أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي














المزيد.....

مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3585 - 2011 / 12 / 23 - 22:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بإمكان مثال الآلوسي, ومن حقه, أن يرفع دعوتين للاقتصاص من قتلة أبنيه الشهيدين, واحدة ضد الهاشمي بحجة أنه كان وراء تهريب أسعد الهاشمي, بن أخته وزير الثقافة الأسبق, والثانية ضد المالكي الذي سكت طيلة هذه السنوات عن هذه القضية وارتضى عدم إثارتها رغم أنها عملية جنائية إرهابية بامتياز, ثم إذا به, وهو يثيرها, يثير فينا الاحتراس خوفا من أن يكون القانون سلاحا بيد الحاكم يستعمله ساعة شدته, والآلوسي يدري مثلما أدري أن القانون يعاقب المجرم ويعاقب أيضا ذلك الذي يتستر على الجريمة.
ولقد ظل الرجل يطالب بالكشف عن دور الهاشمي الخال, لتهريب الهاشمي بن الأخت, لكنه لم يسمع ردا من أحد, حتى كأن القانون العراقي كان نائما وقتها, لكن الألوسي ربما فوجئ مثلنا أن النائم قام من نومته, فظن أن بإمكانه أن ينتقم من قتلة ابنيه قبل أن يذهب القانون إلى النوم مرة أخرى بأمر من الحاكم نفسه.

وأخال أن الألوسي يدرك قبلنا أن القانون العراقي مصاب بمرض " التسي تسي " الأفريقي الذي تؤدي إليه عضات الذباب المشهور باسم المرض نفسه, والذي تكون نتيجته النوم المزمن الذي يستمر لفترة طويلة, ماعدا الوقت الذي يحتاج فيه الجسم بشدة إلى الأكل والشرب فينهض مرغما لكي يمارس لدقائق عملية العض والمص. وربما ظن السيد الآلوسي أن عضة من تلك العضات سوف تكون لصالحه, فيحصل على حق طال انتظاره, قبل أن يغط القانون العضاض المصاص مرة أخرى في سبات عميق بانتظار إستيقاضه لجولة عض ومص أخرى.

ما زلت أذكر تماما وقفة الآلوسي بالقرب من جثماني ابنيه الشهيدين. كان يرتدي (قبوطه) الشتوي الأسود وينظر إلى الأفق بعيون ظننت أن الحزن لن يغادرها لقرون, فدمعت عيناي وانفطر قلبي, وأنا لا أعرف الرجل, ولكني أعرف أنه أب فقد ابنيه, وهل يحتاج الحزن إلى أكثر من هذا لكي يجد طريقه إلى العيون والقلوب إذا كانت صادقة.. نعم إن من حق الآلوسي أن يبقى متمسكا بحقه إلى يوم القيامة, ومن حقه أن يطالب بالاقتصاص من قتلة ابنه وإلى أن تقوم الساعة. لكن والآلوسي الإنسان, هو في نفس الوقت رئيس حزب عراقي يسمى حزب الأمة, فإن عليه أن يتذكر أن كل أعضاء الحزب هم أبنائه, وأن حزبه الذي أسماه بذلك الاسم مطالب بحماية هذه الأمة, وليس إلى وضع الثأر الشخصي المشروع على طريق التناقض مع المصلحة الوطنية العامة.

إن الزعماء والرجال التاريخيين يمتحنون في ساعات الشدة, ففي الأوقات العادية: كلنا أبطال وكلنا يحمل صفات الزعامة, واللحظات الصعبة هي التي تسمح لصفات الزعامة أن تخرج من ثياب الشخص لكي يكون زعيما أو لا يكون, وفي تلك اللحظات ذاتها على الإنسان أن يختار بين أن يكون شخصا وبين أن يكون زعيما.

