|
من حكايات صاحب الجلالة : قصص
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 12:34
المحور:
الادب والفن
من حكيات صاحب الجلالة : قصص لرياض خليل الحكاية رقم (2)
استيقط الملك صاحب الجلالة من نومه مرعوبا ، وهو يتأوه ألما وضيقا بسبب تأثره بما رآه في المنام توا . كان يتصبب عرقا لهول مارآه في الحلم / الكابوس الرهيب ، وتساءل عن السبب الذي يجعله يعاني في منامه يوميا من الكوابيس الفظيعة التي تثقل على نفسه حتى المنام التالي . ثمة مسلسلة من الكوابيس المتتالية اليومية ، تلاحقه بلا هوادة ولارحمة ، تنغص عليه حياته وهناءه وتفقده أعصابه وهدوءه وتركيزه . وصار كثيرا ما يشط عن الواقع ، يشرد ، يتساءل ، يحاول التوصل إلى تفسير مقنع لمناماته المقيتة ،التي لاتخضع لمنطق اليقظة . ومع ذلك فقد كان لها تأثير أقوى من الواقع على نفسية الملك ومعنوياته ، التي هبطت لأدنى مستوى لها . بات الملك مترددا .. خائفا .. متشككا .. عدوانيا .. سريع الغضب .. قليل الحيلة .. بطيء الفهم . لاحظ المقربون على الملك ميله المتزايد للوحدة والعزلة عن الناس ممن حوله ، وحتى من خاصته من النسوة والجواري والأولاد والخدم والحشم والحراس ، ولكنه لم يفقد اهتمامه بأهل الحكم والحل والربط وشؤون المملكة من الوزراء والمدراء والمحافظين ورؤساء العسكر والجيش والأمن ، ولم يهمل كثيرا المهنيين المحترفين من أصناف الدجالين المشعوذين والسحرة والمنافقين والمتزلفين وماأكثرهم في المملكة ، حتى أن دراسة أجريت في معهد للأبحاث المتخصصة كادت تجزم بأن المملكة باتت معهدا لتلك الحرف التي راجت سوقها في كل زاوية ومكان في أرجاء المملكة ، وبات التنافس فيها على أشدّه ، على الرغم من سيطرة الاحتكار الذي رتب ونظم أنواع الحرفة والمهنة ، وجعل لكل منها طبقات هرمية ، وجعل من تلك الأهرامات الفرعية هرما أكبر وأشمل يجمع فيما بينها ، في نظام هرمي شامل يقوم على الاحتكار والفرض والتسلط على سوق التجارة والعمل والفكر والسياسة والفن والأدب والعلم ، وبما يخالف سائر القواعد المألوفة والمتوافقة مع المنطق السليم . كان الملك لايفتأ يفكر في المنام الرهيب الذي يمسك بتلابيبه ، ويستحوذ على عقله وقلبه ، ويستعمر كل أحاسيسه ، حتى صار هاجسا يمنعه من رؤية شيء آخر سواه إلا بصعوبة بالغة ونادرة . وكان بادي الهم والقلق واليأس ، مع أنه يبذل أعظم الجهد لإخفاء هذه المشاعر خلف تعابير وجهه وعينيه وحركاته وتصرفاته وأقواله وأفعاله . ************************** خرج الملك ليتنزه قليلا في حديقة القصر الواسعة هربا من وساوسه وهواجسه ، وخرج معه رئيس حرسه الملقب ب" طرخون" . وبادر الملك بسؤاله الأخير عن أحوال المملكة والرعية وتجارة الرقيق الأبيض والأسود والناعم والخشن ، وسأله كذلك عن البهائم وأنواع الدواجن ، وعن الأمن والسلم ... وكانت إجابات رئيس الحرس كلها إيجابية : إجابات رئيس الحرس : كله تمام يامولاي ، لاشيء جديد ا ، أمن المملكة بخير ، والعلف متوفر بكثرة ، والمخدرات متوفرة في السوق ، والكل متخمون من الشبع والرفاه ، غارقون في الملذات والفسق والفجور ، والمتعة في الحياة الدنيا أو أقصد السفلى . فاسدون حتى العظم يامولاي ، كل شيء مؤمن لهم ، كل وسائل اللهو والإفساد والانحلال والتهريب وتعاطي المخدرات