أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جعفر المظفر - النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين














المزيد.....

النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3494 - 2011 / 9 / 22 - 08:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


طالب السيد محافظ النجف عدنان الزرفي وزارة الخارجية العراقية العمل على إعادة جثماني شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري والشاعر العراقي الكبير مصطفى جمال الدين لكي يدفنا في أرض مدينتهما النجف, حيث ولدا وترعرعا وشبا وأنزل الله عليهما موهبة الشعر وزرع فيهما عبقريته.
الكل يعلم من هو الجواهري ومن هو مصطفى جمال الدين, ولذا فنحن لسنا بحاجة إلى التذكير بمكانتهما العظيمة وبشعرهما الذي عجز الشعراء المعاصرين عن محاكاته أو الإتيان بمثله. لكن ما يهمني هنا هو الإشارة إلى أن هذين العملاقين كانا قد غادرا العراق هربا من سلطاته الغاشمة, وعاشا, وخاصة الأول, حياة رفاهية أغدقت عليهما من قبل حكومات كانت تعرف قيمة الأدب والأدباء حتى إستقر بهما المقام في دمشق. والحق يقال أن السلطات السورية لم تدخر شيئا في سبيل الاهتمام بهما. وإذا كانت المعلومات ستعوزني وأنا أتحدث عن شاعرنا جمال الدين فإن ما يتوفر عندي منها حول الجواهري الكبير يؤكد على أن الأسد الأب كان رعاه وكرمه بحيث أنه فضل دمشق في النهاية على الجنة التي تذوق فيها طويلا طيب العيش وهي مدينة براغ عاصمة جيكوسلفاكيا القديمة.
كنت قد التقيت الجواهري بداية السبعينات في دعوة عشاء اقتصرت على عدد ربما لم يتجاوز السبعة من أهل الأدب كان من بينهم الشاعرين خليل خوري وبدوي الجبل, وذلك في نادي الصيد في مدينة المنصور من بغداد . وما زالت ذاكرتي تعيدني إلى تلك الوليمة من خلال مشهدين, كان في أولهما الجواهري يتصرف كضيف غريب وكأن لا علاقة له بالحضور, وظل إلى نهاية الوليمة التي استمرت لأكثر من ثلاثة ساعات صامتا ولم ينبس ببنت شفة. وثاني الموقفين هو ما ناله من خليل خوري الذي كان انتشى من شرابه فراح يشن على الجواهري هجوما لا مبرر له حول موقفه من الحكم الملكي وامتداحه للملك أو الوصي, رغم ذلك إستمر الجواهري في صمته, ويبدو أنه كان اقتنع بتعنيف صاحب الدعوة للخوري والطلب منه السكوت.
الموقف الثاني كان في براغ حيث رأيت الجواهري بدون رتوش فرضتها ظروف التحسب والتوجس التي كانت رافق عودته إلى العراق في تلك الفترة, واستمعت له وهو يتحدث بلكنته النجفية ويقرأ لنا بعض من قصائد آخر ديوان له كان صدر آنذاك وقد كان بعنوان مرحبا أيها الأرق..
بين المكانين.. حيث مسقط رأسه في الأول ومسقط روحه في الثاني تذكرت جملة قالها علي بن أبي طالب: وطنك ما حملك.
لقد أحب الجواهري الفرات وأهله, ودجلة الخير وناسها, ولكنه هام عشقا ببلدان صارت له أوطانا مثل براغ ودمشق. وبين مسقط الرأس ومسقط الروح, كان الجواهري عراقي النشأة عربي القامة عالمي الهوية. وحينما زار عمان الأردن ليحي ملكها الحسين بقصيدة, ما زال صداها يتردد في بوادي الأردن ووديانها, عرض عليه الملك الأردني إقامة في عمان وقصرا ومرتب, لكنه اكتفى بتقديم الشكر مفضلا أن يعود إلى دمشق التي لم تبخسه حقه ولم تبخل عليه بمال أو مقام.. هناك, وقد رأيته يرتجز قصيدته في مدح الحسين بن طلال, أحسست بأنه كان يرد على خليل الخوري, وإن كان تأخر في الرد أكثر من ربع قرن.... لا يا خوري, أبدا لم أكن قد أخطأت المديح وإنما كنت أخطأت الذم.
بعدها عاد الجواهري إلى دمشق ليتوفاه الله بعد سنوات قليلة من تلك القصيدة التي كانت آخر أشعاره, وفي موكب تشيعه سارت دمشق, ساسة وأدباء وعشاق, لكي تواري جسده تحت ترابها الطيب.
ما عرفت أبدا أن الجواهري أوصى بأن ينقل جثمانه من دمشق إلى النجف, ولو حدث وأن كان أوصى بذلك لما ترددت عن القول أنه كان أخطأ الوصية, لأن دمشق لا تستحق من أبي فرات أن يحرمها من احتضان رفاته بعد أن كانت قد احتضنته روحا وجسد وكرمته بما يليق به.
فإن كانت النجف مسقط رأسه فإن دمشق هي مسقط روحه وجثمانه.. أليس نكرانا للجميل أن تحرموا دمشق من رجلين كرمتهما, وتكرمت بهما.
ثم أليس جميلا أن نقول.. هنا يرقد النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين.
وهل كان عليا أخطأ حينما قال وطنك ما حملك..



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأتراك قادمون
- اغتيال المهدي.. حينما يكون الاتهام صحيحا وإن كان خطأ
- أنظمة بالية وخطاب سياسي مستهلك
- بين ليبيا العراق.. مقارنات بائسة
- إيران والعراق...التعويضات وأشياء أخرى
- لا تجعلوا كراهية صدام مفتوحة وبدون شروط
- الفساد في محاربة الفساد
- الهجمة العنصرية الأوروبية.. المهاجرون سبب أم ضحية
- إشكالية التقليد ودولة الفقيه لدى الشيعة الإمامية
- جريمة النرويج.. وإن للحضارة ضحاياها أيضا
- الرابع عشر من تموز.. من بدأ الصراع, الشيوعيون أم البعثيون ؟
- الإسلام السياسي وصراع الحضارات
- تصريح النجيفي.. تهديد أم تحذير
- نوري السعيد.. جدلية القاتل والمقتول
- ثورة الرابع عشر من تموز والعهد الملكي... قراءات خاطئة
- بين أن تكون ديمقراطيا أو أن تكون مالكيا
- حديث حول الطائفية
- النجيفي وأصحاب المناشير الأبرار
- الشيعة والسنة بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة – 2
- الشيعة والسنة.. بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة*


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جعفر المظفر - النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين