|
وفاء سلطان ودروسٌ في الحرية !
وليد مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 3377 - 2011 / 5 / 26 - 14:02
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
(1)
كم هو خــدّاع هذا المفهوم ( الحريــة Freedom ) .. وكم هو مزرٍ حال الثقافة حين تصبح مجرد شعارات مروجة للزيف باسم الإنسان .. إذ يعتقد هذا الإنسان ، بما ركّبت الطبيعة في جبلّته من غرورٍ وخيلاء ، بانه مسحوب ٌ من يديه نحو المستقبل .. وما هو في حقيقته إلا ابنُ تربيته التي تحيله مثل دمية تحركها خيوط ُ ماضيه ، نعم .. عقلانيتنا مجرد دمية تحركها إما عواطف ايجابية .. في حالة من يدافعون عن تاريخ امتهم .. او عواطف سلبية كمثال من يطعنوا تاريخ امتهم في ظهره .. العقلانية الحقة نادرةٌ تلك التي تحاكم التاريخ بايجابياته وسلبياته ، ولا يستثنى من هذا التصنيف احد ..! فالماضي الذي يشكل التكوين " العاطفي " للسيدة وفاء ، ابعد عن عقلانية حقة لا ترى في مشهد الثقافة الإسلامية إلا صفحة سوداء بالمطلق , ليس فيها أدنى بياض ..! انحيازها السلبي تجاه الإسلام ، و المتلفح بمفاهيم العصرنة والتنوير ، المندفع رغماً عن حرية العقل بمفهومه الكلي المجرد بانحياز عاطفي سلبي .. والذي ، فيما لو ، سار بموضوعية بعيدة عن المراوغة والإنحياز فلن يرتضي ابداً الحريةً في شكلها الذي ياتي عبر الآباتشي .. العقل الموضوعي ، لن يرتضي ايضاً " الحرية " بشكلها الاكثر مراوغة عبر التعددية التي تحركها " شركات " عابرة للقارات فيما وراء البحار .. العقل الذي لا يهتم حتى لو كانت الأطماع الكولنيالية ممثلة بأبشع صورها في الدولة البوليسية الاستخبارية التلمودية التي تسمى " إسرائيل " باستلاب الارض وتشريد شعب بأكمله من ارضه ، مثل هكذا عقل عاطفي سلبي لا يرى في هذا النوع من الحرية في النهاية إلا جزاءاً وفاقاً لسوداوية الإسلام والمسلمين ..!! فبمقابل اعلاء صرح الهرم الامبريالي ونخبه الدموية التي تستعبد البشرية عبر السيطرة على الإعلام ومفاصل الاقتصاد مستغلة الضعف البنيوي بمسببه الرجعي في كيانات الحضارات والدول الثقافية والسياسية ، ضعف هذا التكوين الثقافي الماضوي هو الذي سوغ لوفاء وسواها هذا الإنحياز العاطفي السلبي بتبرير " الحرية المتطرفة " كمخلص من ميراث محمد النبي و الذي تحاول الليبرالية " المتطرفة " ان تصوره على إنه داء الأمة وسبب ظلاميتها والخطر الكوني الماحق بالسلام العالمي .. ! فهل كان في هذا الميراث ما يبرر التحالف الامريكي الوهابي لجهاد السوفييت في افغانستان ، او توفير الارضية الأساس لخلق التشدد في البلاد العربية والإسلامية منذ القرن الماضي لاحتواء زحف الشيوعية في العالم الإسلامي ؟ هل هو عمر بن الخطاب ، وليس سواه ، من ثقف البشرية ثقافة التسلح النووي وصناعة القنابل الذرية ، فأرسل حفصة ابنته في الطلعة التي ضربت هيروشيما في تلك الغارة المظفرة المجيدة ..!؟ اليست هذه الحرية الآن محمولة على الحراب وحاملات الطائرات التي تجوب البحار عرضاً وطولاً ..؟! فاذا كانت " شراسة " و " غطرسة " اعداء الحرية هي التي دفعت الغربيين " الاحرار " للتسلح بأحدث التكنولوجيا لمواجهة الاشرار ، الا يبرر هذا شراسة الامة التي تصيح " الله اكبر " ما دامت سليبة مغتصبة تحت طائل نظم تدعمها الولايات المتحدة الامريكية اساساً قبل ان تصبح نافذة الصلاحية بعد غضبة شعوبها لتعاود اميركا الضحك على العقل العربي بإيهامه بالمساعدة ضد الاستبداد ..؟ الا تبرر " الحرية الغربية " حين تحمل السلاح بوجه أعدائها " الإسلامويين " ان يكونوا اكثر شراسة ووحشية منها كي يخلقوا توازن الرعب ما داموا اضعف تسليحاً من جيوش الحرية ، حتى ولو بالقنابل البشرية ...!؟ لستُ متطرفاً مثل اؤلئك أو اؤلاء ، ولستُ ممن يشجعون هكذا عقيدة ، لكنها تساؤلات مشروعة من حقنا ان نحصل من خلالها على إجابة موضوعية لا تدلس ولا تبخس من الحقيقة التي تقول : الغربُ اقوى وابشع من كل وحشية الإسلام السياسي الجهادي مهما امتد هذا الاخير أو اشتد أو توحد .. الإسلام السياسي لم يكن ليقوى عوده منذ البداية لولا الدعم المخابراتي الغربي في القرن الماضي في عدة محطات .. بدأت في الباكستان مروراً بمصر عبد الناصر والسادات ولم تنته في طالبان أفغانستان والشيشان ..
(2)
أو ليست هذه هي الحرية التي تدافع عنها " السيكولوجية Psychologist " وفاء سلطان كما تقدمها التعاريف المتصدرة لمقابلاتها ولقاءاتها التي تعودت فيها الهجوم على كل ما هو مسلم ..؟ فحين نقرأ عبارة " السيكولوجي " يتبادر إلى اذهاننا ذلك النمط من المختصين الذين يتسمون بالهدوء في نقاشاتهم وتحليلهم للمشاكل العامة او الخاصة بحالات نفسية بعينها .. لكن ، الحالة لها منحىً آخر لدى السيدة وفاء سلطان التي تظهر تشنجاً واضحاً سواء في حديثها التفلزيوني أو كتاباتها التي هي للعصاب اقرب منها ان تكون كتابة ً لمختص بالسيكولوجيا ..! ولعل اكثرها غرابةً وخروجاً عن الموضوعية مقالها الأخير : على ضوء الاحداث ! السيدة سلطان ، وبعد ان كانت تقذف الإسلام ومحمد بكل ما هو قبيح قبل " الثورة العربية " التي امتدت من المحيط إلى الخليج ، وعلى عكس ما هو متوقع من وقوفها إلى جانب الجماهير كحال الكثير من الليبراليين الذين وجدوا في الثورة " فرصة " لتصالحهم امتهم ويصالحوها ... نجد السيدة وفاء سلطان تأبى إلا ان تأخذها بالإثم عزة ، وبدلاً من ان ترى في الافق فجراً جديداً لجيلٍ جديد بلور عقداً اجتماعياً جديداً في ميدان التحرير كما تقول نوال سعداوي ... راحت وفاء سلطان تصور المشهد بقتامة وظلامية مثل حاخامات اليهود في اسرائيل وموقفهم السلبي جداً من الثورات ، حتى أننا نكتشف التماثل بسهولة حين نسمع خطاباتهم وكلمات السيدة وفاء ....!
مشكلة السيدة وفاء سلطان والكثير ممن يأسوا من العودة للإندماج مع ثقافة انفصلوا عنها بصورة قسرية وتحت ظروف قاهرة هو ذلك الشعور بالتعالي واحقية الحديث والكلام دوناً عن سواهم ممن ينعتون في وصفهم بالظلاميين والرجعيين و مختلف الصفات الرائجة الاخرى .. هذا الشعور بحيازة العلياء وقطف النجوم دوناً عن حضيض الحرمان والعدمية التي لابد ان كانوا فيها يوماً لتصبح ماضٍ يخشون مواجهته لما يرزح تحت عبئه من ميراث مؤلم هو احد اهم الاسباب التي شكلت الإنطباع العاطفي السلبي في ذهنيتها الذي ذكرناه مطلع مقالنا هذا ... هذا الميل تصوره لنفسها على إنها اعلى ذروة من ذرى العقلانية ارتفاعاً والتي تتبدى في ذلك التشنج الواضح في كلامها المسموع وشكلها اثناء الحديث ، وكذلك طبيعة المفردات التي تستعملها كتابة والتي سنمر على بعضٍ منها بعد قليل ..
