أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد مهدي - الماسونية والشيعة والسلفية (2)















المزيد.....


الماسونية والشيعة والسلفية (2)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 21:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


(1)

هل الماسونية مجتمع مغلق ؟
ربما يكون هذا السؤال في حقيقته من اكثر الاسئلة " الايحائية " بان الماسونية " مجتمع " ، فطرح السؤال يتضمن توكيداً بان الماسونية مجتمع " سري " داخل المجتمعات الاخرى خصوصاً في العالم المتحضر ..
ربما هو سؤالٌ تضليلي تزخر به مواقع الإنترنت الماسونية الاجنبية لا يهدف الحصول على جواب قدر ما يهدف إلى اضفاء صفة ثقافية لتبرير وجود " الاخوية " عبر العالم بأسلوب ايحائي رمزي يضفي بعداً اجتماعياً وهمياً على " عصابة " خفية فوق القانون والدولة .. بل والمجتمع الدولي برمته ..
وربما يكون مجرد سؤالٍ ساذج ليس إلا لم يدخل في الاغوار الثقافية والطقسية التي تميز الجماعات السرية الرديفة لفرسان الهيكل وفرسان مالطا والمستنيرين وغيرها من جماعات تحالفت مع البروتستنتية ضد الكنيسة الكاثوليكية في الماضي تفتقر لأدنى مقومات " المجتمع " .
هي اليوم تلتئم عبر العالم ونظام العولمة وثورة المعلوماتية لتحقيق مشروع النظام العالمي الجديد بالضد من عقائد كثيرة اهمها الأرثوذكسية المسيحية وبعدها السلافي الروسي القومي والكونفوشية الصينية إضافة للأمة الاسلامية التي افتتح الهجوم عليها قبل سواها مطلع القرن الحادي والعشرين بما يسمى الحربُ على الارهاب ..
فهذه الاطياف الحضارية وكما ورد في كتاب واضع استراتيجية هذه الحرب صموئيل هنتغتون تمثل حضارات " مغلقة " لا تقبل التحديث modernity ...!!
ما علاقة التحديث بالماسونية ؟
إن الماسونية " المعاصرة " جماعات أو مافيات عالية المكانة الاقتصادية تجد لنفسها متسعاً اوفر من النشاط في المجتمعات المفتوحة التي تقبل " التحديث " وتحفظ للإنسان حرية اعتقاده ولا محدودية كبيرة في نطاق ممارسة الحرية الشخصية ..إلى درجة إن الماسونيين الممثلين للنخبة الاقتصادية الثرية بالمقام الاول في المجتمعات يمكنهم التحكم بصورة " سرية " بمصير ومآل المجتمع العصري الحداثي المفتوح عبر السيطرة على المفاصل الاقتصادية التجارية والصناعية والهيئات الإعلامية الواسعة ، وهي كلها ركائز تكون قوية وفاعلة في المجتمعات الحرة المفتوحة المتحضرة مثل المجتمعات الاوربية والولايات المتحدة وكندا و بدرجة اقل في كوريا الجنوبية و اليابان (1)
لا أود مهاجمتها بمنهجي التحليل التفكيكي هذا قدر ما اود اعادة رصفها في الخريطة الفكرية للعالم المعاصر ، في الوقت نفسه الذي لا أود الانسياق وراء المبالغات والتهويلات في وصفها كمنظومة سرية شريرة مقتدرة تطال يدها كل بقعة في هذا العالم ..
فعلى النقيض من المجتمع المفتوح , تجد الماسونية نفسها قصيرة الايدي في المجتمعات المغلقة او التي تلتزم بثوابت اجتماعية اصولية معينة لا تقبل الآخر أو تضع حدوداً صارمة على الحرية الشخصية وحقوق التملك وترسم علاقة الفرد مع السلطة السياسية الحاكمة على نحوٍ لا يسمح لهذه الجماعات بالسيطرة على الدولة ..
ولكون " الانفتاح " الثقافي والاقتصادي سمة العالم المتحضر ، فإن مصالح الماسون في تحقيق حلم بناء النظام العالمي الجديد سارت جنباً إلى جنب مع حركات التحرر الاجتماعي والسياسي في عموم العالم و العالم الثالث والإسلامي بوجه التحديد ..
اذ وجدت النخبة الثقافية الطامحة لتحرير وتحديث بلدانها نفسها مرغمة على التحالف مع " الرأسمالية " العالمية التي تقودها الولايات المتحدة كحكومة ذات بروبوغندا ضخمة لدعم الحريات ، فيما تُسَيـِّر هذه الحكومة في الظل نزعة " الاخوية " لإقامة نظام عالمي رأسمالي نيوليبرالي تمسك بمفاصله عوائل " اصيلة " نقية العروق " اسمى " من البشر كما تروج لنفسها داخل اروقة المحافل والابواب الماسونية المؤصدة ..
لهذا السبب ، مشروع التحرر لقوى اليسار والديمقراطية في العالم العربي لا يدرك في تعاملاته مع الانظمة والمؤسسات الغربية حقيقة قوة تأثير الترابط والتداخل بين وجه النظام الرأسمالي المعلن ووجهه الخفي العقائدي الباطني .. الذي سنتحدث عنه بعد قليل ..
وبدلاً عن ذلك ، تفرط هذه القوى في العالم الإسلامي من التساؤلات والاستفهامات حول هلامية وتناقض مواقف الحكومات الغربية تجاه الثورات الشعبية العربية مثلاً ، فهي تساند النظام السعودي واليمني بعد ان ساندت النظامين المصري والتونسي بداية الثورة ، فيما تصعد لهجة الخطاب ضد ايران وسوريا ونظام القذافي في ليبيا ..
الكثير من الليبراليين والتنويريين العرب يتساءلون عن جدوى مساندة اميركا لآل سعود وما يمثلوه من بؤرة لبث افكار التطرف المدعومة بالبترودولار الامريكي في العالم ؟
الكل يعرف بان اميركا قادرة على تغيير النظام هناك وفي اي دولة خليجية ، فما هو المغزى من دعم الغرب للأصولية والتطرف الوهابي في جزيرة العرب في حين يمكن للغرب جني ثمار لبرلة وتحديث المنطقة وعلى مراحل بشكل ايسر بغياب هذه الاسرة ؟؟

(2)

الاسباب التي تجعل الغرب منفصماً في سياسته في هذه القضية تعود إلى واقع الاختلاف بين النهج الليبرالي المعلن وواقع السياسة الخفية لمخطط النظام العالمي الجديد الذي وإن كان يستدعي خلق المجتمع الحداثي المفتوح ، فهو ايضاً يحتاج إلى ازاحة " العقائد " المنافسة والمضادة التي تحمل نفس النزعة العرقية – المافيوية في المنطقة ، مثل النظام في ايران وسيطرة النخبة الدينية وكذلك المجتمع الشيعي في جنوب العراق والمنطقة الشرقية من السعودية وسيادة فكرة " العرق " العلوي المقدس ذو المكانة الاجتماعية الرفيعة ، حيث يمكن للنخب الشيعية ان تصبح منافساً مستقلاً " مضاداً " للماسونية في المنطقة اذا ما جرت عليها الامور رخاء بعد تجربة الإطاحة بصدام حسين ، فعلى الرغم من القوة التدميرية الرهيبة للإرهاب السلفي في العراق فإن هذه البلاد لا تزال واقعة تحت سيطرة " النخبة الكهنوتية" الشيعية المضادة في نسقها العقائدي للماسونية بشكل ٍ لافت ..
لهذا السبب ، عانى المشروع الامريكي في العراق حالة من الفصام ما بين البناء الليبرالي والديمقراطي ومكافحة الإرهاب من جهة ، ومؤازرة ومساندة آل سعود والقيادات الكردية في اجهاض قيام حكومة تعددية قوية في العراق من جهة اخرى تحت ذريعة الخوف من السيطرة الايرانية على البلد ..
فتحويل الجزيرة العربية لمجتمع مفتوح يحتاج لمراحل وفترة طويلة من الزمن في الوقت الذي تمثل فيه ايران وعقيدتها الشيعية ذات الهيكل الثقافي الاسطوري الطقوسي المجوسي بابلي الجذور عائقاً كبيراً امام ترسيخ " العصبة " الاخوية في بلاد بابل ..
فرغم اختلاف المحتوى والتفصيلات في اركان العقيدة الاثني عشرية السائدة في ايران والعراق عن " الوثنية " البابلية إلا انهما تتشابهان مع " الماسونية " في حقيقة انتمائهما إلى مرحلة العقائد التاريخية " ما قبل " الايديولوجية ..
الاسلام بنسخته السنية وكذلك الكونفوشية الصينية على سبيل المثال ، يحملان طابعاً ايديولوجياً فكرياً يتفوق على الطابع الطقوسي ويغطي عليه ..
فالأيديولوجيا ( حسب كارل بوبر ) جملة افكار " ماهوية " تحاول الادعاء بان لها اسساً معرفية او اخلاقية واقعية تكون الضامن لمصداقيتها وشرعيتها ..
والافكار بطابعها الايديولوجي هذا جاءت على ركام تجربة إنسانية مندثرة تمثلت بالمرحلة ما قبل الايديولوجية ، الديانات الطقسية الاولى في سومر وبابل ومصر القديمة ، حيث كانت الممارسات الطقسية وليس الافكار هي اسس وثوابت العقيدة ..! (2)
وهذا ما لم نزل نلاحظه في العقيدة الشيعية الاثني عشرية .. وكذلك العقيدة الماسونية السرانية ..حيث الطابع الطقسي الرمزي يطغى على " الايديولوجي " ويغطي عليه !
الماسونية ، وبسبب نزعة " الفردانية الجامحة untamed personality " (3) التي تسهم لدى افرادها في ان يكون تفكيرهم منصباً على تسخير الآخرين لصالحهم بما يعتبرونه تفوقاً و ذكاءاً " قدرياً " يميزهم ، و هي إما سمات وطبائع متوارثة في المجتمع اليهودي المغلق ، أو حالات شاذة من تنامي الثقة بالنفس وصوت " الانا " العالي لدى افرادٍ بعينهم في اي مجتمع تتناغم وتتوحد في تحقيق النجاحات على الصعد الشخصية ، خصوصاً في مجال حيازة الثروة وتنميتها ، إنما تمثل صورة العقيدة البدئية ما قبل ايديولوجية حيث كانت تحيطها هواجس الخوف والطمع من قوى الطبيعة ( الآلهة ) بدرجة عالية ، فيما هي في عالم اليوم وجدت متنفساً وحيزاً اكبر لممارسة قدراتها رغم زوال هواجس الخوف من " الآلهة " .. التي حلت محلها نزعة ورغبة جامحة بالسيطرة على " الامم " ..
إذ يمكنها عن طريق النشاط الخفي السري من التحكم وتسيير الجماعات والتنظيمات المؤدلجة بل وحتى ما بعد المؤدلجة العقلانية لكون الفردانية الجامحة نوازع عميقة و سرانية يمكنها التخفي وراء الايديولوجيا والعقلانية على حدٍ سواء.. خدمة لتحقيق مطامحها الشخصية .. ، لكنها تضطر للاصطدام بفردانية جامحة مضادة وتدخل معها في صراع كتلك البعيدة في الشرق الاقصى او القريبة في ارض ما بين النهرين ( نناقشها لاحقاً ) ..
فالمجتمع الخليجي ورغم اصوليته فهو يقبل " التحديث " ضمن انساق بنيوية في التعامل الاقتصادي ما سهل على الرأسمالية الغربية ونزعتها الباطنية الخفية ( الماسونية ) تطويع المؤسسات المختلفة ومنها الدينية في هذه الدول لإكمال انجاز مشروعها في المنطقة ..
الشخصية الحاملة لثقافة الانا الجامحة ( تحت ايديولوجية ) (4) لا تحقق ذاتها ولا تصل للتوازن السيكولوجي المطلوب عبر الايديولوجيا أو قيم الحداثة والعقلانية التي تجعلها " غيرية " تعمل لأجل قيم الفضيلة والصلاح الذي يعم الغير قبل الفرد .. ، لهذا هي تعلب ادواراً مختلفة في التعامل مع الايديولوجيات والاتجاهات العقلانية الاكثر تقدمية وتحاول تطويعها والسيطرة عليها لصالحها الفردي الخاص ..
فهكذا شخصية بفرادتها الجامحة تؤمن ، بل هي مجبولة على ان الفضيلة هي تحقيق السعادة والثراء على صعيد شخصي فقط ، وتعتبر النجاح والتوفيق في الحياة على صعيد شخصي علامة رضا الاقدار او الرب عليها ، وهي اهم مبادئ الوعي الجمعي اليهودي وكذلك الشيعي الامامي المعاصر ... تماماً كما كان الإنسانُ في بابل القديمة ..!
اما كيف استمرت مثل هكذا ذهنية بدائية لتبقى كحالة تكاد ان تكون عامة في المجتمع الشيعي واليهودي ؟
فهذا يعود للاضطهاد والتشرد والاغتراب بالنسبة لليهود و الاغتراب الثقافي والاضطهاد على ارض البلد التي تحولت إلى ما يشبه السجن على مر التاريخ بالنسبة للشيعة وهو حديث يطول ، وكل ما نقوله الآن عنه بأن الاضطهاد يسهم في " تكريس " الافكار والنظم الثقافية ويزيدها متانة في حال مارس عليها محاولة التغيير القسرية وصمدت هي بوجهه ، حيث تدخل هذه النظم في معادلة " التحدي والاستجابة " كما يسميها ارنولد توينبي ، فاذا ما صمدت بوجه التغييرات تكون النتيجة زيادة تقوقعها على نفسها وصلابة اعتناقها وتعصب معتنقيها المعاصرين لها اكثر من روادها الاقدمين انفسهم ، وهذا ملموس فعلاً لدى الشيعة والاقباط واليهود ..
لهذا السبب ، كل فرد في العالم المعاصر تتركب ذهنيته وفق هذا القالب هو " ما قبل ايديولوجي او تحت إيديولوجي " و مؤهل للعب دورٍ ما في الهرم الماسوني الكبير ..
ولا يعني إن الذي لا يؤمن بأيديولوجيا " ماسوني " ، فالأيديولوجيا هي الاخرى اصبحت قبلية تاريخية وحلت محلها " العقلانية rationality " في مسار تطور العقل الإنساني ووعيه الجمعي المتنامي المتجدد ، لكن الذي لا يتبنى العقلانية العلمية .. ولا يتبنى اي ايديولوجيا ... مثل هذا الإنسان بدائي القيم لا يمكنه النجاح والاستمرار في حياته دون " طقوس" أو اعمال ناجحة ونزعة فكرية " رمزية " تحقق له التوازن الفكري وتنظم العلاقة بينه وبين المجتمع وتوفر له شعوراً بالراحة والامن ..