مرة ثانية.. لا أحد يدعو الآلوسي إلى التخلي عن حقه في الاقتصاص من قتلة ابنيه الشهيدين, لكن من حق العراقيين عليه أن لا يحول دمائهما إلى حالة تتقاطع مع حالة الحفاظ على دماء الشعب, أو أن يحولها إلى ورقة استخدام لتصفية خصومات فئوية, فالمرحلة الحالية تتطلب أكثر من أي وقت مضى تقديم الوطني على الشخصي, لا بل ووضع الشخصي في خدمة الوطني وليس العكس مطلقا, وحالة الثأر للأعزة يجب أن لا تدفع بالشخص, حتى ولو كان شخصا عاديا, لأن يضع دماء أبنائه في وسط فوضى التلاعب السياسي, فيساهم من خلال ذلك في مقتلهما مرة أخرى, وفي جعلهما سببا في تضييع دماء المزيد من الأبرياء, وهو عمل أجزم أن الشهيدين لا يقبلان لأبيهما أن يقوم به.

ليس من حقي على السيد الآلوسي سوى أن أطلب منه أن يحكم ضميره لكي يقرر فيما إذا كانت إثارة موضوعة الهاشمي في هذه اللحظة هي إثارة قانونية بحتة وبعيدة عن أن تكون كلام الحق الذي يراد به باطل, وعما إذا ما كان مراد الباطل سيتغلب على كلام الحق. وحينها, وبعد أن يحكم ضميره, ويشّغل صفات الزعيم في نفسه لا صفات الشخص العادي, فإنني واثق أنه سيختار الخيار الصحيح.
وأنا على ثقة بأنه من خلال ذلك سوف يكون أكثر الناس قدرة على فك الاشتباك بين الحق وبين إستخداماته الباطلة.
وأكثر قدرة على التمسك بقانون الحق لا قانون التسي تسي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل
- من يتآمر على سوريا.... نظامها, أم قطر والسعودية.. ؟!
- الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي
- اغتيال المالكي.. قصة الكيس وفئرانه الخمسين
- العلمانية.. إنقاذ الدين من ساسته ومن كهنته
- إلى اخوتنا في صلاح الدين.. (3)
- إلى إخوتنا في صلاح الدين... 2
- لا يا إخوتنا في صلاح الدين.. حوار لا بد منه.. (1)
- رسالة إلى المحترمين خبراء النفط العراقي*
- التحفظ العراقي.. كم كان صعبا عليك يا هوشيار تفسيره
- علاقة البعثيين بفدرالية صلاح الدين*
- ليس بالفدرالية وحدها يتجزأ العراق
- ماذا قالت كونديليزا رايس عن الحرب مع العراق
- حينما صار أعداء الفدرالية أنصارا لها
- من سايكس بيكو إلى محمد حسنين هيكل.. قراءة جديدة للتاريخ
- ثقافات سياسية تائهة
- سوريا, العراق, البحرين.. رايح جاي
- سوريا.. استأثر حاكمها فأساء الأثرة وجزع شعبها فهل سيسيء الجز ...
- التسامح وصِلاته الدينية
- ستلد الطائفية نهضة حينما تلد القرود أسودا


المزيد.....




- رئيس CIA الأسبق يعلق لـCNN على تطورات قضية مؤسس ويكيليكس جول ...
- منها -خنزير باربي-.. علماء يوثقون كائنات مذهلة بالمحيط الهاد ...
- شاهد الطريقة الفريدة التي يتبعها منشق كوري شمالي لإيصال معلو ...
- اتهام زوجين أمريكيين باستعباد أطفالهما بالتبّني
- لافروف: شيء واحد فقط يهمنا وهو أن لا تأتي التهديدات لأمننا م ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدميره مربضا لإطلاق الصواريخ في رفح (ف ...
- -تشكُّل حركة قوية مناهضة للحرب في إسرائيل أمر ممكن-- الغاردي ...
- اللون البرتقالي يغزو برلين: مشجعو هولندا يهيمنون على شوارع ا ...
- الجيش الأمريكي يدعو وسائل الإعلام إلى أول جولة في رصيف غزة ا ...
- المعارضة الكينية تدعو الحكومة لسحب مشروع قانون المالية


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي