أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأسبانُ كانوا عرباً














المزيد.....


الأسبانُ كانوا عرباً


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3657 - 2012 / 3 / 4 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تداخل التاريخان الأسباني والعربي بقوةٍ في العصر الإقطاعي الأخير، وكان العربُ قد احتلوا البلدَ الأوروبي الجميلَ وشكلوه حسب اقتصادٍ تحكّم فيه الغزو وتجميع ثرواتٍ طائلة من خلال الاستيلاء على ثروات عمل الشعوب الأخرى.
الغزو يعرقلُ تطور الأمم نحو التقدم ويشوهُ وجودَها ولن تستطيعَ أمةٌ غازيةٌ أن تكون حرة.
وفيما كان العربُ ينسحبون من احتلال أسبانيا ويدفعون الثمنَ الباهظ لذلك كان الأسبانُ يقلدونهم ويصيرونَ غزاةً ينهبون الأمم الأخرى.
خروجُ الأسبان لاحتلالِ العالم تشكّل من خلال سلطةٍ اقطاعيةٍ دينية متعصبة مقلدةٍ لأسوأ ما في العرب، بدلاً من أن يقلدوا تفتحهم وتقدمهم، بسبب التكاليف الباهظة التي دفعها الأسبان لاستعادة بلادهم تحت راية الكنيسة الكاثوليكية، فكرسوا تخلفاً عدوانياً سوف يدفعون ثمنه خلال قرون مثل العرب الذين كان عليهم أن يدفعوا ثمن الاحتلال والغزو لبلدان أخرى، راحت تنتفضُ عليهم وتطاردهم وتحاصرُ سواحلَهم وتغزوهم في عقرِ ديارهم أو تشكل عداءً تاريخياً لهم مازالوا يدفعون بعض ضرائبه. لكنهم تضعضعوا وتمزقوا واجتروا مآثرَ الماضي من دون ظروف الأسبان اللاحقة وفعلهم النضالي.
تقليد الأسبان للإقطاع العربي الغازي مارسوهُ بقوةٍ وفظاظةٍ هائلة في القارة المكتشفة حديثاً وقتذاك وهي أمريكا الجنوبية.
لقد وجدوا شعوباً (بدائية) مارسوا عليها كل أشكال الاستغلال والنهب الفظ، وقد قام بذلك بدايةً القائد بيزارو:
(أبحر بيزارو إلى الجنوب مع خيل ورجال مدرعين، فسقطت أمة الإنكا أمامه، قتل الحكام ونزع الحياة عن الهيكل الحكومي ثم جرى شحن الماس، والصفائح عن جدران المعبد، ورموز الشمس الذهبية، والتروس الذهبية، وأُجبر الشعب الإنكي المقهور على دخول المناجم تحت وقع السياط)، كأسٌ من ذهب، جون شتيانبك، الروائي الأمريكي صاحب نوبل.
كمياتٌ هائلة من الذهب والماس والثروات المنوعة توجهت لأسبانيا، فتخدرتْ من خلالها، وقامت بإفساد هذا الشعب الرومانسي الذي حررَ بلادَهُ وبشكلٍ ديني متعصب.
أسبانيا التي تفتحتْ في عصور الاكتشافات الجغرافية بدءًا من القرن الخامس العشر الميلادي، وأقامت أولَ امبراطورية لا تغيبُ عنها الشمس تمتد من الفلبين حتى جنوب أمريكا، كرستْ الإقطاعَ الديني والتعصبَ وبذخَ النخب العليا، فيما كانت الجماهيرُ العاديةُ تعيشُ في فقرٍ وتخلف. لقد كررتْ بشكلٍ مطولٍ عالمَ القرون الوسطى، الذي كان يأفلُ ويتحطم في دول أوروبية قريبة منها، خاصة في هولندا وإنجلترا.
وكانت الصراعات مع إنجلترا بدايةً لانهيارِ نفوذِها، وتحجرها التقليدي، ثم كان احتكاكها المنوع مع فرنسا المتجهة للتحديث والثورة التي لم تكن مثقلةً بهذه الإمبراطورية المتخلفة حينذاك، والتي غزتها وغيرتها، لكن أسبانيا ظلت متحجرة وميداناً للاتجاهات الرجعية في القارة الأوروبية فتغلغلت فيها الفاشية وعسكرت فيها عبر فرانكو هذه الجثة المتوجة لعصرٍ طويل من التدين المتعصب.
