لو لم يظهر هذا الفلان فهل كنا سنحظى على آية يرددها بعد ذلك مليارات المسلمين ؟!!.. أليس من المُفترض فى رسالة إلهية أن تقدم مواقفها كدستور بوضوح وحزم غير مُنتظرة أن يُثار حدث كان من الممكن ألا يحدث. ولنا أن نثير إشكالية أخرى عن إرتباط آية بحدث أو فلان أو علان فهذا يعنى أنها خاصة بهذه اللحظة التاريخية بملابساتها فلا يجوز التعاطى معها وإعتبارها دستور حياة ولكننا لو تعاملنا مع هذا المنظور فسنصل إلى أننا أمام كتاب تاريخ .!! دعونا نمر على آيات القرآن الكريم لنتبين أسباب التنزيل وهل تُعبر عن دستور إلهى أم مواءمات بشرية ذات فكر إنسانى لحماً وقلباً وقالباً .
* "لَايَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله" قال زيد بن ثابت: أملى عليَّ محمد: لا يستوي القاعدونَ مِنَ المؤمنينَ والمجاهدونَ في سبيلِ الله . فجاءهُ ابنُ أُم مكتومٍ وهو يُمِلُّها. قال: يارسولَ اللهِ، واللهِ لو أستطيعُ الجهادَ لجاهدتُ. وكان أعمى فأنزلَ اللهُ على محمد وفخذُهُ على فخذي، فثَقُلَتْ عليَّ حتى خِفْتُ أن تَرُضَّ فَخذِي. ثم سُرِّيَ عنه فأنزلَ اللهُ: غيرَ أُولِي الضرَرِ . وقال البَرَاء: لما نَزَلَتْ: لا يستوِي القاعدونَ مِنَ المؤمنينَ دعا محمد زيداً فكتبها. فجاء ابن أم مكتومٍ فَشَكا ضرارَتَهُ، فأنزلَ اللهُ غيرُ أُولِي الضَّرَرِ . وقال البَرَاء: لما نزلت: لا يستوي القاعدونَ من المؤمنينَ قال محمد: ادْعُوا فُلاناً. فجاءهُ ومعهُ الدَّواةُ والَّلوحُ أو الكَتِفُ، فقال: أكْتُبْ: لا يَستَوِي القاعدونَ من المؤمنينَ والمجاهدونَ في سبيل اللهِ، وخَلْفَ النبي ابنُ اُم مكتُومٍ، فقال يارسولَ اللهِ أنا ضَريرٌ. فنزَلَتْ مكانَها: لا يَستَوي القاعدونَ مِنَ المؤمنينَ غيرُ أولي الضرر، والمجاهدونَ في سبيل الله . (أخرجه البخاري والسيوطي في أسباب نزول النساء 95). 354 - أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النصر اباذي قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال : أخبرنا محمد بن عبدوس قال : حدثنا علي بن الجعد قال : حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ادع لي زيدا وقل له : يجيء بالكتف والدواة أو اللوح ، وقال : اكتب لي : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) أحسبه قال : ( والمجاهدون في سبيل الله ) فقال ابن أم مكتوم : يا رسول الله بعيني ضرر ، فنزلت قبل أن يبرح ( غير أولي الضرر ) . رواه البخاري عن محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق .
نلاحظ من دراسة الإستشهادات السابقة أن الآية كانت مُعدة ومُجهزة للتدوين وقد هَم الكاتب على تدوينها في اللوح فتدخل ابن أم مكتوم فى اللحظة الأخيرة ، وكان جالساً خلف النبي ليقول معترضاً : يا رسول الله أنا ضرير، فسرعان ما تم التعديل والاستدراك ليتم إرفاق (غير أولي الضرر) وتلافي ملاحظة ابن مكتوم !!.. وهذا يعنى لولا وجود ابن ام مكتوم فى المشهد وإثارته ما تم أضافة (غير أولي الضرر) !! ..لنسأل هنا ألم يكن الله عارفاً بحكم علمه المطلق اللانهائى بابن مكتوم وأمثاله من المعوَّقين، فيُنزل على محمد آية مُحكمة، لا تحتاج أن يثير ابن أم مكتوم ملاحظته ؟!- آية كاملة لا تطلب ولا تستدعى حضور ابن مكتوم فى المشهد من أساسه .. وهل التكملة تمت أيضا في اللوح المحفوظ القديم من تأثير هذا الضرير؟!..وماذا لو لم يظهر ابن مكتوم فى المشهد ليبدى عتابه أو إستنكاره فهل سيكون النص هكذا أم فى صورته الأولى قبل التعديل .!!!! .. من المنطق والعقل إدراك أننا أمام نص بشرى أسعف نفسه خارج سياق فكرة الإله مطلق المعرفة وماشابه فهو نتاج تعاطى النبى مع الموقف فى لحظته و التى إكتملت بقناعاته بقول ابن مكتوم .!!
* ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ). هذه الآية كسابقتها فقد ذكرها النبى بدون كلمة (من الفجر) ثم أضافها فى وقت لاحق بعد أن أدرك إرتباك المسلمين فى التعاطى معها ويمكن أن نستشف أحداثها من كتاب البخارى . ((حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد ح حدثني سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال أنزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل { من الفجر } فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد { من الفجر } فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار )) البخاري : كتاب الصوم / باب قوله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين ...)
إذن نحن أمام موقف مرتبك فالمُفترض أن علم الله المطلق وكما فى اللوح المحفوظ توجد به الآية كاملة محتوية(من الفجر) وأن علمه المطلق يُدرك أن عدم ورود كلمة ( من الفجر ) ستجلب إرتباك لدى المسلمين .. فهل إرتباك المسلمين دعى الله إلى إضافة ( من الفجر) فأين ذهب علمه وحكمته أم لنا أن نقول بأن النبى عندما طرح الآية عليهم (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) لم يتصور تلك السذاجة والعقلية المسطحة لهؤلاء الأعراب فلما بدا له إرتباكهم أضاف كلمة ( من الفجر ) أليس هذا منطقيا وعقليا أم أن نقبل بقصور حكمة ومعرفة وعلم الله المطلق بعدم إدراكه حينها أن المسلمين سينتابهم الإلتباس ليقدم إضافة للآية فى وقت لاحق مكلفاً الملاك جبرائيل الطيران لمليارت السنين الضوئية ليقول للنبى ( من الفجر).!!
* ((الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) [الأنفال : 66] هذه الآية من سورة الأنفال سبب تنزيلها هو نسخ الآية التى تسبقها مباشرة:((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ)) [الأنفال : 65] آية الأنفال 65 بعد نزولها تبين لله أنها غير صالحة فأنزل آية التى تليها مباشرة 66 ليلغى محتوى الآية 65 والتى تعلن عن إمكانية إنتصار عشرون من المؤمنين على مائتين من الكفره ومئة على ألف أى بنسبة 1: 10- ليجد الله هذا الأمر غير صالح فيجعل النسبة 2:1 فمئة صابرة تغلب مئتين وألف تغلب ألفين من الكفرة .هكذا هو سبب تنزيل آية الأنفال 66 والتى شطبت على الآية التى سبقتها ونسختها , لتستغرب ألم يكن الله يعلم منذ الأزل أن نسبة 1: 2 هى النسبة المعقولة عن نسبة 1: 10 !!- ألا تنال هذه الآية من حكمته وعلمه ومعرفته اللانهائية ليجد أن تقديراته الأولى بنسبة 1: 10 خاطئة وغير مجدية فيعدلها بعد ذلك لنسبة 1: 2 والغريب أننا لم نبارح السورة فالآيتين متتاليتين !!! - نقول إذا كانت الآية 66 التى تقدم نسبة 2:1 هى الصحيحة فلماذا أنزل الآية 65 من أساسه ليتراجع عن مضمونها فى نفس السورة.!!!
