|
فترة التحضير لبناء مجتمع اشتراكي
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 11:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فترة التحضير لبناء مجتمع اشتراكي
قبل البدء في كتابة هذا المقال اود ان ابدي ملاحظة على التعليقات حول اشتراكية او عدم اشتراكية ثورة اكتوبر. اعود اولا الى قرار تأميم الارض. هل في تاريخ الراسمالية ما يشبه تأميم الارض منذ الثورة الفرنسية وحتى الازمة العالمية الحالية حين فقدت ملايين العوائل الاميركية دور سكنها لانها عجزت عن تسديد اقساط القروض التي اقترضتها من اجل شراء بيوتها؟ ان سلعة الارض تشكل اكثر من نصف حياة الطبقة الراسمالية ولا يمكن لحكومة غير اشتراكية، حكومة راسمالية، ان تدفن نصف حياة الطبقة الراسمالية بنفسها. والعملية الثانية، عملية تأميم كافة المشاريع الراسمالية الكبرى بدون تعويض هي الاخرى لا يمكن لحكومة غير اشتراكية ان تقوم بها. فمادة صيانة الملكية الخاصة المتوفرة لدى البرجوازية ولا وجود لها لدى العمال والفلاحين، هي اهم مادة او من اهم مواد ما يسمى قانون حقوق الانسان. وتأميم المشاريع الراسمالية اكبر خرق لهذه المادة. لم تنس الراسمالية الامبريالية هذه الجريمة التي اقترفتها بحقها اول حكومة اشتراكية في التاريخ ولم تغفرها الى ان اجبرت غورباشوف على تعويضها عنها. على من يريد ان ينكر كون الثورة كانت اشتراكية وحكومتها كانت حكومة اشتراكية ان يفسر كيف قامت حكومة لا اشتراكية، حكومة راسمالية، بهاتين العمليتين المناقضتين لمصالح الراسمالية. الموضوع الاخر من وحي حوارات التمدن الذي اود بحثه هو فترة التحضير لبناء مجتمع اشتراكي وهي فترة تمتد من يوم الثورة وحتى سنة ١٩٣٣. استلمت الثورة مجتمعا برجوازيا منهارا اقتصاديا وزراعيا بسبب سنوات الحرب العالمية الاولى. كانت الصناعة فيه تافهة حتى بالقياس الواطئ الذي كانت عليه روسيا قبل الحرب. فكان على حكومة الثورة ان تبدأ باستعادة المستوى الصناعي والزراعي لما قبل الحرب كبداية لتطوير الصناعة والزراعة ابعد من ذلك. ولكن الاعداء الداخليين للثورة والدول الامبريالية لم تسمح لهذه الحكومة الفتية بالبدء في بناء صناعتها وتحسين زراعتها بل انهت الحرب التي كانت دائرة فيما بينها واعلنت هجومها موحدة على الحكومة الاشتراكية للقضاء عليها وهي في المهد على حد قول تشرتشل. فالقوات المحلية المعادية للثورة باشتراك ١٤دولة امبريالية شنت هجومها على هذه الحكومة المحاصرة اقتصاديا والتي لم تكن قادرة حتى على توفير الخبز لشعبها فكان وضعها يقرب من الموت جوعا. ولكن كون الثورة اشتراكية والتفاف الشعب الروسي حولها بكل قواه من الطبقة العاملة والفلاحين صمد امام هذا الهجوم الامبريالي وانتصر عليه. ولكن الحرب دامت حتى سنة ١٩٢٢. كانت فترة الحرب هذه سببا اضافيا في تدهور البلاد الاقتصادي ولم تسنح لحكومة الثورة فيها فرصة تحقيق اي تقدم في البناء الاقتصادي للبلاد. كان صمود هذه الحكومة الفتية معجزة لا يمكن تحقيقها الا من حكومة هي دكتاتورية الطبقة العاملة ومن شعب يدافع عن هذه الحكومة بكل ما اوتي من قوى. خلال هذه الحرب، ونظرا لعجز الحكومة عن توفير المواد الغذائية للجيش والشعب بالطرق الاعتيادية سلكت سياسة شيوعية الحرب. وشيوعية الحرب كانت تعني بالدرجة الرئيسية مصادرة فائض انتاج الفلاحين بدون تعويض. يسمح للفلاح او المزارع ان يحتفظ من انتاجه بما يكفي لمعيشته ولمواصلة الزراعة للسنة القادمة وعليه ان يسلم الفائض للدولة بدون مقابل. كانت هذه السياسة سياسة مجحفة بالنسبة للفلاحين ولكنهم قبلوها ووافقوا عليها لانهم كانوا يعرفون ان فشل هذه الحكومة في الحرب يعني عودة ملاكي الارض الى اغتصاب اراضيهم واستعبادهم كاقنان او كعمال زراعيين من جديد. كان لينين يسمي هذه السياسة استعارة من الفلاحين لانه يعلم علم اليقين ان مصادرة الفائض كان ظلما للفلاحين ولكن دكتاتورية البروليتاريا كانت مجبرة على سلوك هذه السياسة القاسية بالنسبة للفلاحين الى ان تتاح الفرصة لدكتاتورية البروليتاريا ان تعوضهم عما لحقهم من ظلم بسبب سياسة شيوعية الحرب. بعد انتهاء حرب التدخل هذه لم يعد الفلاحون يرضون عن سياسة تسليم فائض انتاجهم الى الحكومة بدون مقابل. وقد عبر لينين انذاك عن هذه الحقيقة التي هددت وحدة العمال والفلاحين بالتفكك، وهذه الوحدة هي الاساس المتين لبقاء وتقدم الحكومة الاشتراكية. انذاك اعلن الحزب البلشفي بقيادة لينين سياسة اقتصادية جديدة. فما هي السياسة الاقتصادية الجديدة؟ انها التخلي عن سياسة شيوعية الحرب واتخاذ سياسة جديدة هي سياسة الضريبة العينية. تعني سياسة الضريبة العينية ان يسلم الفلاح جزءا من محصوله الى الحكومة كضريبة وان يحتفظ بالباقي ليتصرف به بحرية. اصبح ذلك ممكنا لان العديد من فقراء الفلاحين اصبحوا فلاحين متوسطين عند منحهم حرية التصرف في الارض التي كانوا يعملون فيها بدون اقطاعي يصادر انتاجهم. اصبح بامكانهم انتاج ما يزيد على حاجاتهم من الغذاء والبذور. فكيف يتصرف الفلاح فيما تبقى لديه من محصول؟ عليه ان يبيعه الى من يحتاجه. ومن يحتاجه هو المدينة. عليه ان يبيعه في المدينة وان يشتري من المدينة ما يحتاجه من بضائع غير زراعية. ولكن الفلاحين لا يستطيعون بانفسهم ان يتجهوا الى المدينة لبيع محصولهم. فنشأ تجار يقومون بتنظيم التبادل السلعي بين المدينة والريف. وهذه كلها عودة الى التبادل السلعي، عودة الى الراسمالية. ومن جملة ما يحتاجه المزارعون الكولاك والفلاحون ادوات زراعية على الدولة ان تبيعها لهم من انتاجها وهذا عودة الى راسمالية الدولة. وقد اعلن لينين ان السياسة الاقتصادية الجديدة هي عودة الى الراسمالية وعودة الى راسمالية الدولة. ابتهج الانتهازيون المنشفيك والاشتراكيون الثوريون بعودة لينين الى الراسمالية والى راسمالية الدولة وشمتوا وتبجحوا بانهم صدقوا حين قالوا ان هدف الاشتراكية غير ممكن بل مستحيل. انهم ابتهجوا باعتراف لينين بذلك لانهم اهملوا الجزء الثاني من اعترافه وهو اعلانه بان هذا التراجع هو مقصور على العلاقة بين الريف والمدينة، العلاقة بين العمال والفلاحين. كان مجرد تراجع عن سياسة شيوعية الحرب واستبدالها بسياسة الضريبة العبينية. ان