فما هي اعمال و " طقوس " الماسونية التي تقوي لحمتهم وتشكل جسوراً عقائدية للتواصل بينهم من جهة وتؤصل وتديم فيهم فرديتهم الجامحة وتحقق التوازن الفكري والاجتماعي المطلوب في مجتمعات عقلانية مفتوحة أو حتى مؤدلجة من جهة ثانية ؟
هذا ما سنناقشه في المقال القادم من السلسلة الذي سنتناول به العقيدة السرانية و رمزيتها وطقوسها ..
ويبقى ان نذكر إن مخطط الماسونية في بناء شرق اوسط جديد يسير على مبدأ الاستعمار الكولنيالي القديم و الكابيتالي الجديد بتقسيم البلدان إلى دويلات لتسهل السيطرة عليها والتحكم بها عبر افراد ومجاميع يمثلون اقطاب الاقتصاد والإعلام في تلك البلدان من الماسونية او الجمعيات السرية المتفرعة الاخرى التي تهيمن عليها ، وتعتبر الاصولية الشيعية في لبنان والعراق وايران اكبر منافس تاريخي " تحت ايديولوجي Sub Ideological " لا يمكن اختراقه بفاعلية والتحكم به كما هو الحال مع المجتمعات ذات الطابع الايديولوجي مثل السلفية ، حيث إن تحت الأيديولوجيا يمكنها الاختباء وراء " الأيديولوجيا " كالسلفية الجهادية التي سهل اقناعها بالتحالف مع الغرب لقتال السوفييت في القرن الماضي ..
لكنها ستصطدم حتماً بتحت ايديولوجيا منافسة كالعقيدة الامامية ذات الخلفية والمباني الاسطورية القديمة جداً كما اثبتت احداث " الزرقا " في نجف العراق وذلك التنظيم الذي حاول التغيير في البنية الاسطورية للمذهب الاثنا عشري لكنه لم يفلح وفشل فشلاً ذريعاً..(5)
فيما نجد العكس في العقيدة ذات الايديولوجيا المحضة غير المؤسسة على ثيمات اسطورية ، حيث يمكن التحكم بها وتحريكها كدمية بكل سهولة كالسلفية وتنظيم القاعدة المجسد لأفكارها التي اضحت اليوم ومن حيث لا يشعر اغلب اعضاءها اداة تحارب بها الماسونية خصومها في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى و الشيشان ، لهذا السبب ، يدأب المشروع الكولنيالي الجديد في المنطقة لإزالة هذا " الغريم " و " التوأم " التاريخي العتيد ..
فالماسونية تحضر لترويج اساطير قداستها ونقاء سلالات عوائلها باسم " العقلانية " عبر اسطورة الاصل الفضائي ، بعد ان كانت في حقبة الاصلاح الديني ايام جون كالفن ومارتن لوثر مبنية على فكرة ان " اليهود " شعب الله وابناءه بالتأكيد على يهودية المسيح نفسه ..
اما اليوم ، فلم يعد للرب حضورٌ موضوعي في عصر العلم و العقلانية حتى يكون لأبنائه قيمة ، لابد ان تتوافق " الاسطورة الجديدة " مع العمق الفرداني الجامح لهؤلاء من جهة وواقع الثقافة والافكار المعاصرة من جهة اخرى لتولد الرائيلية وفكرة خلق الحياة من قبل حضارة كونية مقتدرة فوق قدرة البشر ، وما تروج له اخيراً الكثير من الكتابات في الغرب في كون احفاد الزواحف الذكية التي خلقت الحضارة السومرية والمصرية لا يزالون بيننا .. وهم من يملك خزائن رحمة ربك ، بل هم المسيطرون ..!
اذ نلاحظ بان هكذا ذهنية لا يمكنها البقاء والاستمرار بلا اسطورة ، ولعلها من اهم ميزات العقل البدائي الجامح مضافة لفطنته وانتهازيته..
فهناك فعلا ما يعيق ان يحقق مشروعها في النجاح و السيطرة على مفاصل الاقتصاد في دول الشرق الاوسط ، الخزين " الاسطوري " الغني والقدرة على الثبات والمجابهة في منطقة ما يعرف بإيران والهلال الشيعي إذ تشكل عائقاً استراتيجياً خطيراً على المشروع بكافة ابعاده ، لذا تتطلب المواجهة حسب الاجندة الكابيتالية شتى الطرق والوسائل ومنها فلسفة الاحتواء المزدوج بين السلفية والتشيع واستراتيجية الفوضى الخلاقة سيئة الصيت المعروفة في العراق ..


