أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - كشكش و شركاه















المزيد.....

كشكش و شركاه


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3645 - 2012 / 2 / 21 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


فوق سحاب الأرض ، عقد رئيس الآلهة "هُبل" إجتماعاً طارئاً و فوق العادة ، دعى إليه آلهة القذارة فحسب : كشكش و شبشب و شكشك و بشبش . كان موضوع الإجتماع هو تفاقم انبعاث الغازات السامة من أديم الأرض نحو السماء ، و هو ما أصبح مدعاة للقلق المتزايد عند كل أعضاء مجمع الآلهة ، بل و دق ناقوس الخطر الكبير على راحتها و أمنها و أستقرارها و مستقبلها بسبب اضطرارها للنوم وسط لفح درجات الحرارة الجهنمية نظراً لعدم توفر أجهزة التكييف . و مما زاد في الطين بله ، تواتر تكون سحب الشحوم التي تسوّد وجوه الآلهة و توسِخ الأردية الحريرية الفاخرة المستلقية عليها . بدأ هبل الإجتماع بالقول :
- لدي سؤال مهم لكل واحد منكم أنتم الأربعة . و الذي يسأل سؤالاً ، ماذا يريد ؟
- جواباً يريد ! أجاب الأربعة .
- ماذا يريد ؟
- جواباً يريد ! تفضل ، يا مولانا ، و سل . ردد بشبش و شبشب و كشكش و شكشك بصوت واحد .
- هل أنتم آلهة ، أم طراطير ؟
كان شكشك أول المجيبين :
- آنا أخوك يا شايشه ! شخصياً ، يا مولانا ، أنا إله بكل حق و حقيق ؛ و لهذا انتخبني الحمير لهذا المنصب . أنا الزعيم الحكيم .
سارع بشبش بالتأمين على قوله :
- آنا أخوك يا هايشه ، أي نعم بالتأكيد ! و أنا أيضاً إله من كل بد و بديد ؛ و لهذا فقد انتخبني الخرفان ؛ و لقد حصلت على مائة ألف صوت أكثر من كشكش هذا ! أنا الزعيم الفهيم .
لم يطق شبشب السكوت فترة أطول ، فصاح :
- آنا أخوك يا دايشه ! أما أنا يا مولانا ، فسل عني كل الإنس و الجان : أنا إله أصيل و بشهادة كل الذئاب على وجه الأرض ! ربع مليون ذئب ، عداً و شداً . أنا الزعيم الغريم .
تنحنح كشكش و قال : آنا أخوك يا طايشه . يا مولانا ، سل عني القرود عن بكرة أبيها ، فكلها صوتت لي بالتزكية . خمسمائة و عشرون ألفاً من القرود الشرفاء . أنا الزعيم العظيم على كل هذه الآلهة الصغيرة .
قال هذا و هو يؤشر على شبشب و بشبش و شكشك .
- أحترم نفسك ! ما أنت إلا دكتاتور أشِرْ ! رد عليه شبشب .
- إنقلاب ! إنقلاب ! أين مستشارتي للشؤون الأمنية ؟ أسكت و إلا سلمت ملفك الإجرامي لزبانيتي ، و نفذت فيك حكم الإعدام حسب القانون و حكم القضاء المستقل إستقلال حمْل الشاة عن كبشها ! إن لدي ضد كل واحد منكم ملفاً مفبركاً - أقصد : ملفاً مضبوطاً و منقّطاً .
- أنا أحتج ! صرخ شبشب . إن بحوزتي ضدك و ضد كل واحد من أفراد زبانيتك و حاشيتك ملفات تشيب الرؤوس ؛ و هي تكفي لتصفيتـ ، أقصد ، لأعدامكم عدة مرات جميعاً و عن بكرة أبيكم حسب القانون الذي هو فوق الجميع .
- و أنا أستنكر ! صاح شكشك ، أنت مسخ مريع !
- و أنا أطعن ! أنت دكتاتور وضيع ! أضاف بشبش .
- إنقلاب ! إنقلاب ! أين قائد الفرقة القذرة التابعة لي ؟ عوى كشكش .
هنا يتدخل هبل :
- مَنْ هم الذين ، قلت لي ، انتخبوك لمنصب الإلوهية ، يا بشبش ؟
- الخرفان المظلومين يا سيدي ! أنا الرئيس الأوحد لكتلة الخرفان ! أنصرنا ، يا مولاي ، على القوم الظالمين ؛ ربنا لا تسلط علينا من لا يرحمنا ، سيدي !
- طيب . عندما تذهب الخرفان زرافات للمسلخ ، هل يقودها رئيس أم لا ؟
- أأ ، بـ بلى يا مولانا ! نعم ، أ - يقودها رئيس !
- طيب ، إذا كانت حتى الخرفان التي تمضي سراعاً للسلخ تسلّم قيادها لرئيس ، فلماذا لا تفعل أنت مثل فعلها يا بشبش ، و تقبل بكشكش رئيساً عليك ؟
- و لكنه يا مولانا من كتلة القرود ، و شتان بين القرود و الخرفان ! أعوذ بك يا مولاي هبل أن ترضى للخرفان بالقرود رؤساءً عليها .