والمسكرات ودور البغاء .. مؤمنة ومتوفرة ، ومملكتكم تحتل المرتبة الأولى بين سائر الممالك في الاستقرار .. أقصد استقراركم يامولاي ، يعني أن الرعية والبهائم والرعاة كلهم مستسلمون مخدرون لاهون عما يجري ويدور ، ولاوقت لديهم ليفكروا بالسياسة والسلطان ، بل إنهم يمقتون السياسة والسياسيين ، يميلون للاعتماد عليكم في تسيير سفينة المملكة العتيدة العظمى ، واثقون بكم وبحسن حكمكم وإدارتكم وطيب نواياكم تجاههم ، الرعية والبهائم وغير البهائم وحتى الشجر والحجر يبايعونكم ويبصمون لكم بالدم ويفدونكم بالروح وبالدم وبالولد والتلد ، يعبدونكم ، ولايشركون بكم ، يطيعونكم ، ويسبحون بحمدكم ليل نهار ، بل نهارا وليل ، بل ... بل ... إنهم كالحمير يامولاي .. وانزعج الملك لسماع تلك الكلمة التي تلاحقه وتنكد عليه عيشته ، وتهز كيانه ، وتثير غضبه ، كلمة ( كالحمير ) أحس بها كالخنجر ينغرز في صدره . ولكنه كتم ردة فعله ، وتماسك لكيلا يحس طرخون بمصيبته ومعاناته المأساوية التي لاتفارقه . وتابع طرخون : تصور يامولاي .. في كل الممالك توجد بطالة في القاع .. أقصد في قاعدة الهرم ، أعني في الطبقة السفلى من الرعية ، والتي يسمونها في الممالك الأخرى ب" المجتمع " ؟ وقهقه الملك حين سماعه للفظة ( المجتمع ) ، وقال : مجتمع ؟ ! إنها نكتة ظريفة طريفة خفيفة نظيفة لطيفة ، مجتمع ؟ وتابع يقهقه بصوت مرتفع وهو يرقص سخرية من كلمة مجتمع ، وهو يتابع معلقا : ياللسخرية ، ماأكذبهم ! يسمون الرعية مجتمعا ؟ وهل يوجد في ممكلتي مجتمع ياطرخون ؟ ربما يقصدونني بتلك الكلمة : أنا .. وأنا فقط المجتمع ، أنا فعل جمع يجمع اجمع ، وأنا مشتقاته : جامع .. مجموع.. جمعة .. جميع .. جماع .. جمعون ... هههههههه . وقهقه طرخون مجاملا الملك ، وغضب الملك لأن صوت قهقهة طرخون كانت أعلى من قهقه الملك ، وصمت طرخون مجاملة وطاعة ونفاقا ومسايرة ، وقاطعه الملك بلهجة حازمة : الملك : ولكن لم تجبني ، مامعنى البطالة ؟ بطالة .. مجتمع ؟ ما هذه الألفاظ البذيئة ؟! من أين يأتون بتلك الكلمات النابية ؟ تافهون .. أغبياء .. ولكن اشرح لي ياغبي .. فسر لي ياأحمق لكي أفهم ماتقصده من كلامك طرخون : مولاي .. بطالة تعني عاطلين عن العمل ، أي أناس لايجدون عملا ، وبالتالي لايجدون سبيلا إلى تحصيل رزقهم ومعيشتهم الملك : وعندنا .. ؟ ألا توجد بطالة كباقي الممالك في العالم ؟ طرخون : لا يامولاي .. مملكتنا .. عفوا .. أقصد في مملكتكم يامولاي ، الوحيدة التي لاتوجد فيها بطالة ، الكل يشتغلون .. يعملون.. مملكتكم تصدر الشعير والبرسيم لكل الممالك الأخرى ، مملكتكم يامولاي تصنع كل شيء ، وقاطعه الملك : الملك : كل شيء ياكذاب ؟ طيب مثل ماذا تصنع مملكتي ؟ طرخون : مثل الخوازيق يامولاي .... وأحس الملك بالارتياح ، وانطلق يضحك مبتهجا معلقا : الملك : كنت إخالك غبيا جدا .. ولكن يقول المثل : خذوا الحكمة من أفواه المجانين ، أتعرف من يقصدون ؟ طرخون مترددا ومتلعثما : مولاي ؟؟؟ الملك : إنهم يقصدونك أنت .. أنت المجنون .. ومع ذلك أحبك ياطرخون ، أحبك أكثر من أي شخص لاأعرفه أوأجهله ، أتعرف لماذا ياطرخون الأحمق ؟ طرخون مرتبكا ، لايدري بم يجيب ، ثم يقول : لا مولاي .. لاأدري لماذا تحبني كل هذا الحب الكبير ، ولكن لما ذا تحبني أكثر من الناس الذين تجهلهم ؟ ولم ترهم في حياتك ؟ غريب ! إي لغز هذا ! أن تفضلني على من لاتعرفهم من القوم هذا لعمري حظوة مابعدها حظوة ، وحب لاأكبر ولاأعظم ، ومنة وفضل ومكرمة من مولاي جلالتكم ... الملك : ياغبي ؟ أعرف أنك لاتعرف ، ومع أنك لن تفهم الجواب ، فإنني سأجيبك ، نعم أنا أحبك أكثر من الناس الذين أجهلهم ولم أرهم ولا أعرف شيئا عنهم ، أتدري لماذا ياطرخون ؟ طرخون :لماذا؟ لماذا ؟ لماذا يامولاي العبقري الجهبذ ؟ الملك : ببساطة لأنني لا أعرفهم ، ولم أرهم ، ولا أريد أن أتعرف عليهم ، ياطرخون كيف أحس بالحب حيال أناس مجهولين لاأعرفهم ولم أعاشرهم ؟ أنت أراك ، أراك في وجهي كالمصيبة يوميا .. بل كل ساعة ، وهذا شيء ممل مقرف ، ومع ذلك لاأكرهك كثيرا ، بل أحبك أكثر من كلابي وبغالي وببغاواتي ، ولكن ليس أكثر من حريمي ومن لف لفهم من أنصاف وأشباه الحريم . طرخون : معك كل الحق يامولاي .. وأنا .. عفوا .... الملك : طرخون .. صارحني .. أنت الوحيد الذي أثق به قليلا .. طرخون : أنا رهن إشارتكم ، وطوع بنانكم يامولاي الملك : لاتكذب عليّ ، أريد الحقيقة مجردة .. عارية كالمومس ، نعم الحقيقة لايجوز أن ترتدي الثياب ولا الأقنعة ، ولايجوز أن تتزين وتتمكيج ، كما لا يجوز أن تتحجب ، وتخفي نفسها بالخطوط والألوان والخرق والقماش ، الحقيقة لاتتلون كالحرباء . الحقيقة يجب أن تظل عارية كما خلقها الخالق ، لايجوز أن تستر عوراتها ، ولهذا أسميها .. أسمي الحقيقة وأشبهها بالمومس التي لاتخجل من التعري وارتكاب الفاحشة ، الحقيقة فاحشة ، أتفهم ياطرخون الأهبل ؟ الحقيقة عاهرة بامتياز ، لاتخجل من جسدها وعوراتها ، وليس عندها مشكلة من الظهور والتجلي والعري كالشمس تماما ، هل الشمس مومس ياطرخون ؟ ياحقير ؟ هل الورد مومس وعاهر ياطرخون المنحط الشاذ المنحرف ، تبا لك ولأمثالك ، أنتم أبناء الشرمو .. أبناء الحرام اللقطاء ، أبناء الظلام ، أعداء الطبيعة ، أعداء الشمس والورد والماء والشجر والسماء والنجوم والكون كل الكون .. أنتم أعداء أنفسكم .. أعداء الحياة والناموس والبحر والغابة اللاعذراء ، نعم ماأتفهكم ! لتعلم ياطرخون أن لاعذرية في الكون ولا في الغابة وسكان الغابة من النبات والحيوان والإنسان ، كلهم بلا عذرية ، كلهم مومس كالشمس والنجوم والماء .. هل الماء عذري ؟ إنه مومس ، وكذلك الغابة مومس ، كل شيء في الوجود مومس ، مومس شريفة نظيفة ، أنظف من غبائكم وقذاراتكم وعيونكم المطفأة التي لاترى سوى الظلمة الحالكة المدلهمة . أنت ياطرخون لاتستحق الحياة ، أتدري لماذا ياطرخون ، وسرعان ماأجابه طرخون : طرخون : نعم يامولاي ، صدقت ، نعم أنا لاأستحق الحياة لأنني لست مومسا ، أما بعد أن سمعت قصيدتك العصماء الصماء الشهباء العزباء ، فقد آمنت بك وبرؤيتك ، أمنت بأقوالك التي سأصدر أوامري بتدوينها في سفر مقدس يحفظه الناس عن ظهر كلب .. عفوا .. أقصد .. أعني : عن ظهر قلب ، إنها مزامير مقدسة لايأتيها الباطل من قبل ومن بعد ، إنها نصوص مقدسة ، سنقطع رأس كل من لا يحفظها عن ظهر قلب حتى ولو كان أخر .. أخر.. أخرس أو أصم أو أبكم أو أعمى أو .... الملك : حسبك أيها ال .. المهم ياطرخون أين كنا ؟ أعني إلى أين وصلنا بحديثنا الفلسفي التافه ، كنت تتحدث عن ... عن .. طرخون : عن الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة وال.. الخ ، مملكتك يامولاي تنتج الخوازيق ، وتتقن الإرهاب ، والتفخيخ ، والتفجيرات الغادرة ، والألغام ، نحن نصدر الإرهاب يامولاي إلى كل أنحاء العالم ، إنها تجارة رابحة ، وقودها الناس ، وضحاياها الناس الأبرياء وأنصاف الأبرياء ، وهدفها الضغط على الخصوم ، وتحقيق أهداف لايمكن تحقيقها بالطرق الديبلوماسية الأخلاقية المتداولة ، الطرق الديبلوماسية الأخلاقية لم تعد مربحة يامولاي ، سوقها راكد ، ومفلس . أما الإرهاب فهو تجارتنا السياسية الجديدة التي نحتكرها ونصدرها بأسعار منافسة ومجزية معا . كل جيراننا من الممالك الراقية ، أو التي تدعي أنها راقية تحتاجنا ، وتتعامل معنا في صفقات من فوق وتحت الطاولة ، بل ومن أمام وخلف الكواليس والكوابيس والمكابيس والمخللات .... الملك : وما علاقة المخللات والمكابيس بموضوعنا أيها الداهية ، أكيد أنت تعني أشياء أخرى ، أكيد تريد أن لايفهم الآخرون المعنى منها ، أغبياء ، يظنون أن المكابيس والمخللات لها معنى واحد وحيد ، ولايعرفون أن لها معاني لاتحصى ، وخاصة المعاني السياسية والفلسفية والأدبية وال... المهم لنعد إلى موضوعنا ياطرخون ، ولنتوقف عن الشطط والابتعاد عن الموضوع الرئيس يا ... طرخون: محسوبكم طرخون يامولاي .. كنت أقول : إن مملكتكم تمتاز بإنتاج وتسويق الجهل والأمية والأوهام والخرافات وتلفيق التهم ، واختراع المجرمين والمدانين ، في مملكتك كل الخلق متهمون .. مشكوك بذمتهم وضمائرهم ، ويقاطعه الملك الملك : وهل لديهم ضمائر ياملعون ؟ وهل لديهم ذمم وشرف يا عديم الشرف ؟ طرخون : معك حق يامولاي ، لقد ماتت ضمائرهم وذممهم وكراماتهم الملك : أحقا ؟ إنه لخبر سار جدا ... ماتت؟ وهل عملتم لها جنائز ؟ وأين دفنتموها ؟ طرخون : لم ندفها ،بل سرقنا جثثها ، وأحرقناها ، كي لايبقى لها أي أثر ، وكي لاتفكر ولو للحظة بالعودة إلى الحياة من جديد يامولاي ، وكي لانترك دليلا على عملنا يامولاي الملك : تعود إلى الحياة ؟ وهل عاد ميت إلى الحياة من قبل ؟ على كل مارأيك أن أقتلك ، أن آمر بإعدامك شنقا .. أم أنك تحب الموت بالخازوق ياطرخون ؟ طرخون : مولاي الملك : أريد أن أجرب عما إذا كنت ستبعث حيا بعد أن تموت ، إنها مجرد تجربة ، عليك أن تضحي بنفسك ، وتكون فأر تجارب في المخبر .. مارأيك ياطرخون ؟ طرخون : مولاي .... الملك : كنت تتحدث عن البطالة .. عن العاطلين عن العمل .. تابع يا أجدب طرخون : نعم يامولاي ، مملكتكم هي من أغنى الممالك ، الممالك الأخرى .. الأخرى ... الملك : معقول؟ عجيب ؟ لاأصدق .. طرخون : في مملكتنا .. عفوا .. أعني .. في مملكة جلالتكم يامولاي لايوجد عاطلين عن العمل سوى الحكومة ، الحكومة فقط يامولاي هي العاطلة عن العمل تماما يامولاي الملك : غريب ! الحكومة : حكومتي .. ؟ عاطلة ؟ طرخون : نعم عاطلة ، يامولاي الملك : ولماذا ياولد ؟ طرخون : السبب بسيط للغاية يامولاي ، السبب هو أن حكومتنا .. عفوا أقصد حكومتكم .. عفوا .. أقصد حكومة جلالتكم ، يعني الحكومة ليست بحاجة إلى العمل الملك : ولماذا ياطرخون ؟ طرخون : لأنها ليست بحاجة إلى العمل يامو..... وصرخ الملك غاضبا : حسبك أيها الحمار .. وحين لفظ كلمة ( حمار ) تذكر الملك الحلم / الكابوس الذي رآه في المنام ، وكان كلما ذكرت تلك الكلمة ( الحمار ) أو أيا من مشتقاتها تثور ثائرته حتى يغمى عليه ، كما يحصل الآن والملك في الحديقة مع رئيس حرسه . وانفجر الملك غاضبا لأنه هو .. هو بنفسه وليس غيره من ذكر كلمة حمار .. وانهال بالشتائم على طرخون : انقلع .. ابتعد وإلا قتلتك أيها الكلب غير الوفيّ ، هيا .. أغرب عن وجهي أيها اللعين الأحمق ، تفو عليك ياواطي .. يا لاطي .. ياجاسوس .. يا حما... يا حم... يا ... وفرّ طرخون مذعورا من وجه الملك الذي احتقن غضبا , واحمرت عيناه ، وأزبد فمه ، وتعثر الكلام في حلقه العميق ، وأخذ يتشنج ويرغي ويزبد ، واحمرت بشرة وجهه حتى لكأن الدم سينفر منها ، واختلط الكلام في فم الملك حتى بات لايفهم منه شيء .. ثم تهالك وانهار وسقط أرضا مغشيا عليه ... وهو يسمع نهيقا متناميا يصم أذنية ، ويملأ القصر والحديقة . التمّ الحراس بإشارة وأمر من طرخون حول الملك المغمي عليه ، حملوه ، أدخلوه القصر ، فالجناح الملكي الخاص به ، ووضعوه في سريره ، مسحوا وجهه وفمه ، ثم أمرهم طرخون بالخروج ، وأوعز لنورهان التي كانت تنتظر عند الباب خارج الجناح ، فدخلت ومعها ثلة من النسوة والجواري ، يحملون الماء والدواء والأدوات لمعالجة الملك وتهدئته ، ولتعقيمه من النجاسة التي ألمت به جراء وقوعه في الساعة ، أسوة بالمصابين بداء النقطة المعروف ، والذي كان يعزوه الناس لحلول الشيطان في جسد الممسوس بذلك الداء اللعين الملعون هو ومن يبتلى به . أخذت نورهان ومن معها ينظفون الملك ويدلكونه ، ويعطونه الحبوب المهدئة مع جرعة من الماء الزلال ، وينشفون فمه الكبير القميء الأشبه بفم الحمار . وكان طرخون قد غادر الجناح لإتمام أعماله ومهامه ، وممارسة صلاحياته التي لاحدود لها في القانون ، ولا تقع تحت ولافوق طائلة القانون والمساءلة من قبل أي كان . ولكن طرخون كان قد غمز نورهان بطرفه غمزة تنم عن معاني وأسئلة شتى ، وهزت نورهان رأسها إيجابا وتعبيرا عن استيعابها لمراده صرفت نورهان الجواري لتنفرد بالملك ، وتقف على حقيقة ماجرى له . صحا الملك من إغماءته ليرى نورهان تمسد رأسه بحنو ، وتدلك جسده المتهالك بلطف وسلاسة . وسألها الملك : الملك : ماذا حصل ؟ أين أنا ؟ نورهان : الحمد لله على سلامتك يامولاي ويا سيدي ويا سيد العالم والكون وال... الملك : أسألك ، أجيبي على قد السؤال يا زعرة وابتسمت نورهان للشتيمة ، وهي التي تستثيرها الشتائم البذيئة من الملك وغير الملك ، وتابعت تجيب : نورهان : مجرد وعكة ألمت بك كغيرها يامولاي ، والآ ن أراك بصحة وعافية ، وجهك عاد إليه لونه الوردي ووسامته ، الملك مبتهجا : معقول ؟ أنا .. وسيم ؟ نورهان : نعم يامولاي أنت أجمل من كل نساء العالم .. وإذا أردت التأكد من كلامي ، فامض إلى مرآتك ، وانظر فيها ماذا ترى ؟ وثارت ثائرة الملك وهو يصغي إلى ماقالته نورهان له ، وتذكره بما لايحب تذكره : " المرآة " وتدفقت من فمه الشتائم : أغربي عن وجهي أيتها القبيحة .. أيتها الحمارة اللعينة لملمت نورهان حاجاتها وعباءتها على عجل ، واندفعت خارجة من الجناح الملكي ، وهي لاتدري سبب ثورة غضب الملك من كلامها الذي لم تجد فيه مايغضب ؟ ******************** وتساءل طرخون في سره وهو في طريقه خارج البلاط الملكي : لابد أن أعرف القصة ، الملك ليس على بعضه هذه الأيام ، لقد تغير كثيرا بتصرفاته ، ثمة شيء غير عادي طرأ على حياته حتى انقلب هكذا ، وصار بطيء الفهم ، وصعب التواصل مع الغير . ترى ما حصل ؟ أنا طرخون كاتم سر الملك ، وبيت أسراره ، والذي يعرف من باض البيضة ، بل أنا الذي يلعب بالبيضة والحجر ، ويفك السحر ، ويكشف الأسرار والأغوار ، كيف تغيب عني أسباب الحالة التي وصل إليها الملك ؟ واعجباه ! أتراها مؤامرة مدبّرة ضدي ؟ أم ضد الملك ؟ أم ضد .. ياساتر .. أول مرة تفوتني وتخونني الفطنة والفكرة . لابد أن أعرف الأسباب التي أفضت إلى تلك الحالة الخطيرة والمثيرة للملك الأهبل المريض العنّين ، الملك التافه القبيح ، الملك الضليل الغادر والمغرور . **************************** خلا الملك المعلول بنفسه ، بعد أن تماثل للصحوة والهدوء ، وطرد نورهان والجواري ، وكان أول خاطر اقتحم ذهنه مادار بينه وبين طرخون من حديث مستفزّ ، والذي اختصره الملك بكلمة ( حمار ) . كبرت تلك الكلمة ، واحتلت ذهنه بالكامل ، استحوذت على أعصابه وأحاسيسة وذاكرته ، وامتدت إلى خياله ، لدرجة أن كلمة " حمار " حجبت ماسواها من كلام وصور ومشاهد وكلمات وتعابير وأفكار وذكريات ، لقد محت كلمة " حمار " العالم كله ، حتى لم يبق من العالم سوى صورة حمار قبيح ينهق .. وينهق .. ويرتفع ويشتد نهيقه ، وأحس الملك أن النهيق صار يخرج منه ، من داخله ، من مكان يصعب تحديده في جسمه غير المتناسق ، ربما من حنجرته .. أو من .... من .... ( .....) وهب الملك كالعفريت .. أقصد انتفض كمن أصابته لسعة كهرباء ، بدا فعله لاإراديا ، اندفع نحو مرآة كانت قد ركنت في زواية من زوايا الجناح الملكي منذ فترة قريبة ، وصل إلى مكان المرآة ، وجمد في مكانه متوقفا عن الحركة ، وبدا كتمثال من صلصال ، تمثال مهترئ متآكل ... ولم يتجرأ على النظر إلى المرآة أو فيها .. وبدا مهموما .. نهبا للهواجس والقلق والتوتر والخوف والشك . راح يلوك أفكاره المهوّمة ، السابحة على غير هدى .. الضائعة في خضم لاحدود له .. خضم على سعته كان يبدو له ضيقا جدا ، لايتسع لبيضة ، بل لنملة .. بل .. كان الملك يتعذب ويعاني .. كان يقاسي دون أن يشعر أو يحس به أحد من خاصته وعامته ، كان يحس أنه يحمل على ظهره كل آلام الدنيا والبشر ، ولا يجد سبيلا للتخلص من ذلك العبء المتنامي الذي يكاد يقصم ظهره ، ويودي به إلى التهلكة . وتاه الملك في بحر من الأفكار المتضاربة المتناقضة : الملك : ليتني أستطيع أن أفعل .. أن أفشي سرّي لمن يقدر على كتمانه ، لمن يقدر على مساعدتي ، وتقديم تفسير مقنع لمصيبتي ، لمن أثق به وبرأيه وبعينه ، ترى هل يرون ماأراه ؟ هل أصاب عيني العطب ؟ أم أنني واهم ؟ ويبتسم الملك ، ثم يضحك ، ويصرّ على العبارة الأخيرة : " أنا واهم .. واهم .. بالتأكيد أنا واهم ، ثمة خطأ في عيني ، ثمة عيب في بصري وبصيرتي . إن كان الأمر كذلك فهذا هيّن ، سهل الحل والعلاج ، لم لا .. ؟ سأستدعي طبيبا ، طبيبا محترفا .. متخصصا وموهوبا ومشهودا له بالكفاءة والخبرة ، طبيب عيون ، نعم بالتأكيد طبيب عيون ، لأن العيب والمرض هو في عيني ، لا .. لا.. لست متأكدا أن المرض أصاب عيني ، بدليل أنني مازلت أرى الأشياء كما هي ... نعم .. كما هي تماما .. كما تبدو في الواقع من حولي : القصر الحيطان ، الألوان ، الوصيفات والجواري وطرخون ، والكلاب والجواميس والأفعى داخل .. داخل .. بل خارج .. بل داخل القفص الزجاجي المركون في زاوية من زوايا حجرتي الخاصة هذه ، والتي لايدخلها سواي من الخلق ، نعم من الخلق كله : الإنسان وغير الإنسان . أرى كل شيء كما يبدو لي دائما وباستمرار ، أو على الأقل كما أتخيله وأتصوره من خلال التقارير الأمنية والعسكرية والسياسية والإدارية ، عدا عن القنوات الخاصة والسرّية والشخصية الشرعية وغير الشرعية ، لي شبكة قنوات أقوى من القنوات الفضائية التلفزيونية ، لي شبكتي الخاصة التي تغربل وتضبط وتصفّي وتنقل وتصور وتسجل بالصوت والصورة والكلمة المسموعة والمقروءة والمرئية ، قنوات تقدم لي المشهد الحقيقي دون تعب ، دون أن أبذل جهدا في تفحصها وتقليبها ومناقشتها ،لأنني شكلت لجنة صحفية إعلامية خاصة ومعها مركز أبحاث ودراسات استراتيجية ، وظيفتها تحليل وتركيب وتلخيص مايجري من أحداث ، وتحويلها إلى تقارير موجزة لاتكلفني الكثير من الوقت للاطلاع عليها ، وأحيانا لاأطلع عليها البتة ، بل أترك هذا الشأن لطرخون أو لزوجاتي المخلصات ، وأحيانا غير المخلصات ، ولغيرهن من المحظيات الفاتنات الفاسقات العاريات كالتفاح العاهر ، هكذا أرى مالايرى ، بل مالايراه سواي من الحقائق والوقائع والأحداث القريبة والبعيدة داخل وخارج الحدود ، والجدران ، والغرف ، والفنادق والملاهي الليلية والنهارية ، العالم كله بين يديّ .. وأمام عينيّ . إذن العيب ليس في بصري وعينيّ ، بل ربما في مكان آخر ، ربما في القلب أو الرئتين ، أو الدماغ أو المؤخرة : أقصد مؤخرتي الحقيرة التي كثيرا ماتخذلني وتتمرد على أوامري وتعليماتي ، وتسبب لي الحرج أمام الغير ، ولكن لاتسبب لي الحرج أمام طرخون ولا الوصيفات والجواري وزوجاتي القديمات والجديدات وزوجاتي اللواتي لاأتذكر معظمهن الآن . مؤخرتي الحقيرة هي الشيء الوحيد في الدنيا الذي لايخضع لسطاني ، ولا يستحي مني ، مؤخرتي وقحة ، جريئة ، بذيئة ، غدّارة ، خائنة ، تبا لك يامؤخرتي اللعينة ، وأنت تشوشين على فمي كلما حاول الكلام والصياح والتعبير عما في أمعائي المتعفنة المدوّدة . فمي أيضا يخذلني أحيانا كثيرة ، يتفوه فيما لاأرغب وأريد أحيانا ، ويخالفني ، ولساني يكبو ويزلّ ويعبث كالأفعوان ، لاأدري لماذا أعضائي تتمرد عليّ ، تعلن العصيان عليّ ، ولاأملك أن أتحكم بها وأعاقبها وأقومها ، و... المهم هنالك مصيبة ، عيب ، مرض ما أصابني في أعضائي وحواسي ومشاعري ، وربما .. لا .. لا.. عقلي .. لا .. مستحيل ، علي أن أستدعي طبيبا ، ولو من خارج المملكة حتى ، ليكن من خارج المملكة ، ولكن ليس من الممالك المعادية التي تكرهني وتريد بي وبمملكتي شرا ، عليّ أن أكون حذرا جدا ، الحرص والحذر مسألة لا نقاش فيها . سأدعو مجلسي الاستشاري للتداول في الأمر من دون أن يعرفوا أو يعلموا شيئا عن مصيبتي الحقيقية التي تقض مضجعي وتؤرقني ليل نهار ، بل نهارا وليلا . سأحتفظ بالسرّ ، لن أبوح به حتى لنفسي . لن أشرح أو أفسر أو ألمح وأصرح وأعلن وأجهر وأفشي وأنشر مالا أحبه للملأ ولا للخاصة من القوم ، ولا حتى للطبيب الأجنبي الذي سيفحصني ويشخص دائي ، ويصف لي العلاج . فلربما أشفى من مرضي ، وهكذا يكون تخميني صحيحا وفي