اقل ما تعبر عنها هذه الكلمات والإيحاءات المتشنجة هي حالة من لم يستطع " التصالح " مع ذاته وماضيه وامته ، بدليل ، إن ثورة هذا الجيل التي ابهرت العالم .. لم تستطع السيدة وفاء سلطان إلا ان تصورها لنا بزاوية خاصة جداً وليست عامة في الثورات أبداً : مشهد من يخرج من المسجد وهو ينادي " الله اكبر " او تلك المبرقعة المغلفة من اعلى إلى تحت وهي تنادي بالتغيير والحرية ... اذ تقول في نفس المقال :
{{ هل يعقل بأن ذلك الشاب الذي خرج لتوه من صلاة الجمعة وراح يهتف "الله أكبر" هو في حقيقة الأمر يطالب بالحرية كحق شخصي، وبغض النظر عن شكل تلك الحرية؟ }}
السيدة وفاء سلطان تقول بان هؤلاء لا يعرفون معنى الحرية ، وهؤلاء اقرب منهم للاغنام الماضية وراء ايقاع الراعي الذي يقودها ، وكما تصفه :
{{ قطيع مغيب الوعي، لا يعرف إلا أن ينطح من يقف في وجهه، وهو في طريقه إلى مذبحه}}
إذن ، السيدة وفاء سلطان ، وبعد ان " اعطتنا " دروساً كثيرة في ان نكون آدميين بتجرد ٍ بعيد كل البعد عن محمد وشريعة محمد طيلة الاعوام الماضية ، ها هي اليوم تعطينا وبعد ثورات هذا الجيل ، ومن اعلى علياء برجها العاجي كما وصفها احد المعلقين على مقالتها ، درساً في الحرية " المتشنجة " المتطرفة ... ! تعلمنا أن ليس كل من نادى طالباً حريته ثائراً على واقع بلاده الاقتصادي السياسي المرير فهو " يفهم " معنى الحرية بشكلها " النموذجي " المثالي " الماكدونالدي " و المجهز بعناية ام التحرريين اميركا .. فواشنطن أو باريس أو لندن وحدها من تجهزه مبستـراً خالياً من أي فيروس أو بكتيريا او مفاهيم مسرطنة للأفكار من شانها ان تفرخ ديمقراطية اسلامية نازية على غرار النازية الالمانية التي أنجبتها الديمقراطية " الغربية " في القرن الماضي ..!؟ فالغرب منذ بدء الثورات وقف موقف المتشكك من هذه الثورات مخافة تكرار حالة الديمقراطية السلبية التي فرخت النازية .. ، والمثال هنا يتغير بطبيعة الحال ان تكون " خلافة اسلاموية " تاتي بها صناديق الاقتراع ..! السيدة وفاء ، ولنظرتها النافذة في وقائع الامور ترى في نفسها قَـيّمة وحيدة على " الحرية " بشكلها النقي الخالي من الأمراض ولها حقوق التنظير " حصرياً Exclusive " ..! فما هي الحرية كما تعرفها وفــاء ..؟؟
(3)
اغلب الليبراليين في الحوار المتمدن على فهم ٍ واف بان هناك في " قراءة " الفكر الإسلامي بصورة عامة مشكلة اسمها " الآخر " .. وشرحنا اسباب هذا المشاكل مرارا وتكرارا من وجهة نظر المادية التاريخية التي لا تحمل المسؤولية إلا على واقع التطور التاريخي والوضع الجيو سياسي للمنطقة .. لا انكر ابداً إن الإسلام الراديكالي على وجه التحديد خلق ازمتنا المزمنة مع كل ما هو مختلف عن الفضاء الإسلامي البدوي بنمطه العقائدي السلفي حتى تجاه المذاهب الإسلامية نفسها .. كلنا يعرف بؤرة هذا " اللا إسلام " في الجزيرة العربية ، ونعرف التمويل والدعم وعلاقته بأميركا وإسرائيل .. فلماذا تغض وفاء ومن على شاكلتها الطرف عن هذه العلاقة ..؟ ولماذا تلتصق التهمة دوماً بالنصوص ( حمالة الوجوه ) بانها محرضة على الكراهية ، فيما سياسة البترودولار حامية المصلحة الامريكية العليا في الخليج شديدة الترابط بأمن الولايات المتحدة واسرائيل لا احد يتطرق إليها ..؟! لماذا نشعر بأن فلسفة العين الواحدة التي تنتهجها " قناة الجزيرة " هي الرائجة والسائسة لمثل هؤلاء ، فهي فلسفة تبكي على الحرية في كل العالم إلا في قطر والبحرين والسعودية فهي مناطق مستثناة ، لماذا وفاء سلطان تتجنب وضع اليد على مصدر الداء الحقيقي في المنطقة الذي يشحن الإسلام السياسي ألا وهو " دولة الحاخامات " في تل أبيب ..؟ الغرب يدرك جيداً إن اسرائيل بشكلها الديني – العلماني المضطرب هي السبب وليس الإسلام السياسي الذي خلقه الغرب و تنامى بعدئذٍ كردة فعل تجاه هذه الدولة الدينية التاريخية .. كما نقرأها دوماً بمنظار المادية التأريخية .. لكن ، لمصلحة من تروج وفاء لكراهية المسلمين في أميركا والعالم ؟ ومن قال إن المنقبات لا يعرفن الحرية ؟ وهل الحرية كما تعرفها " أوبرا و ينفري " أو " باميلا أندرسون " ادنى إلى شرف ٍ من الإنسان ؟ من منا يملك حريته ، ومن منا لا تسيره عاطفته وغريزته .. ؟ وهل الحرية عندما تكون مدفوعة بالحاجة إلى " نقص ٍ " ما .. كالمال أو الرفاهية .. هل تحوز على المعنى الحرفي والمطلق للحرية كما تدعيه وفاء , الا ترهن الحاجة بني البشر في العالم الغربي فتمنحهم حرية التصويت على مرشح لا يمكنه البروز والظهور إلا عبر دوائر راس المال الخاصة ..؟؟ لست مع النقاب ولا مع اطلاق اللحى ، لكن من قال إن الحرية لا يمكن تعريفها إلا بارتداء المايوه وممارسة الجنس كيفما شاء المرء ..؟ من قال عن هذه حرية ، دون ان انكر بانها " حقوق " ونحن في عصر يوجب علينا احترامها ... من قال بانها لا تشكل " عبودية " بشكل آخر تتمثل بالانسياق رغم العقل الحر وراء الغريزة او ثقافة اباحية رائجة تستعبد بني الإنسان باسم الحرية ..! أي ، حين تكون " الإباحية " مستبدة مضعفة للإنسان ترهنه بيد من يهندسون الإعلانات والإعلام ويتحكمون ببني البشر كيفما يشاءون ..؟ من الحرية الأقرب للموضوعية ، حرية الطالبان المنعتقة عن الغرائز والمقيدة بسلاسل النصوص المقدسة ، أم حرية " الإثارة " المستعبدة من قبل الحضارة الغربية كي ترهن كل شيء بيد باشوات البورصة ، تلك التي تنظر لها وفاء سلطان ..؟؟ كلتاهما وجهين متضادين لعملة " الاستعباد " الثقافي الواحدة .. كلتاهما حريتين كاذبتين .. واحدة تستعبد الروح ( حرية طالبان ) و الأخرى تستعبد الجسد .. الحرية المتطرفة لوفاء سلطان .. الحرية شيء , والحقوق شيء آخر مختلف ... بل غالباً ما تتعارض مع " الحرية " كمفهوم ارادي عقلاني صرف .. السيدة وفاء ليست في محل ان تعطي العضاة والدروس في الحرية ابداً .. فهي في محل التطرف الواضح الفاضح .. هي بحاجة ربما إلى ثقافة " علمية " رصينة تخلصها من أدران حقدها السلبي السميكة تجاه الأمة التي أنجبتها قبل أن تتصدى إلى هكذا قضية شائكة وبالغة التعقيد ..