هوامش :

(1) اليابان وكوريا الجنوبية يعاني الغرب منهما حالة فصام في المواقف ، فهو من جهة يخشى تغولهما الاقتصادي على صعيد اعلامي ودبلوماسي ظاهري ينطق بلسان الاتجاه القومي للدول الغربية التي اضرتها اليابان وكوريا اقتصادياً بعد سيطرتها على حصة من الاسواق العالمية ، ومن جهة ثانية يعزز اقتدار هذه الدول بصورة مبطنة لكونها تمثل عمقاً استراتيجياً متمدداً للمنظومة الرأسمالية التي تمثل الوجه المادي المعلن للأخوية السرية ..

(2) لا يزال الشيعة في العراق وايران يمارسون الطقوس بهيكلها البابلي السومري بإسهاب يجعل من المذهب الشيعي الاثني عشري نسخة " طقسية " بابلية بامتياز بهيكلها العام وإن اختلفت تفاصيل هذه الطقوس بين الوثنية البابلية و الإسلام الاثني عشري بسبب واقع الزمان والمكان والتراكم القيمي الحضاري المتطور على طول الحقبة التاريخية الفاصلة بين سقوط بابل عام 539 قبل الميلاد والفتح الإسلامي للعراق ( او احتلاله ) بعد هذا التاريخ بما يزيدُ على الالف سنة .

(3) نرجو التمييز بين " الفردانية Personality " بمفهومها التحرري ( الليبرالي ) المعاصر وما تمثله من بعد تقدمي حديث في الانسنة وبين " الفردانية الجامحة untamed . P" كمفهوم غير متداول وربما غير معروف نستخدمه في هذه السلسلة للإشارة إلى ثيمة تعريفية ثقافية للإنسان في الحقبة ما قبل ظهور الايديولوجيا ، اي الحقبة " الطقسية " الوثنية حيث كانت تسود في بابل الطقوس اكثر من الافكار والحكمة التي كانت تدعى بالأكادية Nemqu كمشتقة من Emqu اي العمق والاعماق ، فالحكمة كانت " اعماقية " ترادف وتتناغم مع اللاشعور والعواطف الجياشة ، ولحد الآن يعتبر الشيعة الاماميون من المحبة والحزن والفرح لأهل البيت خصوصاً للزهراء وبعلها علي كما كان اهل بابل يعتبرونها لمجمع الآلهة وعشتار وبعلها تموز ادوات الوصول للإستقامة والصلاح .. اكثر من السلوكيات والالتزامات الاخلاقية المجردة رغم اني لا انكر وجودها لدى شيعة اليوم ولا عند العراقيين القدماء ، لكن للطقوس وما تحركه من " عواطف " كان ولا يزال الحظ الوافر من تشكيل هيكل العقيدة العام ، هذه العواطف المستثارة كانت الحافظة المتينة للنزعة الفردية الجامحة والقوية لدى العراقيين القدماء وكثير من الشيعة واليهود المعاصرين دون ان نغفل التباين الواضح بين صفات الفرد في المجتمع الشيعي واليهودي في تفاصيل كثيرة لها اسبابها التاريخية – الاجتماعية يمكننا مناقشتها بموضوع منفصل ..