لا يمكن معرفة أسباب جمود أسبانيا الطويل من دون رؤية ذلك الإرث في فتح البلدان الفقيرة وانتزاع ثرواتها البسيطة وتشغيل جمهورها بشكل استرقاقي. لقد ربطتْ نفسَها باغلالِ الاستعباد المتخلف وهي تغزو وتكّون ثقافةً محافظة عدوانية.
كان التحجر التقليدي المطول في ظل تطورات تقديمة هائلة في القارة الأوروبية لابد أن يقود لاستقطاب يميني متخلف ويسار ديمقراطي، فاليسار المتطرف واليسار الفوضوي اللذان برزا بحدة في الحرب الأهلية الأسبانية كان لابد أن يُهزما ويخليا المكان ليسار ديمقراطي مختلف.
وهكذا فإن أسبانيا عبر نظام ديمقراطي بعد فرانكو استعادت بعض عافيتها الاقتصادية، ثم انطلقت بقوة وقد تحررتْ من الإرثِ الديني المحافظ والبنية الاجتماعية المدموغة به، وقد صارت إحدى الدول الرأسمالية المتقدمة لولا نزعة البذخ التي أغرقتها في أزمة المساكن والديون وجمدت وضعها إلى حين.
عكسَ الأسبانُ المصيرَ العربي بشكل مستقبلي، فهم مرآةُ العربِ ومنافسوهم وأصدقاؤهم في رحلة التطور الإنسانية المشتركة، راحوا يتخلون عن النظام التقليدي بعد هجوم أمريكا على مستعمراتهم، وثورات الشعوب اللاتينية، وأدى غياب المستعمرات وتأزم الحالة الاقتصادية مع زوال عمل العبيد في القارات البعيدة، إلى بدايات تحررهم من الميراث الإقطاعي، فتطوروا بفضل ذلك، فتوسعت الصناعة بشكل كبير، وتطورت الأوضاع الاجتماعية فغاب البذخُ الواسع ونزلت النساء بكثافة للصناعة، وتغلغلتْ الديمقراطية وتبدلتْ المركزية السياسية البيروقراطية وتعددت الأقاليم المستقلة، وصارت أسبانيا مثل جيرانها الذين نأوتهم طويلاً.
لكن العرب لم يتحرروا من أشباح الإمبراطوريات وتقاليدها وإرثها الاجتماعي بعد.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعودُ وهبوطُ الأفكارِ التحديثية
- تروتسكي والثورة الدائمة (2-2)
- تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)
- الثورةُ السوريةُ والمحتوى الشعبي
- بين الوحدةِ والتفتتِ
- تجارةُ دلمون خطوةُ الخروجِ إلى العالم
- اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
- شكلان للتناقض في العمل السياسي
- بعضُ مشكلاتِ الخليج الاقتصادية
- حلٌ توافقي
- الثورةُ السوريةُ والحضورُ الإيراني
- مستوياتُ الدينيين والتحولاتُ السياسيةِ
- البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
- مشكلاتُ الجيران السياسية
- انطفاءُ المركزياتِ الحادة
- مشكلاتُ النهضةِ الخليجية العربية الإيرانية المشتركة
- الإخوانُ المسلمون ومخاطرُ الشمولية
- من سبب الأزمة في البحرين؟
- روسيا والصين من مساندةِ الثوراتِ إلى إجهاضها (2-2)
- روسيا والصين من مساندةِ الثورات إلى إجهاضِها (1-2)


المزيد.....




- شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با ...
- متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من ...
- المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي ...
- الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر ...
- اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن ...
- -روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
- الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
- زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
- سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأسبانُ كانوا عرباً