العودة الى الراسمالية في هذه الحالة لم تشمل الشركات الصناعية ولا البنوك ولا المواصلات ولا التجارة الخارجية التي استولت عليها الحكومة الاشتراكية. ولكن لينين كان يعتبر ان هذا التراجع انتهى عند هذا الحد وان سياسة الحكومة الاشتراكية اصبحت البدء بالهجوم، ان تبدأ من جديد في التقدم في مشاريع الدولة لتحسين اوضاع البلاد الاقتصادية كبداية ضرورية في طريق بناء المجتمع الاشتراكي. ولكن الانتهازيين من المنشفيك والاشتراكيين الثوريين واعداء الثورة ظنوا ان هذا التراجع هو تراجع دائم يهدف الى اعادة النظام الراسمالي وانه برهان على ان هدف الاشتراكية هو هدف لا وجود له وان لينين تخلى عن هدف بناء المجتمع الاشتراكي. فكتب لينين مقالا ساخرا بعنوان "ملاحظات صحفي" يسخر من هؤلاء الذين ظنوا ان لينين تراجع عن هدف بناء المجتمع الاشتراكي وقرر العودة الى النظام الراسمالي. صور في مقاله ان متسلق جبال كان يهدف الى تسلق جبل شاهق حتى القمة وبلغ مكانا لم يبلغه احد من قبله يتعذر عليه فيه ان يواصل تسلقه فاضطر الى ان يهبط الى مكان آخر يستطيع منه مواصلة التسلق للوصول الى القمة. وسخر من اولئك الذين كانوا في السفح يراقبون تسلقه بالمنظار ويشككون في امكانية وصوله الى القمة فابتهجوا حين رأوه يتراجع بحثا عن مكان امن لمواصلة تسلقه فهتفوا الم نقل ان التسلق الى القمة غير ممكن؟ فها هو ينحدر راجعا لانه لا يستطيع مواصلة التسلق. (راجع "ملاحظات صحفي"، المجلد العاشر من لينين، المختارات، باللغة العربية ص ٤٣٧ ) بين لينين ان التراجع مقصور على هذه الخطوة وهو تراجع مؤقت وبعده يبدأ التقدم من جديد وبطرق مختلفة لبلوغ هدف بناء المجتمع الاشتراكي. وقد شرح ذلك شرحا وافيا في مقالات منها ما هو بعنوان "الضريبة العينية" البديل لشيوعية الحرب يستطيع القارئ ان يقرأها في نفس المجلد. كان التقدم يعني تطوير الصناعة والزراعة والمواصلات لكي تبلغ مستويات ما قبل الحرب وقد نجحت حكومة دكتاتورية البروليتاريا في التقدم نحو هذا الهدف بصعوبة بالغة. فالطبقة العاملة لم تكن مجربة وليست لها الخبرة في عمليات التطوير الصناعي والزراعي كما كانت للطبقة البرجوازية وكان على الطبقة العاملة ان تتعلم من البرجوازية كيفية تحقيق ذلك. وقد كتب لينين عن ضرورة تعلم الطبقة العاملة من البرجوازية. فاستخدمت دكتاتورية البروليتاريا المهندسين والاداريين البرجوازيين، رغم انها تعلم عن انهم لا يفوتون فرص تخريب البناء، لكي يتحقق للطبقة العاملة ان تتعلم وان تثقف كوادر من صفوفها تكون لها القدرة على مواصلة وتطوير الانتاج بشتى اشكاله. ولم تكن للطبقة العاملة مصادر تمويل للمشاريع التي تقيمها غير مصادرها الخاصة. فلم تعتمد الطبقة العاملة على القروض الاجنبية او الشركات الاجنبية وحتى حين كان من الممكن عقد اتفاق مع مؤسسة اجنبية كان يجري ذلك وفقا لاتفاق مؤقت ينتهي بانتهاء المهمة التي جرى الاتفاق عليها. لم يكن بمستطاع دكتاتورية البروليتاريا ان تحقق نظاما اشتراكيا ناضجا في هذه الفترة. فقد بقيت مشاريع راسمالية قائمة لم تصادرها الثورة لانها سمحت للشركات التي لا تستخدم اكثر من خمسين عاملا بالبقاء والانتاج على اساس برجوازي. كان هذا ضروريا في البداية لان الحكومة لم تستطع تحويل المجتمع اقتصاديا الى مجتمع اشتراكي. كان هذا يعني ان المشاريع الكبرى التي صادرتها الثورة تتعامل مع هذه الشركات الصغرى بالطريقة البرجوازية المعروفة، طريقة البيع والشراء حيث تزودها بالمواد الخام وادوات الانتاج اللازمة لها وتأخذ في المقابل انتاجها الاستهلاكي. وسمحت دكتاتورية البروليتاريا بمواصلة الانتاج البرجوازي في الزراعة اذ كان هذا الانتاج الزراعي المصدر الرئيسي لانتاج المواد الزراعية للغذاء وللمواد الزراعية اللازمة للانتاج الصناعي. وكان التعامل مع هؤلاء المزارعين البرجوازيين الغفيري العدد يجري عن طريق التعامل السلعي المألوف. ولذلك كانت دكتاتورية البروليتاريا تبدو على الاقل في عمليات التبادل هذه كأنها راسمالية دولة. وعلى هذا الاساس يقوم الكثير من منتقدي الاتحاد السوفييتي بانتقاده على انه كان راسمالية دولة. ولكن دكتاتورية البروليتاريا حتى في هذه الحالة لم تكن راسمالية دولة بكامل صفاتها. فراسمالية الدولة تعني ان الدولة تتصرف كشركة راسمالية كبرى. ومن اهم صفات راسمالية الدولة هي العمل من اجل نيل الارباح بنفس الطريقة التي يجني بها الراسمالي الفرد ارباحه او تجني بها الشركة الخاصة ارباحها اي عن طريق استغلال الطبقة العاملة. ولكن دكتاتورية البروليتاريا لم تكن دولة بهذا الشكل. فرغم انها تتعامل مع الشركات الراسمالية الباقية ومع الكولاك وحتى مع الفلاحين بطريقة التبادل السلعي فان الانتاج الاجتماعي لم يكن يتحول كله الى راسمال ولم يكن هدفه جني الارباح عن طريق استغلال العمال والفلاحين. كان فائض الانتاج الذي تحصل عليه الدولة من انتاج المشاريع الكبيرة التي استولت عليها يبقى ملكا للشعب متمثلا بدكتاتورية البروليتاريا وكان هذا الفائض المصدر الاساسي لتمويل التطور الاقتصادي، صناعيا وزراعيا. في المدينة اتبعت الدولة سياسة اجتذاب الشركات الصغرى القائمة الى الانتاج المشترك بين الدولة وهذه الشركات واتخذت في الريف سياسة تشجيع الفلاحين على الانتاج الجماعي. شكلت الحكومة مزارع دولة، وهي مشاريع زراعية جماعية تقوم بالانتاج الجماعي لحساب الدولة وتكون نماذج للفلاحين على فوائد الانتاج الجماعي. وتطلب هذا تطوير انتاج المكائن الزراعية بحيث تستطيع استخدام الطرق الحديثة في الانتاج الزراعي. وكانت الحكومة تشجع الفلاحين وتقدم لهم المساعدات في المكائن الزراعية وتطوير الانتاج الزراعي لكي يتجمعوا في مزارع تعاونية اختيارية. فعلا نجحت الحكومة عن طريق انشاء محطات المكائن الزراعية التي كانت تقدم خدماتها للمزارع التعاونية لقاء جزء من انتاجها في اندفاع الفلاحين الى تشكيل المزارع التعاونية على نطاق واسع. ولكن الانتاج البرجوازي في الريف، الانتاج الكولاكي، كان يشكل عقبة في طريق تطوير المزارع التعاونية تطويرا سريعا. دام هذا الوضع حتى ١٩٢٨. في هذه السنة بلغ انتاج المزارع التعاونية ومزارع الدولة من القمح ما يكفي لتغذية المجتمع