- أبقني أنا بعيداً عن هذا الموضوع ، فأنا رب عادل يقف على الحياد ! و لكن ألا تتفق معي أن وجود رئيس يحمل على عاتقه وزر المسؤولية هو أفضل بكثير من فوضى عدم وجود الرئيس ، حتى لو كان من نوع القرود ؛ و كلكم حواوين ؟
- و لكنني يا مولاي من أنصار نظرية الفوضى الخلاقة ! و هذه يا مولاي نظ -
- صه يا رقيع ! هل بلغت بك الجرأة حد التشكيك بربوبيتي عليك ، و على تنظيمي الفائق الإتقان لكل شيء في هذا الكون ؟ ألا تعلم أنني رب غيور و شديد العقاب ؟ إلى متى تبقى من الذين يوسوس لهم الشيطان الأكبر فيصيبهم بمس مريع ؟
- معاذك يا ربي هبل ! ما أنا إلا عبد صغير من عبادك المطيعين الصالحين !
- مشكلتكم ، أيها الصغار ، أن الشيطان الأكبر قد أفسد عقولكم ، و زين لكم سربال قذارتكم ، فراح كل واحد منكم ينصب نفسه إلهاً على صنف واحد من الأصناف ، و ليس على كل النوع . كيف انتخبتكم أصنافكم و كلكم مسود الوجه بالقطران ، و يتسربل بالقذارة من أم رأسه و حتى أخمص قدميه ؟ ها ؟ أعني كيف استطاعت التمييز بينكم و كلكم تتشابهون في سواد صفحاتكم ؟
- من قروننا ، يا مولاي .
- كيف و قرونكم كلها طويلة و ملتوية ؟ حتى أنا – رب الأرباب – لا أستطيع التمييز بينها إلا بالكاد . إنها تشبه قرون الشيطان الأكبر الرجيم !
- من إختلاف روائح نتنها ، يا مولاي .
- ألا تباً للمميِّز ، و للمميَّز ، و لأداة التمييز !
- ربنا لا تؤاخذنا إن أسأنا أو أخطأنا ، أنك أنت أرحم الراحمين ! تضرع كشكش .
- ربنا إننا من عبادك الصاغرين ، كما أننا من العلماء المثقفين ! أنا مثلاً لدي شهادة الدكتوراه بالبِشْ .
- و أن حاصل على الدكتوراه بالفِشْ .
- أما دكتوراي أنا فبالهِشْ .
- معلومكم ، مولانا ، أن دكتوراي أنا بالكِشْ .
- إشْ ، إششششْ ! نعود لموضوعنا : هل أنتم آلهة أم طراطير ؟
- نعم . نحن ، يا ربنا ، طراطير !
- كلا ، كلا ؛ بل نحن پراپير !
- كلا ، كلا ؛ نحن بالتأكيد صراصير !
- كلا ، كلا ؛ بل نحن عراعير !
- أسمعوا : لدي شغل كثير ، و أنتم زمرة من العضاريط الرعاديد ، و لا تشبعون من الهذر و الثرثرة خصوصاً أمام مكبرات الصوت . أمهلكم ساعتين فقط لتنظيف الجو من كل الغازات المضرة و شحم الزيوت و إلا رددتكم أسفل سافلين ، مفهوم ؟
- مفهوم ، مفهوم .
بعد أن يغادر هبل الأربعة ، يتكلم كشكش :
- الوضع حرج ! و إن لم أتحرك بسرعة فسيحصل ضدي إنقلاب ! أين ذهبت مستشارتي للشؤون الأمنية ؟
- سيكون ذلك اليوم يوم المُنى . صرح شبشب .
- سيشرفني أن أكون أنا أول المنقلبين عليك . قال بشبش .
- سأعدمك بكاتم الصوت ، و أقطع حنجرتك ، و أفطر بها أنا و كلابي . قال شكشك .
- إنقلاب ! إنقلاب ! أين ذهب قائد الفوج الخاص ؟ أسمعوا : الحَكَمُ بيننا هو القضاء العادل المستقل . رد كشكش .
- طيييييييييييط . أجاب شبشب .
- طوووووووط . طيييييطووووط .أردف شكشك .
- طييييييط طقطقطق . بقبقبقباااااق باق باق . عيعيعووووو عيع ! أكمل بشبش .
- إنقلاب ! إنقلاب ! إنقلا -
تنزل عليهم العُزّى ، فيصمتون . ترعد بوجوههم بهذه العبارات قبل أن تطير مغادرة كالبرق :
- إف ! ما هذه القذارة و الروائح التي تزكم الأنوف ؟ أسمعوا يا أبواب القبور : أمامكم ساعة واحدة لتنفذوا أمر بعلي هُبَل ، و إلا مسختكم مثل بني البشر في يوم المحشر ! تفو !
- دعنا يا كشكش من جنجلوتية الإنقلاب ، فقد أصبحت ممجوجة ؛ و مثلها حكاية الفرقة القذرة و الأقبية السرية للتحقيق ، فقد أصبحت مكشوفة ؛ و خرافة استقلال القضاء فقد أصبحت أضحوكة . هات ما عندك بخصوص تنفيذ الأمر الإلهي فوراً و بدون تأخير قبل أن يطيح حظنا جميعاً . ردد الثلاثة .