محله تماما .... وحاول الملك الالتفات نحو المرآة ، لكنه لم يستطع ، لم يتجرأ ، لأنه كان يعرف النتيجة التي يودّ الهروب منها إلى حين إيجاد حل مناسب لها في القريب المنظور العاجل . وراح يتساءل : الملك : لو أن الأمر كما أراه حقا ، للاحظ الغير عليّ ذلك ، لأخبروني أو لمّحوا لي بذلك ، الأمر يختلف إذن . ماأراه ليس حقيقيا ، ربما كانت المرآة سحرية ! ربما المرآة تكذب .. تشوش ، تغش ، تلفق ، تفبرك ، تزور ......... ربما .. وربما .... وطرق باب الجناح على الملك المهموم ، فهرع إلى سريره الوثير ، واندس تحت اللحاف ، وهتف آمرا الطارق بالدخول ، وماهي سوى لحظات حتى دخل عليه طرخون مبتسما مداهنا وهو يقول : الحمد لله على سلامتك يامولاي الملك المعظم ، ياملك الملوك ، ياملك ملوك العالم القاصي والداني ... يا .. وفيما كان طرخون مسترسلا بالمديح والتزلف والنفاق وهو يقترب ويقترب من سرير الملك ، كان هذا الأخير قد اتخذ قراره ، وطلب من طرخون استدعاء رئيس أطباء القصر الملكي ، وطلب منه أن يبقي الأمر سرّا ، لئلا يثير الإشاعات في أنحاء المملكة . واستغرب طرخون الأمر ، ولكنه لم يتجرأ على الكلام ، واكتفى بهز رأسه موافقة وطاعة للملك في تنفيذ رغبته غير المتوقعة ، التي أثارت الشكوك عند طرخون ، وقرر طرخون متابعة تنفيذ أوامر وتعليمات وتوجيهات وإرادة الملك على الفور ، فانحنى إجلالا واحتراما لصاحب الجلالة ، وخرج من الجناح ...... لإحضار رئيس الأطباء لمقابلة الملك . وسنرى في الحلقة التالية تتمة الحكاية . الأربعاء - 21/3/2012 - اللاذقية
#رياض_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المفهوم الملتبس للقوة المدنية السلمية
-
الثورة السورية بين السلمية واللاسلمية
-
سوريا : الجبهة الدولية المشتعلة
-
حكايات صاحب الجلالة
-
السلطة الأم: سلطة الشعب
-
حتمية انتصار الثورة السورية
-
جحا وساميل : (5) ، حلقة جديدة
-
إضاءة على الحقبة الأسدية
-
الأدب والثورة
-
من قصائد الثورة (10)
-
جحا وساميلا: الحلقة الرابعة :قصص قصيرة مسلسلة
-
قصيدتان : ذاكرة للحب و نجوم الفرح : شعر نثري
-
حيث يوجد الحب
-
أنا ونعيمة والوحش : قصة قصيرة
-
جحا وساميلا (3) : قصة قصيرة
-
اليسار السوري: تاريخ فاشل ودعوة لإعادة البناء
-
من خلف الغربة : شعر نثري
-
تعقيبا على مكارم ابراهيم : حق تقرير المصير ......
-
الأديب باسم عبدو: في
-
جحا وساميلا وزائر الليل : قصة قصيرة (2)
المزيد.....
-
شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع
...
-
بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس
...
-
“بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال
...
-
فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت
...
-
نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
-
قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
-
سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل
...
-
الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل
...
-
-المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع
...
-
اللغة العربية في طريقها الى مدارس نيشوبينغ كلغة حديثة
المزيد.....
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|