(4)
تفتح السيدة وفاء مقالها ( على ضوء الاحداث ) المنشور في الحوار المتمدن بمثال " الشاوي " او البدوي الذي خرج مع الناس هاتفاً بسقوط وعد بلفور دون ان يعرف ما هو وعد بلفور ...! اذ تقول : {{ هناك طرفة طالما رددها السوريون، وهي ذات دلالات سلوكية ونفسية رهيبة، تروي أن شاويا ( والشاوي في اللغة المحلية لأهل شرق سوريا تعني البدوي، وجمعها شوايا) نزل إلى المدينة فرأى مظاهرة بمناسبة أحد الأعياد الوطنية (وما أكثرها في سوريا، نخرج من عيد لندخل في آخر) تهتف: "فليسقط وعد بلفور….فليسقط وعد بلفور". كان المسكين أُميا، ولم يسمع في حياته مصطلح "وعد بلفور"، ولكن لدعته حرارة الموقف فهاج وثار معهم، وراح يهتف محاولا أن يستخدم نفس النغمة: "فليسقط واحد من فوق….فليسقط واحد من فوق". .........}}
وحقيقة ، وفقت ( من حيث لا تدري ) في اجلاء صورة ما يعتمل في باطنها ، وواقع الهاجس المتطرف الذي يساور الكثيرين امثالها بمصادرة ايجابية الثورات العربية بالاستخفاف بها وبصانعيها من جانب .. والتهويل من فوضى وظلامية ما ستؤديه مستقبلاً لانها جرت بغير منهج الحرية المعروف ..! وفاء تؤكد بان شكل الحرية في اكثر من موضع في المقال بانه الأساس في قبول الثورة العربية ، او هكذا يبدو مرماها ، وتحاول التلميح إلى إن " الجهاز العقائدي " كما تسميه يقود إلى حرية ممسوخة تذوب الافراد في جماعة تتلبس شعارات ومفاهيم منظومتها العقائدية التي تقصي الآخر .. الإشكالية بيننا وبين السيدة وفاء ، المتحدثة العربية باسم الوعي الجمعي الصهيوني ، هو إننا نتمنى ان يعلمونا مالمغزى من دفع راعية الحرية ... الولايات المتحدة الامريكية .. للدول العربية والقوى والدولة الفلسطينية من الإعتراف بدولة اسرائيل .. كدولة " يهودية " ...!!؟ اذا كان شكل الحرية المقبول هو قبول الآخر كما تدعي ، لماذا لا تضع يدها على المرض الحقيقي المستفحل في جسد الامة وهو زرع كيان ديني قومي ... يطلب من الآخر الاعتراف بانه كيان دولة دينية في عالمٍ علماني ووطنٍ سليب وهوية تاريخية سليبة ؟ اذا كانت تقول انها غير مسؤولة عن اسرائيل والولايات المتحدة , فهي غير مسؤولة ايضاً عن أي قضية من قضايا الامة سواء كانت سياسية أو ثقافية ... وضعت نفسها بمصاف " القاضي " الذي يسعى إلى محاكمة التاريخ الإسلامي .. دون التفات إلى الاسباب الحقيقية التي ادت إلى " عودة " هذا التاريخ إلى تشدده ، ودون الإلتفات إلى حقيقة سيطرة اليمين المتطرف على السلطة في اسرائيل ، هذا اليمين الذي يبدي رايه في الثورات العربية كرأيها تماماً ...! فهذا الصوت الصهيوني ، تعود على " هندسة " أي ثورة عربية بمشاركة أميركا ، وتوجيهها إلى ما يتفق مع المصلحة الصهيونية ، وعدم وضوح المنهج يعني إن اسرائيل في خطر ... وتتم الاستعاضة عن " ثيمة " الصهيونية بثيمة عامة ذات إيقاع ولحن ٍ فريد وهي " الآخر " الذي تتباكى الليبرالية المتطرفة عليه ليل نهار ... فكون ان تحدث ثورات متعددة خارجة عن السيطرة ويصعب تدارك الوقت بالسيطرة عليها ... فهذا إنما يعني بانها ثورات " غوغاء " و " مرضى " سايكوباتيين كما تصفهم وفاء سلطان يقدمون بين