هناك كلمة خطيرة جاءت فى سياق آية الأنفال 66 ((الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) وهى كلمة "الآن" والتى تم بها إفتتاح الآية فهى تذكر أن الله عرف "الآن" أن فيكم ضعفاً , فماذا يعنى هذا؟!.. ألا تعنى أن آية 65 والتى رشح فيها نسبة 1: 10 لم يكن الله يدرك حينها خطأ هذه النسبة وعندما "أدرك" ضعف المسلمين عدل النسبة !!.. فكلمة " الآن " تعنى أن علمه ومعرفته حادثة جاءت بعد الحدث فقد عرف " الآن" بينما المُفترض أن هذه المعلومة مُدركة منذ الأزل بحكم أنه إله مطلق المعرفة وعالم الغيب . !! بالطبع إيعاز الآيتين لله سيصيب فكرة الإله بالخلل الشديد فنحن أمام إله لا يعلم الحدث وليس لديه معرفة كلية ليصدر حكمه ثم يلغيه بعد أن شاهد التجربة أمامه أم لنا أن نرى المشهد برؤية موضوعية منطقية عقلية , فالنبى أراد شحذ نفوس مقاتليه وتوسم فيهم خيراً كثيراً وآمالاً عريضة بقدرتهم على قتال الكافرين بنسبة 1: 10 وعندما أثبت له الواقع صعوبة هذا قام بتخفيض النسبة إلى 2:1 - أليس هذا هو التفسير الحقيقى لهذا المشهد والذى يثبت بشرية النص .
* ٍ "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَوْ ننْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا" . هذه الآية لها عناية خاصة لدينا فهى ستكون بحث خاص عن الناسخ والمنسوخ فى القرآن وما يشكل هذا من أهمية فى التراث الإسلامى ولكننا سنعتنى هنا بتناول أسباب التنزيل فيقول المفسرون : إن المشركين قالوا: أتَرَون إلى محمد يأمر أصحابه، بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ويرجع عنه عنه غدا , ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام يناقض بعضه بعضًا فأنـزل الله: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [ النحل: 101]. الآية: وأنـزل أيضا: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ننْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا الآية. لن نتناقش فى معقولية ومنطقية مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَوْ ننْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا وتلائمها مع إله كلى المعرفة فى هذا البحث ولكن سنتناول قضية التنزيل فالآية كما تبدو إحتاجت لحدث ليدفعها للظهور ولكن من المُفترض أنها رؤية إلهية ونهجه منذ قديم الأزل لتأتى شأنها كشأن كل الآيات وليدة لحدث أو إشكالية مثارة ,فهى جاءت على أثر لغط , فالمشركين الخبثاء فضحوا التناقض والتردد فى القرآن .. فهل الله كان يحتاج هذا المشهد الإرتيابى من المشركين حتى ينزل هذه الآية كرد فعل!! . ولو إفترضنا عدم وجود إثارة من هؤلاء المشركين الملاعين هل حينها كنا سنحظى على هذه الآية ؟!. وهل علينا أن نلاحظ ان الآية لم تأتى بإقناع منطقى بل زادت الطين بلة لتجعل الله متردداً ناسياً لا يعلم ماهى الآية المثلى الجديرة بالنزول فهى لم تجاوب على شكوكهم من التناقضات التى لا تليق بإله متردد فجاءت الآية لتقر هذه الوضعية أى بالتعبير العامى تقول لهم : " هوا كده " .!!
