غريب عسقلاني
الحوار المتمدن-العدد: 3329 - 2011 / 4 / 7 - 14:13
المحور:
الادب والفن
غناء لقمر بعيد -2-
غريب عسقلاني قصة قصيرة
أريج الوردة
كلما اخذ مني الانتظار, أرحل إليكَ, ابحث عنكَ في مدينة تنام على ذراع البحر, أساوم الأرق, فيأخذني إلى عينيكَ, أفتش في تضاريس وجهك, ابحث عن ما تناثر من تفاصيل, وشظايا حكايات, وأحاول ما استطعت ترتيبك قمرا من لحم ودم..
واليوم وصلت مدينة طالما وعدتني بها, ولطالما غرقت في الهيام وأنت تصف حاراتها وحالات الرقص في ساحاتها.. صوتك متعب اليوم يأتي من بعيد مع بقايا لهاث وبقايا همس:
- سنتوه في حدائقها, وسأقطف من كل حديقة وردة الصباح, ازرعها بين نهديكِ, وأترنح مع وهج الشمس في مدار عطرك!!
أين أنت؟ هل أخذك صقيع إلى جفاف الذاكرة, وبت تغمض عينيك عن كل امرأة تشبهني تتأبط ظل رجل, أو امرأة تجلس وحيدة في حانة تتصاعد فيها الأنغام, وتختنق بالدخان فتغني بصوت مبحوح بينما ينشب داخلها حريق!!
***
.. ها هي الأضواء في المدينة, تأخذني متاهة الطرقات إلى أزقتها القديمة, حيت طبعت على الجدران الوجوه التي مرتبها, وتركت عليها شيئا من ذكريات, وقفت ابحث لعلي اعثر على وشم نقشته أصابعك على احد الجدران, تحت نافذة ما زالت مشرعة للريح..
فجأة انتبهتُ الى لهاث رائحة!!
كانت امرأة تزحف نحو الثمانين بشبق صبية لم تغادر الحلم بعد, غادر سواد الليل شعرها, واحتله بياض فجر صبوح, زُرعت فيه وردة حمراء.. علقت المرأة الوردة أسفل النافذة وكتبت رسالتها على صفحة الريح, وذرفت دمعة.. قالت:
- هل تصله رسائلي؟
- من هو يا سيدتي؟
- من كان يرافقني إلى هنا كل موسم ولستة عقود خلت, يقطف من كل حديقة وردة بحمراء يزرعها بين نهديَّ ويقبلني هنا عند النافذة..
- أين هو؟
- اختار الرحيل مبكرا قبل عشر سنين.
قبلتني وشكت قي صدري وردة بيضاء, وهمست:
- لا عيكِ يا صغيرتي فالوليف شيمته الحضور
ومضت ترقص على بلاط الطريف بأشواق صبية,.. ومضيت أبحث عن نافذة تعبرها الريح حاملة آثار عطري..
كل النوافذ مغلقة يا صاحبي!
هل ضل عطري الطريق؟
أم هو الصقيع قد خطفك مني إلى غياب قد يطول!!
متى نلتقي في مدينة تنام على راع البحر, لتهديني كل صباح وردة حمراء تتفتح بين يديك, متى نعاقر الحيرة حتى الثمالة, لا ندري هل ما سكنني هو رائحتك؟
أم بقايا رائحتي فيك
أم هي الوردة فينا؟
وهل تخبرنا الريح يوما من منا قتل الوردة, ومن منا الغريق!!
#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