بدون خطر المجاعة. ومن الناحية الثانية بدأ الكولاك بالامتناع عن تزويد الدولة بالانتاج الزراعي الى درجة احراق منتوجاتهم. وفي هذه السنة قرر الحزب ان الوقت قد حان للقضاء على الكولاك كطبقة. ليس القضاء على الكولاك كطبقة شيئا طارئا على الثورة او عملية جديدة في طريق بناء المجتمع الاشتراكي. ان مهمة الثورة الاشتراكية هي القضاء على كل انواع الانتاج الراسمالي الذي بدونه لا يمكن الحديث عن مجتمع اشتراكي. ولكن الحكومة الاشتراكية وجدت من مصلحتها الابقاء على الانتاج الزراعي البرجوازي الى ان يصبح في مقدور المجتمع تزويد الشعب بالغذاء والمواد الزراعية للصناعة. ان القضاء على الكولاك كطبقة هو جزء مؤجل من الثورة الاشتراكية، ثورة اكتوبر. وحان وقت تنفيذ هذا الواجب الذي كان واجبا على الحكومة الاشتراكية منذ نشوئها. في ١٩٣٣ انتهى عمليا القضاء على الكولاك كطبقة واصبحت الزراعة السوفييتية زراعة تعاونية غالبة بحيث ان الزراعة التعاونية اصبحت جزءا من الانتاج الاشتراكي. وفي كل ادبيات الاتحاد السوفييتي كان يجري الحديث عن الزراعة التعاونية على انها زراعة اشتراكية. لذلك يمكن اعتبار هذه السنة بداية المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي. وفي سنة ١٩٣٦ سنت دكتاتورية البروليتاريا اول دستور اشتراكي في التاريخ، دستور الاتحاد السوفييتي او ما كان يسمى دستور ستالين تمجيدا لستالين قائد الشعوب السوفييتية في طريق بناء المجتمع الاشتراكي ومهندس الاشتراكية. نقطة هامة اخرى تتعلق بهذه الحقبة من تاريخ الاتحاد السوفييتي هي هل كانت حكومة دكتاتورية البروليتاريا حكومة اشتراكية منذ البداية ام كانت حكومة راسمالية تحولت من بعد الى حكومة اشتراكية؟ يعتبر البعض ان حكومة دكتاتورية البروليتاريا كانت حكومة برجوازية تحولت فيما بعد الى حكومة اشتراكية ويعللون اسباب انتقالها الى حكومة اشتراكية. يستند هؤلاء المنظرون على عبارة جاءت في مقال كتبه لينين بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة اكتوبر سواء باقتباس نص العبارة او بدونه "إن مهمة الثورة في روسيا، المباشرة والقريبة، كانت مهمة ديموقراطية برجوازية قوامها القضاء على بقايا القرون الوسطى، و إزالتها إلى الأبد، و تنظيف روسيا من هذه البربرية، من هذا العار، مما كان يعيق إلى ما لا حد له كل ثقافة و كل تقدم في بلادنا." (كنت قد اعددت مقال لينين حول الذكرى الرابعة لثورة اكتوبر للاقتباس منه ولكن الحوار المتمدن اسعفني بنشره مشكورا في جريدة الحوار المتمدن واقترح على القراء المهتمين بالموضوع قراءة المقال مع هذا المقال لانه كله يبحث الامور المتعلقة بثورة اكتوبر) يستند هؤلاء المنظرون الى ان هذه العبارة هي اعتراف من قبل لينين بان دكتاتورية البروليتاريا كانت حكومة برجوازية وبان الثورة لم تكن ثورة اشتراكية اصلا. يعتبرون ان كون دكتاتورية البروليتاريا قامت في بداية عهدها بمهمة تنفيذ ما عجزت عن تنفيذه الثورة البرجوازية او تقاعست عن تنفيذه يعني ان الحكومة نفسها كانت حكومة برجوازية. لم يدركوا او لم يريدوا ان يدركوا الفرق بين حكومة برجوازية وحكومة اشتراكية تنفذ مهام الثورة البرجوازية التي لم تنفذ بعد. ومن هذا يستنتجون ان حكومة الثورة كانت حكومة برجوازية وباعتراف لينين. راينا ان حكومة دكتاتورية البروليتاريا اتخذت في اول اجتماع لها قرار تأميم الارض. فهل كان قرارها هو انهاء العلاقات الاقطاعية على الارض؟ كان عليها ان تحقق تأميم الارض واغتصاب الاراضي من الاقطاعيين عمليا، في الواقع، والا فان قرارها يبقى حبرا على ورق. وقد تطلب تحقيق هذا القرار مدة من الصراع ضد الاقطاعيين ويذكر لينين على سبيل المثال قضية مساواة المرأة بالرجل كاحد الاهداف الهامة التي كان ينبغي تحقيقها في هذا المجال. لم يميز هؤلاء المنظرون بين حكومة اشتراكية تنفذ مهمة القضاء على علاقات الانتاج الاقطاعية وبين حكومة برجوازية تقوم بهذه المهمة. لم يتصوروا ان حكومة اشتراكية تقوم بمهمة برجوازية لم تحققها الثورة البرجوازية. ولكن الواقع هو ان الحكومة الاشتراكية حققت هذه المهام افضل مما حققته جميع الثورات البرجوازية من الثورة الفرنسية وحتى اندلاع ثورة اكتوبر الاشتراكية. ان السياسة الاقتصادية الجديدة، النيب، كانت تعني ان الحكومة الاشتراكية، دكتاتورية البروليتاريا، انجزت مهام الثورة البرجوازية غير المحققة. كانت تراجعا عن سياسة شيوعية الحرب الى سياسة الضريبة العينينة، تراجعا في نطاق مقصور على العلاقة بين الريف والمدينة، بين الطبقة العاملة والفلاحين، رغم ما رافق ذلك من تطور للتبادل السلعي وللراسمالية وراسمالية الدولة في هذا النطاق الضيق من الانتاج الاجتماعي. وكان لهذا التراجع ان ينتهي بانتهاء تطبيقه ليبدأ التقدم في الاعداد لتحقيق المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي. وهذا لا يعني ان دكتاتورية البروليتاريا اكتفت في هذه الفترة بتطبيق التخلي عن سياسة شيوعية الحرب واستبدالها بسياسة الضريبة العينية وتحقيق مهام الثورة البرجوزية بالقضاء على علاقات الانتاج الاقطاعية، بل كان هذا جزءا من منجزات الثورة الاشتراكية. فدكتاتورية البروليتاريا حققت في نفس الوقت انجازات هي من مهام الثورة الاشتراكية وليست من مهام الثورة البرجوازية.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كانت ثورة اكتوبر ثورة اشتراكية؟
-
هل كانت ثورة اكتوبر خطأ ارتكبه لينين ام ضرورة تاريخية؟
-
الانتقاد واصوله
-
اليسار والحركات اليسارية (2)
-
اليسار والحركات اليسارية (1)
-
جواب على تعليق محمود مبارك بصدد قانون اجتثاث البعث
-
الان ادافع عن رأيي
-
ملاحظات حول التعليقات على مقال قانون الاجتثاث
-
قانون اجتثاث البعث جريمة ضد الانسانية
-
ملاحظات حول انتفاضة الكهرباء
-
جواب جديد على رسالة
-
انبياء واولياء عبادة الشخصية (2)
-
انبياء واولياء عبادة الشخصية (١)
-
الاحدى والستون لاحقيقة لدى خروشوف
-
العلاقات التنظيمية بين اعضاء حزب شيوعي
-
طبيعة النقابات الاقتصادية والسياسية
-
ذكريات شخصية (اخيرة)
-
ذكريات شخصية 3
-
ذكريات شخصية 2
-
ذكريات شخصية 1
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|