- ما رأيكم لو أنزلنا كل الشحوم و السموم على سهل الرموس ، فتتطهر الأجواء ؟ و مثلها نفعل بالسيارات القديمة و الجديدة غير الصالحة للطريق و الملوثة للبيئة ، ها ؟ إقترح كشكش .
- فكرة ممتازة ! قال شبشب .
- و لكننا سلطنا غضبنا على أهل هذا السهل منذ عام 1963 و حتى يومنا هذا . كفاهم دماراً ! فكل شيء عندهم أصبح بالمقلوب ! حتى شرطتهم أصبحت تعمل عمل الجيش ، و جيشهم يشتغل شغل الشرطة ، و كلا الجهازين لا وظيفة له سوى قطع الطرق . كما أنه البلد الوحيد الذي سلطنا عليه عشرة مستعمرين في آن واحد ! لنختر سهلاً آخر ؛ ما رأيكم بسهل الطعوس ؟ اقترح شكشك .
- كلا ، كلا . إن خالة جيران جدتي من هناك . رد بشبش .
- ما رأيكم ببلاد البروس ؟
- كلا ، كلا . إن إبن جيران زوجتي من هناك . رد كشكش .
- وجدتها : بلاد الطروس ! اقترح شبشب .
- كلا ، كلا . إن الجد السابع لصديقة كلبنا من هناك ! رد شكشك .
- ما العمل إذاً ؟ سأل بشبش .
- إنقلاب ! إنقلاب ! نادوا قائد سرب مقاتلات الأف ستة عشر ! صواريخ توما هوك !
- لا إنقلاب ، و لا أف ستة عشر ، و لا توما هوك ، و لا من يحزنون . إستخير لنا يا كشكش بلداً بمسبحتك أنت ، و على بركة العزّى . ردد الثلاثة .
يستخرج كشكش مسبحته السوداء الطويلة ، و يبسبس و هو يعزل منها صفاً من خرز الكهرب . يحسب الخرز المعزولة ، ثم تتهلل أساريره :
- أُعلُ هُبَل : سهل الرموس !
و هكذا كان ! و لهذا تجد اليوم أجواء و أنهار و تربة سهل الرموس وقد غصت بالسموم و الشحوم ، و دروبه المزدحمة أبداً و قد اصطبغت بالسيارات الكبريتية الصفراء الممنوعة في كل بلد آخر ، و التي توزع براغيها المتطايرة على كل من هو حولها حالما تتجاوز سرعتها 13 كم بالساعة .
أما آلهة القذارة الأربعة ، فما زالوا يرقصون على السحاب و هم يغنون المقطعين التاليين على أنغام لحن أنشودة : " و الله زمن يا سلاحي " :
ثري ستيج مان كمبريسر ؛
إنجن مليون سلندر ؛
براغي ، براغي ، براغي ،
تتطاير كالرصاصي !
*****
و الله زمن علكهوف
من كنا هايمين بالجروف
نشرب لف و ناكل
كرش المطايا الملفوف .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية تنين العراق
- حنقبازية سوق الصفافير
- ليس في الأمر غرابة
- إجوبة مختصرة على أسئلة مهمة
- ملحمة السادة العميديين في الكفل عام 1983
- هل نسي رافد ؟
- ريما أم عظام
- ليلة زيارة الموتى للمقابر
- القتل و الإبتزاز و الدفن : مجرد تجارة ، ليس إلا
- رجع الوجع / الحلقة الأخيرة للرواية / 20
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 19
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 18
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 17
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 16
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 15
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 14
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 13
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 12
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 11
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 10


المزيد.....




- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...
- شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع ...
- بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس ...
- “بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال ...
- فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت ...
- نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
- قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...
- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - كشكش و شركاه