زهير ظاظا
الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 18:30
المحور:
الادب والفن
قرأت الأمس حكاية نادرة نقلها السخاوي في كتابه (تحفة الأحباب) عن كتاب (إفراد الأحد بأفراد الصمد) لابن غانم المقدسي صاحب الكتاب الشهير (تفليس إبليس) تحكي قصة مسلم ومسيحي كانت تربط بينهما صداقة صفت ومودة استمرت حتى آخر يوم من حياتهما، فجرتني القصة لجمع أخبار من وقعوا في حب مسيحيات من المسلمين، أو تزوجوا منهن فعثرت على نصوص في غاية الندرة منها أن الفرزدق تزوج مسيحية من ذهل بن شيبان هي الحدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس، وله فيها أشعار، ومنهم الوليد بن يزيد وقصته مشهورة مع (سفرى) والعباس بن الفضل وقصته أيضا مشهورة، وممن تزوج من المسيحيات الوليد بن عبد الملك وولدت له ابنه العباس فارس بني مروان، وهشام بن عبد الملك، وولدت له ابنه سعيدا، وأشهر من ولدته مسحية في الأسلام خالد القسري الذي بنى لأمه كنيسة جوار مسجده، وعمر بن أبي ربيعة وقد أقام لأمه جنازة على دين آبائها وهي أيضا أم أخيه الحارث الملقب بالقباع (والي البصرة) وكان أشهر من أخيه عمر وتزوج أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، ولكن كان أندر ما عثرت عليه من أخبار أن ليلى العامرية صاحبة قيس بن الملوح (ت 68هـ) الشهير بالمجنون كانت مسيحية، ومن شعره فيها:
يَقولونَ لَيلى بِالمَغيبِ أَمينَةٌ وَإِنّي لَراعٍ سَرَّها وَأَمينُها
وَلِلنَفسِ ساعاتٌ تَهَشُّ لِذِكرِها فَتَحيا وَساعاتٌ لَها تَستَكينُها
فَإِن تَكُ لَيلى اِستودَعَتني أَمانَةً فَلا وَأَبي لَيلى إِذاً لا أَخونُها
أَأُرضي بِلَيلى الكاشِحينَ وَأَبتَغي كَرامَةَ أَعدائي بِها فَأُهينُها
وَقَد قيلَ نَصرانِيَّةٌ أُمُّ مالِك فَقُلتُ ذَروني كُلُّ نَفسٍ وَدينُها
فَإِن تَكُ نَصرانِيَّةٌ أُمُّ مالِك فَقَد صُوِّرَت في صورَةٍ لا تَشينُها
سَأَجعَلُ عِرضي جُنَّةً دونَ عِرضِها وَديني فَيَبقى عِرضُ لَيلى وَدينُها
وَقائِلَةٍ هَل يُحدِثُ الدَهرُ سُلوَةً فَقُلتُ بَلى هَذا فَقَد حانَ حينُها
صِلي الحَبلَ يَحمِل ما سَواهُ فَإِنَّما يُغَظّي عَلى غَثِّ الأُمورِ سَمينُها
بَذَلتُ لِلَيلى النُصحَ حَتّى كَأَنَّني بِها غَيرَ إِشراكٍ بِرَبّي أَدينُها
فَيا لَيتَ أَنّي كُلَّما غِبتُ لَيلَةً مِنَ الدَهرِ أَو يَوماً تَراني عُيونُها
لِأُبرِئَ أَيماني إِذا ما لَقيتُها وَتَعلَمُ لَيلى أَنَّني لا أَخونُها
وقد استعار أبو الأسود الدؤلي أبيات مجنون ليلى وكان أيضا قد أحب مسيحية تكنى أم خالد فقال فيها:
يَقولونَ نَصرانيَّةٌ أُمُّ خالِدٍ فَقُلتُ ذَروها كُلُّ نَفسٍ وَدينُها
فَإِن تَكُ نَصرانيَّةً أُمُّ خالِدٍ فَإِنَّ لَها وَجهاً جَميلاً يزَينُها
وَلا عَيبَ فيها غَيرَ زُرقَةِ عَينِها كَذاكَ عِتاقُ الطَيرِ زُرقٌ عيونُها
ومنهم شهاب الدين الخزرجي 790 - 875 هـ / 1388 - 1470 م
أحب مسيحية وقال فيها:
هَوَيتُ نَصرانِيّةً لي في الهوى مُجانِبَه
رَغِبتُ في وِصَالِها وهي لعمري رَاهبه
وفي خريدة العصر في ترجمة الشاعر (القيسراني العكاوي) المولود بعكا سنة 478
أنه هوى حسناء من نساء المسيحيات وقال فيها:
كم بالكنائِس مِنْ مُبَتَّلَةٍ مثل المَهاةِ يَزينُها الخَفَرُ
مِنْ كلِّ ساجدةٍ لصورتها لو أَنصفت سجدتْ لها الصُوَر
قدّيسَةٌ في حبل عاتقها طولٌ، وفي زُنّارها قِصَر
غَرَسَ الحياءُ بصحن وَجْنَتِها وَرْداً سقى أَغصانه النَّظرُ
وتكلّمت عنها الجُفون فلوْ حاورتَها لأَجابك الحَوَر
وحَكَتْ مدارِعُها غدائرَها فأَراك ضعفيْ ليلةٍ قمرُ
ومنهم تميم بن المعز بن باديس باني المهدية أحب مسيحية وكتب فيها أشعارا مروية، منها:
أليسَ الله يعلمُ أن قلبي يحبّك أيُّها الوجهُ المليح
وأهوى لفظك العذبَ المفدّى إذا درس الذي قال المسيح
أظاهرُ غيرَكم بالود عمداً وودكمُ هو الود الصحيح
وفيكم أشتهي عيدَ النصارى وأصواتاً لها لحنٌ فصيح
ومنهم سلمة الأسدي قال السمعاني في الأنساب في مادة الشقيقي في ترجمة ابنه شقيق:
وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي، وكانت أمه نصرانية، روى عن حماد بن زيد، عن عاصم بن أبي النجود قال: أدركت أقواماً يتخذون هذا الليل جملاً، إن كانوا ليشربون نبيذ الجر ويلبسون المعصفر، لا يرون بذلك بأساً، منهم أبو وائل بن حبيش. مات أبو وائل في زمن الحجاج بعد الجماجم.
ومنهم ناصر الدين القرندلي (القلندري) صديق الصفدي، وكان يتعيش بنسخ كتاب الكشاف للزمخشري وقد ترجم له في (الوافي) ترجمة طريفة منها :(فكان يضع المبحرة في يده الشمال والمجلد من الكشاف على زنده ويكتب منه وهو يغنى ويكتب ما شاء الله ولا يغلط، وكان قد أقام بحماة مدة عند الملك المؤيد ينسخ له فأحب امرأة تعرف ببنت النصرانية وكان كل ما يحصله ينفقه عليها ويشتغل بها عن الكتابة فشق هذا الحال على الملك المؤيد فنفاها إلى شيزر، فحكى لي أنه كان يكتب في حماة إلى المغرب ويجرى من حماة إلى شيزر، فحكى لي أنه كان يكتب في حماة إلى المغرب ويجرى من حماة إلى شيزر ويبيت عندها ويقوم من الأاذن في الصبح ويجرى إلى حماة ويقعد يكتب، فأقام على ذلك سنة وكانت قد تعنتت يوما عليه وقالت له إن كنت تحبني فاكو في رأسك صليبا ورأيت كي الصليب في يا فوخة ... إلخ)
#زهير_ظاظا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