* {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9]. هذه الآية من سورة الحجرات تطرح حكم وحكمة طيبة فهى تحض على الإصلاح والتصالح بين المؤمنين المقاتلين لتوصى بقتال الفئة الباغية من المؤمنين حتى تفيق من غيها وحينها يتم الإصلاح بالعدل ... نرى أن الآية لا تحتاج لسبب لكى تظهر للنور فهى من المفترض رؤية وفكر إلهى لا تحتاج لحدث يُظهره , ولكن الحقيقة غير ذلك فلها سبب فى تنزيلها - تعال نرى أسباب تنزيلها من أئمة الإسلام . في القرطبي رَوَى الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قُلْت : يَا نَبِيّ اللَّه , لَوْ أَتَيْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ؟ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَرَكِبَ حِمَارًا وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ , وَهِيَ أَرْض سَبِخَة , فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِلَيْك عَنِّي ! فَوَاَللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْن حِمَارك . فَقَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار : وَاَللَّه لَحِمَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَب رِيحًا مِنْك . فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّه رَجُل مِنْ قَوْمه , وَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَصْحَابه , فَكَانَ بَيْنهمْ حَرْب بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَال , فَبَلَغَنَا أَنَّهُ أُنْزِلَ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة . وفي صحيح البخاري باب الصلح- 2691 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى أَنَّ أَنَسًا – رضى الله عنه – قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ . فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – وَرَكِبَ حِمَارًا ، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ ، وَهْىَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِلَيْكَ عَنِّى ، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِى نَتْنُ حِمَارِكَ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ . فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَا ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِى وَالنِّعَالِ ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) . تحفة 876 – 240/3
بعد هذا العرض نكرر ثانية أليست آية "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا "لا تحتاج لحدث مؤثر يأتى بظهورها .. ونسأل هل لولا عدم حدوث تلك المعركة الناشئة من إستياء البعض من حمار النبى ماجاءت آية "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا "أى هل لو تم إلغاء أى صورة من هذا المشهد سيحول هذا دون ظهور الآية .أى لو لم يكن هناك هذا الحمار ذو الرائحة الكريهة ما حصلنا على هذه الآية من سورة الحجرات .!!! الواضح لدينا أن الآية جاءت من النبى كمحاولة نبيلة منه فى تجاوز العراك الناشب بين الذين يستاؤون من رائحة حماره وأحباءه ولا علاقة لها بنصوص تسقط من السماء ليثبت لنا بشرية النص فالبشر هم من ينتجون النص بينما السماء لا تسقط إلا الأمطار .
نتابع فى مقالات أخرى مشاهد أخرى من أسباب التنزيل التى تصرخ فى كل مشهد ببشرية النص .
دمتم بخير . - "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنهم يحرثون الأرض للتخلف- لماذا نحن متخلفون .
-
الزيف واللامصداقية كنتاج ثقافة الخوف- لماذا نحن متخلفون.
-
وسقطت ورقة التوت أمام قصر الإتحادية- الإسلاميون والديمقراطية
...
-
حتمية إنحسار الإسلام السياسى الإجتماعى الثقافى-رؤية إستشرافي
...
-
فى رحاب الشريعة - لماذا نحن متخلفون
-
إنهم يزرعون الكراهية والتوجس والعداء -الدين عندما ينتهك إنسا
...
-
هى حظوظ من الجغرافيا والتاريخ-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
-
قضية للمناقشة .!!
-
لماذا نحن هكذا ؟!-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا .
-
مقولات كبيرة ولكن تنسف نفسها -خربشة عقل على جدران الخرافة وا
...
-
الله والذبائح والأضاحى-الأديان بشرية الهوى والهوية.
-
أسئلة على المحك -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
-
لماذا إله واحد ؟!- نحن نخلق آلهتنا.
-
دعوة للخربشة - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
-
حضارة عفنه .!!
-
سادية إله أم بشر ساديون- نحن نخلق آلهتنا.
-
حول الفيلم المُسئ .
-
التمايز والرياء فى ظلال المقدس-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
-
الله غير محدود بالزمان والمكان-خربشة عقل على جدران الخرافة و
...
-
السببية كمان وكمان -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون.
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|