يدي ثوراتهم مزيداً من الاضطراب واستلاب الحريات للإرادة الذاتية وحقوق " الآخر " .. الهاجس المتطرف الحقيقي المتخف وراء هذه الثيمة هو " اسرائيل " والوعد البلفوري بدولتها الذي بات ينتظره مصيرٌ اسود مجهول حسبما نطالع هذا في تصريحات رجال الدين والسياسة المتطرفين في اسرائيل الذين يرعبهم تحول الدول العربية إلى دول تحكمها الإرادة الشعبية ... لا اقصد أن أكون متطرفاً حين اصف كل الشعب الإسرائيلي بالمحاربين ، ولكن هذه هي المهمة الحقيقية لشعب اسرائيل في حماية المصلحة الغربية في الشرق الاوسط ، فالشعب الاسرائيلي مغيب في جله عن هذه الحقيقة ويتصور بان الله حقق وعده وجلبه لارض الميعاد ..! هذا التغييب ، وهذا الاستلاب في الوعي الجمعي الإسرائيلي لا تتحدث عنه وفاء سلطان ، والذي هو سبب بروز التشدد الإسلامي في العصر الحديث .. السلطانة تغمض عينها اليمنى تجاه الثقافة الصهيونية ولا تراها البتة ، وتنظر للثقافة الإسلامية المتشددة التي ولدت اصلاً في عصرنا الراهن كردة فعل تجاه الاستعمار وزرع اسرائيل في قلب الامة ...! وفاء سلطان تتحدث عن الحرية ، وتبكي عليها دماً دون ان تمر على التحالف الغربي الصهيوني الذي زرع هذه الديكتاتوريات اصلاً وشجعها لاخضاع هذه الشعوب ... تتحدث عن اخطار التطرف ، و مقدار القدرة التفجيرية المختزنة في " الله اكبر " فقط .. لكنها تغض الطرف عمداً عن وطن الميعاد و " داود " التلمود الذي سيمد جناحيه من النيل إلى الفرات ..... From river to river ...! من الاخطر والاشد فتكاً .. داود الذي يمتلك القنابل الذرية ... وثقافة التطرف الصهيونية العمياء ؟ ام بن لادن الذي صنعته واجهزت عليه المخابرات المركزية الامريكية ؟
اختاروا ما تشاؤون ... في النهاية خياركم سيكون متطرفاً خالٍ من أي معنى من معانٍ الحرية ..
يتبـــــــــــــــع
#وليد_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نوسترداموس برؤية تفكيكية (1)
-
الإنسان و الروبوت (2)
-
الإنسان و الروبوت (1)
-
ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (2)
-
ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (1)
-
التجسس السايكوترونكي وتقنياته الخفية
-
السيطرة على العقول ( السايكوترونك ) : توضيحات
-
انظمة تشغيل المخ ...مدخل لعلم السايكوترونك ( السيطرة على الع
...
-
الوجه الآخر للجنون ..
-
2 - جبرائيل والشيطان
-
1- قراءة الطالع بالفنجان والاصداف والتوراة والإنجيل والقرآن
...
-
امتنا العظيمة تستفيق : حان وقت تمزيق ( الباسبورت ) وعبور الا
...
-
رموز الأحلام والدين : تحليل في خبايا رموز الأعماق النفسية ال
...
-
الحداثة والدين : إشكالياتٌ وتوضيح لبعض الاخوة
-
نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _3_
-
نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_
-
نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _1_
-
الجاذبية الجنسية : رؤية ٌ ماركسية
-
ليبيا ... عروس ُ عروبتنا الحمراء
-
إسرائيل في مواجهة الطوفان العربي : رؤية استراتيجية للمستقبل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|