(4) لعل الثيوصوفيا Theosophy من اهم الاتجاهات الفكرية التي تترجم النزعة الفردانية الجامحة إلى " فلسفة " حين تنطلق من الطبيعة البشرية المحضة بايجاد الوحدة الكلية بين الاديان ، ولعلها اساس التوجهات النورانية في الغرب بما عرف بالـــ Illuminati او المستنيرين والذين يمكن اعتبارهم بمثابة مجلس الكهنة الاعلى للهرم الماسوني الكبير ، حيث يشير الهرم الماسوني في ظهر فئة الواحد دولار اليهم كهرم منير منفصل فوق الأول الكبير ، وكذلك التصوف في الاسلام هو الآخر يمثل حالة من الرجوع إلى " الطبيعة البشرية الذاتية " مع احتفاظه بثوابت معينة لا توغل كثيراً في عمق التداعي الصوفي الباطني وحسب الطريقة والمذهب ، سندرس هذا في المقال اللاحق بشكل اعمق ..

(5) ضياء عبد الزهرة الكرعاوي أو " الامام المهدي " الذي اجهضت حكومة بغداد حركته في منطقة بساتين " الزرقا " بحدود العام 2007 وابادته مع اتباعه ابادة شبه تامة ..
يقال بانه احد الغنوصيين المعروفين باسم " السلوكيين " ويقال ايضاً بانه كان من تلاميذ المرجع الراحل محمد صادق الصدر ، ويقال كذلك بانه ابوه كان احد اعمدة العرفان في النجف ( وهذه المعلومات بجملتها غير دقيقة او موثقة ) ..
لكن ما انا متأكدٌ منه هو كتابه الفريد الذي وقع بيدي بعد تلك الاحداث والذي كان بعنوان :
قاضي السمـــاء ...
يحكي هذا الكتاب عن قصةٍ غريبة تدور حول " بيضة " اخذها جبرائيل من فاطمة الزهراء يوم نزل مع اهل البيت في حادثة الكساء المعروفة لدى الشيعة بانها سبب نزول الآية على النبي محمد (( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً )) ، اخذ جبرائيل البيضة التي كانت ملقحةً تواً من قبل " علي " في القرن الميلادي السابع ، وعاد لينزل بها في القرن العشرين في رحم امرأة .. هم ام ضياء الكرعاوي الثانية ، بمعنى ان امه بالجينات هي : فاطمة الزهراء ... لينطبق عليه قول النبي محمد بان المهدي من ولد فاطمة ...
الملفت في هذا الموضوع هو " وجه " ضياء حين عرضت جثته ، كان شبيهاً إلى درجة لا تصدق بوجه " الامام علي " حسب الصورة المعروفة التي يتداولها الشيعة ...!!!
مع ذلك ، ورغم عمليات التجميل التي من الارجح إنها اجريت له ليظهر بهذا المظهر ، فما هكذا تورد الابل في بلاد بابل ، المسالة ليست بهذه البساطة يا احفاد " داود " !!



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماسونية والهرم الاجتماعي - الاقتصادي (1)
- اقتصادٌ وديمقراطية ..وثورةٌ عربية !
- دولة الاساس القويم .. وهذا الجيل
- فؤآد النمري والمعضلة الماركسية (3)
- جمهورية بابل الاتحادية و عاصمتها بغداد !
- الاحلام في الثقافة الإسلامية : الرموز والدلالة
- فؤآد النمري يبحث عن سوبرمان (2)
- فؤآد النمري يبحث عن سوبرمان (1)
- نوسترداموس برؤية تفكيكية (2)
- وفاء سلطان ودروسٌ في الحرية !
- نوسترداموس برؤية تفكيكية (1)
- الإنسان و الروبوت (2)
- الإنسان و الروبوت (1)
- ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (2)
- ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (1)
- التجسس السايكوترونكي وتقنياته الخفية
- السيطرة على العقول ( السايكوترونك ) : توضيحات
- انظمة تشغيل المخ ...مدخل لعلم السايكوترونك ( السيطرة على الع ...
- الوجه الآخر للجنون ..
- 2 - جبرائيل والشيطان


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد مهدي - الماسونية والشيعة والسلفية (2)